نقدم اليكم في هذا الموضوع حكم الوقف على الورثة وماهو تعريف الوقف الشامل واهم اهدافه .
الوقف وتعريفه:
الوقف والتّحبيس والتّسبيل بمعنى واحد، وهو لغة: الحبس والمنع يقال: وقفت كذا أي حبسته، ولا يقال: أوقفته إلا في لغة تميمية وهي رديئة وعليها العامة وهي بمعنى سكت وأمسك وأقلع .
قال عنترة العبسي :
ووقففتُ فيها ناقَتي فكأنَّها فدنٌ لأقضِي حاجةَ المُتَلوِّم
وقال غيره:
وقولهُا والركابُ مُوقَفـةٌ أقِم علينا يا أخِي فلم أُقِــمِ
ومنه الموقف لأن الناس يوقفون أي يحبسون للحساب .
ومعناه شرعًا: حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود، ويجمع على وقوف وأوقاف.
والحُبْس : بضم الحاء وسكون الباء الموحدة بمعنى الوقف، وهو كل شيء وقفه صاحبه من أصول أو غيرها، يحبس أصله وتُسبل غلته .
والفقهاء يُعبرون بالوقف وأحياناً بالحبس إلا أن التعبير بالوقف عندهم أقوى. وقد يعبر عن الوقف بلفظ الصدقة بشرط أن يقترن معها ما يفيد قصد التحبيس.
وجمع الحبس حُبُس – بضم الباء- كما قاله الأزهري ، وأحبس بالألف أكثر استعمالاً من حبس، عكس وقف، فالأولى فصيحة، والثانية رديئة.
واحتبست فرساً في سبيل الله أي: وقفت، فهو محتبس وحبيس، والحبُس بالضم ما وقف.
والحبيس: فعيل بمعنى مفعول أي محبوس على ما قصد له، لا يجوز التصرف فيه لغير ما صير له .
واشتهر إطلاق كلمة الوقف على اسم المفعول وهو الموقوف.
ويعبر عن الوقف بالحبس، ويقال في المغرب: وزير الأحباس.
حكم الوقف:
الوقف مستحب؛ لما فيه من بر الأحباب، ومواساة الفقراء في الدنيا، وتحصيل الثواب في الآخرة.
والوقف الشرعي الصحيح هو ما كان على جهة بر من قريب، أو فقير، أو جهة خيرية نافعة، فهو صدقة جارية دائمة.
وهو من أفضل الصدقات التي حث الله عليها، ورغَّب فيها رسوله؟؛ لأنه صدقة دائمة ثابتة في وجوه البر والإحسان.
وهو من أجلِّ وأعظم أعمال القُرب التي لا تنقطع بعد الموت.
1- قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [92]} [آل عمران: 92].
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». أخرجه مسلم.
3- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: أصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أرْضاً، فَأتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أصَبْتُ أرْضًا، لَمْ أصِبْ مالاً قَطُّ أنْفَسَ مِنْهُ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ «إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». فَتَصَدَّقَ عُمَرُ: أنَّهُ لا يُبَاعُ أصْلُهَا، وَلا يُوهَبُ، وَلا يُورَثُ، فِي الفُقَرَاءِ، وَالقُرْبَى، وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ الله، وَالضَّيْفِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالمَعْرُوفِ، أوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. متفق عليه.
حكم وقف الأملاك على الورثة
سؤال : أنا رجل يساورني هاجس الخوف على ورثتي القصر بعد موتي خاصة زوجتي غير الحاصلة على الجنسية السعودية وأولادها، وأملك ثلاثة منازل كل زوجة وأولادها ساكنين في واحد، وأخشى بعد موتي أن تباع المنازل وتقسم التركة نقداً ولا يجد بعض القصر سكناً خاصةً النساء من الزوجات والبنات المطلقات والأرامل فرضاً.فهل يجوز لي حبس أصول هذه المنازل وتسبيل منافعها على ورثتي بنسبة نصيب كل وارث من الميراث، وأما عقبهم فعلى الرؤوس ذكوراً وإناثاً من نسل الذكور ومن احتاج سكن ( وقف خيري ) على ورثتي منعاً من البيع وهذا كل تركتي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على السائل الكريم أن يوقف هذه البيوت على ورثته إن نجَّز ذلك الوقف بحيث يخلى بينهم وبينها ولا يعلقه على موته.
وأما إن علقه على موته فإنه يكون في معنى الوصية، وبالتالي لا يصح وقفه على الورثة؛ لأنه لا وصية لوارث.
وكذلك لو أوقف على غير ورثته من ذريته أو غيرهم فلا بد عندئذ أن يكون في حدود الثلث، ولا يمضي ما فوق ذلك إلا بإذن الورثة.
وأما كيفية تقسيم هذا الوقف ـ في حال صحته ـ على المستفيدين منه، فما ذكره السائل من قسمته عليهم بحسب أنصبتهم من الميراث دون التسوية بينهم فيه ـ قد استحبه بعض أهل العلم.
قال ابن قدامة في (المغني): المستحب أن يقسم الوقف على أولاده على حسب قسمة الله تعالى الميراث بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين. اهـ.