اين يقع غار حراء وماذا يوجد داخلة مع عرض لاهم المعلومات التى تهمك عن غار حراء في هذا الطرح المميز.
محتويات المقال
غار حراء
غار حراء، هو الغار الذي كان يختلي فيه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قبل نزول القرآن عليه بواسطة جبريل عليه السلام، وذلك في كل عام، وهو المكان الذي نزل الوحي فيه لأول مرة على النبي صلى الله عليه وسلم . وغار حراء يقع في شرق مكة المكرمة على يسار الذاهب إلى عرفات في أعلى “جبل النور” أو “جبل الإسلام”، على ارتفاع 634 متر، ولا يتسع إلا لأربعة أو خمسة أشخاص فقط. يبعد مسافة 4 كم عن المسجد الحرام. وغار حراء هو عبارة عن فجوة في الجبل، بابها نحو الشمال، طولها أربعة أذرع وعرضها ذراع وثلاثة أرباع،ويمكن لخمسة أشخاص فقط الجلوس فيها في آن واحد. والداخل لغار حراء يكون متجهًا نحو الكعبة كما ويمكن للواقف على الجبل أن يرى مكة وأبنيتها.
غار حراء والتاريخ
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد ذروة الجبل ومعه اصحابه؛ فتحرك فقال له الرسول:” اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد “، وليس في الغار نبات إلا الشيء اليسير.
ماذا يوجد داخل غار حراء
يعرف المسلمون أن غار حراء هو مكان تعبّد النبي الأول، حيث رأى جبريل ونزل عليه أول كلام الوحي. ويبذل المسلمون كل الجهد لصعود جبل النور والوصول إليه، لكن لا يعرف الجميع كيف هو من الداخل، وماذا يوجد بداخله.
ويقع غار حراء في جبل النور، على بعد 4 كيلومترات فقط شمال شرقي مكة المكرمة، وهو جبل ارتفاعه 642 متراً، من الصعب صعوده بسبب درجة انحداره، ما يشكل صعوبة بالغة على من قرر صعوده لزيارة الغار. وفي وقت يتراجع البعض ويتعبون يواصل آخرون، حتى من كبار السن.
ويبعد الغار عن قمة الجبل بنحو عشرين متراً. وإضافة إلى الصعوبة السابقة تنضاف ضرورة الصعود حتى القمة ثم الهبوط من جديد حيث مكان الغار. وسيتصادف الزائر مع أناس يرتاحون في الطريق بسبب تعب الصعود.
وغار حراء عبارة عن فجوة داخل صخور الجبل، طولها 4 أذرع وعرضها ذراع وثلاثة أرباع ذراع، وهو مساحة ضيقة جداً لا تتسع إلا لبضعة أشخاص. ومدخل الغار ضيق جداً، إذ لا يمكن لشخص الدخول عبره إلا عبر إمالة جسده بطريقة مرنة حتى يتخطى الانحناءات الكثيرة.
نزول الوحي على الرسول
ذكرت عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حُبّب إليه الخلاء، فكانت عادة النبي أن ينطلق إلى غار حراءٍ، يقضي الليالي ذوات العدد فيه، حتى إذا جاءه الملك جبريلٌ يوماً ما، حيث قالت عائشةٌ رضي الله عنها فيما ترويه: (فجاءَهُ المَلَكُ فقالَ: اقرأْ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ما أنَا بِقَارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتى بلغَ مني الجَهدَ، ثم أرسلنِي، فقالَ: اقرأْ، قلتُ: ما أنَا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانيةَ حتى بلَغَ مني الجَهدَ، ثم أرسلَني فقالَ: اقرأْ، قلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخذَنِي فَغَطَّنِي الثَالِثَةَ، حتى بلَغَ مني الجَهْدَ، ثمَّ أرسلَنِي فقالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ)، ثمّ أرسله الملك جبريل عليه السلام، والنبي صلّى الله عليه وسلّم خائفاً خوفاً شديداً ظاهراً، فعاد سريعاً إلى زوجته خديجة رضي الله عنها، وأخبرها بما حصل له، وهو يظهر عليه الجزع والفرع، ويردّد: (زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي)، وأمّا ردّ زوجته الأمينة الحكيمة، التي تبعث في النفس السكينة، والطمأنينة، أجابته: (كلَّا، أَبْشِرْ، فواللهِ لا يُخْزِيكَ اللهُ أبداً، فواللهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرحِمَ، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ على نَوَائِبِ الحقِّ).
انطلقت خديجة -رضي الله عنها- بعد ذلك مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى ابن عمٍ لها؛ هو ورقة بن نوفل؛ وهو رجلٌ قد تنصّر في الجاهليّة، ويقرأ العبرانية، وقد كان شيخاً كبيراً، فأخبرته خديجة بخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال لها ورقةٌ: (هذا النَّامُوسُ الذي أُنِزَل على موسَى)، ثمّ بعد البشرى تابع ورقةٌ الكلام والتوضيح، فقال: (لَيْتَنِي فيهَا جذَعاً، ليتَنِي أكُونُ حيّاً، ذَكَرَ حَرفاً، قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قالَ وَرَقَةُ: نَعمْ، لم يأتِ رجلٌ بمَا جِئْتَ بهِ إلا أُوِذِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَومُكَ حياً أنْصُرُكَ نصراً مُؤَزَّراً) ثمّ توفّي ورقة بن نوفل بعد هذا بوقتٍ قصيرٍ.
العُزلة وفوائدها على الإنسان
يظهر من قصّة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وعادته بالتعبد في غار حراء، فضل الخلوة على الإنسان وأثرها، فإنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يبتغي من خلواته تلك، التفرّغ للعبادة، والاتصال بربّه عزّ وجلّ، وذلك ما جاء به الإسلام بعد ذلك، على هيئة الصلوات التي افترضها، والاعتكاف في رمضان الذي شرعه الإسلام، وقيام الليل، وغير ذلك، وما شُرعت تلك العبادات والخلوات، إلّا لأثرها البالغ على القلب، ويختلف فضل الخلوة والانعزال عن الناس، بحسب المكان والزمان، إلّا أنّها كما قال العلماء في حال ظهور الفتن أولى، والحاجة إليها أعظم، فالخطابي -رحمه الله- يقول: والعزلة عند الفتنة أنبياء، وعصمة الأولياء، وسيرة الحكماء الألباء، والأولياء فلا أعلم لمن عابها عذراً، ويقول ابن تيمية: لا بدّ للعبد من أوقاتٍ ينفرد بها بنفسه في دعائه، وذكره، وصلاته، وتفكّره، ومحاسبة نفسه، وإصلاح قلبه، ولذلك كانت الخلوة قد حببت إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في بداية أمره؛ لأنّها تُعين على فراغ القلب الذي يُوصل إلى التفكّر والانقطاع، عن ما ائتلف عليه البشر واعتادوا
يعتبر من أشهر جبال مكة حيث يقع في شرقي مكة إلى الشمال، وفيه الغار الذي كان يتعبد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه نزلت الآيات الكريمة،وفيه يقول الشاعر عوض ابن الأحوص:
فإني والذي حجت قريش محارمه ومما جمعت حراء
ألسنا أكرم الثقلين رحُلاً وأعظمهم ببطن حراء ناراً؟
وصف الطريق إلى غار حراء
يرغب بعض المسلمين بتجربة الصعود إلى جبل النور حيث غار حراء، الذي كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقصده يتعبّد فيه قبل البعثة، وإنّ من أوصافهم بعد تجربتهم أنّ الصعود على الجبل يكاد يشبه المعجزة؛ لشدّة وعورته، وصعوبته، وشدّة انحداره، خاصةً أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يمكث فيه الليالي ذوات العدد، وبعد هبوط الظلام كان يزداد الأمر صعوبةً وريبةً وخوفاً، ويقع غار حراء في جبل النور، الذي يقع في الشمال الشرقي لمكة المكرمة، ويرتفع جبل النور حوالي 642 متراً، ويقسّم نظرياً إلى ثلاث مراحلٍ، بعضها سهلٌ، وبعضها صعبٌ، وأمّا الغار فيقع على يسار قمة جبل النور، ويبلغ طوله أربعة أذرعٍ، وعرضه ذراعاً وثلاثة أرباع الذراع تقريباً، ويتّسع لبضعة رجالٍ يجلسون فيه، وإنّ صخور مدخله كبيرةٌ متراصّةٌ، بينها فجوةٌ صغيرةٌ، يضطر المرء فيها بأن يتحرّك بحذرٍ شديدٍ، حتى يصل إلى داخله، وحين يقبل المرء إليه داخلاً باتجاه القبلة، يجد أمامه الكعبة المشرّفة، فكأنّه تقديرٌ إلهيّ، وحكمةٌ أرادها الله، ليكتمل جلال المكان وهيبته.
بدء الوحي في غار حراء
تروي السيدة عائشة -رضي الله عنها- حال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خلال الأيام التي تزامن فيها نزول الوحي عليه لأول مرّةٍ، فتقول في حديثٍ صحيحٍ يطول بأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يلازم غار حراءٍ يتعبّد ليالٍ ذوات العدد، حين فاجئه الحقّ؛ وهو الوحي، إذ أتاه مباغتةً، لم يكن ينتظرها نبي الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال جبريلٌ له: (اقرأْ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ما أنَا بِقَارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتى بلغَ مني الجَهدَ، ثم أرسلنِي فقالَ: اقرأْ، قلتُ: ما أنَا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانيةَ حتى بلَغَ مني الجَهدَ، ثم أرسلَني فقالَ: اقرأْ، قلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخذَنِي فَغَطَّنِي الثَالِثَةَ حتى بلَغَ مني الجَهْدَ، ثمَّ أرسلَنِي فقالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ)، ومعنى قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حتى غطّني الجهد؛ أيّ بلغ مني الصعوبة في النفس، والمقصود بطلب الملَك من النبي أن يقرأ؛ أيّ اقرأ لا بقوتك وقدرتك، وإنّما بحول الله وقوته، فكما خلقك سيعلمك.
ثمّ تركه جبريلٌ -عليه السلام- بعد ذلك، فرجع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بتلك الأخبار والآيات إلى زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنه، مرتجفاً يظهر عليه الفزع والخوف، وأخبرها بما حصل معه، ويتسائل أمامها فيقول: (أيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي، لقدْ خَشِيتُ على نفسِي)،ويأتي الجواب من زوجته الأمينة المصدّقة له مُطَمئِنةً إيّاه فوراً: (كلَّا، أَبْشِرْ، فواللهِ لا يُخْزِيكَ اللهُ أبدًا، فواللهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرحِمَ، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ على نَوَائِبِ الحقِّ)، فذكرت له خديجةٌ صفاته العظيمة التي لا يمكن معها أن يهينه الله -تعالى- أو يخزيه، وسارعت إلى مزيدٍ من الاطمئنانٍ إلى ابن عمٍ لها؛ هو ورقة بن نوفل: وهو رجلٌ يعلم بالنصرانية، فلمّا سمع ورقة بن ونوفل من الرسول ما حدث معه في غار حراء، أخبره أنّه نبيٌّ على خطى موسى عليه السلام، فقال ورقةٌ: (هذا النَّامُوسُ الذي أُنِزَل على موسَى).
كانت تلك قصّة بدء الوحي ونزوله على النبي -عليه الصلاة والسلام- في غار حراء، بيدَ أنّه وبعد أن لزم الوحي النبي صلّى الله عليه وسلّم، وصار يتنزّل عليه في الآيات الكريمة بانتظامٍ، مكث النبي بعد ذلك بضعة عشرة سنةً في مكة، لم يزر فيها غار حراء مطلقاً، ثمّ في فتح مكة جاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إليها، فمكث فيها ما يقارب العشرين ليلةً، وفي حجة الوداع أقام فيها أربع ليالٍ، لم يقصد فيها غار حراء؛ وذلك لأنّ الغار كان مكاناً للخلوة والتعبّد قبل نزول الشريعة ومعرفتها، أمّا وقد أكرم الله -تعالى- نبيه بالعبادات والشرائع، وعرّفه الصلاة والاعتكاف في المساجد، فلم يستدعي الأمر بعد ذلك الصعود إلى حراءٍ لأجل التبتّل والاعتكاف.
قصة غار حراء
ذا ذكر نزول القرآن الكريم ذكر غار حراء ، ذلك المكان المبارك الذي كان يتعبد فيه الرسول صّل الله عليه وسلم في شهر رمضان من كل عام حتى قبل الرؤيا ونزول القرآن ، وللغار مكانة دينية عظيمة في نفوس المسلمين ؛ لأن ذكره ارتبط بذكر الرسول صّل الله عليه وسلم ، ونزول الوحي على سيدنا محمد به ، ويعرف هذا الغار بجبل النور وهو يبعد عن المسجد الحرام مسافة أربعة كيلومترات تقريبًا .
موقع الغار :
الغار عبارة عن حفرة موجودة في الجبل ، يقع بابها ناحية الشمال ، ويبلغ طولها أربعة أذرع ، أما عرضها فيبلغ ذراع وثلاثة أرباع ، وهي تتسع لخمسة أشخاص في نفس الوقت ، ويمكن للواقف على الجبل أن يرى مكة المكرمة ، حيث يقع الغار في شرق مدينة مكة المكرمة أعلى جبل النور ، وهو جبل شديد الوعورة والانحدار .
وقد وضع في طريق الغار استراحة بدائية لجلوس الصاعدين إلى الجبل والنازلين من عليه ، ويستطيعون في هذا المكان أن يلتقطون أنفاسهم ويروون ظمأهم ، وهناك العديد من المحاولات الدائمة والمستمرة ؛ لتعبيد الطريق من وإلى الغار بمشاركة بعض المتطوعين الذين يقومون بأعمال الصيانة والتعبيد ، كما يمكن للوافدين على الغار أن يشتروا بعض الصور التذكارية لمعالم المكان ، فالغار منطقة أثرية يتوافد عليها المسلمون من جميع أنحاء العالم .
رهبة الغار :
يعد الغار منحدر شديد الوعورة أعلى جبل النور ، وهو ليس بالمكان الآهل ، لذا كان يعد من الأماكن المرعبة لأهل مكة ، فكان يبتعدون عنه وينأون بنفسهم عن خطره ، وهذا عكس ما فعل رسولنا الكريم فقد اختلف معهم في طرقهم وأعرافهم وخلق لنفسه طريقًا أخر يسلكه وهذا ما تحمله كلمة عائشة رضي الله عنها بقولها : “حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاَءُ”. أي أنَّ الله عزوجل حَبَّب إليه أمرًا لا يحبُّه الناس في المعتاد.
الرسول والخلوة بالغار :
رُوي عن السيدة عائشة أنها قالت أن الرسول صّل الله عليه وسلم كان محبٌب إليه الخلاء بالغار لفترات طويلة ، فكان يتزود بالطعام والشراب ، ويعطي للمساكين الذين يذهبون إليه ؛ حيث كانت تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : “ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ -وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا ، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ”.
والسيدة عائشة كانت تقول أن حب اعتكاف الرسول بالغار جاء بعد الرؤيا الصادقة ؛ أي قبل البعثة بستة أشهر ، وهذا يختلف مع رواية ابن اسحاق الذي قال فيها أن الرسول كان يعتكف في غار حراء شهر رمضان من كل سنة قبل الرؤيا ، وغالب الأمر أن الرسول صّل الله عليه وسلم كان يختلي بنفسه شهرًا في السنة قبل البعثة بعدة سنوات ، ويتضح هذا من رواية عبيد بن عمير في ابن إسحاق حين قال:
“فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ ذَلِكَ الشَّهْرَ مِنْ كُلَّ سَنَةٍ يُطْعِمُ مَنْ جَاءَهُ مِنَ الْمَسَاكِين ، ولكن في الشهور الستة الأخيرة حُبِّب إليه الخلاء كما تقول عائشة رضي الله عنها.
سبب الخلوة :
كان الرسول صّل الله عليه وسلم يبغض الأصنام التي يعبدها قومه ، ويُدرك أنها ليست الطريقة السليمة للوصول إلى الله عزوجل ، وقد ظهر هذا البغض للأصنام في قصة حياة الرسول الكريم قبل أن يبشر بالنبوة ، ويشهد لهذا موقفه مع زيد بن حارثة رضي الله عنه ، وكان هذا قبل البعثة ، فعن زيد بن حارثة رضي الله عنه قال:
“وَكَانَ صَنَمَانِ مِنْ نُحَاسٍ يُقَالُ لَهُمَا: إِسَافُ وَنَائِلَةُ. فَطَافَ رَسُولُ اللهِ صلّ الله عليه وسلم -أي بالكعبة- وَطُفْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا مَرَرْتُ مَسَحْتُ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّ الله عليه وسلم: “لاَ تَمَسَّهُ”. وَطُفْنَا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لأَمَسَّنَّهُ أَنْظُرُ مَا يَقُولُ. فَمَسَحْتُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّ الله عليه وسلم: “لاَ تَمَسَّهُ أَلَمْ تُنْهَ؟” قَالَ: فَوَالَّذِي أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ مَا اسْتَلَمَ صَنَمًا حَتَّى أَكْرَمَهُ بِالَّذِي أَكْرَمَهُ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ
فكان صّل الله عليه وسلم يذهب إلى الغار ليتفكَّر في خالق هذا الكون ، ويتعبد له دون أن يعلم به أو يراه، فقد فطر قلبه على الإيمان والبعد عن المعاصي والمكفرات ، لكنه لم يكن يدري كيف يعبد الله ، ولا على أي شريعة ، ويتضح هذا من قوله عزوجل{وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى} [الضحى: 7] .
وقد كان هذا الاختلاء في الغار يريح نفس الرسول ، فينظر للكعبة من بعيد ويتذكر قصتها ، وقد كانت قريش تعلم علم اليقين بوجود الله ، فهم لم يدعوا أنهم غير موجود ، ولكنهم لتخذه معه أصنامهم آلهة أخرى للتقرب من الله ، ولما كانت ديانة سيدنا إبراهيم قد اندثرت نأى سيدنا محمد بنفسه عن وحل الأصنام وعبسها ، وابتعد عن شرائع النصرانية واليهود ، ولعل هذا من حفظ الله حتى لا يقال أنه نقل عنها شيء ، وأن ما أنزل إليه الحق.
خلوة الرسول بعد البعثة :
وبعد البعثة لم يعد الرسول يختلي بغار حراء ، ولكنه كان يعتكف في العشر الأواخر من شهر رمضان بالمدينة ، وكأنه فعل ذلك ليعطي درسًا مهما للدعاة ليقوموا بعملهم ويخالطوا الناس ، وفي نفس الوقت يحافظوا على نقاء سريرتهم بالاختلاء ولو أيام معدودة في السنة ؛ لكي يعيدوا فيها ترتيب أوراق حياتهم ويصلحوا من أنفسهم ؛ حتى يستطيعوا بعدها إصلاح المجتمع.
موقف خديجة بنت خويلد رضي الله عنها من خلوة الرسول :
ضربت السيدة خديجة رضي الله عنها أروع الأمثلة للسيدة الصالحة التي توأزر زوجها وتقف إلى جواره ، فقد كانت تقف إلى جوار الرسول صّل الله عليه وسلم في خلوته ، وتشجعه عليها رغم أن هذا كان أمرًا مستغربًا في مكة ، ورغم أن الغار كان في مكان موحش ، ولكنها كانت تثق بقرارات زوجها ، ورغم غيابه الكثير عليها لم تنهه عن الخلوة ، بل كانت تُشَجِّعه وتُسانده ، وهذه في الحقيقة صفة مهمة صفات الزوجة الصالحة ، حيث تقف مع زوجها فيما يريد ، وتُؤَيِّده وتُشَجِّعه ، وتكون عضدًا له في اختياراته ، فهذا من أفضل الأمور التي تقوي الرابطة بين الرجل وزوجته.