تعريف العنف فلسفيا نتعرف عليه من خلال مقالنا هذا كما نذكر لكم مجموعة متنوعة أخرى من الفقرات مثل تعريف العنف عند الفلاسفة العنف عبر التاريخ ونبذة مختضرة عن العنف تابعوا السطور القادمة.
محتويات المقال
تعريف العنف فلسفيا
تم تعريف العلم فلسفيا على أنه تعسفا في استعمال القوة، وبهذا المعنى فهو يحيل إلى الفعل أو التصرف « ضد القانون » أو « الإخلال بالاحترام الواجب للشخص » وقد حدد الإغريق العنف باعتباره إفراطا في القوة، فالعنف هو تعسف في القوة وتدنيس للطبيعة وخرق للقوانين المقدسة وقد ارتبط العنف في العصر الحديث بشكلين بارزين هما الحرب والعدوانية، فالفعل من حيث هو فعل مدمر، يتم توجيهه ضد الآخر قصد إخضاعه وتوجد علاقة بين العنف كممارسة واقعية وانتشاره الإعلامي، إذ لم يعد العنف منفصلا عن وسائل الإعلام التي تنشره وتستعمله كما تشاء أو تصمت عنه، وهكذا فالإرهاب العالمي والتعذيب والإعدامات وأشكال التخريب يستخدمها الإعلام بشكل منظم، مقنن ودقيق، من حيث أن العنف أصبح قابلا للحساب والتحكم، ووسيلة لتحقيق المردودية وفرض السيطرة والقمع والتهديد به.
تعريف العنف عند الفلاسفة
إليكم قائمة بأهم التعريفات للعنف عن بعض الفلاسفة:
-ماركس:
أما ماركس فيرى أن العنف هو إفراز تاريخي ، نتج عن تعارض المصالح بظهور الملكية الفردية. و يربط إنجلز بين الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وظهور الأسرة والسلطة والعنف، كما اعتبر ماركس أن الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية ، يتطلب اللجوء إلى العنف لتحقيق ديكتاتورية البروليتاريا كمرحله انتقاليه ، لكن يجب القضاء على كل مظاهره بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية.
1-توماس هوبز:
آما هوبز فيرى أن العنف يمثل عنصرا أساسيا في العلاقات الاجتماعية، ذلك أن الباعث الأساسي لسلوك الإنسان هو حب البقاء والحفاظ على الذات، وبالتالي فكل إنسان بحكم أنانيته الطبيعية يمثل خطرا بالنسبة لكل إنسان آخر، ففي الحالة الطبيعية السابقة على وجود الدولة يكون “الجميع في حرب ضد الجميع”، لذا يتحتم تأسيس دولة قاهرة لإيقاف الحرب ولضمان الحياة واستمرارية المجتمع.
2-ابن خلدون :
أما ابن خلدون فيرى أن الدولة هي ضرورية للحد من نزوات الإنسان الأنانية، ومن نزوعه إلى التظلم على الآخرين سعيا وراء مصالحه ومنافعه الخاصة، على أن الحكم لا يكون عادلا بالضرورة، بل إنه في كثير من الأحيان يجنح إلى العسف والقهر لأنه يعود في جذوره الاجتماعية إلى القوة والصراع ، ويعبر بالتالي عن سيطرة قبيلة تحظى بعصبية أقوى من القبائل الأخرى، فالسياسة تقترن عند ابن خلدون بالقوة والعنف إذ يتعذر إخضاع الناس واستمالتهم بالطرق السلمية.
3-فرويد :
يرى فرويد أن العنف هو نزعه طبيعيه في الإنسان، وتستند إلى رغبه تدميريه ( ليبيدو سالب) ، وهي تعبر عن نزعة تلقائية لكل كائن عضوي نحو الموت، ويقابلها نزعه طبيعيه أخرى نقيضه لها هي نزعه الحياة (نزعة الإيروس ) ، والتي تدفع إلى الإنسان إلى الإبداع .
4-ستانلي ميلغرام :
أما ميلغرام ، فقد قام بإجراء تجربه أطلق عليها اسم (حدود الخضوع للسلطة)، واستخلص منها انه رغم أن هناك نزعه عدوانيه طبيعيه لدى الإنسان، إلا أن الظروف التاريخية و الاجتماعية هي المحدد الأساسي لظهور العنف .
5- إيريك فروم :
أما فروم فيرى أن العنف ليس سلوك طبيعي اساسى، وان علم النفس الحيواني يؤكد أن الحيوانات لا تكون عنيفة إلا في حالات معينه، وان العنف في هذه الحالات هو وسيله وليس غاية .
6-ماكيافلي :
اعتبر ميكافيلى أن للسياسة قواعد خاصة بها ، والتي لا علاقة لها بالقيم الدينية والاخلاقيه، ومن هذه القواعد التي يجب أن يتمسك بها الأمير ، هي اللجوء إلى العنف، فالعنف يعد عنده من المكونات الأساسية لكل فعل سياسي ناجح .
7-الفارابي:
اعتبر الفارابي في كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة) أن الغلبة والقهر هما من خاصيات المدينة الضالة، فالسياسة لا تقترن بالضرورة بالعسف والعنف, ففي المدينة الفاضلة يسود العقل الكامل والقيم المثلى. وتكون السياسة فيها حكيمة وقويمة حيث تهدف إلى إسعاد الإنسان.
العنف عبر التاريخ
1-أطروحة ماركس
يرى ماركس أن تاريخ المجتمعات، هو تاريخ صراع بين الطبقات، الصراع بين من يملك وسائل الإنتاج والخبرات وبين من لا يملك، وقد أخذ الصراع أشكالا مختلفة بين طبقات الأحرار والعبيد(في المجتمعات العبودية) بين الإقطاعيين والأقنان في ظل النظام الإقطاعي، وفي المجتمع البورجوازي الحديث الذي قام على أنقاض المجتمع الإقطاعي الذي عرف بدوره صراعا بين البورجوازية والبروليتاريا.
ويتضح من الأطروحة الماركسية، أن الشكل الأساسي للعنف في التاريخ ناتج عن الصراع بين الطبقات، حيث إن نمط الإنتاج القائم على الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، هو الذي يفسر التعارض والصراع بين الطبقة البورجوازية المالكة لوسائل الإنتاج والطبقة البروليتارية المضطهدة، حيث تكون العلاقة القائمة على أساس الاستغلال، يرى انجلز أن الصراع الطبقي يولد شكلين من العنف، عنف سياسي وعنف اقتصادي، وغالبا ما يحدد الثاني الأول، ما دام العنصر الاقتصادي هو أساس تطور المجتمع.
2-أطروحة هوبز
يعتبر أن مصادر العنف توجد في الطبيعة الإنسانية وهي ثلاثة: التنافس والحذر والكبرياء، غير أن هوبز يؤكد أن ما نسميه حالة السلم والهدوء ما هو إلا استعداد لحرب جديدة.
نبذة مختضرة عن العنف
-العُنفُ في اللّغة أصله من الجذر اللغوي عَنَفَ (ع، ن، ف)، ويعني: “الْخُرْقُ بِالْأَمْرِ وَقِلَّةُ الرِّفْقِ بِهِ، وَهُوَ ضِدُّ الرِّفْقِ.” (إبن منظور/ لسان العرب) زإنّ أخطرَ ما في العُنفِ هو ارتداؤه ثوبَ القَداسة وَمَيْله إلى الإكثار من اختلاق الذرائع والأعذار؛ لذلك نَرى الكثير من أهل السياسة يَنطلقون من اعتقادٍ راسخٍ مفاده أنّ ما يقومون به بَعيد عن الحُرمة وأنّه أقرب إلى المطلوب والضروري. منهج التبرير هذا يسعى لِلَيّ عنق الحقائق وانتقاء الأحكام الشرعية التي تُمكّنه من التلاعُب بعقول الناس وإضفاء الغطاء الشرعي لأعمال الشرّ، بل يسعى البعض إلى اعتبار العُنف عملاً مُقدَّساً يتقرَّب به البعض إلى الله تعالى، وأنّه مهمّة لا يحملها إلّا الأكفّاء.
-ولَقَد سَعى أهلُ الفلسفة والفكر وعُلماء الإنثروبولوجيا والإثنولوجيا إلى البحث في مفهومِ العُنفِ باعتباره من أهمّ المفاهيم التي تُسيطر على نوازِعِ الإنسانِ وترسم طِباعه وتُحدِّد سلوكه ونوع علاقاته مع الإنسان الآخر، فأكَّد البعض منهم أنّه ما دام المجتمع بطبعه مَيّالاً إلى العُنفِ والسلوك الإيذائي، فإنّه من البديهيّ أن نَرى نظاماً سياسياً ينتهج العُنف وسيلة لتثبيت قواعده، وأنّه في حال غياب المنهج الأخلاقي في الإصلاح والتربية والذي تنعكس نتائجه من خلال سلوكيّات الفرد العنيفة، فإنّه يتحتَّم على النظام السياسي أنْ يتنهج العُنف كوسيلةٍ ويستخدم القوَّة المُفرطة كأداةٍ لتطبيق النظام وفَرْض سلطة القانون. م