أهمية الأمثال والحكم

كتابة انور القثمي - تاريخ الكتابة: 31 مارس, 2020 1:21
أهمية الأمثال والحكم

أهمية الأمثال والحكم سوف نتناولة في موضوعنا هذا ومدى تأثر حياتنا اليومية بها  و اين ولماذا نستخدمها والغاية منها .

أهمية الأمثال والحكم

نجد هنا ان اهمية الحكم والامثال على انها مراة تنعكس عليها صورة الحياة الاجتماعية والسياسية والطبيعية، وهي تعبير يصدر عن عامة الناس دون تكلف، ولهذا يتجه الباحثون عن طبائع الشعوب إلى دراسة أمثالها . وربما كانت هذه وحدها التي وصلت إلينا كلها كما نطق بها أصحابها بلا تغيير أو تحريف ولا زيادة أو نقص ؛ لما تمتاز به من تركيز بالغ وإيجاز شديد ، وقبول للحفظ والشيوع على الألسنة في كل مناسبة ، وبذلك تكون اصح ما بقي من النصوص النثرية الجاهلية وأقربها إلى أصولها الأولى ، وحتى ان لم تقدم صورة كامله على النثر الجاهلي.

تعريف الحكم والأمثال

هي عبارة عن جمل قصيرة بليغة، خالية من الحشو، أوحت بها تجارب الحكماء والمعمرين في الحياة والعلاقات بين الناس، وهي ثمار ناضجة من ثمرات الاختبار الطويل، والرأي المحكم.
وقد اشتهر عند العرب في العصر الجاهلي طائفة من أولئك الحكماء، مثل: لقمان عاد وهو غير لقمان الحكيم، المذكور في القرآن الكريم، وأكثم بن صيفي، وعامر بن الظرب، ولبيد بن ربيعة. وبعض هؤلاء يُعدون في الخطباء، وحكام المنافرات أيضاً. ولا يكاد يوجد في العصر الجاهلي سيد، أو شريف، أو خطيب مشهور إلا أضيفت إليه جملة من الحكم والأمثال.

الفرق بين الحكمة والمثل

نجد هنا ان الفرق بين الحكمة والمثل ، أن الحكمة قول موجز جميل، يتضمن حُكماً صحيحاً مسلماً به. لأنه نابع من الواقع ومعاناة التجارب في الحياة، مثل: «آخرُ الدواءِ الكيّ، وأولُ الشجرةِ النواةُ، وإنكَ لا تجني من الشوكِ العنبَ…».
وأما المثل فهو – في أصله – قول يقترن بقصة أدت إليه، ثم يدخل في نطاق الأمثال حين يستشهد به في مقامات مماثلة، وفي حالات مشابهة للحالة الأولى التي ورد ذلك القول فيها. كما وتختلف الحكمة عن المثل في أنها تصدر غالبا عن طائفة خاصة من الناس لها خبرتها وتجاربها وثقافتها، بعكس المثل الذي يصدر عن عامة الناس .
وقد دون العرب حكمهم وأمثالهم منذ أوائل العصر الأموي، وهذا مما ساعد على حفظها وتواترها على الألسنة. وأكثر تلك الحكم والأمثال لا يعرف أصحابها أو قائلوها، وقد سيقت بأسلوب سهل، لا أثر للصنعة الإنشائية فيه، وبعضها بل أكثرها، يعد من الإنشاء الرفيع، والسبك الجيد. وكثير منها أشطار موزونة، ربما كانت مقتطعة من أبيات كاملة، مثل: (رضيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ) وهو عجز بيت لامرئ القيس . كما لا تخلو صياغة بعض الحكم والأمثال أحياناً، من خروج على النظام اللغوي. كقولهم: (مكرهٌ أخاكَ، لا بطلٌ ) .
يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام :
– إيجاز اللفظ
– إصابة المعنى
– حسن التشبيه
– جودة الكفاية ,فهو نهاية البلاغة.
وقال ابن الجوزية : ففي الأمثال من تأنس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما ضرب لها ملثه من الحق لا يجحده أحد ولا ينكره وكلما ظهرت الأمثال ازداد المعنى ظهورا ووضوحا ,فالأمثال شواهد المعنى المراد, وهي خاصية العقل ولبه وثمرته.
وقال السيوطي في الأمثال :
المثل : ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه , حتى ابتذلوا فيما بينهم ,وفاهوا به في السراء والضراء واستدروا به الممتنع من الدر و وصلوا به المطالب القصية , وتفرجوا به عن الكرب والكربة وهو من أبلغ الحكمة لأن الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة أو غير مبالغ في بلوغ المدى في النفاسة
ونجد هنا ان معظم العرب في ضرب الأمثال في مختلف المواقف والأحداث فلا يخلو موقف من حياتنا العامة إلا ونجد مثلا ضرب عليه، ولا تخلو خطبة مشهورة ولا قصيدة سائرة من مثل رائع مؤثر في حياتنا.
ويرى النقاد ان الامثال أصدق شئ يعبر عن أخلاق الأمة وتفكيرها وعقليتها , و تقإلىدها وعاداتها , ويصور المجتمع وحياته وشعوره أتم تصوير فهي مرآة للحياة الاجتماعية والعقلية والسياسية والدينية واللغوية , وهي أقوي دلالة من الشعر في ذلك لأنه لغة طائفة ممتازة , أما هي فلسان جميع جميع فئات المجتمع .

 أهمية ضرب الأمثال في القرآن الكريم

ذكر ابن القيم في أهمية الأمثال في القرآن : ضرب الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور التذكير والوعظ والحث والزجر والاعتبار والتقرير، وتقريب المراد للعقل، وتصويره في صورة المحسوس بحيث يكون نسبته للعقل كنسبة المحسوس إلى الحس، وقد تأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر على المدح والذم ، وعلى الثواب والعقاب ، وعلى تكبير الأمر أو تحقيره، وعلى انجاز أمر او تعطيل أمر .
وجاء عن الإمام الألوسي مؤلف التفسير روح المعاني : “فلضرب المثل شأن لا يخفى ونور لا يطفى يرفع الأستار عن وجوه الحقائق ويميط اللثام عن محيا الدقائق ويبرز المتخيل في معرض اليقين ويجعل الغائب كأنه شاهد، وربما تكون المعاني التي يراد تفهيمها معقولة صرفة ، فالوهم ينازع العقل في إدراكها حتى يحجبها عن اللحوق بما في العقل فبضرب الأمثال تبرز في معرض المحسوس فيساعد الوهم العقل في إدراكها، وهناك تنجلي غياهب الأوهام ويرتفع شغب الخصام {وَتِلْكَ ٱلاْمْثَـٰلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (الحشر: 12)
يقول الزمخشري أن الغاية من ضرب المثل : أن الأمثال لها شأن كبير في إيراز خفيات المعاني ورفع الستار عن الحقائق حتى يريك المتخيل في صورة المتحقق والمتوهم في معرض اليقين والغائب كأنه حاضر .
و قد اورد الزركشي :أن الغرض من ضرب المثل تشبيه الخفي بالجلي والشاهد بالغائب فالمرغب مثلا في الإيمان مثلا إذا مثل له بالنور تأكد في قلبه المقصود والمزهد في الكفر إذا مثل له بالظلمة قبحه في نفسه .

خصائص الأمثال و الحكم :

تتصف الأمثال بالسهولة و الاختصار في المعنى وجمال الصياغة، وقوة التأثير، ولا يُلتزمُ أن يكونَ المثلُ صحيح المنحى فقد يَشتهر مثلٌ لا يصح معناه في كل وقت، ولكنْ صادفَ ظرفاً شهيراً فاشتُهر به، ولما كانت الأمثال نتاج الناس جميعاً فقد جمعتِ الصحيح وغيرَ الصحيح، ولا كذلك الحكمة، فإن الحكمة وليدةُ عقل متميز ذي ارتفاع فلا بدّ أن تكون مناسبة و ملائمة لكل الازمان .
نماذج:
1- إنك لا تجني من الشوك العنب.
2- إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا .
3- بلغ السيل الزبى.
4- العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الملامة.
5- من شابه أباه فما ظلم.
6- مصائب قوم عند قوم فوائد.
بعض الأمثال :
جزاءه جزاء سنمار:
يعبر به لمن يحسن في عمله فيكافأ بالاساءة اليه.
رجع بخفي حنين:
يضرب  في الرجوع بالخيبة والفشل.
انك لا تجني من الشوك العنب
يضرب لمن يرجو المعروف في غير اهله
او لمن يعمل الشر وينتظر من ورائه الخير.
نماذج من الحكم :
مصارع الرجال تحت بروق الطمع:
فيها دعوة الي القناعة فأن الطمع يقتل صاحبه.
رب ملوم لا ذنب له
دعوة الي التحقق من الامر قبل توجيه اللوم للبريء.
أدب المرء خير من ذهبه
معناها ان قيمة الانسان بأدبه لا بماله.
من فسدت بطانته كان كالغاص بالماء
معناها (فمن استعان بقوم غير صالحين لم يفلح في عمله ويكون مثله كمثل من يقف الماء في حلقه ، فلا يجد سبيلا الي ازالة غصته).فهي تدعو الي حسن اختيار الاعوان.

خصوصية المثل واهميتها في ايصال الغرض

بالعفوية هي الصفة الطاغية على المثل الشعبي عبر استخدام لغة العامة السنة العامة وينفرد بابتعاده عن الرقابة وعدم معرفة قائله، كما ان ينطلق من تجربة وقصةانسانية فردية لكن مع تكرارها مع افراد أخرين يحولها لتجربة جمعية يشترك الكثير من الناس في معايشتها بحلوها ومرها مما يضفي عليها طابع انساني موحد مثل (الحب اعمي).
و يفضل الناس المثل بكل سهولة لما يحتويه من بلاغة نافذة عبر عنها أبو اسحق النظام بقوله: ” يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكتابة، فهو نهاية البلاغة.
الحكمة والمثل
هناك تشابه  كبير بين المثل والحكمة في كثير من الاحيان بسبب التقائهما في السرد والايجاز والسهولة والخبرة الانسانية، ومع ذلك فانهما يختلفان في الهدف والمصدر كما يورد الباحثون المختصين .
و للحكمة دلالة تعبر بها عن تجربة خاصّة يولّدها العقل بعد تحليلها؛ ليصل بعدد التحليل لحكمة يستفيد بها في حياته ويفيد غيره من خبرته، وقد عبر الخالق العظيم عن الحكمة بقوله تعالى “ومن اوتي الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا” فالحكمة ليست متاحة لأي شخص الا اذا كان عقلانيا حكيما. وقد عرفت الانسانية الكثير من الحكماء والحكم ومن امثلتها حكمة صينية لا انساها ما حييت وهي ” من يعرف اكثر يغفر أكثر “، وفي عالمنا العربي جرت الحكمة مصبوغة بالشعر كما في أبيات المتنبّي: “إذا غامرت في شرفٍ مروم فلا تقنع بما دون النّجومِ.. فطعم الموت في أمرٍ حقير كطعم الموت في أمرٍ عظيم.
و نلاحظ ان المثل يكون نتاج لموقفٍ لحظيّ يُقال فيه قولاً فيصبح مثلاً، ولكنه قد يتقارب مع الحكمة إذا نتج عن تجربة مثل ” لكل حيٍّ أجل، بعضُ الحُلُمِ ذلُ، يد واحدة لا تحمل بطّيختين، لن يصغي إليك أحدٌ حتّى تقول شيئاً غير صحيح .



1772 Views