أخلاق المسلم وماهو مفهوم الاخلاق وكل مايخص اخلاق المسلم في هذا المقال وفي هذه السطور التالية
محتويات المقال
أخلاق المسلم
اخلاق المسلم و لماذا يجب ان يكون المسلم خلوقا ويحتلى الأخلاق الحميدة وكيف ان الاسلام يحض على حسن الخلق
ان أبرزَ مَصادِر الأخلاقِ والفَضائِل هوَ دِينٌ ثابِتٌ وبِثَباتِهِ تَثبُتُ كُلُّ القِيَمِ النّّابِعَةِ له، وتَتَّسِمُ الأخلاقُ الإسلاميّة بِسِماتٍ فريدةٍ تتمثَّلُ بالخُلودِ، والصِّدقِ والتَّوافُقِ العَقليّ والفِطْريِّ؛ نظراً لِتفرُّدِ مَصدَرِها بالوَحيِ وَتَشريفِها بآياتِ القُرآنِ والسُّنَّةِ النَّبويَّةِ، وأخلاقُ المُسلِمِ مَبنيَّةٌ بِبناءٍ قَويمٍ يَتَناسَبُ مَع ظُروفِ الزَّمانِ والمَكانِ، ويَتلاءَمُ مَع تَكوينِ الفَرْدِ والمُجتَمعِ، ويَسْتوعِبُ حياةَ الإنسانِ من جَميعِ جوانِبِها.
ونِظامُ الأخلاقِ في الإسلامِ مُرتبِطٌ بِجَوانبِ الإيمانِ والعبِادةِ والمُعاملات؛ إذْ تَربِطُ الأدلّةُ الشَّرعيَّةُ من القرآنِ والسُّنَّةِ بينَ الإيمانِ وحُسْنِ الخُلُقِ، فَفي الحديثِ الشَّريفِ: (أَكمَلُ المؤمنينَ إيماناً أَحسَنُهم أَخلاقاً)
وتَظهرُ المُفاضلةُ بينَ المؤمنين استناداً لمعيارِ حُسْنِ الخُلُق. وفي قَولِ الرّسول عليهِ الصّلاة والسّلام: (إِنَّما بُعِثتُ لِأُتَمِّمَ مَكارِمَ الأَخْلاق) يَبرُزُ الهدفُ الأَسمى والمُشترَك لجميعِ الدِّيانات السماويَّة وجَوهَرُها الذي يتمثَّلُ في تَعزيزِ الأخلاقِ وتَهذيبِها.
مفهوم الأخلاق
الأخلاق من أهمِّ اللّغات التي تُمكّنُ الإنسانَ من إتقانِ التَّواصلِ وتبادلِ النّشاطاتِ الحياتيّة القائمةِ على التّعايُش البشريّ ومبادلةِ المُعاملاتِ اللفظيّةِ والسُّلوكيّة، وتُعرفُ الأخلاقُ بأنَّها المبادئُ والقواعدُ المُنظِّمةُ للسُّلوكِ الإنسانيّ، وهيَ من أنظِمةِ العملِ الخيريَّةِ المُؤطِّرةِ للتّعامُلاتِ البينيّةِ المُجتمعيّةِ.
تعريف الأخلاق في اللغة
الأخلاقُ جَمع خُلُق: وهو الطبع والسَّجية والدِّين، ويعني أيضاً: حالٌ للنَّفْس رَاسِخَةٌ تَصدُرُ عنها أفْعالُ الخَير أو الشرٍّ مِن غير حاجةٍ إلى تفكر أو تمهل وروية إنّما تصدر بناءً على الطبع والعادة، وهي مجموعةٌ من الصِّفاتِ البشريَّةِ والسُّلوكياتِ التي تتصف بالحُسنِ أو القُبْح.
الأخلاقُ اصطلاحاً
للأخلاق تعريفاتٌ عديدة تنوّعت بتنوّع العلوم والثقافات التي عرَّفتها، ومن تلك التعريفات والمُصطلحات التي وَصفت الأخلاق ووضّحتها:
الأخلاق عند الفلاسفة:
عرَّف أَرسطو وأفلاطون الأخلاقَ بأنّها قُدرةُ الفردِ على التّمييز بينَ الخيرِ والشَّر، وهي عندهما أيضاً الفَضيلة التي يَتغلَّبُ فيها الجانِبُ الإلهيُّ – الديني – من الأفراد على الجانِبِ الذي يكون مَرجعه ومردُّه إلى الشهوة والمحبّبات، ويَرى الفلاسفة الشرقيون أنَّ الأخْلاقَ هيَ القدرة على ضَبط الشَّهَواتِ بالعَقلِ ومُمارسَة الفَضائِل والمكارم من الصفات.
الأخلاق مِن المَنظور الإسلاميِّ:
تُعرَفُ الأخلاقُ من وجهة النظر الإسلامية بأَنَّها مَجموعَةٌ من المَبادئ والقَواعد التي يُحدِّدُها الوحيُ الإلهي أو النبوي لِتنظيمِ حياةِ النّاسِ وسلوكيّاتهم على نحوٍ يُحقِّقُ الغايَةَ من وُجودِهم، وتَمييزهم عن باقي البشر، ويجعل حياتهم تتّجه وفق قواعد وأحكام الدين وأهدافه،\
وقد عرّفها الجَرجانيّ
بأنَّها: الطِّباعُ والسُّلوكاتُ التي تَصدُر بعفوية عن الإنسانِ مِن غيرِ أن يرجع حين التصرّف بها للعَقلِ والتّفكُّروالمُراقَبةِ، وتَعتَمدُ بالذات على ما يَرسخُ في النَّفْسِ مِن حُسْنٍ وقُبْحٍ، ويَنْعَكِسُ عَنها مِن غَيْر فِكرٍ وتدبُّرٍ ورَويَّة.
كيفَ تُكْتَسَبُ الأخلاقُ الحَسَنة
سُئِلَ عبدالله بن عباس رَضِيَ الله عنهُ عن حُسنِ الخُلقِ كَيفَ يَكون فأجاب: (حُسنُ الخُلُقِ أمْرٌ هَيِّنٌ وَجهٌ بَشوشٌ وكلامٌ لَيِّن).
مَكارِمُ الأخلاقِ مخزونةٌ عندَ الله يمنَحها لِعبادِه بالفِطرةِ ثمَّ بالتعلُّم، وهي رزقٌ يُسخِّرهُ الله لمن يُحِب من عبادهِ جزاءً لتقرُّبهم ووَصلهم بالطّاعات، وتُكتَسَبُ الأخلاقُ بالتَّفكُر والتَّعقٌّلِ وصُحبَةِ الأخيارِ ابتداءً حتى تُصبحَ سُلوكاتٍ تُمارَسُ دونَ شُعورٍ وقََصد، ومَكارِمُ الأخلاقِ في الإسلامِ كثيرةٌ، منها الصَّبرُ، والكَرَمُ، والإيثارُ، والرِّفقُ، والعَدلُ، والحَياءُ، والشُّكرُ، وحِفظُ اللِّسانِ، والعِفَّة، والوَفاء، والصِّدق. ونَقيضُها صفاتٌ خُلُقيَّةٌ مَذمومةٌ نَهى عنها الرَّسولُ عليه الصّلاة والسّلام، كالغَضَبِ، والغِيبةِ، والنَّميمَةِ، والكَذِبِ، والكلامُ الفاحِشُ وغيرها من الصِّفاتِ التي لا تَقبَلُها الفِطرةُ السَّليمةُ.
أخلاق المسلم
أرشد الإسلام إلى مجموعةٍ مِن الأخلاق التي يَنبغي على المُسلم أن يتحلّى ويتَّصف بها، وقد كانت بعض هذه الأخلاق مُنتشرةً قبل الإسلام فجاءَ الإسلام وأعطاها الصبغة الإسلامية وميّزها بأن جعل لصاحِبها فضلاً أكبر ممّن استغنى عنها، وحثَّ المسلمين جميعاً على التخلُّق بها، ومنها ما نبَّه إليه الإسلام بشكلٍ خاص وأعطى من يتصف به مكانةً خاصّةً ودرجةً رفيعةً، ومِن أبرز الأخلاق التي دعا لها الإسلام والتي يجب على المسلمين جميعاً التحلي بها:
1- الأمانة
الأمانة تَعني حِفظُ الحقوقِ وأداؤها لأصحابها إذا طلبوها، والأمانة من الأخلاق التي كان يتَّصف بها النبي – صلى الله عليه وسلم – في الجاهلية؛ بل إنّه كان أكثر قومه أمانةً حتى إنّهم كانوا يضعون أموالهم ونتاج تجارتهم عنده ليحفظها لهم، وقد أَثنى الله تَعالى على الذين يتصفون بالأمانة وذَكَرهم في كِتابِه العزيز في عدة مواضع، وجَعَل الأمانة علامةً تدلّ على اكتِمال الإيمانِ وصدقه، كما جاء بيان فضل ومكانة الأمانة في كلام المصطفى -عليه الصلاة والسلام- في العديد من المواضع، منها قول النبي – صلى الله عليه وسلم – في الصحيح: (آيةُ المنافقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذبَ، وإذا وعَدَ أخلفَ، وإذا اؤتُمِنَ خان)،
فنَقيضُ الأمانة الخيانةُ التي هي إحدى علاماتِ النِّفاق كما يشير الحديث سالف الذكر.
2- الحِلم
الحلم هو الترَفّع عن مُبادلة النّاسِ الإساءةَ بالإساءَة والتحلّي بالصَّبرِ على ما يَصدر منهم من الإساءة القوليّة والفعليّة، والحلم صفةٌ ربانيّة؛ حيث إنّ من أسماء الله سبحانه وتعالى (الحليم) فعلى كل مسلمٍ أن يتحلى بالعلم في معاملاته الحياتيّة حتّى يكون مُسلماً بحق.
3- العِفَّة
هيَ الكفُّ عن المُحرَّماتِ واجتناب الوقوع بها والبعد عن مسالكها والطرق المؤدية لها، وترويضُ النَّفسِ عن طلبِها، والعفَّةُ خُلُقٌ من أخلاقِ الأنبياء، وعلامةٌ تدلّ على الإيمان والصلاح.
4- الحياء
الحياء خلقٌ يبعث على فعل كلّ أمرٍ حسن وترك كل شاذٍ أو قبيح، وهو من صفات المتّقين التي يحبّها الله؛ فقد قال النبي – عليه الصلاة والسلام -: (الإيمانُ بِضعٌ وستونَ شُعبةً، والحَياءُ شُعبةٌ منَ الإيمانِ)،
فالحياء دليل على الخير ولا يأتي إلا بخير، وهو صفةٌ من صِفات الله – عز وجل – لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللَّهَ حييٌّ ستِّيرٌ يحبُّ الحياءَ والتَّستُّرَ، فإذا اغتسلَ أحدُكُم فليستَتِر)
وهو خُلق النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد رَوى أبو سعيدٍ الخدري – رضي الله عنه – قال: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشدَّ حَياءً منَ العَذراءِ في خِدرِها، فإذا رأى شيئًا يَكرَهُه عرَفناه في وجهِه)
صفات الأخلاق الإسلامية
يُعدّ الدِّينُ الإسلاميّ من أهمّ وأشمل المَصادِر التي تُستمدّ منها الأخلاقِ والمكارم والفَضائِل الحميدة؛ حيث إنّه دِينٌ ثابِتٌ وله مصادر واضحة دقيقة، وهي راسخةٌ عند أهلها متّصلةٌ بالعقيدة، وبِثَباتِ تلك الشريعة تَثبُتُ كُلُّ القِيَمِ المأخوذة والمستمدة منه للأخلاق والفضائل.
كما تَتَّسِمُ الأخلاقُ التي دعا لها الإسلام وحثّ عليها بِسِماتٍ كثيرة فريدةٍ منها:
1- الخُلودِ والاستمرارية:
و هي ثابتة و راسخة بثبوت النصوص المستمدة منها.
2- الصِّدقِ والدقة:
إن الأخلاق الإسلاميّة مَصدرها الوحي السماوي، والمتمثّل بالقرآن الذي لا يَشكّ اثنان في صحته ولا يَعتريه التزييف أو التحريف كما قال تعالى في كتابه العزيز: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)،
3- الشُّمول والتَّكامُل:
جاءت الشريعة الإسلاميّة بجميعِ القيم القديمة لترسّخها، ثم أتت بالقيم والأخلاق والفضائل التي لم تكن في السابق فألزمت المسلمين بها، قال المصطفى – عليه الصلاة والسلام – في ذلك: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ).
4- التَّوافُقِ العَقليّ والفِطْريِّ:
جميع ما جاءت به الشريعة الإسلامية يتّفق مع العقل والفطرة السليمة، ويرجع ذلك لتفرُّد مصادرِها بالوَحيِ المتمثل بآياتِ الله وسنّة نبيه، وهي أيضاً مَبنيَّةٌ بِبناءٍ قَويمٍ يَتَناسَبُ مَع جميع الأزمنة والأمكنة، وتتلاءم بمجموعِها مَع تَكوينِ الفَرْدِ والمُجتَمعِ، وتستوعب وتشمل جَميع جوانب حياة الإنسانِ.