أسباب الأزمة الاقتصادية العالمية والحل الإسلامي و التدابير التي ينبغي على دول العالم اتخاذها لمواجهة الأزمة كل ذلك في هذه السطور التالية.
لم تكن الأزمةُ الاقتصادية العالمية مفاجأة لذوي الاختصاص والمراقبين الذين حذروا من الوقوع في هذه الأزمة منذ سنين.
هذه المرة عصفت الأزمة بالنظام الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية؛ أقوى الاقتصاديات في العالم، إذ يمثل اقتصادُها أكثر من 30 % من اقتصاد العالم.
أسباب عدة ذُكِرت لهذه الأزمة؛ من أسعار الفائدة، إلى مسألة الرهن العقاري، مرورًا بالاقتراض الفاحش لمؤسسات وهمية، وانتهاء بمصيبة جعلت الأزمة أكثر ضراوة، وتوجيهًا نحو الانهيار، ألا وهي مسألة فقدان الثقة!!
إزاءَ هذه الأزمة ارتفعت أصواتٌ عالمية تنادي بالحلول للخروج من هذا المأزق الذي عصف بالعالم بأسره.
المفاجأة بالنسبة لنا كانت من أوربا عندما دعت صحيفة غربية إلى تغيير النظام التقليدي العالمي والاستنجاد بالنظام الاقتصادي الإسلامي.
ففي افتتاحية مجلة (تشالينجز)، كتب بوفيس فانسون رئيس تحريرها موضوعًا بعنوان (البابا أو القرآن؟) أثار موجة عارمة من الجدل وردود الأفعال في الأوساط الاقتصادية. وتساءل الكاتب فيه عن أخلاقية الرأسمالية؟
وتابع يقول: (أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا؛ لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها، ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات، وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري؛ لأن النقود لا تلد النقود).
بالنظر إلى الأسس التي يقوم عليها الاقتصادُ الإسلامي وموازنتها بالأسباب التي أنتجت هذه الأزمة، سيلاحظ أن الإسلام ونظامه الاقتصادي هو الحل الأمثل لها.
قد يتحسس البعض، وخاصة ذوو الاتجاهات الفكرية الذي لا يطيقون سماعَ أي أمر متعلق بالإسلام، نتيجة موقف عدائي وحكم مسبق على الإسلام، غير مكلفين أنفسهم أن يطلعوا، ولو اطلاعًا يسيرًا على مبادئ الإسلام عمومًا والاقتصادية منها خصوصًا.
محتويات المقال
يمكن تلخيص أسباب الأزمة الاقتصادية في النقاط الآتية
1. الارتفاع المفاجئ في نسبة الفائدة الربوية.
2. تحول العملة النقدية من وسلية لتدوير الإنتاج إلى سلعة في حد ذاتها يحتكرها أصحاب رؤوس الأموال.
3. استنزاف اقتصاد الدول في موارد تجلب الخسارة أكثر من الربح, كالخمر ولحم الخنازير .
4. تحول المستثمرين من الاقتصاد الحقيقي القائم على الإنتاج إلى الاقتصاد الوهمي القائم على القروض الربوية.
إن نظرية الاقتصاد الإسلامي لا تقبل ربحا فيه ضرر للغير أوربحا لايقابلهعمل ، وبصورة أعم فإن الإسلام يرفض بشدة ذلك الاقتصاد الوهمي القائم على الربا والمديونية وأكل أموال الناس بالباطل, قال صلى الله عليه وسلم” أفضل الكسب بيع مبرور وعمل الرجل بيده” أي الكسب الذي ينمي الاقتصاد ويزيد الإنتاج.
ولقد دافع الاقتصاديون الرأسماليون عن شرعية الفائدة(( الربا)) بحجة أن يستريح الشخص من المال الذي يكنزه دون أي عمل مادي أو فكري ,ودون أي مخاطر على الإطلاق, فيعود إليه المال دون أي جهد أضعافا مضاعفة, ((أي يصبح المال سلعة في حد ذاتها يحتكرها الرأسمالي )) وأول مايهدم هذا المنطق عناصر الإنتاج وأهمها العمل , فالعامل يفقد قدرته على العمل ((البطالة وهذا ما حصل بالتحديد عندما فقد مايقارب 40 مليون منصب عمل)) , بينما رأس المال لا يكل ولا يمل من جلب الأرباح ولا يتعرض في سبيل ذلك إلى أي خطر من الأخطار.
وهنا لا أريد أن أطيل الحديث عن أسباب الأزمة وتداعياتها , فما يهمني الآن هو الحل وكيفية خروج العالم من هذه الأزمة وبالأخص الدول العربية , ولاشك أن الأقطار أصبحت تنادي بالحل الإسلامي, أو الاقتصاد الإسلامي كبديل وتعتبره حبل النجاة,ومخرجا لهذه الأزمة, وذلك بإلغاء نسبة الفائدة, ولكن كيف يكون هذا ؟ وكيف يتحقق الربح للبنوك والمصارف بدون فائدة ؟ وماهي التدابير التي يمكن بها مواجهة الأزمة ؟
التدابير التي ينبغي على دول العالم اتخاذها لمواجهة الأزمة
1- التقليص من نسبة الفائدة شيئا فشيئا إلى أن تساوي الفائدة صفرا.
2- دعم الإنتاج الحقيقي القائم على العمل والجهد المادي أو الفكري.
3- عدم اعتبار الخمور ولحوم الخنازير أمولا لما تسببه من أضرار وخيمة على ميزانية الدول.
4- على الدول دعم المصارف التي تخلو من الربا حتى تحقق أكثر ربح وإعفاؤها من الضرائب.
5- ترك الاقتصاد الوهمي ((الربا ,المديونية ,البيع الوهمي , بيع الجهالة وجميع البيوع المحرمة …. )) بالبدائل التي سيتم تفصيلها _المنح الإنتاجية والمنح الاستهلاكية –
أولا المنح الإنتاجية:وهي بديل للقروض الإنتاجية القائمة على الفائدة الربوية وهذه المنح تعتمد على المشاركة من طرف المصرف برأس المال والمستثمر بالجهد الإدارة والعمل والتخطيط ,على أن يتم الاتفاق بأن المشاركة تكون في الربح والخسارة,وحتى يضمن المصرف نجاحالمشروع ويقي نفسه شر الخسارة يقوم بتشكيل لجنة علمية متخصصة على أعلى المستويات من العلم والدراية بعلم الاقتصاد لدراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع المقدمة من المستثمرين ومدى الأرباح التي سيجنيها المشروع, وهناك ثلاث نقاط في المنح الانتاجية يجب الالتفات إليها.
النقطة الأولى : أن نجاح المشروع يعتمد بالدرجة الأولى على كفاءة اللجنة العلمية وخبرتها في تقييم وتطوير المشروعات, بما يتناسب مع مصالحة المصرف والمستثمر .
النقطة الثانية : إذا أدت اللجنة العلمية دورها على أكمل وجه فإن المصرف في هذه الحالة سيحقق أرباح أكبر فائدة من تلك التي كان يجنيها من القروض الربوية, إذ باستطاعة المصرف أن يتفق مع المستثمر على 50% من الأرباح وهذه القيمة أكبر بكثير من الفائدة الربوية التي في العادة لا تتجاوز 5%.
النقطة الثالثة: أن المصرف عندما يشكل لجنة متخصصة لفرز المشاريع فهو بذلك يتفادى أكبر قدر من الخسارة, وعلى أسوء الضروف فإن المصرف قد يخسر مشروعا أو اثنين في العام في مقابل أنه كسب مئات المشاريع .
النقطة الرابعة : بهذه الطريقة ((المنح الانتاجية )) سيحل الاقتصاد الحقيقي محل الاقتصاد الوهمي ويمنح فرص عمل للمستثمرين والمواطنين وخاصة المحلين.
أسباب الأزمة الاقتصادية العالمية
استهل الباحث كتابه بتناول الأزمة الاقتصادية الراهنة، وما خلفته من خسائر تقدر بمئات المليارات، جرَاء الاستعانة بالفكر الرأسمالي، في إدارة المنظومة الاقتصادية العالمية، وتطرق الباحث في الباب الأول من مؤلفه، إلى بدايات الأزمة ومؤشراتها، ثم انتقل إلى إلقاء الضوء على أهم الأسباب وراء تلك الأزمة الطاحنة.
وأورد الدكتور محيي الدين يعقوب، أسباب الأزمة في الآتي، أولا: التعامل بالربا، وما يمكن أن يسببه من كوارث تهدد الاحتياطي النقدي للدول، ثانيا: بيع الدين بالدين، مع بيان الآثار الاقتصادية الكارثية، الناجمة عن هذه الطريقة في المعاملات الاقتصادية، ثالثا: تداول الرهن، وهو ما قد يصيب البنوك بالإفلاس النقدي، رابعا:الاعتماد على تضخم أسعار العقارات، والتوقعات المستقبلية، خامسا: التوسع في سوق الأوراق المالية، وما يمكن أن يلعبه من دور سلبي في أداء المنظومة الاقتصادية بالإجمال، سادسا:توسع الأخذ بالمشتقات المالية، التي تفنن النظام الرأسمالي في إنتاجها، سابعًا: المضاربات الوهمية والصفقات الصورية، وتأثيرها المدمر على الاقتصاد الرأسمالي بصفة خاصة، ثامنًا: وضع أموال المسلمين في البنوك الأجنبية، تاسعًا: عمليات الخداع والتضليل، عاشرًا: تغييب دور الرقابة الفاعلة والحوكمة، من قبل البنك المركزي، حادي عشر: التوسع في منح بطاقات الائتمان بدون رصيد.
دور الاقتصاد الإسلامي في حل الأزمة
بعد استعراض الأزمة الاقتصادية الراهنة، جراء انتهاج النظام الرأسمالي، وإلقاء الضوء على أهم الأسباب التي أدت إلى تفاقمها، ينتقل الكاتب إلى إبراز دور الاقتصاد الإسلامي في حل الأزمة باعتباره المعالج لتلك الأسباب سالفة الذكر.
حيث تطرق الباحث إلى مفهوم المصرفية الإسلامية، وعلاقتها بأزمة الديون الحالية، وآثار تلك الأزمة، مع شرح آليات الخروج من تلك الأزمة، وأهم الإجراءات الدولية للحيلولة دون استمرارها.
كما أبرز الباحث، كيفية المخرج من هذه الأزمة، مشيرا إلى بعض القضايا ذات الصلة الوثيقة بآليات معالجة تلك الأزمة وسبل الخروج منها، لإثبات مدى قدرة النظام الإسلامي على حلها وانتشال الاقتصاد الدولي من براثنها، ومن تلك القضايا التي تناولها المؤلف، ارتباط النظام الاقتصادي الإسلامي بالعقيدة الإسلامية، وسطية واعتدال الاقتصاد ألإسلامي، ارتباط الاقتصاد الإسلامي بالواقع والأخلاق، تكامل وترابط الاقتصاد الإسلامي، عدالة الاقتصاد الإسلامي، مفهوم المال في الشريعة الإسلامية، مقصد حفظ المال في الشريعة الإسلامية.