قصة عنترة بن شداد وكذلك كيف مات عنترة بن شداد، كما سنتحدث عن ديانة عنترة بن شداد، وكذلك سنوضح شكل عنترة بن شداد الحقيقي، وكل هذا من خلال مقالنا هذا تابعونا.
محتويات المقال
قصة عنترة بن شداد
عاش عنترة حياة مليئة بالحرمان وضيق العيش؛ والسبب في ذلك يعود إلى أنّ والده لم يستلحقه بنسبه، فكان قاسٍ عليه ويعاقبه أشد العقوبة، خاصةً عندما كانت زوجة أبيه سمية تكيد له المكائد وتقلّب والده عليه، حيث إنّها اتهمته مرة أنّه يريد التحرّش بها، فما كان من والده إلا أن غضب عضباً شديداً وضربه ضرباً مبرحاً بالعصا، ثمّ أراد أن يقتله بالسيف لولا أنّ الرحمة قد أدركت زوجة أبيه وارتمت عليه باكيةً حتى تمنع عنه ضربات أبيه.
لعل أكثر ما عُرف به عنترة حتى يومنا هذا هو حبه الشديد لعبلة ابنة عمه والتي كانت من أجمل نساء قومها وأشهرهم صيتاً في الكمال والصبا، وقد تقدّم عبلة لخطبة ابنة عمه إلا أنّ الأمر لم يتم بسبب رفض والدها أن يزوّج ابنته من رجل أسود، حتى أنّه طلب منه طلباً يعجز عن إتمامه أقوى الأقوياء وهو ألف ناقة من نوق النعمان كمهر لابنته، فما كان من عنترة إلا أن خرج طلباً لتحقيق هذا المطلب وقد لاقى أهوالاً كثيرة للوصول إليه حتى عاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة، فما كان من والد عبلة إلا أنّ ماطله أكثر من مرة، ثمّ فكر في أن يتخلص من عنترة من خلال طلبه من فرسان القبائل أن يحصلوا على ابنته وأن يكون المهر هو رأس عنترة.
اختلفت النهاية في المصادر القديمة فمنهم من يرى أنّه تزوج عبلة، ومنهم من يرى أنّه بقي مولعاً بحبها ولم يتزوجها وأنّها تزوجت من أحد أشراف قومها.
كيف مات عنترة بن شداد
أربع روايات عن نهاية عنترة بن شداد: تُوفي عنترة بن شداد عام 600 م، أي في عام 22 قبل الهجرة بناءً على رواية الزركلي، وقد بلغ من العمر 90 عامًا، أي أنّه عاش حياةً طويلة، ويُقال بأنّها امتدّت من 525-615 م، وقد وردت 4 روايات عن نهايته، لكن أرجح الروايات بأنّه قتل على يد رجل يُسمّى الأسد الرهيص ويُلقّب بوزر بن جابر بن سدوس النبهاني الطائي، ويُذكر أنّ الأسد الرهيص لم يُسلم رغم إدراكه للإسلام، فقد كان يقول: “لا يملك رقبتي عربي!”؛ أي أنّه لن يُصبح مملوكًا أو أسيرًا لدى عربي، ومات بعد أن حلق رأسه وتنصّر، وفيما يلي أشهر روايات نهاية عنترة:
1- رواية ابن حبيب وابن الكلبي وصاحب الأغاني:
قال ابن حبيب وابن الكلبي وصاحب الأغاني في باب رواية ابن شداد: أن عنترة أغار على بني نبهان من طيء فطرد لهم طريدة وهو شيخ هرم كبير، فجعل يرتجز وهو يطردها ويقول: (حظ بني نبهان منها الأثلب… كأنّ آثارها لا تحجب آثار ظُلمان بقاعٍ محدث)؛ ويقصد عنترة في هذا البيت أن حظ بني نبهان من أخبث الحظوظ، ويُشبّه آثار أقدامهم أثناء مطاردتهم له بآثار أقدام ذكر النعام عندما يمشي على أرض سهلة، وكان الذي طارده وزر بن جابر النبهاني، الملقب بالأسد الرهيص كما ذُكر آنفًا، فرماه وقال: خذها وأنا ابن سلمى، فقطع مطاه -ظهره-، ولكن عنترة تحامل بالرمية حتى أتى أهله وهو جريح، ويقول، وإن ابن سلمى عنده فأعلموا دمي، وهيهات لا يرجى ابن سلمى ولا دمي، إذا ما تمشي بين أجبال طيء، مكان الثريّا ليس بالمتهضّم، رماني ولم يدهش بأزرق لهذم، عشية حلوا بين نعفٍ ومخرم، وورد عن ابن الكلبي أيضًا أنّه قال: “وكان الذي قتله يُلقّب بالأسد الرهيص، أي الثابت في مكانه، والرهيص هو الحائط المبني”.
2- رواية أبي عمرو الشيباني:
كانت رواية أبي عمرو الشيباني في نهاية ابن شداد مختلفة عن الرواية السابقة، فقد قال: “أنّه غزا طيئًا مع قومه، فانهزمت عبس، فخرّ عنترة عن فرسه، ولم يقدر من الكبر أن يعود فيركب، فدخل دغلًا، أي شجر كثيف ملتف، وأبصره ربيئة طيء؛ أي طليعة الجيش الذي يقف في مكان عال لمراقبة الأعداء، فنزل إليه، وهاب أن يأخذه أسيرًا، فرماه وقتله”.
3- رواية أبي عبيدة:
كانت رواية أبي عبيدة مختلفة عن الرواتين السابقتين أيضًا؛ إذ قال في رواية مقتل ابن شداد: “أنه كان قد أسنَّ واحتاج، وعجز بكبر سنه من الغارات، وكان له على رجل من غطفان بعير، فخرج يتقاضاه إياه، فهاجت عليه ريح من صيف وهو بين شرج وناظره، أي ماءان لبني عبس، فأصابته وقتلته”.
4- رواية القصاص الشعبي:
أمّا رواية القصاص الشعبي في مقتل عنترة فقد كان فيها خيالًا بارعًا وسحرًا، فكانت روايته أنّ عنترة أحسّ أنّه ميت بعد أن أصابه الرهيص بالسهم المسموم، وفي ذلك الوقت اتخذ خطة الليث المناضل؛ فبقي ممتطيًا صهوة جواده، ومرتكزًا أيضًا على رمحه يلتقط أنفاسه الأخيرة، ثم أمر الجيش بأن يتراجع حتى ينجو من الأعداء، وبقي حاميًا ظهر الجيش أثناء هروبهم أمام العدو، وبقي كذلك حتى هرب الجيش وتوفي عنترة، وعندما طال وقوفه شك العدو في أمره، فأُطلق إلى الجواد فرسًا تهيجه، في ذلك الحين هاج الجواد فسقط الفارس على الأرض بعدما قدّم روحه لحماية قومه.
كان عنترة ابن شداد من الشعراء النبلاء والذين يتصفون بصفات وخصال عديدة، وقد كان له العديد من الأعمال الفروسية، ولقد اختلف في كيفية وفاته ونهايته في عدّة روايات، لكن الأرجح هي رواية ابن حبيب وابن الكلبي وصاحب الأغاني، والتي ترى أن وزر بن جابر بن سدوس الملقب بالأسد الرهيص هو من قتله.
ديانة عنترة بن شداد
لم يدرك عنترة ابن شداد الإسلام، فقد توفي قبل ظهور الإسلام بسنوات قليلة، ولو كان قد أدرك الإسلام لأسلم، لما عرف عنه من الحكمة والرشد، وإن كان لم يعرف عنه التحنف كذلك، أي الإيمان بالحنيفية الإبراهيمية، ولكن لم يشتهر عنه أيضًا أنه كان يسجد للأصنام كما كان سائدًا قبل الإسلام.
شكل عنترة بن شداد الحقيقي
كان شدَّاد أبو عنترة عربيّاً ساميّاً، وكان عنترة أسود اللَّون، وعبوس الوجه، وملفلف الشَّعر أجعده، وكان يلقَّب بعنترة الفلحاء لشقٍّ في شفته السُّفلى، وكان يتميَّز بضخامة خِلقته، وكبر شَدقيه، وصلابة عظامه، وشدَّة منكبيه.
تميَّز عنترة بأجمل الصِّفات وأفضلها، فقد كان عنترة شجاعاً جريئاً ومن فرسان العرب المعدودين؛ لذا كان يلقَّب بأبي الفوارس، وكان يلقَّب أيضاً بأبي مغلس بسبب سيره إلى الغارات في الغلس وهو ظلمة اللَّيل، وقد دوَّخ عنترة أعداء عبس في حرب داحس والغبراء. وكان عنترة جواداً بما ملكت يده، وكان من أشدِّ أهل زمانه، وذا خُلُق سمح، وقلب رقيق.