حاتم الطائي سوف نتطرق في هذا الموضوع عن من هو حاتم الطائي وحياته ونشائته وقصة زواجه و أولاده
محتويات المقال
من هو حاتم الطائي
هو حاتم بن عبد الله بن سعد الطّائيّ ويُلقب بأبي عَدي وأبي سفّانة، وهو من شعراء الجاهليّة المعروفين بالفروسيّة والكرم، وكفله جدّه سعد بن الحشرج بعد وفاة أبيه، وحرص على تنشئته والاهتمام به حتّى وصل مرحلة الشباب، وعيّنه جدّه راعياً ومسؤولاً عن الإبل، ويُقال أن رجالاً آتوا عند حاتم فأكرمهم ووزع عليهم إبل جدّه بعد معرفته بأنّهم شعراء، فغضب جدّه عندما علّم بالخبر وتخلّى عنه، ويُقال أنّ مُلكية الإبل تعود لأبيه وليس لجدّه، وظلّ حاتم الطّائيّ على هذه الحال التي كان عليها من كرمٍ وسماحة في النّفس، وعدم تخلّفٍ عن العطاء والبذل حتّى وفاته.
نشأة حاتم الطائي
ينتمي حاتم الطّائيّ إلى قبيلة طيء إحدى القبائل التي عاشت في منطقة يُطلق عليها اسم أجا وسلمى، بالقُربِ من جبال السُّراة الغربيّة التي تقع في الجهة الغربيّة لمدينة صنعاء عاصمة اليمن، وكانت هذه المنطقة تتميّزُ بطبيعتها الخصبة؛ ممّا ساهم في تميّز قبيلة طيء بعدّة مميّزات معنويّة وماديّة، وشكّل حاتم الطّائيّ أحد أهمّ النماذج لهذه القبيلة، فكان ميسور الحال أحياناً وضيق الحال أحياناً أُخرى.
قصة زواجه
زوجته كانت شديدة الثراء و مثل الملكة ، و طلب الزواج منها الشعراء النبيني و النابغة الذبياني و حاتم الطائي ، و جمعتهم معا و طلبت من كل منهم أن يلقي شعرا يذكر فيه محاسنه ، ثم بعد ذلك إختارت حاتم الطائي .
زوجات وأولاد حاتم الطائي
تُشير المصادر إلى أن النَّوار وماويَّة هما زوجتي حاتم الطّائيّ، وكانت زوجته ماويَّة بنت عفزَر ملكة من ملكات الحيرة، وطلبت أن تتزوجَ أوسم الرجال في الحيرة ووقع الاختيار على حاتم، أمّا زوجته النَّوار البُختُريّة فهي من بني سلامان، وهي من النساء الشريفات وتعود أصولها إلى اليمن وعاشت في الحيرة، ولا يُذكرُ لحاتم الطّائيّ إلّا زوجتيه النَّوار وماويَّة، مع ورود أخبار عن وجود زوجاتٍ غيرهما لحاتم. أنجبت النَّوار لحاتم الطّائيّ ابنيه عبد الله وعَدي وبنته سفّانة، ويُعدّ ابنه عَدياً -رضيّ الله عنه- أشهر أبناء حاتم، ووُلِدَ قبل حوالي 50 عاماً من الهجرة النبويّة الشرفيّة أثناء العصر الجاهليّ، ومات في عام 67 للهجرة، ويُقدّرُ عُمره بحوالي 120 عاماً، وعُرِف بأبي وهب وأبي طريف، وخلال الجاهليّة كان رئيساً لقومه، وعندما بدأت دعوة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لم يسلم عَدي، ورحل إلى الشام مع أهله وترك أخته سفّانة في اليمن، وأُسرت عند وصول جيوش المسلمين إلى منطقة طيء، ولكنها تمكّنت من العودة إلى أخيها وأقنعته بإعادة التفكير نحو الإسلام، فقرر عَدي التوجه إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليُعلن إسلامه.
وفاة حاتم الطائي
لم تتّفق الآراء حول الزمن الذي توفي فيه حاتم الطّائيّ؛ حيث ذُكِرَ أنّه توفي في عام ثمانيّة للهجرة ولكنه قول غير دقيق؛ إذ لم يذكر أي شخص كتب عن حاتم الطّائيّ أنّه ظلّ على قيد الحياة حتّى البعثة النبويّة الشريفة، أمّا الرأي الأقرب إلى الصواب أنّ حاتماً عاش حتّى ولادة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم – وتوفي قبل البعثة النبويّة الشريفة؛ أي قبل عام 610 للميلاد، وأقرب الكلام حول وفاة حاتم الطّائيّ أنّه توفي في أول عشرة أعوام من القرن 7 الميلادي، ودُفِنَ بتُنغة أحد مواقع وادي حائل.
أغراض شعر حاتم الطائي
عُرِفَ عن حاتم الطّائيّ أنّه شاعر ألّفَ شّعراً جيّداً وكتبه في ديوان شعريّ، وتميّز شعره بتراكيبه وألفاظه البسيطة، ومعانيه الواضحة، والابتعاد عن التّعقيد،وألّفَ حاتم الطّائيّ شعره في العديد من المجالات والأغراض الشعريّة، مثل الحماسة والعفة والكرم، واهتمّ بكتابة النّثر الذي تميّز بالحكمة، كما كتب أبياتاً شعريّة في المدح وأُخرى في الهجاء، وفيما يأتي معلومات عن مجموعةٍ من الأغراض الشعريّة التي كتب بها حاتم الطّائيّ
شعر الفخر
هو افتخار حاتم الطّائيّ بشجاعته، وعفته، وكرمه، ومن الأمثلة على ذلك عندما رحل جدّه سعد وظلّ حاتم في منزله، وقال:
وإنّي لَعَفُّ الفَقرِ، مُشترَكُ الغِنى *** وردك شكل لا يوافقه شكلي
وشكلي شكل لا يقوم لمثله *** من النّاس، إلّا كلُّ ذي نيقة مثلي
ولي نيقة في المجدِ والبذل لم تكن *** تألفها، فيما مضى أحدٌ قبلي
وأجعلُ مالي دون عرضي، جنةً *** لنفسي، فاستغني بما كان من فضلي
شعر المدح
وقال فيه:
إن كُنتِ كارِهَة ًمَعيشَتَنا *** هاتي فحلي في بني بدرِ
جاورتهم زمن الفساد فنعمَ *** الحيُّ في العَوصاءِ واليُسرِ
والخالطينَ نَحيتَهُم بنُضارِهم *** وذوي الغِنى منهم بذي الفقرِ
من أقواله عن المال :
أما و الله إن المال غادو و رائح و يبقى من المال الأحاديث و الكرم
أرى المال عند الممسكين معبدا
كرمه
كان حاتم و عبدالله الشريفي من شعراء العرب وكان جوادا يشبه شعره جوده ويصدق قوله فعله وكان حيثما نزل عرف منزله مظفر وإذا قاتل غلب وإذا غنم أنهب وإذا سئل وهب وإذا ضرب بالقداح فاز وإذا سابق سبق وإذا أسر أطلق وكان يقسم بالله ألا يقتل أحدا في الشهر الأصم (رجب)، وكانت مصر تعظمه في الجاهلية، وكان ينحر في كل يوم عشرا من الإبل، فأطعم الناس واجتمعوا إليه.
ومن المواقف لحاتم الطائي الذي هو أخو عبدالله الثقفي من الرضاعة أن قالت له امرأة من عنزة بن ربيعه: قم افصد لنا هذه الناقة، فقام حاتم ونحر الناقة بدلاً من فصدها، فذهلت المرأة واسمها عالية العنزيه التي تزوجها فيما بعد وأنجبت له شبيب على حد ذكر ابن الأثير، فقال حاتم الأبيات التالية بعد نحره للناقة:
*إنّ ابن أسماء لكم ضامن.. حتى يؤدّي آنسٌ ناويـه
*لا أفصد الناقة في أنفها.. لكنّني أوجرهـا العاليـه
*إنّي عن الفصد لفي مفخر.. يكره مني المفصد الآليه
اقترن الكرم والجود والسخاء بحاتم الطائي، ونرى ذلك عند نقاشه مع والده عندما قدم لضيوفه كل الإبل التي كان يرعاها وهو يجهل هويتهم وعندما عرفهم كانوا شعراء ثلاثة عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم والنابغة الذبياني وكانت وجهتهم النعمان فسألوه القرى (أي الطعام الذي يقدم للضيف) فنحر لهم ثلاثه من الإبل فقال عبيد: إنما أردنا بالقرى اللبن وكانت تكفينا بكرة، إذ كنت لابد متكلفا لنا شيئا، فقال حاتم: قد عرفت ولكني رأيت وجوها مختلفة وألوانا متفرقة فظننت أن البلدان غير واحدة فأردت أن يذكر كل واحد منكم ما رأى إذا أتى قومه، فقالوا فيه أشعارا امتدحوه بها وذكروا فضله، فقال حاتم: أردت أن أحسن إليكم فصار لكم الفضل علي وأنا أعاهد أن أضرب عراقيب إبلى عن آخرها أو تقوموا إليها فتقسموها ففعلوا فأصاب الرجل تسعة وثلاثين ومضوا إلى النعمان، وإن أبا حاتم سمع بما فعل فأتاه فقال له: أين الإبل؟ فقال حاتم: يا أبت طوقتك بها طوق الحمامة مجد الدهر وكرما، لا يزال الرجل يحمل بيت شعر أثنى به علينا عوضا من إبلك فلما سمع أبوه ذلك قال: أبإبلي فعلت ذلك؟ قال: نعم، قال: والله لا أساكنك أبدا فخرج أبوه بأهله وترك حاتما ومعه جاريته وفرسه وفلوها. فقال حاتم في ذلك:
*إني لعف الفقر مشترك الغنى وتارك شكلا لا يوافقه شكلي
*وشكلي شكل لا يقوم لمثله من الناس إلا كل ذي نيقة مثلي
*وأجعل مالي دون عرضي جنة لنفسي وأستغني بما كان من فضل
*وما ضرني أن سار سعد بأهله وأفردنى في الدار ليس معى أهلي
*سيكفي ابتنائي المجد سعد بن حشرج وأحمل عنكم كل ماضاع من نفل
*ولي مع بذل المال في المجد صولة إذا الحرب أبدت من نواجذها العصل
ومن مواقفه أيضا: حُكي أن ملكان ابن أخي ماوية زوجة حاتم الطائي قال: قلت لها يوماً: يا عمة حدثيني ببعض عجائب حاتم وبعض مكارم أخلاقه، فقالت يا ابن أخي أعجب ما رأيت منه أنه أصابت الناس سنة قحط أذهبت الخف والظلف وقد أخذني وإياه الجوع وأسهرنا، فأخذت سفانة وأخذ عدياً وجعلنا نعلّلهما حتى ناما، فأقبل عليّ يحدثني ويعللني بالحديث حتى أنام، فرفقت به لما به من الجوع، فأمسكت عن كلامه لينام، فقال لي أنمت؟ فلم أجبه فسكت، ونظر في فناء الخباء، فإذا شيء قد أقبل، فرفع رأسه فإذا امرأة، فقال ما هذا؟ فقالت يا أبا عدي أتيتك من عند صبية يتعاوون كالكلاب أو كالذئاب جوعاً، فقال لها: أحضري صبيانك فوالله لأشبعنهم فقامت سريعة لأولادها فرفعت رأسي وقلت له يا حاتم بماذا تشبع أطفالها فوالله ما نام صبيانك من الجوع إلا بالتعليل، فقال والله لأشبعنّك واشبعنّ صبيانك وصبيانها، فلما جاءت المرأة نهض قائماً وأخذ المدية بيده وعمد إلى فرسه فذبحه ثم أجج ناراً ودفع إليها شفرة، وقال قطعي واشوي وكلي وأطعمي صبيانك، فأكلت المرأة وأشبعت صبيانها، فأيقظت أولادي وأكلت وأطعمتهم، فقال والله إن هذا لهو اللؤم تأكلون وأهل الحي حالهم مثل حالكم! ثم أتى الحي بيتاً بيتاً يقول لهم انهضوا بالنار فاجتمعوا حول الفرس، وتقنَّع حاتم بكسائه وجلس ناحية فوالله ما أصبحوا وعلى وجه الأرض منها قليل ولا كثير إلا العظم والحافر، ولا والله ما ذاقها حاتم وإنه لأشدهم جوعاً.
وفاته
مات في عوارض، جبل في بلاد طيء.