الشعر العربي القديم و خصائص الشعر العربي القديم وكل مايخص الشعر العربي القديم في هذه السطور التالية.
الشعر العربي القديم لم يغادر ذاكرتنا وذائقتنا لما فيه من قوة وابتكار ومعاصرة. من هذا الشعر اخترنا في حلقات عدة قطوفاً من أجمل الأبيات التي صاغها كبار الشعراء من الجاهلية وحتى الاندلس مروراً بالعصر الراشدي والأموي والعباسي.
محتويات المقال
خصائص الشعر القديم
أبياته ذات تصميم بنائي ثابت وزناً وقافيةً.
احتواؤه على ألوان البديع العديدة كالمجاز والاستعارة.
وجود الحكمة والمواعظ ذات الطابع الفلسفيّ.
ذو تصوير صادق، وواقعيّ لكلّ ما وقعت عليه الأنظار من أرض، وشجر، ورياح، وحيوانات، وغيرها من مظاهر الطبيعة.
معانيه واضحة، وبسيطة، وغير متكلفة، وذو خيال بسيط لا عمق فيه، فهو يستمدّ معانيه من البيئة والطبيعة التي يعيشها.
ألفاظه ذات تراكيب تامّة لا قصور فيها ولا عجز، ومدلولات حسيّة، كما تمتاز ألفاظه بالجزالة وإحكام النسج، والبعد عن الغموض والتعقيد.
تعدّد المواضيع في القصيدة الواحدة، فمن الممكن أن تحتوي على الغزل والوصف والحكمة.
ذو أبيات مستقلة كلاً على حدا، أي أن يكون البيت الواحد مستقل في المعنى عن البيت الذي يليه فيمكن اختزال بعض أبياتها دون التأثيرعلى المعنى.
سهل الحفظ والاستذكار لكثرة تردده على الألسنة، ولما فيه من موسيقى.
عدم الرضا بتسكين القوافي في الشعر القديم، وأعتباره دليل على ضعف صاحبه، لذلك قوافيه مضبوطة الحركات، فاعتادت الأذن سماعه بإيقاع.
مكشوفة المقاصد والأهداف التي كتبت لأجلها وواضحة، لا غموض يكتنفها.
لكل عصر من عصور الشعر العربي القديم أطواره ومراحله، من العصر الجاهلي، والأسلامي، والأموي، والعباسي، والأندلسي، ولكنه حافظ على شكله العام ومضمونه.
غنى الشعر القديم بالألفاظ والمفردات التي تدل على التعبير عن الذات، ومنها: رجل عشيّق أي كثير العشق لذاته.
ظهور أشكال أخرى للشعر كالمسمطات، والرباعيات، والخماسيات، والموشحات في العصر الأندلسي، على الرغم من الحرص على شكل البيت المكون من صدر وعجز، ويعود هذا لتفوق ونبوغ الشعراء وقتئذ.
أهمّ الشعراء القدامى
للشعر العربي القديم شعراؤه الكبار المعروفين ابتداءً من الشعر الجاهلي إلى الإسلامي مروراً بالأموي فالعباسي والأندلسي ومنهم:
امرؤ القيس.
زهير بن أبي سلمى.
المتنبي.
عروة بن الورد.
عمرو بن كلثوم.
طرفة بن العبد.
عنترة بن شداد.
الحارث بن حلزة.
النابغة الذبياني.
نموذج من الشعر القديم
من قصيدة “على قدرأهل العزم” لأبي الطيب المتنبي:
عَلَى قَدْرِ أَهْلِ العَزْمِ تَأتِي العَزَائِمُ
وَتَأتِي عَلَى قَدْرِ الكِرامِ المكَارِمُ
وَتَعْظُمُ فِي عَيْنِ الصَّغِيرِ صِغَارُهَا
وَتَصْغُرُ فِي عَيْنِ العَظِيمِ العَظَائِمُ
مَنْ يَهُـنْ يَسْهُلِ الهَـوَانُ عَلَيهِ
مَا لِجُـرْحٍ بِمَيِّتٍ إِيـلامُ
أجمل بيوت الشعر العربي
الشّافعي
تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النّصيحة في الجماعة
فإنّ النّصح بين النّاس نوع
من التّوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي
فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
احفظ لسانـــك أيّها الإنسان
لا يلدغنك إنّه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تهاب لقاءه الأقران
أخي لن تنال العلم إلا بستّة
سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاءٌ وحرصٌ واجتهادٌ وبَلْغةٌ
وصحبةُ أستاذٍ وطولُ زمانِ
وجدت سكوتي متجراً فلزمته
إذا لم أجد ربحاً فلست بخاسر
وما الصّمت إلا في الرّجال متاجر
وتاجره يعلو على كل تاجر
رأيت القناعة رأس الغنى
فصرت بأذيالها متمسك
فلا ذا يراني على بابه
ولا ذا يراني به منهمك
فصرت غنيّاً بلا درهم
أمر على النّاس شبه الملك
يريد المرء أن يعطى مناه
ويأبى الله إلا ما أراد
يقول المرء فائدتي ومالي
وتقوى الله أفضل ما استفاد
ولولا الشّعر بالعلماء يزري
لكنت اليوم أشعر من لبيد
وأشجع في الوغى من كل ليث
وآل مُهلّب وبني يزيد
ولولا خشية الرّحمن ربي
حسبت النّاس كلهم عبيدي
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها
يمسي ويصبح في دنياه سافرا
هلا تركت لذي الدّنيا معانقة
حتّى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها
فينبغي لك ألّا تأمن النّارا
يخاطبني السّفيه بكل قبح
فأكره أن أكون له مُجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما
كعود زاده الإحراق طيبا
وأنطقت الدّراهم بعد صمت
أناسا بعدما كانوا سكوتا
فما عطفوا على أحد بفضل
ولا عرفوا لمكرمة ثبوتا
ولربّ نازلة يضيق لها الفتى
ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنّها لا تفرج
لما عفوت ولم أحقد على أحد
أرحت نفسي من هم العداوات
إنّي أُحيّي عدوي عند رؤيته
لأدفع الشّر عني بالتّحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه
كما إن قد حشى قلبي مودّات
دع الأيام تفعل ما تشاء
وطِب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة اللّيالي
فما لحوادث الدّنيا بقاء
وكن رجلاً على الأهوال جلداً
وشيمتك السّماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا
وسَرّك أن يكون لها غطاء
تستر بالسّخاء فكل عيب
يغطّيه كما قيل السّخاء
ولا تر للأعادي قطّ ذُلّاً
فإنّ شماتة الأعدا بلاء
ولا ترج السّماحة من بخيل
فما في النّار للظّمآن ماء
ورزقك ليس ينقصه التّأني
وليس يزيد في الرّزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور
ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع
فأنت ومالك الدّنيا سواء
ومن نزلت بساحته المنايا
فلا أرض تقيه ولا سماء
وأرض الله واسعة ولكن
إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغدر كلّ حين
فما يغني عن الموت الدّواء
سهرت أعين ونامت عيون
في أمور تكون أو لا تكون
فادرأ الهمّ ما استطعت عن النّفس
فحملانك الهموم جنون
إنّ ربّاً كفاك بالأمس ما كان
سيكفيك في غد ما يكون
كلّ العلوم سوى القرآن مشغلة
إلّا الحديث وعلم الفقه في الدّين
العلم ما كان فيه قال حدّثنا
وما سوى ذاك وسواس الشّياطين
قلبي برحمتك اللّهم ذو أنس
في السّر والجهر والإِصباح والغَلَس
ما تقلّبت من نومي وفي سنتي
إلّا وذكرك بين النَّفْسِ والنَّفَسِ
لقد مننت على قلبي بمعرفة
بأنّك الله ذو الآلاء والقدس
وقد أتيت ذنوباً أنت تعلمها
ولم تكن فاضحي فيها بفعل مسّي
فامنن علي بذكر الصالحين ولا
تجعل علي إذا في الدين من لبس
وكن معي طول دنياي وآخرتي
ويوم حشري بما أنزلت في عبس
إنّ لله عباداً فطناً
تركوا الدّنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلمّا علموا
أنّها ليست لحيّ وطناً
جعلوها لجّة واتّخذوا
صالح الأعمال فيها سفنا
إذا أصبحت عندي قوت يومي
فخلِّ الهمّ عنّي يا سعيد
ولا تخطر هموم غدٍ ببالي
فإنّ غداً له رزق جديد
أسلم إن أراد الله أمراً
فأترك ما أريد لما يريد
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم
إنّ الجواب لباب الشّر مفتاح
والصّمت عن جاهل أو أحمق شرف
وفيه أيضاً لصون العرض إصلاح
أما ترى الأُسد تخشى وهي صامتة
والكلب يخشى لعمري وهو نبّاح
كن ساكناً في ذا الزّمان بسيره
وعن الورى كن راهباً في ديره
واغسل يديك من الزّمان وأهله
واحذر مودّتهم تنل من خيره
إنّي أطلعت فلم أجد لي صاحباً
أصحبه في الدّهر ولا في غيره
فتركت أسفلهم لكثرة شرّه
وتركت أعلاهم لقلّة خيره
إنّ الفقيه هو الفقيه بفعله
ليس الفقيه بنطقه ومقاله
وكذا الرّئيس هو الرّئيس بخلقه
ليس الرّئيس بقومه ورجاله
وكذا الغني هو الغني بحاله
ليس الغني بملكه وبماله
إذا رمت أن تحيا سليماً من الرّدى
ودينك موفور وعرضك صيّن
فلا ينطقنّ منك اللّسان بسوأة
فكلك سوءات وللنّاس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معائباً
فدعها وقل يا عين للنّاس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى
ودافع ولكن بالتي هي أحسن
أرى حُمراً ترعى وتعلف ما تهوى
وأُسداً جياعاً تظمأ الدّهر لا تروى
وأشراف قوم لا ينالون قوتهم
وقوماً لِئاماً تأكل المنّ والسّلوى
قضاء لديّان الخلائق سابق
وليس على مرّ القضا أحد يقوى
فمن عرف الدّهر الخؤون وصرفه
تصبر للبلوى ولم يظهر الشّكوى
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر
والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف
وتستقر بأقصى قاعه الدّرر
وفي السّماء نجوم لا عداد لها
وليس يكسف إلا الشّمس والقمر
لقلع ضرسٍ وضربٍ حبس
ونزع نفسٍ ورد أمس
وقرّ بردٍ وقود فرد
ودبغ جلد بغير شمس
وأكل ضب وصيد دب
وصرف حبّ بأرض خرس
ونفخ نار وحمل عار
وبيع دار بربع فلس
وبيع خف وعدم إلف
وضرب إلف بحبل قلس
أهون من وقفة الحر
يرجو نوالاً بباب نحس
عفواً تعف نساؤكم في المحرم
وتجنّبوا ما لا يليق بمسلم
إن الزّنا دين فإن أقرضته
كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
يا هاتكا حرم الرّجال وقاطعاً
سبل المودّة عشت غير مكرم
لو كنت حرّاً من سلالة ماجد
ما كنت هتاكاً لحرمة مسلم
من يزن يزن به ولو بجداره
إن كنت يا هذا لبيبا فافهم
من يزن في قوم بألفيّ درهم
يزن في أهل بيته ولو بالدّرهم
أقسام الشعر العربي
-الشعر الغنائي : وهو الشعر الذي يتغنى فيه ناظمه بعواطفه الذاتية وهو شعر الأدب العربي القديم في معظمه .
-الشعر الملحمي : الشعر الذي يصف البطولات الحربية في قصائد طويلة تتغنى بأمجاد الأمة وأبطالها .
-الشعر المسرحي : وهو الذي تنظم فيه الرواية الممثلة على المسرح فيعبر به المتحاورون في تلك الرواية عن أغراضهم كمسرحية مجنون ليلى للشاعر أحمد شوقي .
-الشعر التعليمي : وهو الذي يقصد به الشاعر إلى التوجيه الأخلاقي وبث الحكم والمواعظ والنفوس .
عصور الشعر العربي
إن عصور الشعر العربي تمُتّ بالأصل إلى عصور الأدب عامة وبالتالي سيكون لدينا :
1 – العصر الجاهلي
2 – العهد الاسلامي ( الراشدي )
3 – العهد الأموي
4 – العهد العباسي
5 – العهد العثماني
6 – العهد الحديث
وقد استقر رأي المؤرخين على أن الأدب عموما و الشعر العربي خاصة عرف ثلاث نهضات مهمة ومؤثرة :
1 – النهضة الجاهلية والأموية وبدأت في الجاهلية سنة 532 م وتطورت بعد نزول القرآن الكريم والذي يعد موروثا غنيا ومتكاملا بمفردات الكلِم وضروب البلاغة ، كما ساهمت الفتوحات الإسلامية والاحتكاك بالحضارتين الرومية والفارسية بتطور هذه النهضة .
2 – النهضة العباسية وكان لاحتكاك العرب واختلاطهم بباقي الحضارات تأثيرا كبيرا ، فلقد فُتح الباب على مصراعيه أمام امتزاج الثقافات والفكر والإبداع ، ولعبت الترجمة دورا بارزا في نقل فلسفة وتاريخ مختلف الأقاليم والبلدان والحضارات مما أكسب هذه النهضة ارتقاء واسعا ساهم في إثراء خزينة الأدب العربي .
3 – النهضة الحديثة وهي نتاج احتكاك الشرق بالغرب ..هذا الاحتكاك الذي فتح أعين مرآة الأدب العربي على كل حديث متجدد فأضحى ينافس الآداب العالمية في شتى الميادين ، ناشدا التميز والتكامل .