فوائد التسامح في الاسلام وكيفية تحقيق التسامح بين افراد المجتمع من خلال بعض الخطوات البسيطة التالية.
محتويات المقال
التسامح
يعتبر التسامح والتساهل الفكري من المصطلحات التي تُستخدم في السياقات الاجتماعية والثقافية والدينية لوصف مواقف واتجاهات تتسم بالتسامح أو غير المبالغ فيه لممارسات وأفعال أو أفراد نبذتهم الغالبية العظمى من المجتمع. ومن الناحية العملية، يعبر لفظ “التسامح” عن دعم تلك الممارسات والأفعال التي تحظر التمييزالعرقي والديني.
اهمية التسامح
يساعد التسامح في نهضة المجتمع ويقضي على العديد من المشكلات بين الناس، وبالتالي يجعلهم يلتفتون إلى الصالح العام بصورة أكبر.فقد قال الله تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) فإنّ العفو، والتسامح، وسعة الصدر، وضبط النفس عند الغضب، والصبر على ما يكرهه الإنسان، كلّ ذلك ممّا أمر به الله تعالى.
الْإِسْلَامُ دِينُ الْعَفْوِ وَالتَّسَامُحِ
فَقَدْ قَالَ السَّعْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي ((تَفْسِيرِهِ)) : قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} [آل عمران: 133-134].
أَمَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِالْمُسَارَعَةِ إِلَى مَغْفِرَتِهِ، وَإِدْرَاكِ جَنَّتِهِ الَّتِي عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، فَكَيْفَ بِطُولِهَا، الَّتِي أَعَدَّهَا اللهُ تَعَالَى لِلْمُتَّقِينَ، فَهُمْ أَهْلُهَا، وَأَعْمَالُ التَّقْوَى هِيَ الْمُوصِلَةُ إِلَيْهَا.
ثُمَّ وَصَفَ الْمُتَّقِينَ وَأَعْمَالَهُمْ؛ فَقَالَ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ}؛ أَيْ: فِي حَالِ عُسْرِهِم وَيُسْرِهِمْ، إِنْ أَيْسَرُوا أَكْثَرُوا مِنَ النَّفَقَةِ، وَإِنْ أَعْسَرُوا لَمْ يَحْتَقِرُوا مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ قَلَّ.
{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}؛ أَيْ: إِذَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ أَذِيَّةٌ تُوجِبُ غَيْظَهُمْ -وَهُوَ امْتِلَاءُ قُلُوبِهِمْ مِنَ الْحَنَقِ الْمُوجِبِ لِلِانْتِقَامِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ-، هَؤُلَاءِ لَا يَعْمَلُونَ بِمُقْتَضَى الطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ، بَلْ يَكْظِمُونَ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْغَيْظِ، وَيَصْبِرُونَ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمُسِيءِ إِلَيْهِمْ.
{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}: يَدْخُلُ فِي الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ، الْعَفْوُ عَنْ كُلِّ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ.
وَالْعَفْوُ أَبْلَغُ مِنَ الْكَظْمِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ تَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ مَعَ السَّمَاحَةِ عَنِ الْمُسِيءِ.
وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ تَحَلَّى بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ، وَتَخَلَّى مِنَ الْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ.
وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ تَاجَرَ مَعَ اللهِ، وَعَفَا عَنْ عِبَادِ اللهِ؛ رَحْمَةً بِهِمْ، وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ، وَكَرَاهَةً لِحُصُولِ الشَّرِّ عَلَيْهِمْ، وَلِيَعْفُوَ اللهُ عَنْهُ، وَلِيَكُونَ أَجْرُهُ عَلَى رَبِّهِ الْكَرِيمِ، لَا عَلَى الْعَبْدِ الْفَقِيرِ، كَمَا قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ}.
ثُمَّ ذَكَرَ حَالَةً أَعَمَّ مِنْ غَيْرِهَا، وَأَحْسَنَ، وَأَعْلَى، وَأَجَلَّ، وَهِيَ الْإِحْسَانُ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
أنواع ثقافة التسامح
1. تسامح ثقافي:
ان التسامح الثقافي يتبلور من عدم التعصب للأفكار والثقافة الشخصية للفرد، فانه يتطلب حوار وتخاطب مع الاخر والحق في الاجتهاد والابداع، فان الإنسان لابد ان يكون صدره رحباً في قبول ثقافة وأفكار الاخر من اجل التوصل الى الحقائق الفكرية والثقافية.
2. تسامح ديني:
والمقصود به تسامح في حرية الممارسة الشعائر الدينية والتخلي عن التعصب الديني والتميز العنصري الديني وذلك لان الإسلام دين التسامح في العدل والمساواة.
3. تسامح أخلاقي:
هو طريق التعامل الاخلاقي مع الافراد الذين نختلف معهم في القضايا الاجتماعية التي تؤثر فيهم.
4. تسامح اجتماعي:
ان التسامح الاجتماعي يتضمن العيش بسلام مع الاخرين بدون مشاكل وتقبل أفكارهم وممارساتهم التي قد يختلف معها الفرد وكذلك الإقرار بممارسة كافة الحقوق الحريات في المجتمع.
مفهوم التسامح في الإسلام
يعد التسامح من أهم الصفات التي تعزز من شأن الإنسان بين نفسه وداخل المجتمع، فالتسامح يعني عدم مقابلة الإساءة بالإساءة، وكتم الغيظ، والقدرة على العفو عن الآخرين الذين تسببوا في معاناة الشعور بالأذى النفسي أو الجسدي.
وتم ذكر تلك الخصلة النبيلة في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، نظراً لأنها من أبرز القيم الإنسانية والأخلاقية التي تُرضي الله عز وجل، ووصى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بها، وطلب منهم أن يتبعوها في حياتهم حتى ينتشر السلام والصفح في المجتمع، وتصبح نفوسهم خالية من مشاعر الضغينة والحقد.
فوائد صحية للتسامح يجب أن تعرفها
1- طول العمر
كشفت دراسة نشرت في مجلة “الطب السلوكي” الأمريكية، أن الأشخاص الذين يفضلون اعتذار الآخرين قبل أن يغفروا لهم أخطاءهم، يعيشون لمدة أقصر من أولائك الذين يميلون إلى التسامح غير المشروط.
2- تهدئة نوبات الغضب
عندما يشعر الإنسان بالغضب، يكون عرضة بشكل كبير لارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والإصابات بالجلطات والسكتات القلبية والدماغية، وتلعب صفة التسامح دوراً هاماً في السيطرة على مشاعر الغضب والانتقال إلى الشعور بالسكينة والطمأنينة.
3- النوم
أظهرت دراسة نشرت في مجلة ” الطب السلوكي” الأمريكية عام 2005 ارتباط صفة التسامح مع مجموعة كاملة من التدابير الصحية، بما في ذلك الأدوية ونوعية النوم والشعور بالتعب، حيث يساعد انخفاض المشاعر السلبية والرغبة بالانتقام، في الحد من حالات القلق والاكتئاب المسببة للأرق وقلة النوم.
4- التسامح مع النفس
يسيطر الشعور بالذنب على الكثيرين بعد ارتكاب أخطاء بحق الآخرين، وفي حال تعلم الإنسان كيف يتسامح مع غيره، يصبح أكثر قدرة على التعامل بإيجابية مع أخطائه وطلب المغفرة من الآخرين.
5- صحة القلب
بينت دراسة نشرت في مجلة “العلاقات الشخصية” أن التسامح يساعد في السيطرة على ارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى التخلص من مشاعر الغضب التي تعد من أهم أسباب الإصابة بأمراض القلب.
6- تعزيز مناعة الجسم
أظهرت الأبحاث التي قدمت في اجتماع جمعية الطب السلوكي الأمريكية عام 2011، تحسن المناعة بشكل ملحوظ لدى المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة “الإيدز” بعد التسامح مع أشخاص ارتكبوا بعض الأخطاء بحقهم، وذلك من خلال ارتفاع نسبة خلايا تدعى “سي دي 4” ترتبط بشكل وثيق بالمناعة.
7- تحسين العلاقات الزوجية
تبنى العلاقات الزوجية السليمة على الحب والتفاهم، وأكدت دراسة حديثة في جامعة ميزوري أن مفهوم التسامح والتجاوز عن الأخطاء بين الزوجين، يلعب دوراً كبيراً في ديمومة العلاقة والشعور باستقرار الحياة الزوجية.
8- الوقاية من التوتر والإجهاد
وجد باحثون من جامعة كاليفورنيا أن التسامح والمغفرة تحمي من الآثار السلبية للتوتر والإجهاد على الصحة العقلية والنفسية على المدى البعيد.