ماهي كليلة ودمنة بالطبع اغلبنا سمع من قبل عن كليلة ودمنة ولكن البعض يعرف الاسم فقط فماهي كليلة ودمنة وماهي حكاية كليلة ودمنة.
محتويات المقال
كليلة ودمنة
كَلِيلَة ودِمْنَة كتاب يتضمّن مجموعة من القصص، ترجمَهُ عبد الله بن المقفع إلى اللغة العربية في العصر العباسي وتحديدًا في القرن الثاني الهجري الموافق للقرن الثامن الميلادي وصاغه بأسلوبه الأدبي مُتصرفًا به عن الكتاب الأصلي الفصول الخمسة. أجمع العديد من الباحثين على أن الكتاب يعود لأصول هندية، وكتب باللغة السنسكريتية في القرن الرابع الميلادي،ومن ثم تُرجم إلى اللغة الفهلوية في أوائل القرن السادس الميلادي بأمر من كسرى الأول
ما معنى كليلة ودمنة ؟
كليلة و دمنة كان يسمى قبل أن يترجم إلى اللغة العربية باسم الفصول الخمسة وهي مجموعة قصص ذات طابع يرتبط بالحكمة و الأخلاق يرجح أنها تعود لأصول هندية مكتوب بالسنكسريتية و هي قصة الفيلسوف بيدبا حيث تروى قصة عن ملك هندي يدعى دبشليم طلب من حكيمه أن يؤلف له خلاصة الحكمة بأسلوب مسلي .
ويُجمع الباحثون علي أن الكتاب هندي الأصل، صنَّفه البراهما (وشنو) باللغة السنسكريتيّة في أواخر القرن الرابع الميلاديّ، وأسماه (بنج تنترا)، أي الأبواب الخمسة. ويُقال إنّ ملك الفرس (كسرَي آنوشروان) (531-579م) لما بلغه أمرُه أراد الاطّلاع عليه للاستعانة به في تدبير شؤون رعيّته، فأمر بترجمته إلي اللغة الفهلويّة -وهي اللغة الفارسية القديمة-، واختار لهذه المهمة طبيبه (بَرْزَوَيْه) لما عرف عنه من علمٍ ودهاء. إلاّ أنّ (برزويه) لم يكْتفِ بنقل (بنج تنترا)، بل أضاف إليه حكايات هندية أخرى، أخذ بعضها من كتاب (مهاباراتا) المشهور، وصَدّر ترجمته بمقدّمة تتضمّن سيرته وقصّة رحلته إلي الهند. وفي مُنتصف القرن الثامن الميلادي، نُقل الكتاب في العراق من الفهلوية إلي العربية، وأُدرج فيه بابٌ جديد تحت عنوان (الفحص عن أمر دمنة)، وأُلحقت به أربعةُ فصولٍ لم ترِدْ في النصّ الفارسي، وكان ذلك علي يد أديب عبقريٍّ يُعتبر بحقّ رائد النثر العربيّ، وأوّل من وضع كتابًا عربيًّا مكتملاً في السياسة، هو (عبد الله بن المقفَّع).
معظم شخصيات قصص كليلة و دمنة عبارة عن حيوانات برية فالأسد هو الملك و خادمه ثور اسمه شتربة و كليلة ودمنة هما اثنان من حيوان ابن آوى و شخصيات أخرى عديدة هكذا تدور القصص بالكامل ضمن الغابة و على ألسنة هذه الحيوانات . هي قصة تقوم أساسا على نمط الحكاية المثلية . وهو كتاب وضع على السنة البهائم و الطيور و حوى تعاليم اخلاقية موجهة إلى رجال الحكم و افراد المجتمع. يمثل العنوان عتبة من عتبات النص يحدد افق انتظار القارىء . انبنى الكتاب على حكايات مثلبة اتخذ فيها الحيوان بديلا عن الإنسان و دليلا عليه فقامت على الايحاء و الرمز فهو ينبنى على مبدأ الثنائيات خاصة ثنائية الظاهر و الباطن.
كتاب كليلة و دمنة حافل بخرافات الحيوان لا يكاد يخلو منها باب من أبوابه حتى أبواب المقدمات و كل باب يحتوي على خرافة طويلة تتداخل فيها خرافات قصيرة تتفاوت طولا ترد في معارض إستشهاد الشخصيات بها في محاوراتهم و تتداخل مع بعضهاالبعض أحيانا كما يتميز هذا الكتاب بأن أبوابه منتظمة على النحو التالي يبدأ دبشليم بقوله للفيلسوف بيدبا : عرفت هذا المثل و يشير إلى ما سبق في الباب الذي قيله أو بالقول : عرفت مثل فأضرب لي مثل فيعرض بيدبا ما يشبه العنوان المشروح المشوق لمعرفة المضمون ثم يسكت فيسارع دبشليم إلى السؤال : و كيف كان ذلك ؟ و هنا يبدأ الفيلسوف مستهلا بالقول : زعموا ثم يبدأ في السرد.
كتاب كليلة و دمنة هو كتاب هادف فهو ليس مجرد سرد لحكايات تشتمل على خرافات حيوانية بل هو كتاب يهدف إلى النصح الخلقي و الإصلاح الإجتماعي و التوجيه السياسي فباب الفحص عن أمر دمنة يتناول موضوع عبثية محاولات المجرم للتهرب من وجه العدالة و أنه لا بد أن ينال قصاصه العادل كما يتناول هذا الباب واجبات السلطة القضائية و باب الحمامة المطوقة الذي يدعو إلى التعاون و باب الأسد و الثور يكشف عن خفايا السياسة الداخلية في الدولة و صراع السياسين و تنافسهم و يقدم باب ايلاذ و بلاذ و ايراخت توجيهات في أصول الحكم و يتناول باب البوم و الغربان و باب الجرذ و السنور السياسة الخارجية و يقدم التوجيهات في هذا المجال و تقدم أبواب القرد والغيلم، الناسك و ابن عرس ،الأسد و ابن آوى ، اللبؤة و الأسوار و الشغبر ، الناسك و الضيف ، الحمامة و الثعلب و مالك الحزين عظات أخلاقية فردية متنوعة المواضيع.
ملخص كتاب كليلة ودمنة
يتكوّن كتاب كليلة ودمنة من مجموعة من القصص التي تحتوي على العديد من العبر والدروس المرتبطة بالجانب الأخلاقي، بالإضافة إلى وجود صبغة الحكمة في هذه القصص؛ لأنّ هذا الكتابَ في أصله كان برغبة من أحد الملوك القدماء، والذي طلب من الحكيم الخاصّ به أن يجمع له الحكمة بأسلوب مُسلٍّ، فكانت هذه القصص على لسان الحيوانات، حيث مثلت الحيوانات شخصيات هذا الكتاب بالكامل، وكان يدورُ بينها العديد من الأحداث، وتم تقسيم هذا الكتاب إلى عدة أبواب وكل باب يحتوي على مقدمة خاصّة به، ويتكون كل باب قصة طويلة تكون أشبه بالخرافة، والتي يتخللها سلسلة من الأحداث والخرافات الصغيرة التي تكتمل القصة الطويلة بها، ومن أهمّ ما يتميّز به هذا الكتاب التاريخيّ أنه جاء متسلسلًا، بحيث يشير كلّ بابٍ من أبواب هذا الكتاب إلى ما سبقه لتُبنى العديدُ من القصص التي تَحتَويها هذه الأبواب على ما سابقاتها، كما تم ذكر هذه القصص على لسان بيدبا فيلسوف الملك دبشليم، ويُذكر أنّ هناك بعضَ الفصول التي زادها ابن المقفع على هذا الكتاب من عنده، حيث لم تكن هذه الفصول موجودة فيه من قبل.
شخصيات قصص كليلة ودمنة
هناك العديدُ من الشخصيّات البارزة التي وردت في كتاب كليلة ودمنة، وكان لكل شخصية من هذه الشخصيات الأثر البارز في القصص التي تناولتها أبوابه، ومن أبرز هذه الشخصيات الأسد الذي كان يمثل دور الملك في الغابة التي تدور فيها الأحداث، وكان هذا الملك يَتّخذ خادمًا وهو حيوان الثور والذي يُدعى في الكتاب “شتربة”، أمّا اسمُ كليلة ودمنة فهما اسمان لحيوانين من فصيلة ابن آوى واللذين ذُكرا في العديد من قصص هذا الكتاب فسُمّي الكتاب باسمهما، وهناك بعض الحيوانات الأخرى التي تنوعت أدوارها في قصص هذا الكتاب ومن أبرزها: الحمامة المطوقة، والبوم، والغراب، وابن عرس، والقرد، والسنور، والجرذ، والغيلم، وحيوان الشغبر، ومالك الحزين، والثعلب، واللبؤة، حيث استخدم مؤلف هذا الكتاب هذه الشخصيات من أجل إيصال العديد من الرسائل والمواعظ للملك في النواحي الأخلاقيّة والسياسية والاجتماعية، وما ينعكس من ذلك على الحياة الواقعيّة في المملكة التي كان يحكمها.
خصائص كليلة ودمنة
لكتاب كليلة ودمنة العديد من الخصائص، أبرزها:
– يعتمد الكتاب الأسلوب القصصيّ؛ حيث تُسلّم فيه القصّة إلى قصّة ثانية، وأحياناً ثالثة ورابعة؛ فكلّ قصّة تتبعها أخرى، وتُعرَض خلالها شخصيات مختلفة.
– غالبية شخصيات القصص في الكتاب هي من الحيوانات والطيور، وهي تستثير مخيّلة القارئ؛ حيث يبدأ بنسبة كلّ شخصية من الحيوانات إلى ما يشبهها من الإنسان؛ فالأسد مثلاً كان رمزاً للملك، والنمر للوزير، والثعلب للإنسان الماكر، والحمامة للشخص الطيّب.
– يستخدم الكتاب لغةً سهلة وبسيطة خالية من الملل؛ فهو يستخدم أسلوب الحوار إجمالاً، والفكاهة في بعض الأحيان.
– يعزّز الكتاب العديد من الفضائل، مثل: الوفاء، والكرم، والشجاعة، والعفّة وغيرها، وينبذ الرذائل بأنواعها.
– يعزّز بناء الثقافة الإسلامية، فعلى رغم من أنّه أجنبيّ الأصل، إلا أنّ ذلك يرجع إلى ترجمة ابن المقفّع التي أضفت على الكتاب الطابع الدينيّ؛ فقد أضاف ألفاظ الرضا بالقدر، وأحوال الدنيا والآخرة وغيرها.
ابن المقفّع
وُلِد ابن المقفّع عام 724م في فارس، وعاش في مدينة البصرة، ومات فيها، وقد اختلف في تحديد سنة ولادته ووفاته، وتذكر المصادر إلى أنّه قُتل في فتنة خروج عبد الله بن علي، وعلى يد ابن أخيه أبي جعفر المنصور، حيث تورّط ابن المقفّع في هذا الصراع، وذلك بسبب عمله كاتباً لدى أعمام المنصور، ورُويَت أحاديث مختلفة في حادثة قتله، ويُعتقَد أنّ حادثة قتله تعود إلى الفترة الواقعة ما بين 139هـ إلى 142هـ.
ترجم ابن المقفع مؤلفات كثيرة، وحظيت ترجماته منزلة بالغة الأهمية، حيث نقل كتب الفرس المشتملة على ثقافاتهم، وأخلاقهم، وتراثهم، وسير ملوكهم، وقد تناسبت أعماله مع الخلافة العباسية آنذاك، فقد قام ابن المقفع بنقل التراث الفارسيّ المكتوب بالبهلوية (وهي لغة فارسية قبل الإسلام)، ضمن أربعة كتب، وهي: كتاب (خداينامه) وهو كتاب في سير ملوك الفرس، وكتاب (آئين نامه) في قوانين الفرس القدامى وكيفية قيادة الملوك للجيوش وفنون الحروب والآداب العامة، وكتاب (التاج في سيرة أنو شروان) في سيرة الملك كسرى أنو شروان وأخلاقه، وكتاب في تشريعات الفرس القدامى أطلق عليه اسم (نامه تنسر).
تأثيره على الأدب العالمي
كان للكتاب تأثير على عدد من الأعمال الأدبية العالمية، فقد وجد الباحثون تشابهاً قوياً بين بعض حكايات كليلة ودمنة وخرافات إيسوب، وكذلك بينها وبين خرافات ماري الفرنسية، بالإضافة إلى قصص مشهورة أخرى، وقد وُجِد أيضاً بأن هنالك خرافات حيوانية مماثلة في معظم ثقافات العالم، ويجد البعض بأن الهند هي المصدر لهذا النوع من الخرافات. كما أقرّ كاتب القصص الخرافية الفرنسي جان دو لافونتين بأن أعماله مستوحاة من هذا الكتاب، حيث ذكر في مقدمة كتابه الثاني الخاص بالقصص الخرافية: «هذا هو الكتاب الثاني من الخرافات الذي أقدمه للجمهور … لا بد لي أن أعترف بأن الجزء الأكبر منه مستوحى من كتاب الحكيم الهندي بيلباي». كما يرى البعض بأنه أصل بعض حكايات ألف ليلة وليلة وسندباد، وكذلك العديد من الأعمال الأدبية الغربية من قصص وقصائد ونحوها.
فصول كتاب كليلة ودمنة
يحتوي الكتاب على خمسة عشر فصل وهم:-
1- باب الأسد.
2- باب الثور.
3- باب الفحص عن أمر دمنة.
4- باب باب الحمامة المطوقة.
5- وباب البوم والغربان.
6- باب القرد والغيلم.
7- باب الناسك وابن عرس.
8- باب الجرذ والسنور.
9- باب ابن الملك والطائر فنزة.
10- باب الأسد والشغبر الناسك وهو ابن آوى.
11- باب إيلاذ وبلاذ وايراخ.
12- باب اللبوة والإسوار والشغب.
13- باب الناسك والضيف.
14- باب السائح والصائغ.
15- باب ابن الملك وأصحابه.
أبرز أعمال بن المفقع
– الدرة الثمينة والجوهرة المكنونة.
– مزدك.
– باري ترمينياس.
– أيين نامة ـ في عادات الفرس.
– التاج ـ في سيرة أنو شروان.
– أيساغوجي ـ المدخل .
-ميلية سامي ووشتاتي حسام وعمراني نوفل .
– الأدب الصغير. نشره “طاهر الجزائري”، ثم نُشر بتحقيق “أحمد زكي باشا” سنة 1911 م، وصدر حديثًا بتحقيق “وائل حافظ خلف” سنة 2011 م.
– رسالة الصحابة.
– كليلة ودمنة ـ نقله عن الهندية (ترجمة) .
– الأدب الكبير .
– الأدب الصغير .
أسلوب السرد
يعتمد أسلوب السرد في «كليلة ودمنة» على الحكايات المُضمّنة ضمن قصص أخرى تعرف بالقصة الإطارية بشكل يشابه «ألف ليلة وليلة»، رغم أنها تظهر بشكل أوسع في الأخير. كما تُسرد قصصه بأسلوب الحكاية المَثَلية التي تَرِد على ألسنة الحيوانات. يجمع الكتاب ما بين كونه كتلة واحدة مُتشكّلة من مجموع الحكايات، وبين أخذ كل حكاية منه بشكل منفصل. رغم أن هذه الحكايات المضمنة قد تختلف عن القصة الإطارية من حيث النوع، إلا أنها تساندها من ناحية الوظيفة، كما تعمل كامتداد لها ولإضافة مكونات سردية ذات امتداد ظاهري أو خفي، حيث أن هناك خطة سردية تربط ما بين الحكاية الإطار والأخرى المُضمّنة، وهي مختلفة الأطوال وتتداخل أحياناً.
يتميز الكتاب أيضاً كون أبوابه منتظمة، حيث يبدأ الملك دبشليم بقوله للحكيم بيدبا: «عرفت هذا المثل» ويشير إلى ما ذُكر في الباب الذي قبله أو كأن يقول: «عرفت مثلاً فأضرب لي مثلاً»، فيعرض بيدبا ما يشبه العنوان المشروح لمعرفة المضمون ثم يسكت، فيقوم دبشليم بسؤاله: «وكيف كان ذلك؟»، عندها يبدأ الفيلسوف مستهلاً بقوله: «زعموا …» ثم يبدأ بالسرد.