حوار بين عصفور و شجرتين

كتابة حسن الشهري - تاريخ الكتابة: 24 يناير, 2022 7:38
حوار بين عصفور و شجرتين

حوار بين عصفور و شجرتين كما سنقوم بذكر قصة العصافير، وكذلك سنقوم بالتحدث عن العصفور كوكو، وأيضًا سنذكر قصة ليلى والعصفور السجين، وكل هذا سوف نتحدث عنه من خلال مقالنا هذا تابعوا معنا.

حوار بين عصفور و شجرتين

أن عصفورا صغيرا حديث العهد بالطيران كان قد غادر لتوه العش بعد أن كان والداه قد قضيا فترة لا بأس بها في تدريبه على الطيران مع إخوته …
و لسوء حظ العصفور الصغير صادف ذلك اليوم الذي غادر فيه العش العائلي هبوب عاصفة قوية حملته بعيدا عن موطنه فوجد نفسه وحيدا في أرض غريبة لا يعرف فيها أحدا وقد أقبل الليل بجيش ظلامه ونظر العصفور يمينا و شمالا يبحث عن مكان آمن يقضي فيه ليلته فوقع بصره على شجرة كبيرة ذات أغصان متشابكة مورقة، و ذات ثمار يانعة وفيرة فلم ير مثلها ملاذا له في ليلته التعيسة تلك.
حط العصفور على غصن مندس في قلب الشجرة، وكان بجوار مكمنه ثمرة ناضجة شهية نضح سلافها فسال له على حافتها شرابا لذيذا …
حمد العصفور ربه الذي ساقه إلى هذه الشجرة المباركة التي هيأت له عشاء و مبيتا و تجلى فيه قول الله ” الذي أطعمكم من جوع و آمنكم من خوف ” و قضى العصفور الصغير ليلته دافئا آمنا.
وفي الصباح أراد العصفور أن يشكر الشجرة لأنها سمحت له بالإيواء فتفاجأ أن الشجرة لم تكن تشعر بوجوده أصلا.
قالت له بأنها شأن كل شجرة مباركة خيرها لكل الخلق و لهذا فهي لا تريد أن تعرف من نال خيرها ما دام خيرها لجميع المخلوقات بلا تمييز.
تساءل العصفور الصغير في براءة :
حتى للأشرار؟
أجابت الشجرة :
حتى الأشرار يقذفونني بالحجر فأبعث لهم بالثمر.
قال العصفور الصغير في نفسه:
هذا درس نسي والداي أن يعلماني إياه، كان كل هاجس والدتي أن أقع بين مخالب قط مخاتل.
وطار محلقا في الفضاء الفسيح مدفوعا بطاقة الخير التي شحنته بها الشجرة.

قصة العصافير

في قريتنا كَرْمٌ فسيح، يملكه ” سحلول ” البخيل ..
حلَّ فصلُ الصيف، وأينعتْ عناقيدُ العنب ..
فرحتِ العصافيرُ كثيراً، وطارتْ مسرعةً إلى الكرم، وعندما صارتْ قربه…. قال عصفورٌ مُحذِّراً
– ها هوذا رجلٌ يقفُ وسطَ الكرم!
قال آخر :
– في يده بندقية!
قال ثالث :
– يجب ُ ألاّ نعرّضَ أنفسنا للخطر ..
خافتِ العصافيرُ، وولَّتْ هاربةً..
في اليوم الثاني ..
استفاقتِ العصافيرُ باكراً، وهرعَتْ إلى الكرم،
آملةً أنْ تصله، قبلَ الرجل المخيف ..
وهناك.. فوجئَتْ برؤيةِ الرجلِ واقفاً، لم يبارحْ مكانه!
رمقَتْ بندقيته خائفةً وانصرفتْ حزينةً ..غابَتْ أيّاماً.. ملَّتِ الصبرَ والانتظار، ازداد شوقها إلى الكرم، قصدَتهُ من جديد..
وكم كانتْ دهشتها عظيمةً ، وحينما شاهدَتِ الرجلَ منتصباً، في مكانه نفسِهْ، كأنَّهُ تمثال!
لم تجرؤ العصافيرُ على دخولِ الكرمِ..
لبثتْ ترقبُ الرجلَ عن بُعد..
مرَّ وقتٌ طويل..
لم ينتقل الرجلُ من مكانه..
قال عصفورٌ ذكيّ :
– هذا ليس رجلاً!
قال آخر :
– أجل … إنَّهُ لا يتحرَّك!
قالتْ عصفورة:
– عدَّةُ أيامْ مضتْ، وهو جامدٌ مكانه !
قال عصفورٌ جريء:
– سأمضي نحوه، لاكشفَ أمره
وقالتْ له أمُّهُ :
– أتُلقي بنفسك إلى التهلكة؟!
قال العصفور الجريء:
– في سبيل قومي العصافير، تهونُ كلُّ تضحية …
ثم اندفعَ بشجاعةٍ تجاه الرجل ..
نزلَ قريباً منه .. تقدَّم نحوه حذِراً .. لم يتحرَّكِ
الرجل … تفرَّسَ في بندقيته.. ضحكَ من أعماقه ..
إنَّها عودٌ يابس!
حدَّقَ إلى وجههِ، لم يرَ له عينين … اطمأنَّ قلبه ..
خاطبه ساخراً :
– مرحباً يا صاحب البندقية!
لم يردَّ الرجل..
كلَّمهُ ثانيةً ..
لم يردَّ أيضاً ..
قال العصفورُ هازئاً :
– الرجلُ الحقيقيّ، له فمٌ يُفتّحُ، وصوتٌ يُسمع!
طارَ العصفور.. حطَّ على قبعةِ الرجلِ.. لم يتحرَّك.. نقرَهُ بقوّةٍ … لم يتحرَّك.. شدَّ قبعته، فارتمت أرضاً …
شاهدتْ ذلك العصافيرُ، فضحكتْ مسرورةً، وطارتْ صَوْبَ رفيقها، ثم هبطتْ جميعها فوق الرجل …
شرعتْ تتجاذبه بالمخالبِ والمناقير.. انطرحَ أرضاً.. اعتلَتً صدره، تنقره وتهبشه …
انحسرَ رداؤهُ ,… تكشَّفَ عن قشِّ يابس !!
قالت العصافيرُ ساخرة :
– إنَّهُ محشوُّ بالقَشّ …
قالتْ عصفورة :
– كم خفنا من شاخصٍ لا يُخيف!
قال آخر :
– لولا إقدامُ رفيقنا، لظللنا نعيشُ في خوف.
قال عصفورٌ صغير :
– ياللعجب.. كان مظهره يدلُّ على أنَّهُ رجل!
قال له أبوه :
– لن تخدعنا بعدَ اليومِ المظاهر ..
غرَّدت العصافيرُ، مبتهجةً بهذا الانتصار، ثم دخلَتْ بينَ الدوالي ، فاحتضنتها الأغصان بحبٍّ وحنان ..

العصفور كوكو

يُحكى أنه كان هناك عش جميل في أحد الأشجار الكبيرة.. المورقة بالأغصان، يسكنه عصفور وزوجته وابنهما الصغير.. حياته كانت سعيدة آمنة وسط أبويه.
العصفور الصغير اسمه “كوكو” جميل الشكل.. ملون الريش، اعتاد اللعب مع أصدقائه في وجود أبويه كل يوم، وفي وقت ذهابهما بحثاً عن الطعام كل صباح كان “كوكو” يجلس وحيداً داخل العش.. ينتظرهما.
كان “كوكو” ينفذ أوامر والديه قبل رحيلهما.. يعدهما بألا يتحرك من العش مطلقاً مهما حدث.. ولكن!
حدث أن أراد “كوكو” العصفور الصغير أن يخرج من العش ليستمتع باللعب مع أصدقائه، ونفذ خطته وخرج وترك العش، وأخفى الأمر عن والديه خوفاً من عقابهما
وحين عادت الأم وبعدها الأب.. سأله: هل خرجت يا صغيري من عشك؟ فأجابه “كوكو” متردداً وبصوت خافت: لا يا أبي، أنا أسمع الكلام، ولا أعصى لكما أمراً!
وتمر أيام كثيرة، ويكرر “كوكو” لعبة الخروج من عشه، ليمرح ويلعب مع أصدقائه مستمراً في الكذب على والديه.. إلى أن جاء اليوم.. الذي انكشف فيه كذب العصفور الصغير “كوكو”!
حدث أن طائراً كبير الحجم مشى وراء “كوكو” يريد اصطياده ليأكله.. وحين فشل أخذ يضربه ويضربه.. وطار عصفورنا الصغير مبتعداً عنه بكل قوة، وكان يبكي متوسلاً أي عصفور أن ينقذه من ذلك الطائر الكبير ، الذي يريد ضربه من جديد عقاباً على إفلاته من بين يديه.
هنا رآه أحد العصافير الكبار وتعرف عليه، وذهب مسرعاً ليبلغ والديه..لم يصدقا ما سمعا؛ فلم يستجيبا لاستغاثة الطائر ولم يسرعا لإنقاذ صغيرهما، ابنهما “كوكو” عصفور مطيع.
وعند عودتهما إلى العش وجدا صغيرهما “كوكو” يبكي ولا يستطيع الوقوف على ساقيه من شدة ما لحق به من تعب؛ وأذى وهو يتحاشى الضربات الكثيرة التي نزلت على جسمه الصغير وجناحيه الضعيفين.
لم يجد “كوكو” العصفور الصغير إلا الاعتراف بكذبته الكبيرة.. ووعدهما بألا يكرر ما فعله مرة ثانية، وطلب من والديه العفو والسماح؛ فقد تعلم درساً قاسياً لن ينساه ((أن يطيع والديه وألا يكذب عليهما.. فهما خير حماية له حتى يشب)).

قصة ليلى والعصفور السجين

كان القفص معلقا على الجدار .. داخل القفص كان العصفور ذو الريش الحلو الجميل يقف حزينا كئيبا .. بين الحين والحين كانت نظراته ترحل في الفضاء الواسع باحثة عن صديق، وفي كل مرة كان هناك عصفور يمر معلنا عن فرحه بالانطلاق والحرية .. ولأن العصفور كان حزينا فلم ينتبه لتلك التحيات التي كانت العصافير تلقيها مزقزقة من بعيد .. قال يخاطب نفسه : رحم الله ذلك الزمن الذي كنت فيه حرا طليقا مليئا بالنشاط، لكن هذا الصياد الذي لن أنسى وجهه، سامحه الله، تسبب في وضعي حبيسا هكذا .. ماذا جنى من كل ذلك .. تابع العصفور يحدث نفسه : لكن هذه البنت ليلى، لا أنكر أنها طفلة محبوبة، إنها تعاملني أحسن معاملة، ولكن تبقى الحرية هي الأغلى في العالم كله ..
في هذا الوقت تحديدا أتت ليلى ووقفت أمام القفص وقالت :
– كيف حالك يا صديقي العزيز .. أتدري لقد اشتقت إليك، تصور لا تمر دقائق إلا وأشتاق إليك ، أنت أغلى الأصدقاء أيها العصفور الحبيب .. ما رأيك أن أقص عليك اليوم قصة الملك ديدبان والأميرة شروق ؟؟ ..
كان العصفور في عالم آخر، لم يجب بحرف واحد …. استغربت ليلى وقالت :
– ماذا جرى أيها العصفور، كأنك لم تسمع شيئا مما قلت، أنت الذي طلبت مرات ومرات أن تعرف شيئا عن الأميرة شروق، تقف الآن ولا تقول أي شيء .. ماذا بك أيها العصفور، هل أنت مريض أم ماذا ؟؟..
نظر العصفور إليها مهموما حزينا وقال :
– أتدرين يا صديقتي ليلى إنني أكره حياتي السجينة في هذا القفص.. ما هذه الحياة التي لا تخرج عن كونها قفصا صغيرا ضيقا .. أين الأشجار والفضاء والأصدقاء من العصافير .. أين كل ذلك ؟؟ كيف تريدين أن أكون مسرورا ، صحيح أنني أحب سماع قصة الأميرة شروق، لكن حريتي أجمل من كل القصص ..
قالت ليلى حائرة :
– نعم يا صديقي لا شيء يعادل الحرية .. لكن ماذا أفعل .. أنت تعرف أن الأمر ليس بيدي !!.
قال العصفور غاضبا :
– أعرف يا ليلى، لكن أريد أن أسألك ماذا يجني أبوك من سجني ؟؟ أنا أحب الحرية يا ليلى ، فلماذا يصر والدك على وضعي في هذا القفص الضيق الخانق؟؟.. إنني أتعذب يا ليلى ..
بكت ليلى ألما وحزنا، وركضت إلى غرفة والدها .. دخلت الغرفة والدموع ما تزال في عينيها .. قال والدها :
– خير يا ابنتي .. ماذا جرى ؟؟
قالت ليلى :
– أرجوك يا أبى ، لماذا تسجن العصفور في هذا القفص الضيق؟؟..
قال الوالد متعجبا :
– أسجنه ؟؟ .. ما هذا الكلام يا ليلى، ومتى كنت سجانا يا ابنتي؟؟..كل ما في الأمر أنني وضعته في القفص حتى تتسلي باللعب معه .. لم أقصد السجن ..
قالت ليلى :
– صحيح أنني أحب العصفور ، وانه صار صديقي، لكن هذا لا يعني أن أقيد حريته .. أرجوك يا أبي دعه يذهب ..
قال الوالد ضاحكا :
– لا بأس يا ابنتي سأترك الأمر لك .. تصرفي كما تشائين .. لا داعي لأن أتهم بأشياء لم أفكر بها.. تصرفي بالعصفور كما تريدين.. لك مطلق الحرية .. أبقيه أو أعطيه حريته .. تصرفي يا ابنتي كما تشائين ..
خرجت ليلى راكضة من الغرفة .. كانت فرحة كل الفرح، لأن صديقها العصفور سيأخذ حريته .. وصلت وهي تلهث، قالت:
– اسمع أيها العصفور العزيز. اسمع يا صديقي .. سأخرجك الآن من القفص لتذهب وتطير في فضائك الرحب الواسع .. أنا أحبك ، لكن الحرية عندك هي الأهم، وهذا حقك ..
أخذ العصفور يقفز في القفص فرحا مسرورا .. قال :
– وأنا أحبك يا ليلى، صدقيني سأبقى صديقك الوفي، سأزورك كل يوم ، وسأسمع قصة الأميرة شروق وغيرها من القصص ..
صفقت ليلى وقالت :
– شكرا يا صديقي العصفور .. لك ما تريد .. سأنتظر زيارتك كل يوم .. والآن مع السلامة ..
فتحت باب القفص، فخرج العصفور سعيدا، وبعد أن ودع ليلى طار محلقا في الفضاء ..
وكان العصفور يزور ليلى كل صباح وتحكي له هذه القصة أو تلك، ويحكي لها عن المناطق التي زارها وعن الحرية التي أعطته الشعور الرائع بجمال الدنيا ..



898 Views