نشأة وتطور الجغرافيا السياسية

كتابة هناء التويجري - تاريخ الكتابة: 25 أبريل, 2020 1:54
نشأة وتطور الجغرافيا السياسية

نشأة وتطور الجغرافيا السياسية  بدأت منذ فترة طويلة إلى  وقتنا هذا ولا زالت تتطور أكثر، في هذا المقال سوف نبين بداية نشأة وتطور الجغرافيا السياسية.

مفهوم علم الجغرافيا

يعنى علم الجغرافيا بدراسة وتحليل الظواهر الطبيعية والبشرية المختلفة، فهو يتناول كافة العناصر المادية للطبيعة كالمناخ والأرض، ويبحث في تأثير التفاعلات الجارية بين هذه العناصر بعضها ببعض، أو ذلك الناتج عن الأنشطة البشرية، كما يتطرق إلى القضايا الخاصة بالنوع البشري فيدرس المواقع التي تسكنها المجتمعات الإنسانية والتغيرات الحاصلة فيها مكانياً وزمانياً .

الجغرافيا السياسية

يُشير مفهوم الجغرافيا السياسية إلى تلك العلاقة التبادلية الناشئة ما بين علم الجغرافيا والسياسة واقترانهما معًا اقترانًا وثيقًا، أي أنه علم يهتم بإيجاد علاقة وثيقة بين نشأة موقع جغرافي ما مع عوامل سياسية مؤثرة بنشأته ومساحته وكل ما يتعلق به من عوامل جغرافية، ومن أقوى الأمثلة حفر قناة السويس وتأميمها بقرارٍ سياسي بحت، وقد نجم عن هذا القرار السياسي إحداث تغيير ملموس في بقعة جغرافية، كما أن اعتبار أثينا كإمبراطورية بحرية من العوامل الجغرافية التي ساهمت في تحويل مكانٍ ما لسياسيٍ بحت؛ كما تكثر الأمثلة على ذلك حول العالم.

إنّ مفهوم الجغرافيا السياسيّة يشير إلى دراسة الظواهر الموجودة فوق سطح الأرض من وحدات وأقاليم سياسيّة وما تمتلكه من مقومات لاستمرار وجودها، وما يؤثّر على تطوّرها من حيث الخصائص جغرافيّة وسياسيّة في آن واحد. بالإضافة إلى ما تقدّم، فقد قدم بعض روّاد الجغرافيا تعريفات مختلفة للجغرافيا السياسيّة؛ فلا يقتصرّ التعريف على مدى تأثير الجغرافيا على السياسة فقط، بل يتعدى ذلك ليُبرز الأثر المترتب لكلّ منهما على الآخر وليس من جانب واحد فقط؛ فهناك قرارات سياسيّة كثيرة تمكنت من إحداث تغييرات جغرافية في الطبيعة الجغرافيّة لعدد كبير من المناطق، كما هو الحال في إقامة قناة السويس وشقّها الذي جاء بناءً على قرار سياسيّ بحت.

نشأة وتطور الجغرافيا السياسية

لا يُعد علم الجغرافيا السياسية علمًا حديث النشأة، وإنما يرجع تاريخ ظهوره إلى الفترة الزمنية الممتدة ما بين 383-322 قبل الميلاد، وذلك في عهد أرسطو الذي وجه الأنظار بحديثه إلى مدى تمتع الدولة بقوتها بناءً على ما تمتلكه من ثروات طبيعية وعدد سكان وتحقيق التوازن بينهما، كما قدم أرسطو معلوماتٍ هامةً حول الوظائف الموكولة إلى الدول وما يقترن بها من خلافاتٍ على الحدود السياسية. كما اهتم ابن خلدون أيضًا في الفترة ما بين 1342-1405 ميلادية بإيجاد علاقة وثيقة بين الخصائص الجغرافية لدولة ما وما تقوم به من ممارسات سياسية، وقد أكد بدوره على أن الأرض والموارد الطبيعية والسكان من أكثر العوامل المؤثرة بالدولة وسياستها، وقد تزايد الاهتمام بالجغرافيا السياسية وأفكارها في مطلع القرن الثامن العشر في فرنسا تحديدًا، ومن هناك بدأت رقعة الاهتمام بالتوسع شيئًا فشيئًا.

مجالات علم الجغرافيا السياسيّة

يهتم علم الجغرافيا السياسيّة بمعالجة الوجه السياسيّ والجغرافيّ للعالم أجمع؛ إذ يعتبر هذا المجال هو الجزء الأكثر تعقيداً في العالم نظراً للتجزئة الواضحة المعالم فوق سطح الأرض وتقسيمها إلى عدد من الوحدات السياسيّة، ويكمن التفاوت فيما بينها من حيث الحجم المساحي والسكاني، وتتفرّع عنها عدة فروع من العلوم ومن أهمها الجيوبولتيكس، إلّا أنّ هناك فرق في مباحث كل منهما. أضف إلى ذلك، تُعنى الجغرافيا السياسيّة بضرورة مواكبة أحدث مظاهر التحّول التي تطرأ داخل الوحدات السياسيّة سواء كان ذلك من حيث السكان أو الموارد أو العلاقات الدبلوماسيّة بين الدول، وبناءً على ما تقدّم فإنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمختلف أنواع العلوم الأخرى سواء كانت طبيعية أو حضارية أو اقتصادية، كما تسعى الجيوسياسيّة إلى تقديم مختلف الخصائص المخفية وتوضيحها أمام السياسات، ووضع وصف دقيق للخارطة السياسيّة العالمية على شكل خطاب ثقافي سياسيّ ذات علاقة بالجغرافيا. تُعّد الجغرافيا السياسيّة واحدة من العلوم الأكاديمية الحديثة النشأة، ويعود الفضل إلى الألمان في ايجادها عام 1897م، حيث قدّمها الجغرافيّ الألماني فريدريك راتزل مفصلة في كتاب له تحت اسم الجغرافيا السياسيّة، ويشمل الكتاب على مختلف المفاهيم ذات العلاقة بالأمر، كجغرافيا المستعمرات، وجغرافيا الانتخابات، الأمة والقومية.

أهمية الجغرافيا السياسية

تتمثل أهمية علم الجغرافيا السياسية بما يأتي: علم متفرع عن فروع علم الجغرافيا البشرية. تسليط الضوء على الوحدات السياسية وكل ما يتعلق بمسألة تطورها ووجودها وما تعتمد عليه من مقومات. الأخذ بعين الاعتبار العناصر الجغرافية خلال تفسير الخصائص والسمات للوحدات السياسية، سواءً كان ذلك من حيث الاستقرار أو القوة أو حتى التفكك. وضع النظم السياسية تحت مجهر الدراسة، والبحث في العلاقة التفاعلية بين السياسة والجغرافيا في مكانٍ ما. معالجة كافة الأنماط السياسية السائدة حول العالم، ويعد ذلك أمرًا معقدًا نظرًا لاعتبار المساحة شاسعةً ومتفاوتةً إلى عدةِ وحدات سياسية. ملاحقة آخر مظاهر التحول الجغرافي في وحدة سياسية ما. التحليل الدقيق للقوى الجغرافية السائدة في وحدة سياسية سواءً كان ذلك اقتصاديًا أو حضاريًا أو طبيعيًا.

علاقة الجغرافيا السياسية بالعلوم الأخرى

يقترن علم الجغرافيا السياسية بعلاقة وثيقة مع عددٍ من العلوم الأخرى، ومن أهمها العلوم السياسية والتاريخ ويُشار إلى أن علم السياسة جزء لا يتجزأ من علم الجغرافيا السياسية، إذ يقترن بعلاقةٍ وثيقة بكل من المذاهب السياسية والعلاقات الدولية وما يقوم في الدولة من جماعات وأحزاب ومؤسسات وحكومات وأقاليم، كما يسلط الضوء بدوره على الدساتير والقوانين والقرارات السياسية السائدة، وذلك لا يمكن القيام به دون الاهتمام بالبيئة الجغرافية لكل بند من البنود، أما فيما يتعلق بعلاقة التاريخ بالجغرافيا السياسية؛ فإن التاريخ يعد تقسيم ذاته على ثلاثة عناصر أساسية وهي الزمان والمكان والإنسان ذاته، ويشترك بهذه الأبعاد مع الجغرافيا السياسية بعنصري الإنسان والمكان، إذ تجري الأحداث التاريخية للعنصر الإنساني في موقع أو مكان ما يسجلها التاريخ وتقترن بأحداث سياسية بحتة غالبًا.



1125 Views