شروط الوقف في الاسلام ماهي شروط الوقف في الاسلام وماهو المفهوم الصحيح للوقف في الاسلام وماهي اهم احكامه من خلال هذا المقال.
محتويات المقال
الوقف
الوقف هو مصطلح إسلامي، لغويا يعني الحبس أو المنع، واصطلاحاً هو “حبس العين عن تمليكها لأحد من العباد والتصدق بالمنفعة على مصرف مباح”.ويشمل الوقف الأصول الثابتة كالعقارات والمزارع وغيرها، ويشمل الأصول المنقولة التي تبقى عينها بعد الاستفادة منها كالآلات الصناعية والأسلحة أما التي تذهب عينها بالاستفادة منها فتعتبر صدقة كالنقود والطعام وغيرها. ويختلف الوقف عن الصدقة في أن الصدقة ينتهي عطاؤها بانفاقها، أما الوقف فيستمر العين المحبوس في الانفاق في أوجه الخير حتى بعد الوفاة.
أركان الوقف
للوقف أربعة أركان رئيسة، لابد من توافرها في كل وقف، وهي كالتالي :
-موقوف
– موقوف عليه
– صيغة وقف
– واقف
مشروعيته
الوقف الخيري مشروع ومستحب ومن الدلائل على ذلك :
قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، ولما سمعها أبو طلحة بادر إلى وقف أحب أمواله إليه وهو بستان كبير كثير النخل اسمه (بيرحاء)أخرجه البخاري.
ما روي عن عمرو بن الحارث بن المطلق أنه قال : ” ما ترك رسول الله إلاّ بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضاً تركها صدقة “. رواه البخاري.
قول المصطفى : “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”، والصدقة الجارية محمولة على الوقف عند العلماء.
وقف النبي لسبع حوائط(بساتين) بالمدينة كانت لرجل يهودي.
– ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما : ” أصاب عمر بخيبر أرضاً فأتى النبي فقال : أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس منه فكيف تأمرني به، قال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه “.
أنواع الوقف
ينقسم الوقف إلى ثلاثة أنواع هي:
1. الوقف الأهلي (الذري): ما جعلت فيه المنفعة لأفراد معينين أو لذريتهم سواء من الأقرباء أو من الذرية (الأولاد والأحفاد والأسباط والأقارب) أو غيرهم من الفقراء ويقوم على أساس حبس العين والتصدق بريعها على الواقف نفسه وذريته من بعده أو غيرهم بشروط يحددها الواقف، مثال قد يشترط الواقف أن يؤول إلى جهة بر بعد انقطاع الموقوف عليهم (وفي هذه الحالة يعتبر وقفاً أهلياً ابتداءً خيرياً مآلاً).
2. الوقف الخيري: أو الوقف العام، وهو الذي يقصد الواقف منه صرف ريع الوقف إلى جهات البر التي لا تنقطع سواء كانت معينة كالفقراء والمساكين أم جهات بر عامة كالمساجد والمدارس والمستشفيات وإلى غير ذلك. أي أنه وقف خاص بما جعلت فيه المنفعة لجهة بر أو أكثر وكل ما يكون الإنفاق عليه قربة لله تعالى.
3. الوقف المشترك: وهو مختلط بين الأمرين أو قد يبدأ كونه وقفاً أهلياً ثم ينتهي به الأمر إلى صيرورته إلى وقف خيري بعد انقطاع من يستفيد منه من ذرية الواقف ومرد ذلك كله شرط الواقف.
ولا يخفى أنه حتى النوع الأول وهو (الوقف الأهلي أو الذري) عند التأمل والتدقيق فهو خيري، وإنما سمي وقفاً ذرياً لأن النفع فيه مقصور على ذرية الواقف لا غير، وبكل حال فالوقف كله خيري بحسب أصل الوضع الشرعي .. ولكن للتوسعة على المتصدقين، ولتمكينهم من نفع ذويهم وأقاربهم، جاز شرعاً أن يقف الإنسان على نفسه وعلى ذريته من بعده، أو أن يقف على شخص بعينه أو أشخاص معينين ثم من بعدهم على ذريتهم على أن يؤول بعد انتهاء هؤلاء الأشخاص إلى جهة من جهات الخير.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك دراسة شملت تحليل (104) وقفاً من الأوقاف الكبيرة في بلاد مصر وسوريا وفلسطين وإسطنبول والأناضول على مدى ستة قرون (1340م 1947 – م) خلصت إلى أن (%55) من مجموع الأوقاف كانت وقفاً خيرياً، و(%25) أوقافاًً على الذرية، و(%14) أوقافاً مشتركة، والباقي (%6) أوقاف مدروسة لم تحدد هويتها.
كما أظهرت الدراسة بأن الأوقاف الخيرية توزعت على الأبواب التالية: الجوامع (%27)، المساجد (%11)، المدارس (%11)، السبيل (%9)، الكتاتيب (%8)، التكايا والزوايا (%7)، الحرمين الشريفين (%5)، الفقراء والمعوزين (%5)، متنوعات ومتفرقات (%17).
أركان الوقف
للوقـف أركـان لا يتمّ إلا بها، إلا أنّ العلماء اختلفوا في هذه الأركـان ، ومذهـب الجمهـور أنّ للوقـف أربعـة أركـان كالآتي:
– الواقف: وهو الشخص المُكلَّف الرّاشد الحرّ الذي يقوم بإنشاء الوقف لجهةٍ مخصوصة أو غير مخصوصة.
– الموقوف: وهو الشيء الذي يقوم الواقف بإيقافه، كقطعة أرض، أو بيت، أو واسطة نقل، أو غير ذلك.
– الموقوف عليه: وهو ما يُخصَّص الوقف أو ريعه الناتج عنه عليه، سواء كان ذلك الموقوف عليه مُعيَّناً كشخص أو مجموعة أشخاص، أو أن يكون غير مُعيّنٍ كجهة من رسميّة أو غير رسميّة.
– الصّيغة: وهو الكلام الذي يصدر من الواقف عند تلفُّظه بإيقاف ما يُريد إيقافه على شيءٍ أو لأحدٍ ما، وقد اتّفق الفقهاء على أنَّ المُعتَبر في الصيغة في عقد الوقف فقط هو إيجاب الواقف؛ أي أن يصدر الكلام من الواقف، ولا يُشتَرط لصحّة الوقف أن يقبل الموقوف عليه بذلك الوقف، فالوقف هو عقدٌ يتمُّ من جهةٍ واحدة فقط لكونه من عقود التبرعات.
شروط الوقف
يُشترط لصحة الوقف مجموعة من الشروط التي ترتبط مع أركان الوقف السابقة ارتباطاً وثيقاً، حيث تتعلّق بها بشكلٍ مباشر، ومن أهمِّ شروط الوقف ما يأتي:
الشروط المُعتبرة في الواقف
يُشترط في الواقف حتى يصحَّ منه ويصدق عليه إجراء وإبرام عقد الوقف ما يأتي:
– أن يكون أهلاً للتبرعات، ويعني ذلك أن يكون مُكلَّفاً قادراً على التصرُّف بمالك وملكه دون وصايةٍ أو واسطةٍ من أحد.
– أن يكون ذا أهليّةٍ كاملةٍ لإتمام وإجراء عقد الوقف وإتمامه، فينبغي أن يكون حُرّاً يملك نفسه، ولا يجوز لعبدٍ مملوكٍ أن يُجري عقد وقفٍ لأنه لا يملك نفسه، وبالتّالي لا يملك أمر التصرُّف بأمواله.
– أن يكون بالغاً رشيداً غير مجنونٍ أو سفيه؛ حيث إنّ مثل هؤلاء ليسوا من أهل التصرّف، وإن قاموا بأي فعلٍ ماديّ فإن أفعالهم تلك لا تكون صالحةً لعدم صلاحيتهم لإجراء العقود الماليّة، وسبب ذلك فإنّ عقد الوقـف تـبرعٌ محض، وفيه يتمُّ إسقاط ملك الشخص بلا عوض، فلا يصحُّ من مثل هؤلاء حمايةً لهم من الغُبن والخديعة، وحفظاً لحقوقهم وأموالهم من أيدي أصحاب القلوب المريضة والنّفوس الدنيئة.
أهدافه
تتعدد أهداف الوقف وهي كالتالي :
1- امتثال أوامر الله عز وجل بالبذل والإنفاق.
2- تحقيق مبدأ التكافل بين أفراد الأمة والتوازن الاجتماعي حتى تسود المحبة والأخوة ويعم الاستقرار.
3- ضمان بقاء المال ودوام المنفعة به واستمرار العائد من الأوقاف المحبوسة.
4- تحقيق أهداف تنمية المجتمع في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها.
5- صلة الرحم وضمان مستقبل ذوي القربى وذوي الحاجة ألا يكونوا عالة يتكففون الناس.
مجالات الوقف
للوقف مجالت كثيرة ومتعددة منها :
– الوقف بإنشاء المساجد ورعايتها والقيام بشؤونها وتزويدها بالمصاحف.
– الوقف على الجهاد في سبيل الله.
– الوقف على توزيع الكسوة للفقراء والأرامل والمحتاجين.
– الوقف على المكتبات العامة كإنشائها وإيقاف الكتب الشرعية بها.
– إنشاء المدارس العلمية التي تكفل مجانية التعليم لأبناء المسلمين.
– حفر الآبار وإجراء الماء.
– الأوقاف على الدعاة والوعاظ.
– الوقف على نشر دعوة التوحيد وتبليغ الإسلام؛ وذلك بطبع الكتب والأشرطة وتوزيعها.
– إقامة مراكز للمهتدين الجدد.
– بناء مراكز الأيتام ورعايتهم والعناية بهم.
– الوقف على تطوير البحوث المفيدة والنافعة.
– الوقف على جماعات تحفيظ القرآن الكريم التي نفع الله بها أبناء المسلمين.
– الوقف على مدارس تحفيظ القرآن النسائية.
– الأوقاف على الدعوة على شبكة المعلومات (الإنترنت).
الشروط المعتبرة في الموقوف عليه
الموقوف عليه لا يخرج عن أمرين؛ فإمّا أن يكون شخصاً مُعيَّناً، كأن يكون شخصاً أو مجموعةً من الناس، أو أن يكون جهةً مُعيَّنةً، ولكل حالة شروط خاصّة:
– إن كـان الموقوف عليه مُعيَّناً معلوماً فقد اشترط العلماء لصحّة الوقف أن يكون من المُمكن تمليكهم، فلا يمكن مثلاً تمليك المجنون أو الميت، واشترط بعض الفقهاء كذلك ألا يكون الوقف على معصية، كما لو وقف شخصٌ شيئاً على نائحة أو مُغنّية.
– بينما اشترط علماء المالكيّة والشافعيّة أن يتمَّ قبول الوقف من الموقوف عليه مع صحة الوقف إن لم يقبل له، إلا أن ذلك الأمر يُعتَبر شرطاً في اختصاصه، فلو أوقف له شيءٌ ولم يقبل به فإنّه لا يعود له مُطلقاً، فينتقل الموقوف للمصرف الذي بعده إن عُيَّن مصرفاً، فإن لم يوجد مصرفٌ للوقف فيعود الموقوف للفقراء والمساكـين.
– يُشترط لصحّة الوقف كذلك أن يكون في برٍّ وطاعة، فإن أوقف أحدٌ شيئاً وكان في ذلك معصيةٌ لله لم يَجُز وقفه؛ لأن الوقف من عقود التبرّعات، ولا يُقبَل من التبرعات إلا ما كان طاهراً في أصله ومَوئِله، بينما يرى المالكيّة أنه يُشترط في الوقف ألا يكون على معصية محضة.
– أما إذا كان الموقوف عليه جهةً مُعيَّنةً كالمساجد والمدارس والمستشفيات وغير ذلك؛ فيشترط في هذه الحالة أيضاً أن تكون الجهة الموقوف عليها ذلك المُعين جهة برٍّ وطاعة، فلا يجوز الوقف على من يكون في طبعه وطبيعته مُخالفةٌ لحال الموقوف، كأن يوقف مسجدٌ على قُطّاع الطرق أو على جماعةٍ من أهل البدع والمُنكرات، أو على المُطربين؛ وذلك لما فيه من إعانتهم على الإثم والعدوان، يقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
الشروط المُعتَبرة في محل الوقف
محلُّ الوقف هو ما يرد عليه ويجري عليه عقد الوقف، وقد اشترط الفقهاء في محلّ الوقف مجموعةً من الشروط، منها:
– أن يكـون الوقـف مالاً، كما يُشترط أن يكون مُباح الانتفاع به مُطلقاً، فلا يجوز إيقاف ما لا يجوز الانتفاع به، كالخمر ولحم الخنزير ودهنه، كما لا يجوز وقف أيّ شيءٍ قُيّدت منفعته بالضّرورة والاضطرار إليها لجواز استخدامه، كالميتة.
– أن يكـون الوقف مملوكاً للواقف؛ لأن الوقف عقدٌ يلزم منه نقل مُلكيّة الواقف من شيءٍ في مُلكه ليصبح في ملك غيره، فإن أوقف شخصٌ شيئاً ليس من أملاكه لم يجُز وقفه، لأنه ليس له ولايةٌ في ذلك الشيء.
– أن يكـون الوقف معلوماً حين إجراء عقد الوقـف، فلا يجوز وقف شيءٍ مجهولٍ يتمُّ تعيينه في المستقبل؛ لأن ذلك أدعى إلى إحداث البلابل والفتن والمُنازعات بين الناس.