فوائد الأمثال كثيرة ومنها أنها توضح المعنى المقصود وراء الشيء ولكن بطريقة ضرب المثل، وفي هذا الموضوع سوف نستعرض معاً فوائد الأمثال و لماذا ضرب الله الأمثال في القرآن، و أهمية ضرب الأمثال في القرآن وما هي ما الحكمة من ضرب الأمثال.
محتويات المقال
فوائد الأمثال
- قال الله سبحانه وتعالى في سورة إبراهيم الآية 25 : ” وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ” .
- إذن ضرب الأمثال فائدته هي التذكر وتحفيز الذهن وإعمال العقل .
- كما أن ضرب الأمثال يقر المعنى ويوضحه في ذهن المستمع .
- يجب علينا أن نستمع جيدا للأمثال، وذلك بأمر من الله تعالى، حيث قال تعالى في سورة الحج الآية 73 : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ” .
- والأمثال تشعرك بأن الزمن يختلف ولكن المواقف تتشابه بين الأشخاص.
- تَضرِبُ العربُ الأمثالَ لإيصال فكرةِ الموضوع الذي من أجله يُضرب المثل للناس، بأقربِ طريق، وأقلِّ وقت، وأوضح صورة، وأبلغ مقال، ومن ثمَّ ترسيخ الفحوى، وفهم العبرة منه، واستيعابها واستقرارها في الذهن، وبقاؤها راسخةً في الذاكرة مهما طال الزمن، أو تغيَّر الحال.
لماذا ضرب الله الأمثال في القرآن
جاءتِ الأمثالُ الصريحة في القرآن الكريم مِن أجل الهداية لمَن لم يهتدِ من الناس، ولزيادة الإيمان لمن كان الله تعالى قد هداهُ؛ قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴾
لا أنَّ أمثال القرآن الكريم لم تقتصر على ما كان يفهمه ويتداوله العربُ من ضرب الأمثال، بل كان ما عند العرب جزءًا من أمثال القرآن الكريم، وليس كل شيء، فقد ضُربت الأمثالُ في القُرآن الكريم على وجوه؛ فمنها:
أولًا: إخراج الغامض إلى الظاهر: ولِما للأمثال من فوائدَ؛ امتنَّ الله تعالى علينا بقوله: ﴿ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ ﴾ [إبراهيم: 45]، وبقوله تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43]، وسُمِّي مثلًا؛ لأنه ماثلٌ بخاطر الإنسان أبدًا؛ أي: شاخص، فيتأسى به ويتَّعِظ.
ثانيًا: ويأتي المثل بمعنى الصفة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾ [النحل: 60]، وقوله تعالى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴾ [الرعد: 35]، وقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ ﴾ [الفتح: 29].
أهمية ضرب الأمثال في القرآن
معرفة أمثال القرآن مهمة جدا، ولابد منها للعالم المجتهد، والقارئ المعتبر، فقد أخرج البيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال. فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال».
وقال الماوردي: من أعظم علم القرآن علم أمثاله. وقد عده الشافعي مما يجب على المجتهد معرفته من علوم القرآن فقال: ثم معرفة ما ضرب فيه من الأمثال الدوالّ على طاعته، المبينة لاجتناب معصيته.
ويوضّح عبد القاهر الجرجاني أهمية الأمثال في إبراز المعاني فيقول: (واعلم أن مما اتفق العقلاء عليه أن التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني، أو أبرزت هي باختصار في معرضه، ونقلت عن صورها الأصلية إلى صورته، كساها أبهة، وأكسبها منقبة، ورفع من أقدارها، وشبّ من نارها.. فإن كان مدحا كان أبهى وأفخم.. وإن كان اعتذارا كان إلى القبول أقرب وللقلوب أخلب، وإن كان وعظا كان أشفى للصدر وأدعى إلى الفكر…).
الأمثال في القرآن
قد تأتي الأمثال في القرآن بمعنى الوصف، مثل قوله تعالى: ((مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا) [سورة الجمعة 5] أي وصفهم ووصف حالهم بتركهم للعمل بالعلم أنهم كمثل الحمار الذي يحمل الكتب على ظهره ولا ينتفع منها.
وكالعادة يبحث أعداء الإسلام عن شبهة لينقضوا الحق ويطمسوه، وأنّى لهم ذلك ((يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [سورة التوبة 32].
ما الحكمة من ضرب الأمثال
إن تقوى الله هي الوصية العظمى، والهدف الأسمى، والحصن الأحمى، وكل من اتقى الله فهو من أرجح الناس عقلاً وحلماً، وأقواهم يقيناً وعزماً.
فاتقوا الله عباد الله: حتى لا تغدو أيامكم في حياتكم أضغاثَ أحلام ووهما.
أيها المسلمون: لقد ضرب الله -عز وجل- في القرآن الكريم الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ويتفكرون، ويعتبرون، وجعل في ضرب الأمثلة تربيةً قرآنية عاليةً لكل إنسان يتقبل الهدى والعلم النافع.
إن من هذه الأمثلة التي ضربها الله تعالى في محكم تنزيله، قوله -عز وجل-: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ) [الرعد:17].
فلما ضربها الله للتذكرة، وللاعتبار، وللتفكر، كان لزاماً على كل مسلم أن يتفكر ويعتبر بهذه الأمثال ويفهمها، ولذلك قال ابن القيم -رحمه الله- في تعليقه على هذا المثل القرآني، بعد أن بيَّن أن فيها مثلين مضروبين للحق والباطل، قال: “ومن لم يفقه هذين المثلين، ولم يتدبرهما، ويعرف ما يراد منهما، فليس من أهلهما”.
وكما قال بعض السلف الحريصين على فهم القرآن أمثالاً وحكماً وأحكاماً، وتشريعات وتوحيداً وقصصاً، قال هذا الرجل: “كنت إذا قرأت مثلاً من القرآن، فلم أفهمه، بكيت على نفسي؛ لأن الله تعالى يقول: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [العنكبوت:43] فأبكي؛ لأنني لست من العالمين الذين عرفوا هذه الأمثلة”، وهذه الآية التي قرأناها نمرُّ بها كثيراً.
أيها الإخوة: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ) [الرعد:17].
لما كانت الأرض الميتة لها ما يحييها من الماء النازل من السماء، فإن الله -عز وجل- قد أنزل على القلوب الميتة ما يحييها، ويجعلها روحاً، ويكون لها بمثابة الروح: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا) [الشورى:52].