انواع المجتمعات في الخدمة الاجتماعية وماهو مفهوم المجتمع وتأثيرة على الفرد من خلال مقالتنا اليوم.
محتويات المقال
ما هو المجتمع؟
تعددت التعريفات التي حاولت أن تقدم وصفاً محدداً لما يمكن أن يمثله المجتمع، فمنهم من اعتبره أنه الإطار الجامع لسلوك الأفراد، ومنهم من قدمه على أنه المكان الذي تتحدد من خلاله العلاقات الفردية والجماعية، وغيرهم من اعتبر المجتمع هو الحيز الطبيعي التي يسعى فيه أبناؤه إلى تلبية متطلباتهم وفق طبيعة الحاجة الإنسانية من عيش مشترك وتكامل أدوار وما شابه.
وإذا أردنا تقديم تعريف جامع لكل هذه المضامين، من الممكن القول:”المجتمع هو حيز مكاني يضم مجموعة من الأفراد، تنشأ فيما بينهم سلسلة علاقات ومستويات من التفاعل سواء كانت إيجابية أو سلبية، عفوية أو منظمة، لتتماشى مع طبيعة الحاجة الإنسانية في العيش المشترك ضمن إطار يحضنه ويحميه”.
المجتمع في علم الاجتماع
مجموعة الأفراد التي تتشابه بالأفكار والمعتقدات والآراء واللغة والتقاليد والأعراف، ويعيشون داخل منطقة جغرافيّة محدّدة، كما تربطهم علاقات اجتماعيّة تولّد عمليّات التفاعل الإنسانيّ، حيث لكلّ فرد دور أو وظيفة معيّنة، تعمل على بناء الهيكل الاجتماعيّ الشامل.
يشعر الأفراد داخل مجتمعهم بالانتماء أو روح الجماعة، حيث يوجد علاقات وثيقة، وعلاقات غير رسميّة بين الأفراد، وتختلف طبيعة العلاقة بحسب الدائرة الاجتماعيّة وبُعدها عن محور الفرد، فالعلاقات الأوّليّة للفرد؛ هي الأسرة والقرابة، والثانويّة علاقة الأصدقاء، والثالثة زملاء العمل، والرابعة الجيران، والخامسة مؤسّسات المجتمع المدنيّ، والسادسة العلاقات العابرة؛ وهيّ التي تتكوّن من خلال تفاعل الفرد بالمراكز الحكوميّة أو الأسواق أو المؤسّسات الخاصّة، حيث يتمّ التفاعل بين جميع هذه العلاقات وتتقاطع مع بعضها بعضاً، لتكوّن في نهاية المطاف البناء الاجتماعيّ؛ وهيّ شبكات العلاقات التي تتفاعل مع بعضها بعضاً، كما تؤثّر وتتأثّر بالتغيّر الاجتماعيّ، وتغيّر المحاور الهيكليّة للمجتمع، كما تعدّ الحاجة التبادليّة من أهمّ العوامل التي تعمل على استمرار المجتمع؛ ويقصد بها الاحتياجات المتبادلة بين الأفراد، فلكلّ علاقة اجتماعيّة لها حاجة تبادليّة، وقد تكون هذه الحاجة معنويّة أو ماديّة، فالأسرة هي حاجة معنويّة، وزملاء العمل هم حاجة مادّيّة.
تعدّ الثقافة بمثابة القانون الضمنيّ الذي يحرّك العمليّات والتفاعلات الاجتماعيّة، فالثقافة هي ذلك الكلّ المركّب المعقّد التي تحتوي العادات والتقاليد والأعراف واللّغة والدين والنظم الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والقيم والمعايير، وكلّ ما يكتسبه الفرد بوصفه عضواً في المجتمع، فالمجتمع هو وعاء للثقافة، كما أنّ الثقافة هي وقود المجتمع.
يختلف تعريف المجتمع في علم الاجتماع عن تعريف علم الإنسان في التركيز على العناصر الثقافيّة للمجتمع، وهذا بعكس علم الاجتماع، الذي يهتمّ بالتركيز على دائرة العلاقات الاجتماعيّة.
هناك عدّة تعريفات للمجتمع من المنظور السياسيّ، والمنظور الاجتماعيّ، والمنظور النفسيّ وغيرها.
يمكن تعريفه اصطلاحاً على أنّه عدد كبير من الأفراد المستقرّين، الذين تجمعهم روابط اجتماعيّة ومصالح مشتركة، ترافقها أنظمة تهدف إلى ضبط سلوكهم، ويكونون تحت رعاية السلطة،
وُصف المجتمع من قبل علماء الاجتماع على أنّه أكبر جماعة يمكن أن ينتمي إليها الأفراد، وله القدرة على التكيّف بذاته، ويكون مكتفياً بحيث يتمكّن من القدرة في الاستمرار.
من الصعب أن تُرسم حدود معيّنة وثابتة لأيّ مجتمع؛ لأنّ الحدود تتغيّر وتختلف باختلاف الأحوال، وحسب الغرض المراد من تحديدها.
هناك عدد من القضايا التي يعالجها مصطلح المجتمع والتي تواجه الناس، وهي:
كيفيّة تفكير الناس، وماهيّة الطرق التي يتبادلون بها المعلومات فيما بينهم.
ماهيّة الظروف التي تتحكّم في سلوك الفرد، والتي تحتاج إلى دراسة مجموعة لا دراسة أفراد.
الحال الإنسانيّة، والتي يجب أن تتجاوز دليل الحواسّ الشخصيّة؛ وذلك لأنّ جوانب حياة الفرد مرتبطة بجوانب المجتمع الذي يعيش فيه.
عناصر المجتمع
-توفّر منطقة أو مساحة جغرافيّة تجمع الأفراد معاً.
-توفر بناء ونظام اجتماعيّ معيّن، مكوّن من العادات والقيم يمكِّنُ الأفراد في داخل المجتمع من التفاعل ويساعدهم على إبداء آرائهم.
-وجود الأهداف المجتمعيّة والرغبات، والطموحات، والتوقّعات.. حتّى يدرك جميع الأفراد الذين ينتمون لمجتمع ما بأنّ عليهم أن يعيشوا كوحدة واحدة.
-امتلاك الأفراد سلوكيّات اجتماعيّة تساعدهم على التعايش مع بعضهم بعضاً، مثل التّعاون والتّكافل.
-منظومة القوانين.
-قدرة المجتمع على توفير احتياجات أفراده الأساسيّة.
تركيب المجتمع
كل مجتمع يتركب من أبعاد بنائية معينة وهي :
1- البناء الطبيعي أو الفيزيقي
أي أن كل مجتمع يبنى على طبيعة معينة ، وتؤثر في المجتمع وثقافته ونظام حياته ، وبالتالي على الجماعة التكيف معها أو محاولة حماية أنفسهم منها أو التحكم بها ، مثل المناخ وطبيعة الأرض والتضاريس والمصادر الطبيعية . ( اسبارطة والطبيعة الجبلية القاسية وطبيعة التربية القاسية )
2- البناء السكاني
ويعني جنس السكان ، دينهم ، أصلهم ، تركيبهم العمري ، عرب ، مسلمون ، مسيحيون ، كبار السن ، صغار السن ، متعلمون ، أميون …
3- البناء المهني
تحدد الطبيعة أحيانا نوع المهن ، ففي المدن الشاطئية البحرية تظهر مهن معينة كالعمل في البحار والمنتجات والخدمات البحرية .
4- بناء المؤسسات
ويشمل ذلك نظام الأسرة كمؤسسة اجتماعية ، وأيضا نظام المدارس ونظام أماكن العبادة ، هذا علما بأن نظام الأسرة يختلف في المدن التجارية عن المدن الصناعية عن المدن الزراعية وأيضا يختلف من الريف إلى المدينة.
5- البناء الطبقي
ظاهرة موجودة منذ فجر التاريخ ، ويعني نظام المستويات الاجتماعية ، طبقات عليا ، وسطى ، دنيا ، فقراء و أغنياء ( مثل طبقا المجتمع الهندي ) .
6- البناء التنظيمي
يعني نظام الحكم السائد في المجتمع ، ديموقراطي ، جمهوري ، ملكي ، اشتراكي
أنواع المجتمعات
للمجتمعات أنواع كثيرة منها:
-المجتمعات الرعويّة، وهي التي اعتمدت بشكل رئيسيّ على تدجين الحيوانات، وترويضها، وتربيتها، في تأمين غذائها، وملابسها، وطرق تنقّلها من مكان إلى آخر، ووُصِفت بأنّها مجتمعاتٌ بدويّة.
-المجتمعات الزراعيّة: مجتمعات استقرّت في الأماكن التي يكثر فيها هطول الأمطار، وتوفّرت فيها ظروف زراعة المحاصيل وكانت تعتمد آلات بسيطة ثمّ بعد الثورة الزراعيّة تطوّر استخدامها للأدوات الزراعيّة المتطوّرة، التي جعلت الزراعة أكثر راحة ووفّرت طرقاً جديدةً للمزارعين، مثل توفير محاصيلهم، واستخدام مختلف أنواع الأسمدة، ممّا أدّى إلى إنتاج محاصيل أكثر، وفائض أكبر في إنتاج الغذاء، وبالتالي ازدياد التجمّعات السكانيّة فيها، وأصبحت مراكز للتجارة والتجّار.
-المجتمعات الريفيّة: التي تعتمد على مواردها المحليّة، ويقتصر إنتاجها على العمالة المتوفرة لديها، وليس فيها سوى عدد قليل من المهن، كالمجتمعات التي تعتمد على مهنة الصيد، أو جمع الثمار من أجل البقاء، وكثيراً ما تكون قبائل رُحّلاً، تتنقل من مكان إلى آخر؛ للعثور على منطقة يتوفّر فيها الغذاء.
المجتمعات الإقطاعيّة، التي تحتوي الملّاك الذين تملّكوا الأراضي الزراعيّة التي عُرفت بالإقطاعات، التي تُزرع من قبل الطبقات الدُّنيا في المجتمع، ولكن هذا النظام فشل بعد فترة من الزمن، وحلّ محلّه النظام الرأسماليّ والصناعة في العصر الصناعيّ.
-المجتمع الصناعيّ: الذي ظهر بعد الثورة الصناعيّة في القرن الثامن عشر، حيث ظهرت العديد من الاختراعات التي أثّرت في حياة الناس، وبدلاً من الاعتماد على الإنسان، والحيوان، والأدوات البدائيّة في الإنتاج، أصبح الاعتماد على الآلات، كما ظهرت العديد من الاختراعات التي سهّلت حياة الناس؛ ممّا أدى إلى تحسين نوعيّة التعليم والصحّة وتطوّرت الحياة الليليّة للمدن بظهور أضواء الغاز؛ فازداد توافد العمال إلى هذه المجتمعات وأصبحت تتنوّع وتتغيّر بشكل سريع.
-مجتمع المدن الكبرى والعملاقة Metropolitan و Super Metropolitan أو Megalopolis: يضمّ عدداً كبيراً من السكّان ومن المتناقضات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والفكريّة والثقافيّة، وما يميّز هذه المدن وجود خليط من المجتمعات التي قد تكون مستقلّة في أحياء خاصّة ذات خدمات منتظمة ومؤسّسات خاصّة.
-المجتمعات المغلقة: لهم تقاليد وعادات ونظم ومعتقدات خاصّة، قد تكون طائفة معيّنة أو طبقة معيّنة في المجتمع أو أصحاب مهن ووظائف معيّنة.
-المجتمعات الرقميّة: التي تميّزت بإنتاج الخدمات والمعلومات، وأصبحت هذه المجتمعات تُقاد بإنتاج المعرفة، وليس السلع المادّيّة، وهذا أدّى إلى انقسام طبقات هذا النوع من المجتمعات بحسب درجة المعرفة والتعليم التي يمتلكها أفرادها.
-المجتمعات السياسيّة: حيث إنّ نظام الحكم -النظام الملكيّ، الجمهوريّ، الأميريّ… الذي يحكم المجتمع يفرض نمطاً معيّناً ومنهجاً سياسيّاً خاصّاً على المجتمع، وعند تغيّر ذلك النظام الحاكم يتغيّر نظام الحكم الذي كان سائداً.
-المجتمع الرأسماليّ: نظام منفتح، يتميّز بإعطاء الفرد حرّيّة التملّك، يؤمن بأهميّته كثير ممّن يعيشون في تلك المجتمعات الرأسماليّة، ويقسم إلى قسمين: مجتمعات رأسماليّة حرّة، ومجتمعات رأسماليّة مقيّدة.
-المجتمع الاشتراكيّ: نظام يعتمد على حكم الشعب والجماعة والحزب، لا يوجد تملّك، والحرّيّات مقيّدة، وقد تختلف أنظمة الحكم الاشتراكيّ، فتكون متطرّفة إلى أقصى اليمين، أو متطرّفة إلى أقصى اليسار، أو معتدلة.
-المجتمع الهلاميّ / المجتمعات النامية: يأخذ من الرأسماليّة والاشتراكيّة ما يفيده، وما لا يفيده، وتتميّز الكثير من هذه المجتمعات بعوزها الماليّ، وتدهور الأحوال الاقتصاديّة فيها، وقلّة الدخل القوميّ.
يرى بعض علماء الاجتماع أنّ المجتمع قد يحتوي أشكالاً أخرى من المجتمع، وتقسّم إلى الأشكال التالية:
-الجماعات الأوّليّة: هي الجماعة التي ينتمي إليها الفرد، كالأسرة، والجوار، والأقارب، والرفاق، وهذه الجماعة تؤثّر كثيراً في تربية وتكوين الطفل.
-المجتمع المحليّ: أي النسق الاجتماعيّ، الذي يتكوّن من مجموعة من الأسر والوحدات الاجتماعيّة الأخرى، وتعتمد هذه الوحدات على بعضها، لتلبيّة حاجاتهم اليوميّة، وقد يكون هذا المجتمع المحليّ صغيراً، كما هو الحال في القرى، وقد يكون كبيراً جداً ( آلاف الأسر ) التي تتبادل المنافع، وهذا يكون في المدن الكبرى والعواصم، وقد يكون هذا المجتمع المحليّ مجتمعاً متخصّصاً جداً، مثل المجتمعات التي تقام ضمن بيئات عمل خاصّة، كما هو الحال في شركة البوتاس والفوسفات وآبار النفط، والمناجم وغيرها.
-الهيئات الاجتماعيّة: هي جماعة من الأفراد، يؤدّون خدمة معيّنة، ولهم نظام خاصّ يديرهم داخل الأحزاب السياسيّة والجمعيّات والنوادي.