ما معنى جيوسياسية

كتابة محمد الخالدي - تاريخ الكتابة: 21 أبريل, 2020 6:46
ما معنى جيوسياسية

ما معنى جيوسياسية وماهو التعريف الصحيح لمصطلح جيوسياسية كل ذلك من خلال هذه السطور التالية.

جيوسياسية

الجيوسياسية (أو الجيوبوليتيك) مصطلح تقليدي ينطبق في المقام الأول على تأثير الجغرافيا على السياسة، فهـو علم دراسة تأثير الأرض (برها وبحرها ومرتفعاتها وجوفها وثرواتها وموقعها) على السياسة في مقابل مسعى السياسة للاستفادة من هذه المميزات وفق منظور مستقبلي أضاف إلى الجيـوبوليتيك فرع الجيـو استراتيجيا. ولكنه تطور ليستخدم على مدى القرن الماضي ليشمل دلالات أوسع، وهو يشير تقليديًا إلى الروابط والعلاقات السببية بين السلطة السياسية والحيز الجغرافي، في شروط محددة. وغالبًا ما ينظر على أنه مجموعة من معايير الفكر الاستراتيجي والصفات المحددة على أساس الأهمية النسبية للقوة البرية والقوة البحرية في تاريخ العالم. هذا التعبير مشتق من كلمتين، جيو وهي باليونانية تعني الأرض / وكلمة السياسية أكاديميًا، ودراسة الجغرافيا السياسية ينطوي على تحليل الجغرافيا والتاريخ والعلوم الاجتماعية مع سياسة المكان وأنماط بمقاييس مختلفة (بدءً من مستوى الدولة على الصعيد الدولي).

التحديات الجيوسياسية

أصبحت منطقة الساحل والصحراء الإفريقي من أكبر المناطق في العالم التي تشهد حالة استقطاب دولي كبير، نظرًا لما باتت تشكله هذه المنطقة من تحديات وتهديدات أمنية عابرة للحدود، فقد أضحت المنطقة مصدرًا أساسيًا لكثير من المشاكل التي ترتبط بعدة متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى طبيعية، وازداد الاهتمام الدولي بمنطقة الساحل منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، من طرف العديد من القوى الدولية وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
حيث تواجه منطقة الساحل والصحراء في دوائرها الجيوسياسية المختلفة تحديات أمنية متشابكة وصعبة تتمثل في الجريمة المنظمة والتجارة غير المشروعة (الاتجار في البشر والأسلحة والبضائع) وصولاً إلى تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية وانتشار الأمراض المختلفة، علاوة على النشاط المتزايد لعصابات التهريب والجماعات الإجرامية والحركات الإرهابية، هذه الظواهر تتغذى على أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وعسكرية، تعيشها دول المنطقة، تمتد تأثيراتها إلى مختلف دول الجوار، مما يقتضي التعامل معها والاستجابة لها باستراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد عوض المقاربة الأمنية التقليدية التي تم تبنيها في مواجهة هذه التهديدات.
وانطلاقًا من كون منطقة الساحل تشكل عمقًا استراتيجيًا ومجالاً حيويًا للأمن القومي العربي فإن هذه الأزمات الأمنية المهددة للمنطقة تلقي بظلالها على المشهد الأمني بالمنطقة، مما يلزم بإعادة النظر في مبادئ ومفاهيم الرؤية الأمنية الجماعية، والعقيدة الأمنية المشتركة، والتعاون والاعتماد المتبادل أمنيًا مع جميع المتدخلين والفاعلين محليًا وإقليميًا ودوليًا.
والتعاطي معها سواء على مستوى الدبلوماسية الثنائية أو المتعددة الأطراف إقليميًا أو دوليًا حيث يمكن لدول المغرب العربي أن تلعب دورًا فاعلاً في الدفاع عن مصالح إفريقيا في مواجهة التنافس الدولي على خيراتها من أجل تعزيز وتقوية التنمية والاقتصاد، بدلاً عن التركيز على المقاربة الأمنية التي ثبت فشلها في مختلف المبادرات التي عرفتها المنطقة مما يحتم على المغرب تعزيز دوره في مختلف الآليات الإقليمية والدولية التي تستهدف المنطقة بما يخدم المصالح المشتركة التي تجمعه بشعوب ودول المنطقة.

الشرق الأوسط و البعد الجيوسياسي

تحتل منطقة الشرق الأوسط مكانة استراتيجية في النظام العالمي حتى يخيل لك أنه ليست هناك بقعة في العالم تعادل نفس أهمية هذا الإقليم، ومن هنا يبرز البعد الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط.
ولكن لجهة ضبط المفاهيم علينا أن نفرق بين مفهومين متلازمين ولكنهما مختلفان. المفهوم الأول هو الجغرافيا السياسية والثاني هو الجيوسياسية.
الأول يشير إلى الواقع الموضوعي لدولة من ناحية موقعها على الخريطة وهي في معظم الأحوال ثابتة إلا في بعض الحالات النادرة حين تحاول دولة تغير هذا الواقع إما بالدبلوماسية أو بالقوة العسكرية.
أما مفهوم الجيوسياسية فهو، بعكس الأول، ديناميكي ومتغير. فالجيوسياسية تنظر إلى الجغرافيا السياسية وانعكاساتها على أمن ورخاء الدولة في علاقاتها مع هذا الواقع أو المعطى ودلالاته.
فقد يتغير الواقع الجيوسياسي رغم ثبات الجغرافيا السياسية. فعلى سبيل المثال كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي يتنافسان على استمالة بعض الدول لتغيير الواقع الجيوسياسي لإقليم معين.
وليس هناك أبلغ مثال مما حصل في القرن الأفريقي في سبعينات القرن الماضي من تغيير للجيوسياسية رغم ثبات الجغرافيا السياسية بين الصومال وإثيوبيا.
حينها أصبحت الصومال موالية للغرب بعد عقد من تحالفها مع الاتحاد السوفيتي. وانقلبت إثيوبيا حليفة الولايات المتحدة والغرب لعقود حليفة للاتحاد السوفييتي.
وهناك عدة أمثلة من الشرق الأوسط والتي توضح كيف حصلت تغيرات في النظرة الجيوسياسية للمنطقة رغم استمرارية الجغرافيا السياسية وعدم تغيرها. ففي السبعينات، أيضاً، من القرن الماضي، حصلت تحولات جيوسياسية كبيرة بسبب معاهدة الصلح المصرية-الإسرائيلية والثورة الإيرانية.
وكان مهما بالنسبة للولايات المتحدة وبعض دول المنطقة إعادة التموضع لتلافي تداعيات هذين الحدثين الكبيرين.
وتمر المنطقة بتغييرات جيوسياسية مهمة قد تؤدي إلى تحولات عميقة في بنية النظام الإقليمي. فعلى سبيل المثال ترى إدارة الرئيس دونالد ترامب أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني انتهت صلاحيته بسبب أن آخر الحروب بين الدول العربية وإسرائيل كانت حرب أكتوبر 1973.
وعلى السياسية الأميركية أن تنظر إلى المنطقة بنظرة مختلفة عن النظرة التي اتخذتها الإدارات المتعاقبة للسعي لإيجاد حل لهذا الصراع.
ولعل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل من قبل واشنطن أحد تجليات هذا الموقف الأميركي من الصراع. والأكثر من ذلك ترى الإدارة في إسرائيل الحليف الأهم وخاصة في المواجهة مع إيران والتي تسعى الإدارة في الدخول معها في مواجهة حازمة بسبب البرنامج النووي والاتفاقية التي يرفضها ترامب بصفتها اتفاقية سيئة وتسمح لإيران لتطوير برنامجها النووي.
ومن التغييرات الجيوسياسية المهمة هو انتقال موقع الثقل في العالم العربي إلى دول الخليج العربي والتي بدت تلعب دوراً إقليمياً ودولياً مميزاً.
ويعود السبب لنجاح سياسات هذه الدول الاقتصادية والاجتماعية والتي جعلت منها دولاً تمتلك أسباب القوة والمكانة والتي أكسبها اهتمام واحترام القوى العظمى والإقليمية على حد سواء.
ومع تردي أوضاع الدول العربية في الشرق الأوسط، إما بسبب الحروب أو الثورات الداخلية، فإن دول الخليج ستكتسب أهمية أكبر على المنظور القريب والمتوسط.
ونظراً للاهتمام المتزايد بمنطقة الخليج ليس بسبب التطورات الاقتصادية الكبرى وحسب، ولكن لأسباب جيواقتصادية تتمثل في أن الخليج مصدر الطاقة لدول آسيا والتي تعتبر المحرك الأول للنمو الاقتصادي العالمي. فإذا ما تعرضت منطقة الخليج إلى هزات فإن تذبذبات هذه الهزات ستصل إلى أصقاع بعيدة من المعمورة.
وإضافة إلى ذلك فإن هناك سبباً جيوسياسياً للاهتمام المتزايد بمنطقة الخليج والمتمثل بالتنافس العالمي بين القطبين الأميركي والصيني. فالنفوذ الأميركي في منطقة الخليج يعني أن الولايات المتحدة ستستطيع التأثير على أهم مصادر الطاقة بالنسبة للصين.
وفي هذه الخريطة الجيوسياسية تبرز أهمية الدور الإيراني في المنطقة. فكثير من الدول العربية، وخاصة الخليجية، تعاني من تمدد النفوذ الإيراني، بل والتدخل المباشر الإيراني في شؤون المنطقة.
وقد تبجح أحد القادة العسكريين بالقول بأن إيران باتت تحكم أربعة عواصم عربية. وكما أسلفنا فإن منطقة الخليج لها أبعاد بعيدة تتعلق بالنظام العالمي واقتصاديات هذا النظام.
وترى الإدارة الأميركية الحالية أن إيران هي مصدر عدم الاستقرار في المنطقة. وتعلن ذلك في استراتيجيتها للأمن القومي والذي يشير إلى أن إيران «عاقدة العزم على زعزعة استقرار المناطق، وتهديد الأميركيين وحلفائنا، واضطهاد شعوبهم بوحشية».
والآن ومع زيادة وصول طاقم السياسة الخارجية من الصقور، كما أن الدلائل تشير إلى عزم الرئيس الأميركي ترامب الانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران، فإن المشهد الجيوسياسي ينذر بعواقب غير محمودة.
ويقول رئيس الوزراء الإسرائيلي إن بلاده استطاعت أن تحصل على ملفات مخبأة في إيران توضح بجلاء خداع إيران في مسألة البرنامج النووي، وأن طهران لم تلتزم بالاتفاقية النووية.
الأهم في هذا الموضوع كيف سيتشكل المشهد الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط في ضوء هذه الأحداث التي تشي بتغيرات في المنطقة، وكيف ستحسم الدول العربية، والخليجية بالذات، أمرها في هذا المخاض العسير والذي سيكون له أثر بالغ على مستقبل المنطقة على المدى البعيد.

التطورات الجيوسياسية وصراع العملات

أكد خبراء اقتصاديون، أن الاقتصاد العالمي يتعرض لمخاطر عديدة خلال الفترة الحالية والسنوات القليلة المقبلة، نتيجة لرباعية متزامنة ومتواصلة تشمل السياسة الأميركية والتطورات الجيوسياسية والانتخابات الرئاسية الفرنسية والانتخابات التشريعية الألمانية، وتنفيذ الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي «البريكست».
ويأمل هؤلاء، في التحرك الصيني واستخدام الأوراق المتوفرة لديها في وقف تلك التداعيات الخطرة وفي مقدمتها التهديدات الأميركية لكوريا الشمالية أو التقليل من آثارها وقالوا “تشهد الفترة القليلة المقبلة، ملامح التعامل مع تداعيات سياسة ترامب الاقتصادية حول العالم، وخاصة فيما يتعلق بالحمائية الدولية ومخاطر تعرض الاقتصاد الصيني والألماني والياباني إلى خسائر كبيرة نتيجة السياسة الاقتصادية الأميركية الجديدة مع مخاوف حدوث ضربة أميركية لكوريا الشمالية ستنعكس سلباً على كوريا الجنوبية واليابان والصين”.
وللمرة الأولى منذ عام 1981، تثير الانتخابات الرئاسية الفرنسية قلقاً كبيراً في الأسواق ويخشى المستثمرون من نجاح مارين لوبن، زعيمة حزب الجبهة الوطنية، بالفوز بالرئاسة الفرنسية المقررة غداً ما يعزز تصاعد الشعبوية في أوروبا كلها وينعكس بالضرر البالغ على الاقتصاد والحياة بشكل كامل وقلل الخبراء من مخاوف تصاعد التيار المتطرف في ألمانيا على الأقل خلال الانتخابات الحالية إلا أنهم لم يستبعدوا أي مفاجآت قد تحدث نتيجة لتصاعد الأعمال الإرهابية وتنامي التيار الشعبوي.

اللهجة المتشددة

في البداية يقول وضاح الطه، عضو المجلس الاستشاري الوطني في “معهد تشارترد للأوراق المالية والاستثمار”: أدت اللهجة المتشددة التي استخدمها الرئيس الأميركي ترامب منذ قدومه للسلطة إلى رفع مستوى المخاطر الجيوسياسية، ما أدى لزيادة حالة التردد والترقب والحذر من جانب المستثمرين وهو ما ينعكس بدوره على حركة الاقتصاد سواء من إطلاق المشاريع أو توفير فرص العمل وتحقيق الموارد نتيجة للضرائب وزيادة معدلات البطالة وانعكاس كل ذلك على مختلف نواحي الحياة.



786 Views