الأخلاق الحسنة وأثرها في المجتمع

كتابة محمد الذوادي - تاريخ الكتابة: 9 أغسطس, 2020 8:25
الأخلاق الحسنة وأثرها في المجتمع

الأخلاق الحسنة وأثرها في المجتمع وماهو المفهوم الحقيقي للاخلاق الحسنة كل ذلك سنتعرف عليه في هذه المقالة.

أخلاق إسلامية

الأخلاق هي عنوان الشعوب، وقد حثت عليها جميع الأديان، ونادى بها المصلحون، فهي أساس الحضارة، ووسيلة للمعاملة بين الناس وقد تغنى بها الشعراء في قصائدهم ومنها البيت المشهور لأمير الشعراء أحمد شوقي: « وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت …. فـإن هُمُ ذهبت أخـلاقهم ذهــبوا ». وللأخلاق دور كبير في تغير الواقع الحالي إلى العادات الجيدة؛ لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق “. فبهذه الكلمات حدد الرسول صلى الله عليه وسلم الغاية من بعثته أنه يريد أن يتمم مكارم الأخلاق في نفوس أمته والناس أجمعين ويريد للبشرية أن تتعامل بقانون الخلق الحسن الذي ليس فوقه قانون، إن التحلي بالأخلاق الحسنة، والبعد عن أفعال الشر والآثام، يؤديان بالمسلم إلى تحقيق الكثير من الأهداف النبيلة منها سعادة النفس ورضاء الضمير وأنها ترفع من شأن صاحبها وتشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم وهي طريق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.

تعريف الخُلق

قبل التعرّف على أثر الأخلاق على المجتمع يجب التعرف على مفهوم الخُلق لغةً واصطلاحاً:
الخُلق لغة: السجية والطبع، وهي الصورة الداخلية للإنسان التي تظهر وتنعكس على الصورة الخارجية.
الخلق اصطلاحاً: عبارة عن هيئة راسخة في النفس تؤدي إلى اتباع السلوكيات المختلفة بسهولة ويسر من غير تفكير أو تروي، وهذه الهيئة تؤدي إلى سلوكيات وأفعال محمودة أو سلوكيات وأفعالاً مذمومة.
يختلف الخلق عن التخلّق، فالتخلّق هو التصنّع والتكلّف وفي الغالب لا يدوم طويلاً لأنّ صاحبه يعود إلى خُلقه المترسخ داخله، ولا يعد السلوك خُلقاً إلّا إذا أصبح عادة تلازم الشخص.

أهمية الأخلاق للفرد

إن للأخلاق أهمية عظيمة للفرد، ويتجلى ذلك في العديد من الأفعال والسلوكيات، وبيان ذلك على النحو الآتي:
-الأخلاق تمنح الفرد إمكانية اختيار السلوك الصادر عنه، وتحديد شكله، مما يعني الإسهام في تشكيل شخصيّة الفرد، وتحديد أهدافه في الحياة.
-الأخلاق تمنح الفرد الشعور بالأمان؛ إذ بالأخلاق والتحلي بها يتمكن الفرد من مواجهة ضعف نفسه، ومجابهة التحديات والعقبات التي تواجهه في حياته.
-الأخلاق تساعد الفرد على ضبط شهواته وهواه ومطامع نفسه، حيث تكون تصرفاته كلها متسقة على ضوء ما يتحلى به من الأخلاق الحسنة.
-الأخلاق تسمو بالإنسان فوق الماديات المحسوسة، فيرتفع الإنسان بالأخلاق إلى درجاتٍ رفيعةٍ من الإنسانية.
-الأخلاق الحسنة تكسب الفرد جزاءً حسناً في الحياة الآخرة، ويتمثل هذا الجزاء بالأجر الكريم، وبالثواب الحَسن من رضا الله تعالى، والقبول منه، والفوز بجنته.

أهمية الأخلاق في بناء المجتمع

الدين كله خلق، والإسلام جاء ليكمل مكارم الأخلاق، فأبقى على ما كان عليه الناس من أخلاق حسنة وأثنى على حُسن الخلق وحث على التحلي بها لما لها من أهمية كبيرة على الفرد والمجتمع وفيما يأتي عرض موجز لأهميتها:
التحلي بالأخلاق الحسنة هي طاعة وامتثال لأمر الله تعالي، فقد ذكر الله تعالى في محكم كتابه عددًا من اللخاق الحسنة وأمر المسلم بالتخلق بها، ونهى كذلك عن الأخلاق السيئة وأمر بالانتهاء عنها، قال تعالى:{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: 90].
الأخلاق الحسنة هي صفة المسلم وسمته العام، وأحد أهم مقومات الشخصية المسلمة، فالإنسان شكل ومضمون؛ والأخلاق هي المضمون الذي تنعكس صورته على تصرفات الإنسان واعتقاداته، فإن أهمية عناية الإنسان بأخلاقه وحسن باطنه وفكره، لا تقل أهمية عن اهتمامه وعنايته بمظهره وهندامه العام.
لأهمية الأخلاق الحسنة فقد ربطها الله تعالى بالدين والعقيدة الإسلامية، والعمل الصالح رباطًا وثيقًا، فالأخلاق هي أحد أهم أركان العمل الصالح، والأخلاق هي الثمرة الطيبة للعقيدة الراسخة، وشرائع الإسلام كلها من عبادات ومعاملات لا تكمل إلا بوجود الأخلاق والتحلي بها، فالعبادة تثمر في النفس أجمل الأخلاق وأحسنها، وعلى المسلم أن يظهر حُسن خلقه في كافة تعاملاته مع الغير.
تظهر آثار الأخلاق جليةً على سلوك الفرد، فتغرس في نفس الفرد صفات الرحمة والصدق والإحسان والعدل والأمانة والتكافل، وغيرها الكثير من الأخلاق والصفات الحسنة، فالأخلاق هي أساس متين لكل فَلاح وتوفيق في حياة الإنسان، بالإضافة إلى الأثر الكبير الذي تتركه الأخلاق في سلوك المجتمعات؛ فهي حصن حصين وأساس قويم لبناء المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية فالأخلاق هي نهج صحيح لبناء مجتمع إنساني.
الأخلاق الحسنة هي ضرورة اجتماعية؛ فلا يتمكن المجتمع وأفراده من العيش في بيئة متعاونة ومتناسقة بسعادة وتفاهم؛ ما لم تسده مجموعة من مكارم الأخلاق، إذ إن غياب هذه الأخلاق يؤدي بالمجتمع إلى التفكك وغياب الأمن والاستقرار والتصارع على حساب المصالح الفردية وبالتالي انهيار المجتمع.
تلعب الأخلاق الحسنة الدور الفاعل في نشر الدعوة إلى الله عز وجل، فقد نشر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم رسالته بحسن أخلاقه ورفعتها، فكثير من الناس دخلوا في الدين الإسلامي؛ لما رأوا من حُسن خُلق أصحاب هذا الدين في معاملاتهم وأدق تفاصيل حياتهم.
تنشر الأخلاق السعادة بين الأفراد والمجتمعات، فالفطرة الإنسانية مجبولة على حب الخير وحسن الخلق، فتطيب النفس بالأخلاق الحسنة وتسعد وتستقر.

فوائد حسن الخلق

للأخلاق الحسنة العديد من الفوائد والفضائل ومن أهمها ما يأتي:
-حُسن الخلق يقرّب صاحبه من الله -سبحانه وتعالى- ويجعلهُ ينالُ رضاه.
-الإنسان الذي يحسن خلقه مع الناس ويحبونه لحسن خلقه، ينال حبّ الله -سبحانه وتعالى-، وهذا دليل على حسن العقيدة والإيمان.
-حسن الخلق يجعل المسلم يألف الناس من حوله ويجعل الناس يألفونه.
-حسن الخلق يكرّم صاحبه، بينما سوء الخلق يُهينه.
-حسن الخلق يرفع صاحبه درجات عند الله -سبحانه وتعالى-، كما يرفع من همّة صاحبه.
-حسن الخلق سبب من أسباب حصول صاحبه على حب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتقريبه منه يوم القيامة.
-الأخلاق تدلّ على الطبع الكريم للمُسلم، كما تدلّ على سماحة النّفس وطيبتها.
-حُسن الخلق يُزيل العداوات ويحوّلها إلى صداقات.
-حسن الخلق يُكسب المسلم العفو من الله -سبحانه وتعالى-، وهو سبب في غفران الذنوب له.
-هو وسيلة لمحو الحسنات بإذن الله -سبحانه وتعالى-، فيكون المسلم حسن الخلق بمنزلة الصائم القائم بليله لله -سبحانه وتعالى- لما له من فضل عظيم.
-هو طريق لإدخال صاحبه إلى الجنة التي وعد الله بها، فهو وسيلة تثقل من موازين المسلم يوم القيامة، وفيه يحرّم جسد المسلم على النار.
-حسن الخلق يصلح ما بين صاحبه وما بين الناس من حوله ويحسن العلاقات فيما بينهم.

فوائد الأخلاق للفرد وللمجتمع

توجد العديد من الفوائد التي تعود على المجتمع نتيجةً لحسن الخلق ومن أهمها ما يأتي:
-تسود أجواء من الأمن والأمان بين الأفراد الذين يعيشون في المجتمع الواحد كنتيجة مؤكدة لحسن الخلق.
تزيد الألفة والمحبة والرحمة والعطاء بين الناس.
-يُصبح المجتمعُ الإسلاميّ مُجتمعًا متوحدًا ومتكافلًا ومتعاونًا؛ وذلك لأنّ الأمّة الإسلاميّة التي تتّصف بحسن الخلق هي أمة واحدة يعطف فيها الغني على الفقير ويساعده بكلّ ما يستطيع.
-تُنبذ صفات الفرقة والخلاف والعداوة في المجتمع وتسود المبادئ والقيم الحسنة فيه.
-يخدم حسن الخلق المجتمع ويرفع من معنويات أفراده وينفع الأمة ويساهم في تقوية بنيانه وأسسه.
-تسود أخلاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ مما ينشر الإيجابية في المجتمع ضمن قواعد وتعاليم الشريعة الإسلامية دون تنفير الناس منها.
-زيادة البذل والعطاء في المجتمع، وبالتالي تفعيل الإنتاج، وذلك بسبب بذل الخير لكافة الناس بروح مليئة بالحب والسعادة.
-نشر روح التسامح والمحبة والعفو والمغفرة بين الناس ليكون المجتمع محبًّا ومتآلفًا.



1514 Views