ما هو مفهوم الالتزام في الادب

كتابة سالي - تاريخ الكتابة: 13 نوفمبر, 2024 11:52
ما هو مفهوم الالتزام في الادب

ما هو مفهوم الالتزام في الادب كما سنتعرف على خصائص الالتزام في الأدب وأسباب ظهور الالتزام في الأدب ومظاهر الالتزام في الأدب وما المقصود بالأدب الملتزم؟ كل ذلك في هذه السطور التالية.

ما هو مفهوم الالتزام في الادب

ما هو مفهوم الالتزام في الادب
ما هو مفهوم الالتزام في الادب

مفهوم الالتزام في الأدب يعني ارتباط الكاتب أو الأديب بمسؤولية اجتماعية أو أخلاقية تجاه قضايا المجتمع أو الإنسانية بشكل عام. يتجاوز الأدب في هذا السياق مجرد الترفيه أو الإبداع الشخصي ليصبح وسيلة للتعبير عن قضايا واقعية والتأثير في القرّاء من خلال الدفاع عن العدالة، الحرية، الحقوق، أو القيم الإنسانية.

نشأ هذا المفهوم بشكل بارز في الأدب العربي الحديث والأدب الغربي أيضاً، خصوصاً بعد الحربين العالميتين. تأثر الأدباء بقضايا كبيرة مثل الاستعمار، والفقر، والاستبداد، والحرمان، وأصبحت أعمالهم تحمل دعوة للتغيير أو الوعي أو التحذير. ومن أمثلة الأدب الملتزم في العالم العربي قصائد أحمد شوقي، الذي كان يناقش قضايا وطنية وإنسانية مثل الحرية وحب الوطن.

ما الفرق بين الالزام والالتزام في الأدب؟

ما الفرق بين الالزام والالتزام في الأدب؟
ما الفرق بين الالزام والالتزام في الأدب؟

الفرق بين الإلزام والالتزام في الأدب يكمن في أن:

  • الإلزام: هو فرضٌ يأتي من الخارج، أي يكون مفروضًا على الأديب أو الكاتب من جهة معينة، مثل المجتمع أو السلطة أو جهة رقابية. الإلزام يجعل الأديب يلتزم بتوجهات أو قيم معينة تحت ضغط خارجي. على سبيل المثال، قد يُطلب من الأديب في بعض الأنظمة السياسية أن يكتب بأسلوب يمجّد النظام الحاكم أو يروج لأفكار معينة، وهنا يأتي الإلزام كنوع من التقييد القسري.
  • الالتزام: على النقيض، هو اختيار شخصي واعٍ يقوم به الأديب من منطلق داخلي وإيمان بقضية أو فكرة أو مجموعة من القيم. الالتزام ينبع من رغبة الأديب في الدفاع عن قضايا إنسانية، أو اجتماعية، أو أخلاقية يراها مهمة. الأديب هنا ليس مكرهاً، بل يكتب بحرية تامة، واضعًا فنه في خدمة أفكاره ورسالته التي يؤمن بها.

إذن، الإلزام هو نوع من الإجبار من الخارج، بينما الالتزام هو التزام ذاتي نابع من داخل الأديب واختياره.

أسباب ظهور الالتزام في الأدب

أسباب ظهور الالتزام في الأدب
أسباب ظهور الالتزام في الأدب

ظهور الالتزام في الأدب يعود إلى عدة أسباب تاريخية وثقافية واجتماعية أثرت على دور الأديب وجعلت الأدب وسيلة تعبير عن قضايا هامة. من بين هذه الأسباب:

التحولات السياسية والاجتماعية: شهد العالم، خاصة في القرنين التاسع عشر والعشرين، تغييرات جذرية مثل الاستعمار، وحركات الاستقلال، والحروب العالمية، والثورات الاجتماعية. هذه التحولات أثارت وعي الأدباء تجاه قضايا مثل الاستقلال والحرية والعدالة، مما دفعهم للالتزام بالدفاع عن حقوق شعوبهم والمساهمة في التغيير.

الوعي الفكري والفلسفي: تطور الفكر الفلسفي والاجتماعي وأثر في الأدباء ليصبحوا أكثر وعيًا بأهمية دورهم كصناع للتغيير. الفلسفات التي نشأت في الغرب، مثل الفلسفة الوجودية والماركسية، شجعت الأدباء على مواجهة الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والالتزام بنقل الحقيقة والدفاع عن المظلومين.

الظروف الاقتصادية: عاش كثير من الأدباء تجارب اقتصادية صعبة، سواء بسبب الفقر أو التفاوت الطبقي أو البطالة، مما جعلهم يشعرون بمسؤولية نقل هذه المعاناة في أدبهم. فصار الأدب وسيلة للتعبير عن صوت الطبقات المهمّشة والمحرومة.

دور الأدب كقوة ناعمة: أدرك الأدباء قوة الأدب في التأثير على العقول والقلوب بشكل لطيف وعميق، فصاروا يلتزمون باستخدام هذه القوة لخدمة المجتمع ورفع الوعي ونقل رسائل إيجابية وإنسانية.

التفاعل مع القضايا الإنسانية العالمية: بعض الأدباء تأثروا بقضايا إنسانية كبرى مثل السلام، والمساواة، وحقوق الإنسان. هذه القضايا ذات الطابع العالمي جعلتهم يتبنون خطابًا أدبيًا ملتزمًا يتجاوز الحدود الثقافية والجغرافية.

تأثير وسائل الإعلام والانتشار الثقافي: مع تطور وسائل الإعلام وظهور الصحافة والإذاعة، زادت قدرة الأدباء على نشر أفكارهم والتواصل مع جماهير أكبر. هذا التطور دعم فكرة الالتزام حيث أصبح للأدب دور أكبر في توجيه الرأي العام والتأثير في وعي الجماهير.

باختصار، ظهر الالتزام في الأدب نتيجة لتفاعل الأدباء مع ظروف واقعية وثقافية ألهمتهم لتوظيف أقلامهم في سبيل قضايا إنسانية واجتماعية كبرى، محولين الأدب إلى وسيلة للتغيير والتأثير.

رواد الالتزام في الأدب

رواد الالتزام في الأدب
رواد الالتزام في الأدب

رواد الالتزام في الأدب هم كتّاب وأدباء اعتنقوا فكرة استخدام الأدب كوسيلة لتحقيق تغيير اجتماعي أو سياسي، أو للتعبير عن قضايا إنسانية ومجتمعية هامة. هؤلاء الأدباء غالبًا ما ارتبطت أعمالهم بتوجهات فكرية أو سياسية معينة، وحرصوا على أن تكون أعمالهم ملتزمة بقضايا المجتمع والأمة. من أبرز هؤلاء الرواد في الأدب العربي:

  1.  طه حسين
    الوصف: يعتبر من أبرز الأدباء الذين تبنوا فكرة الالتزام الفكري في الأدب العربي. طه حسين كان ملتزمًا بقضية تحديث المجتمع العربي وتعليم النساء. في روايته “الأيام”، قدّم سردًا معبرًا عن حياته الشخصية، ولكن في نفس الوقت، ركّز على قضايا التعليم والإصلاح الاجتماعي.
  2.  نجيب محفوظ
    الوصف: هو أول عربي يفوز بجائزة نوبل في الأدب (1988)، وكان من الأدباء الملتزمين بتوثيق هموم الشعب المصري. من خلال أعماله مثل “الثلاثية” و”أولاد حارتنا”، عبّر نجيب محفوظ عن معاناة الإنسان المصري في مواجهة السلطة السياسية والظروف الاجتماعية الصعبة.
  3.  أحمد شوقي
    الوصف: كان من شعراء الأدب الملتزم في العهد الحديث. استخدم شوقي شعره في الدفاع عن القضايا الوطنية، مثل الاستقلال والتحرر من الاستعمار البريطاني. كما عبّر عن هموم الأمة العربية في مختلف المجالات.
  4.  محمود درويش
    الوصف: يعتبر درويش من أبرز شعراء الالتزام في الأدب العربي المعاصر، وارتبطت أعماله بالقضية الفلسطينية. عبر عن معاناة الشعب الفلسطيني، وتسلح بالكلمة كوسيلة لنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي. من أشهر أعماله “جدارية” و”لا تعتذر عما فعلت”.
  5.  يوسف إدريس
    الوصف: كان يوسف إدريس من الكتاب الملتزمين بقضايا الطبقات الفقيرة والشعب المصري. في مجموعاته القصصية مثل “أرخص ليالي” و”أهل الهوى”، تناول القضايا الاجتماعية، مثل الظلم والاستبداد، ونقل هموم الفقراء والمحرومين.
  6.  غادة السمان
    الوصف: رغم أنها اشتهرت برواياتها التي تناولت الحب والعلاقات الإنسانية، إلا أن غادة السمان كانت ملتزمة أيضًا بقضايا اجتماعية وأيديولوجية. في بعض أعمالها مثل “الغير المعلنة”، دافعت عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.
  7.  جبران خليل جبران
    الوصف: هو من الأدباء الذين قدموا الأدب الملتزم بقضايا إنسانية وفكرية، ليس فقط على مستوى الأمة العربية ولكن أيضًا على مستوى العالم. في كتاباته مثل “النبي”، دعا إلى الحرية والتسامح والوحدة الإنسانية، وكان يعتقد أن الأدب يمكن أن يغير حياة الأفراد والمجتمعات.
  8.  إميل حبيبي
    الوصف: هو أديب فلسطيني من رواد الأدب الملتزم بقضية فلسطين. تناول في رواياته مثل “المتشائل” و”بيت الجيران” قضايا الاحتلال والمعاناة الفلسطينية، وظهر التزامه العميق بقضايا الشعب الفلسطيني.
  9.  عبد الرحمن منيف
    الوصف: هو من أبرز الكتاب الملتزمين في الأدب العربي المعاصر، واهتم بالقضايا السياسية والاجتماعية في العالم العربي. من أشهر أعماله “مدن الملح”، التي قدم فيها صورة مؤلمة عن واقع الدول النفطية وطغيان السلطة والفساد.
  10.  الطيب صالح
    الوصف: وهو كاتب سوداني يعتبر من الأسماء البارزة في الأدب العربي. في روايته الشهيرة “موسم الهجرة إلى الشمال”، عرض قضايا اجتماعية وثقافية وسياسية تتعلق بالعلاقة بين الشرق والغرب، وناقش قضايا الهوية والعلاقات الإنسانية في سياق التغيرات الاجتماعية والسياسية في العالم العربي.
    هذه الشخصيات كانت رائدة في الأدب الملتزم، حيث استخدموا الكتابة ليس فقط للتعبير عن الذات أو الفن، ولكن لخدمة قضايا المجتمع، وتوجيه النقد الاجتماعي والسياسي، والدعوة إلى الإصلاح والتغيير.


3 Views