اليكم زوارنا الكرام صور من حياة الصحابة رضي الله عنهم وكيف كان العمل في حياة الصحابة من خلال سطورنا.
الصحابة في الإسلام
هم الذين عرفوا من أحوال رسول الله محمد بن عبد الله ما جعلهم يهرعون إليه ويضعون مقاليدهم بين يديه ينغمسون في فيضه الذي بهر منهم الأبصار وأزال عنهم الأكدار، وصيرهم أهلاً لمجالسته ومحادثته ومرافقته ومخالطته، حتى آثروه على أنفسهم وأموالهم وأزواجهم وأولادهم، وبلغ من محبتهم له وإيثارهم الموت في سبيل دعوته للإسلام أن هان عليهم اقتحام المنية كراهة أن يجدوه في موقف مؤذ أوكربة يغض من قدره.
مواقف من حياة الصحابة
كان للصحابة الكرام مواقفُ كثيرة في حياتهم ومعاملاتهم مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومن هذه المواقف ما يأتي:
جاء عن أبي مسعود البدري، في قصة أو موقف من مواقف من حياة الصحابة يبرهن على سرعة استجابة الصحابة الكرام لأوامر رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-، قال أبو مسعود البدري: “كنتُ أضرب غلامًا لي بالسَّوطِ، فسمعتُ صوتًا من خلفي “اعلمْ، أبا مسعودٍ!”، فلم أفهمِ الصوتَ من الغضبِ، قال: فلما دنا مني، إذ هو رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فإذا هو يقول: اعلمْ، أبا مسعودٍ! اعلم أبا مسعودٍ!، قال: فألقَيتُ السوطَ من يدي، فقال: اعلمْ، أبا مسعودٍ! أنَّ اللهَ أقدرُ عليك منك على هذا الغلامِ، قال فقلتُ: لا أضربُ مملوكًا بعده أبدًا” .
وفي موقف آخر، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “إنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أخذ سيفًا يومَ أحدٍ، فقال: من يأخذُ مني هذا؟، فبسطوا أيديَهم، كلُّ إنسانٍ منهم يقول: أنا، أنا، قال: فمن يأخذُه بحقِّه؟، قال: فأحجمَ القومُ، فقال سماكُ بنُ خرشةَ أبو دجانةَ: أنا آخذُه بحقِّه، قال: فأخذَه ففلقَ بهِ هامَ المشركين” .
وروى أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “وافَقْتُ ربِّي في ثلاثٍ أو وافَقني ربِّي في ثلاثٍ قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ! لوِ اتَّخَذْتَ مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصلًّى، فأنزَل اللهُ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، وقُلْتُ: يدخُلُ عليكَ البَرُّ والفاجرُ فلو حجَبْتَ أمَّهاتِ المُؤمِنينَ فأُنزِلَتْ آيةُ الحجابِ وبلَغني شيءٌ مِن معامَلةِ أمَّهاتِ المُؤمِنينَ، فقُلْتُ: لَتكُفُّنَّ عن رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أو لَيُبدِلَنَّه اللهُ أزواجًا خيرًا منكنَّ حتَّى انتهَيْتُ إلى إحدى أمَّهاتِ المُؤمِنينَ، فقالت: يا عُمَرُ! أمَا في رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ما يعِظُ نساءَه حتَّى تعِظَهنَّ أنتَ، فكفَفْتُ، فأنزَل اللهُ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} ” .
وفيما جاء من مواقف من حياة الصحابة -رضي الله عنهم- روت السيدة عائشة -رضي الله عنها- قال: “جاء رجُلٌ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّكَ لَأَحَبُّ إليَّ مِن نَفسي، وأحَبُّ إليَّ مِن أهلي، وأحَبُّ إليَّ مِن ولَدي، وإنِّي لَأكُونُ في البيتِ فأَذكُرُكَ فما أَصبِرُ حتَّى آتِيَكَ فأَنظُر إليكَ، وإذا ذَكَرْتُ مَوتي ومَوتَكَ عَرَفْتُ أنَّكَ إذا دخَلْتَ الجنَّةَ رُفِعْتَ مع النَّبيِّينَ، وإنْ دَخَلْتُ الجنَّةَ خَشِيتُ ألَّا أراكَ، فلم يَرُدَّ عليه النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- حتَّى نزَلَتْ عليه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} ” .
أخلاق الصحابة رضوان الله عليهم
من أخلاق الصحابة رضوان الله عليهم نذكر الآتي:
-تعظيم أوامر الله تعالى ورسوله، والمسارعة في تنفيذها، ومن الصور التي دلت على هذا الخلق الكريم موقف الصحابة يوم أحد حينما استجابوا لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام فخرجوا إلى حمراء الأسد مع ما بهم من الجراح والآلام.
-الصدق في القول والعمل، ومن المواقف التي دلت على صدقهم موقف الأعرابي الذي آمن بالرسول عليه الصلاة والسلام واتبعه، وحينما قسم له النبي الكريم قسمة من غنائم معركة مع الأعداء، قال الأعرابي للنبي ما على هذا اتبعتك وإنّما على أن أرمى ههنا واشار إلى حلقه فأموت فأدخل الجنة، فقال له النبي: (إن تصدق الله يصدقك)، فصدق الأعرابي مع رسول الله حينما أتي به شهيداً في معركة مع الأعداء وقد أصابه سهم في حلقه، فصدق الله فصدقه.
-الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، ومثال على ذلك زهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما كان يرقع ثوبه مع كونه أميراً للمؤمنين.
-الشجاعة والبطولة، ومن هذه المواقف التي تدل على هذه الصفة عند الصحابة موقف البراء بن مالك يوم اليمامة حينما طلب من المسلمين أنّ يلقوه داخل حديقة مسيلمة الكذاب ورجاله الذي كانوا يتحصنون فيها، فرفعه المسلمون على أسنة الرماح حتّى ألقوه داخل الحديقة، فتمكن رضي الله عنه من فتح بابها، ثمّ دخل المسلمون الحديقة فقتلوا من فيها، وانتصروا على عدوهم.
-موالاة الله ورسوله، فقد قطع الصحابة حبال الجاهلية عندما آمنوا بالله ورسوله، فلم يكن حبهم وولاؤهم إلا لربهم ودينهم، ومن المواقف التي دلت على ذلك يوم بدر حينما قتل أبو عبيدة عامر بن الجراح أباه الكافر الذي كان يقاتل مع معسكر الكفار.
-الحرص على الوحدة والائتلاف ونبذ الفرقة، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه أبو بكر وعمر يصلون بمكة ومنى ركعتان، وقد ظل عثمان على ذلك صدراً من خلافته ثمّ صلاها أربعة، وحينما بلغ ذلك عبد الله بن مسعود استرجع ثمّ صلاها أربعاً، وحينما سئل عن سبب ذلك، قال إنّما الخلاف شر.
-المبادرة إلى التوبة من المعاصي والذنوب خشية من سخط الله وعقوبته، فقد ربط الصحابي أبو لبابة بن عبد المنذر نفسه في سارية من سواري المسجد بعد أن أحس بأنّه خان الله ورسوله حتّى نزلت براءته.
التكافل بين الصحابة، فقد مثل حدث المؤاخاة ترجمة حقيقية لمعاني التكافل بين الصحابة، ومن صور المؤاخاة يوم آخى النبي بين الصحابي عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع الأنصاري، فعرض سعد على عبد الرحمن أن يناصفه ماله وأهله.
-اجتهادهم في العبادة، وتزكية النفس، فقد واظب عبد الله بن عمرو بن العاص على قراءة القرآن في ثلاثة أيام حتّى وفاته رضي الله عنه.
-الثقة بنصر الله تعالى، فقد اتهم المنافقون الصحابة بالغرور عندما عاينوا منهم شدة الثقة بالله تعالى ونصره، قال تعالى: (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وقد كان خالد بن الوليد رضي الله عنه يستشرف حصون الروم فيناديهم تحدياً وثقة بالله تعالى قائلاً والله لو كنتم معلقين بالسماء لرفعنا الله إليكم، أو لأنزلكم إلينا.