خصائص الخطابة نتحدث عنها من خلال مقالنا هذا كما نذكر لكم مجموعة متنوعة أخرى من الفقرات مثل تعريف الخطابة وتاريخ الخطابة ثم الختام نموذج من فن الخطابة تابعوا السطور القادمة لتفاصيل أكثر.
محتويات المقال
خصائص الخطابة
قد تشترك الأنواع الأدبية في كثير من المضامين والأغراض التي تعرض لها، إلا أن ثمة خصائص وميزات تفرد كل فن من فنون الأدب على حدة وتميزه عن غيره من الفنون، من ذلك فقد تميزت الخطابة عن غيرها من فنون النثر بمجموعة من الخصائص كان أبرزها:[٢]
-الإيجاز والبعد عن الإطالة والإطناب، وذلك حتى لا يُصاب المستمعون بالملل أو يتعطّلون عن أشغالهم فينفرون منها.
-الوحدة الموضوعية، وذلك لأن التشعب في الموضوعات والتفرع بها وتُعدّدها قد يؤدي إلى تشتيت فكر المتلقي وصرف ذهنه عن المراد.
-استخدام الحجة والبراهين، وذلك لاستمالة الجمهور والتأثير بهم وإقناعهم، ولعلها من أبرز خصائص الخطابة وأهمها لما لها من أثر ملموس ومباشر على الجمهور المخاطب.
-سهولة الألفاظ ووضوح المعاني، إذ إنّ جمهور المخاطبين يكون من عامة الناس، فيشمل صغيرهم وكبيرهم عالمهم وجاهلهم، والتعقيد اللفظي والمجاز قد يضلل الفكرة لديهم.
-تسلسل الأفكار وتنظيمها، وهذا يضمن بلوغ الفكرة أذهان المخاطبين وتقبلهم لها.
-موافقة الخطاب لمقتضى الحال، وهي من أبرز خصائص الخطابة، وأهمها فالخطيب يشتق موضوع خطبته من واقع الناس واحتياجاتهم للمعرفة.
-العفوية والبعد عن الصنعة والتكلف والزخرف اللفظي الذي من شأنه أن يصرف المستمع عن فحوى الخطاب.
-المراوحة بين الأساليب الإنشائية والأساليب الخبرية.
-الواقعية والبعد عن الخيال.
تعريف الخطابة
الخطابة لغةً هي علم البلاغة والبيان، وفنّ الخطابة هو فنٌّ يُعنى بإقناع الناس وإدهاشهم إما بالكلام وإما بالكتابة، ويمكن تعريف الخطابة أيضاً بأنها كلّ ما يشتمل على كلام أو كتابة يتمّ التفنّن بها لتغمر وجدان السامع،وعندما يُقال خَطَبَ الناس وفيهم وعليهم، أي ألقى عليهم خُطْبة، وخَطب خَطابة، أي أنّه صار خطيباً، أما الخَطَّاب فهي صيغة مبالغة وتدلّ على الشخص كثير الخُطبة، والخطيب هو حسن الخُطبة، أو هو من يخطب في المسجد أو يتحدث عن قومه، والخَطْب والمخاطبة والتخاطب جميعها تعني المراجعة في الكلام، والخَطْب أيضاً هو ما يعني العظيم من الأمور والذي يكثر فيه التخاطب.
تاريخ الخطابة
-على الرغم من وجود أدلة على تداريب على فن الخطابة في مصر القديمة، كانت أول قطعة معروفة عن الخطابة، التي كتبت منذ أكثر من 2000 عام، في بلاد اليونان القديمة . حيث تم تفصيل هذا العمل حول المبادئ المستمدة من ممارسات وخبرات الخطباء اليونانيين القدامى. وكان أرسطو أول من قام بتسجيل معلمي الخطابة لأول مرة الذين استخدموا قواعد ونماذج محددة. وأدى تركيزه على الخطابة إلى أن يصبح الخطاب جزءًا أساسيًا من التعليم الحر خلال العصور الوسطى وعصر النهضة. وجسدت الأعمال الكلاسيكية القديمة التي كتبها الإغريق القدماء الطرق التي علموا وطوروا بها فن الخطابة قبل آلاف السنين.
-وشكل فن الخطابة في كل من اليونان وروما الكلاسيكية مكونا رئيسا للتكوين وإلقاء الخطب، وكلاهما شكلا مهارات حاسمة للمواطنين الذين وظفوها في الحياة العامة والخاصة. وفي اليونان القديمة، كان المواطنون يلقون الخطب بأنفسهم بدلا عن توكيل محترفين عنهم، مثل المحامين في عصرنا، ليتحدثوا نيابة عنهم. ويجب على أي مواطن يرغب في النجاح في المحكمة أو في السياسة أو في الحياة الاجتماعية أن يتعلم أساليب التحدث أمام الجمهور. وتم تدريس أدوات الخطاب أولاً من قبل مجموعة من المعلمين البلاغيين أو ما سمي “السوفيسطائين” والذين اشتهروا بتعليم الطلاب مقابل الأجر كيفية التحدث بفعالية باستخدام الأساليب التي طوروها.
-وبصورة منفصلة عن السوفيسطائين، فقد طور كل من سقراط وأفلاطون وأرسطو نظرياتهم الخاصة بخصوص الخطابة أمام الجمهور وقاموا بتدريس هذه المبادئ للطلاب الذين يريدون تعلم مهارات في الخطابة. وقام أفلاطون وأرسطو بتدريس هذه المبادئ في المدارس التي أسساها، خاصة الأكاديمية وليقيون، على التوالي. وعلى الرغم من أن اليونان القديمة فقدت السيادة السياسية في نهاية المطاف، إلا أن الثقافة اليونانية للتدريب في مجال الخطابة أمام الجمهور قد تبناها الرومان على نحو مماثل تقريبًا.
تطور الخطابة عبر العصور
لقد عرف العرب الخطابة منذ العصر الجاهلي فقد كانت وسيلة من وسائل التواصل بين الناس، فقد استخدمها العرب في العصر الجاهلي في المفاخرات بأنسابهم وماضيهم، وحثهم على القتال، وحقن الدماء ونشر السلم والأمن، وكذلك استخدموها في مناسباتهم الدينية، والاجتماعية والأدبية المختلفة، وقد ظهر عدد من الخطباء في العصر الجاهلي ومنهم قس بن ساعدة، وأكثم بن صيفي، وكان للخطيب عند العرب منذ العصر الجاهلي المكانة الكبيرة والمهمة في المجتمع للدور الذي يقوم به، وقد جمع عدد كبير من الشعراء بين الشعر وهذا الفن ومنهم عمرو بن كلثوم التغلبي، ثم جاء عصر صدر الإسلام وأعلى من شأن هذا الفن الراقي لما له من دور في هداية الناس إلى الإسلام، وتثقيفهم في أمور الدين، وتلاه ذلك العصر الأموي الذي ترافق معه التطور في الفنون الأدبية ومنها الخطابة، ثم العصر العباسي، حيث أعطى الخلفاء العباسيون للخطابة أهمية وفائدة مرموقة.
نموذج من فن الخطابة
ضمّت مصادر اللغة والأدب العربي نماذجَ متفرّقة من خُطب السلف من شتى عصور الأدب العربي، وهي نماذج تكشف عن أبرز خصائص الخطابة وسماتها المميزة، ومن هذه النماذج خُطبة جعفر بن أبي طالب في قصر النجاشي:أيها الملك: كنّا قومًا أهلَ جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولًا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام -قالت أم سلمه التي تروي القصة والخطبة-: فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله وحده، فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى، وأن نستحلّ ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا؛ خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورغبنا ألّا نظلم عندك أيها الملك.