اسباب عدم التسامح

كتابة منال العيسى - تاريخ الكتابة: 6 أغسطس, 2020 9:40
اسباب عدم التسامح

اسباب عدم التسامح سنتعرف عليها بالتفصيل في هذا الموضوع كما سنتعرف على اضرار عدم التسامح.

مفهوم التسامح

يعتبر مفهوم التسامح واحدًا من المفاهيم المثيرة للجدل. ولعل من أسباب ذلك أنه لا يعمل على الارتقاء بمستوى المبادئ أو الأخلاقيات الفعلية على غرار ما يحدث في المفاهيم الأخرى (المتمثلة في الاحترام والحب والمعاملة بالمثل). ويرى النقاد الليبراليون أنه من غير اللائق أن يتم اعتبار السلوكيات أو العادات التي نظهر التسامح معها شذوذ أو انحراف عن المعايير السائدة أو يكون لدى السلطات الحق في أن تفرض عقوبة على ذلك. والأفضل من وجهة نظر هؤلاء النقاد هو التأكيد على بعض المفاهيم الأخرى مثل التحضر أو المدنية والتعددية أو الاحترام.بينما يعتبر النقاد الآخرون أن التسامح في مفهومه المحدود يعد أكثر نفعًا؛ حيث إنه لا يحتاج إلى أي تعبير زائف يجيز التعصب ضد جماعات أو ممارسات وأفعال رفضها المجتمع في الأساس.

اسباب عدم التسامح

هنالك ثلاثة اسباب رئيبسية تدفع الشخص للامتناع عن التسامح، اذ انه ومن خلال هذه الاسباب يشعر الشخص بانه غير قادر على المسامحة وهما كان الشخص المخطئ عزيز، فمن هذه الاسباب:
-كون المجتمع، أي مجتمع لا يعلي من قيمة الحرية باعتبارها القيمة الإنسانية تتيح آفاقا اوسع للتعبير الحر عما يختلج في نفس الإنسان من افكار دون أن يتوقع حدوث أذى له من اي نوع. لذلك اقترن غياب التسامح بوجود فكر مُسيطر على الناس بحيث يسوقهم قهرا إلى فِكرته المسيطرة التي تعتبر باقي الأفكار المختلفة دخيلة على المُجتمع.
-اليقين بالاحتكار للحقيقة: وهذه افة معاصرة يمارسها بعض المنتسبين لأهل العلم، كما يمارسها العوام الذّين تعلموها منهم. ويكفي للتدليل على نخر هذه الافة في جسد فضيلة التسامح، ان أشير إلى ما يحدث الآن من تحريض مستمر عبر وسائل التواصل الاجّتماعي على بعض المذاهب والتَيارات، وقد وصل هذا التحريض، كما حدث من بعض السُعوديين مؤخرا، ذروته حين طالب اشخاص محسوبون على بعض المُؤسسات الدينية والأكاديمية بايقاع أقصى العقوبات بالمختلفين معهم.
-شيوع الجهل المضاد للمعرفة: فالتسامح كقيمة مقرون بمستوى التعلم والمَعرفة التي تمكن الفرد من الاطّلاع والقدرة على المقارنة بين الآراء المختلفة واتِخاذ الموقف العقلاني تجاه هذه المسالة أو تلك.

عدم التسامح وصناعة الأعداء

إن الإنسان كائن اجتماعي يحتاج إلى أن يكون محاطاً بأصدقاء محبين مخلصين، لا أن يكون محاطاً بالأعداء الكارهين والحاقدين، ولكن ذلك لا يمنع أننا كبشر أيضاً نختلف في قدراتنا بهذا الشأن، فمنا من هو قادر على تكوين صداقات أينما حل، ومنا في المقابل من لا يحل في أي مكان دون أن يخلق له عدواً أو أكثر. حتى على مستوى الشعوب هناك شعوب يعرف عنها أنها اجتماعية وودودة، وهناك شعوب أخرى منغلقة على نفسها تكره الغرباء وتتحسس منهم وتنظر إليهم بدونية وازدراء. وأذكر بهذا الخصوص أن بعض الدول الغربية كان معروفاً عن شعوبها الانغلاق وعدم حب الأجانب ورفض الحديث معهم بغير لغتهم، لكنهم تغيروا وأصبحوا أكثر بشاشة وتقبلاً للآخرين وثقافاتهم وتعلم لغاتهم. صحيح أن مصالح السياحة قد تكون أحد أسباب ذلك التغير، ولكن المهم في الأمر أن هناك تحسناً ومزيداً من التسامح وعدم استعداء الآخر.
لا شك أن صناعة الأصدقاء ليست مهارة محببة فحسب، بل هي ثروة ورأس مال ثمين نحتاجه في الرخاء ونعرف قيمته في الشدائد والأزمات. ونظراً لكوننا بلد الحرمين الشريفين فإن من واجبنا أن نكون من أكثر شعوب الأرض تسامحاً وانفتاحاً وأكثرها قدرة على صناعة الأصدقاء وليس الأعداء.
العاطفة والتسامح لم تكن يوماً علامة ضعف بل علامة قوة، بينما التسلط والتنمّر والتعالي هو علامة العجز والضعف والنقص.

عدم التسامح يضعف المناعة

التسامح أحد المبادئ الإنسانية التي حثت عليها جميع الأديان السماوية، فلا يقتصر دور التسامح على منح الشعور بالرضا والراحة فحسب، بل له تأثير إيجابي على صحة الإنسان وتعزيز الجهاز المناعي لديه، إذ أفادت الدراسات أن القلق والانفعالات العصبية يزيدان من خطر الإصابة بمختلف الأمراض.
وتقول الدكتورة عبير أحمد ناصف، ماجستير علوم نفسية وسلوكية: “التسامح ليست كلمة سهلة على الإطلاق ولكنها من أصعب الأمور التي يستطيع الإنسان أن يفعلها، فالتسامح في معناه البسيط هو العفو عند المقدرة وعدم رد الإساءة بالإساءة وتقبل اعتذارهم”، لافتة إلى أن التسامح قد يقلل من المشكلات التي ربما تحدث بسبب ما يقصده البعض وما يفهمه الآخرون، لذلك دائما حاول التماس الأعذار للآخرين، أو بمعنى أدق: أحسن الظن، فربما يحملون في نفوسهم ما لا تعلمون ولا يستطيعون البوح به.
وتتابع، أن الشخص المتسامح هو ذاك الشخص الذي لديه قدرة عالية على ابتلاع أخطاء الآخرين ومسامحتهم، ولكن ليس معنى ذلك أن نتنازل عن حقوقنا أو نسامح فيها، بالعكس تماما،
فحاول التمسك بحقوقك مع الاحتفاظ بمبدأ التسامح وخاصة الحقوق التى ترتبط بالآخرين كأولادك مثلا ولا تفرط فيها لأنك ستتساءل عنها يوم الحساب ولكن من الناحية الأخرى لا مانع من بعض التنازلات التي تستوجبها علينا ظروف الحياة من أجل أن تستمر الحياة بدون مشكلات شرط أن تكون هذه الأمور تخصك وحدك ولا تخص الآخرين”.
وتشير إلى أن الدين الإسلامي وجميع الأديان السماوية تحث جميعها على التسامح، وليس ذلك عن فراغ ولكن لما له من أهمية كبير في حياتنا ونفوسنا، فقد أكدت الأبحاث والدراسات أن هناك علاقة وطيدة بين التسامح وصحة الإنسان

نتيجة عدم التسامح

-كلّما شعرنا أنَّنا قد تمَّت معاملتنا دون إنصاف، أو أنَّ أحداً آخر قد تمَّ معاملته بالمثل، دون سبب وجيه لذلك، فنحن نعتبره هجوماً شخصيّاً يُهدّد تقديرنا الذاتي، وعليه فإنَّنا نتخذ رد فعل غاضب وناقم، وهذه مرحلة طبيعية للتطوّر خلال نموّنا لكي نعبرها وننتقل إلى مرحلة أخرى من الرشد والنضج.
-على الرغم من ذلك، فبعض الأشخاص يثبتون عند هذه المرحلة ولا ينضجون أبداً في مراحل متقدّمة، فإذا لم نتعلّم أهمية وضع مآسينا كصغار جانباً، فسوف نمضي إلى مرحلة النضج، ونحن نحمل كمّاً هائلاً من التجارب التي لم يمحيها التسامح.
-إذا لم نكن حريصين، فسوف نبني حياتنا عبر التمحور حول غضبنا على الأشخاص الذين نشعر بمسؤوليتهم عن شيء قاموا به ولا نتَّفق معهم فيه.
-يقضي كثير من الأطباء النفسيين والمحللين النفسيين، عمرهم المهني بكامله في مساعدة الأشخاص على مواجهة تجارب الماضي والحاضر غير السعيدة، وكيفية التعامل معها وتجاوزها.
-أكثر القرارات قوّة والتي يمكننا اتخاذها، ومن شأنها أن تحرّرنا من أفكارنا السلبية، هي أن نسامح أي شخص قد يكون أساء إلينا ذات مرّة على أي وجه، وذلك عن طريق تحرير الشخص الآخر من عقولنا، بالتسامح والغفران وقتها يكون بوسعنا أن نحرّر أنفسنا من قيود الغضب والحقد والكره والانتقام.
-لهذا السبب تحرص جميع الأديان والمواثيق والاتفاقيات الدولية جميعاً، على ضرورة التسامح كخطوة أولى نحو الوصول إلى سلام النفس والنعمة الدنيوية والسلام للناس جميعاً، فجميع الحروب على مَرّ التاريخ، كانت نتيجة أخطاء ارتكبها أشخاص لم يستطيعوا التحلّي بفضيلة التسامح، فدفع الكثيرون نتيجة حقدهم وكرههم .



419 Views