أنواع الغزل العذري والغزل في العصر الجاهلي وتعريف الغزل لغة واصطلاحا وخصائص الغزل العذري، هذا ما سوف نتعرف عليه فيما يلي.
محتويات المقال
أنواع الغزل العذري
1-أن يكون الشعر لشخص واحد فقط وفي الغالب يكون حبيب الشعر الذي يتغزل به ويقول الشعر.
2-أن يكون شعر عفيف راقي يخلو من الجراءة والتهور.
3-فقدان الأمل في الحياة مع الحبيب. وقد يكون بسبب فقر الشاعر وعدم قدرته على الزواج من محبوبته أو موتها وحرمانه منها.
الغزل في العصر الجاهلي
-يُعدّ الغزل من أصدق فنون الشعر الجاهلي؛ إذ كان الشعراء يُصوّرون أحداث النّفوس وخلجاتها بكلّ صدق فنيّ وبلاغة، فيكشف عن دواخل المُحبّ، وعن سريرة المحبوبة، فينبع من عاطفة الحب، ويدور في أغلبه حول المرأة، إذ يُمثّل العاطفة الإنسانيّة الخالدة على مرّ العصور، فكان الغزل من أصدق الفنون وأكثرها تأثيرًا وخيالًا وإبداعًا في الأسلوب، وهو أبعد الأغراض عن النّحل والوضع؛ ذلك لأنّه يصف ما هو داخليّ، ولا يعتمد على الوقائع الخارجيّة والنّزعات القبليّة.
– كان للشعر العربيّ القديم دور عميق في شعر الغزل، وفي وصف المرأة والمحبوبة، حتى أنّ بعض الأدباء وضعوا مُرادفات تشير إلى الغزل، ومنها: النّسيب، والتشبيب، فالبعض رأى أنّها ألفاظ تدلّ على الشيء ذاته، والبعض الآخر لم يُؤيّد هذا الكلام، فكانوا يعدّونه أنّه رأي الشاعر في حُبّ المرأة والميل إليها والتعبير في ذلك فقط، وأنّ النسيب هو التعبير الصادق عن هذا الحب، وفي هذا الرأي اختلف الأدباء واللُّغويّون، ولكن ممّا لا شك به أنّهما يصبّان بالمرأة نفسها وبالغزل بها.
تعريف الغزل لغة واصطلاحا
الغزل في الّلغة: هو من غَزلَ يغزل تغزّل يتغزّلُ أي التغنّي بالجمال، وإظهار الشوق إليه، وشكوى الفراق، كما أنّ شعر الغزل: هو الشعر الذي يُقَال في المرأة لوصفهِا والتشبّب بهِا.
أما معناه في الاصطلاح فهو فنٌّ من فنونِ الشعر يعبّرُ فيها المحب عن مشاعره وأحاسيسِه وعواطفه الجيّاشة وانفعالاتِه، وغالباً يكونُ الشاعر صادقاً في حبّه، فتكون القصيدة نابعة من تجربته الخاصّة، فيظهرُ المحبّ صفات محبوبتِه الحسنة الخَلقية والخُلقية، كما أنه يصور وجدانه ومعاناتِه بصدق.
خصائص الغزل العذري
-إنّ الغزل العذري، كسائر الأنواع الأدبيّة، يتمتّع بخصائص متعدّدة تميّزه عن أنواعٍ أخرى. فهو أولاً، يختصّ بالعفّة والطّهارة. فالشّاعر يبتعد عن سوء الخُلق وعن اللجوء إلى الإباحية في وصف المحاسن. وقد ظهر ذلك في البيت الشعري لقيس ليلى:
سقتني شمسٌ يُخْجِلُ البدرَ نورُها ويكسفُ ضوءَ البرقِ وهو بروق
-أيضاً، اعتمد الشعراء أسلوب إظهار المعاناة والألم نتيجة البعد عن الحبيبة والفراق بينهما، فقد قال الشاعر قيس:
فإن تكُ ليلى بالعراق مريضةٌ فإنّي في بحر الحتوف غريق
كما أن الشعراء تغزّلوا بمحبوبةٍ واحدة طوال حياتهم، فكان هذا دليلاً على وفاء الشاعر وصدق مشاعره تجاه محبوبته، ويمكن تأكيد ذلك من خلال قول الشاعر كثيّر عزّة:
ويحسبُ نسوانٌ لهنَّ وسيلةً من الحبِّ، لا بل حبُّها كان أقدمَا
-إضافةً إلى ذلك، أسهب الشعراء في استخدام أسلوب النداء في قصائدهم لمناجاة معشوقاتهم. ويمكن رؤية ذلك في البيت الآتي لجميل بن معمر:
ألا ليتَ ريعانَ الشبابِ جديدُ ودهرًا تولى يا بثينَ يعـودُ
-إن الغزل العذري، منذ نشأته، عبّر عن وجدانية الشّاعر وعواطفه الجيّاشة الصّادقة تجاه معشوقته. فهو، يعبّر عن أعمق المشاعر التي سعى إلى سبْر أغوارها وكشْف مكنوناتها، والتي هي التّعبير عن الحبّ والعشق المتين الذّي لا يتزعزع أمام عثرات الزمن، فقد قال قيس، بعد أن حاول شفاء روحه من سقم الحبّ الذي ألمّ به جرّاء تعلّقه بليلى، وهو يخاطب روحه، ويحاور ذاته، ويناجي قلبه:
أَمَا عَاهَدْتـَنِي يا قَلبُ أَنِّي إذا ما تُبْتُ عن ليلى تَتُوبُ
فَهَا أنا تائِبٌ عن حُبِّ ليلى فمَا لك كُلّمَا ذُكِرَتْ تَذُوبُ
-والغزل العذري، كان وما يزال، يعبّر عن مرارة السهر والأرق، وعن مشاعر الألم والمعاناة لدى الشّاعر، وذلك يعود إلى فراقه عن معشوقته والبعد عنها جرّاء عوامل قصريّة. فقد قال قيس “مجنون ليلى”:
أظلُّ رَزِيحَ العقلِ ما أُطْعَمُ الكرى وللقلبِ مِنّي أنـّةٌ وخُفُـوقُ
-وتبرز الوجدانية في أشعار الغزل العذري، حين يواجه الشاعر قيس بن الملوح، قَدَرَهُ المحتوم بحب ليلى، ويعبر عما يجيش في داخله، من حرقة وحسرة، وهمٍّ وغمٍّ، وذلك حين قضى الله بأن تكون من نصيب غيره، وترك له النواء والبكاء، والشكوى والبلوى. ولا سلوى له غير الشعر حين ينشد:
خليـليَّ لا واللهِ لا أملكُ الذي
قضى اللهُ في ليلى ولا مَا قضى لِيَا
قضَاهَا لِغيري وابتلاني بِحُبِّها
فهلا بشـيءٍ غير ليـلى ابتلانيا
وهكذا كانت المواقف الوجدانية عند شعراء الغزل العذري عطورًا زكية سحرت قلوبهم. فكان الشعر الغزلي، أداتهم للتعبير عما يجول في فضاء نفوسهم من مشاعر لُوِّنَتْ بألوان الفرح والمناجاة والعتاب والحزن والتشاؤم.