كيفية بيع الأموال الربوية وماهي الاموال الربوية وماهو حكم التعامل مع البنوك الربوية كل ذلك في هذه السطور التالية.
الربا آفة عظيمة، وداء عضال، إذا ما تمكن من أمة فلا خير فيها ولا خير لها، وهو كبيرة من الكبائر بلا خلاف، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: “اجتنبوا السبع الموبقات” ( البخاري)، وفي القرآن العظيم آيات رهيبة فيها تبيان للخطر العظيم، وعقوبة المرابي في الدنيا والآخرة، يقول الله عز وجل في سورة البقرة: }الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{ ) البقرة:275)، فحين تدبر المسلم قوله تعالى: }لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ{، وهو كما ذكره المفسرون، وعلى رأسهم ابن كثير رحمه الله: أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه، وتخبِّط الشيطان له، وذلك أنه يقوم قياماً منكراً، قال ابن عباس: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنوناً يخنق، وقد جعل الله هذه العلامة لآكل الربا، وذلك أنه أرباه في بطونهم فأثقلهم، فهم إذا خرجوا من قبورهم، يقومون ويسقطون من هذا الربا الذي زاد في بطونهم، هذا شعار لهم يُعرفون به يوم القيامة من دون سائر الخلق، تُعرف هذه الطبقة التي تأكل الربا، أنهم يقومون من قبورهم يتخبطون كالمصروع الذي صرعه الشيطان ومسه، ثم يكون العذاب من وراء ذلك.
محتويات المقال
كيفية بيع الأموال الرِبوية:
بيع الاموال عند اتحاد الجنس:
إذا بيع المال الرِبوي بعضه ببعض، فهذا يعني أن العوضين متحدين في الجنس، وعلى هذا تكون علة التحريم فيهما واحدة، فإذا ما اشترى شخص مائة غرام ذهب مسبوك، بمائة غرام ذهب مصوغ، فإن العلة في ذلك هي (الثمنية)؛ لأن العوضين من جنس واحد، ونفس الأمر يُقال في باقي الأجناس الأخرى، فإذا كان التعامل مع الأموال الرِبوية بهذه الصورة، فلا بد من توفر الشروط التالية:
1.المماثلة في البدلين:
فإن كان المال مما يُباع وزناً، فلا بد من المماثلة في الوزن، ككيلو غرام بكيلو غرام، وإن كان مما يباع عدداً، فلابد من المماثلة في العدد، كعشرة بعشرة، وإذا كان مما يُباع بالكيل، فكيلة بكيلة وهكذا.
وعلى ذلك فالأصل أن تبيع مائة غرام ذهب بمائة أخرى، بغضّ النظر عن نوع هذا الذهب، وبغض النظر عن جيده ورديئة، حيث لا عبرة بالجيد والرديء كما ذكرنا عند حديثنا عن أنواع الربا.
وكذلك لا يجوز بيع طن قمح من الدرجة الأولى، بطن ونصف من القمح من الدرجة الثانية، ذلك لأن القمح جنس واحد، فلابد فيه من التماثل، ونفس الأمر يُقال في اللحم، فيحرم بيع كيلوا غرام من اللحم الأحمر مثلاً، بكيلو ونصف من اللحم الأبيض إن كان اللحم لحم ضأن مثلاُ، أو لحم بقر.
2- أن يكون العقد حالاًّ:
وعلى ذلك فلا يجوز بيع الجنس الربوي الواحد بنفسه إذا كان أحد العوضين مؤجلاً ولو أجلاً قريباً، فلا يصح بيع طن ملح بطن آخر منه يستلمه بعد يوم مثلاُ.
3- التقابض:
وذلك بأن يقبض كل من البائع والمشتري ما يخصه من العوضين قبل التفرق وترك مجلس العقد.
ويستدل على هذه الشروط بما روي عن النبي على النحو التالي:
1. شرط التماثل: دلّ عليه قول النبي : “لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل”(33)، فقوله (مثلاُ بمثل) دليل على التماثل عند اتحاد الجنس.
2. الحلول والتقابض: ويستدل له بما ورد عن من قوله “الذهب بالذهب رباً، إلا هاءً وهاءً(34)، والبرُّ بالبرِّ رباً، إلا هاءَ وهاءً، والشعير بالشعير رباً، إلا هاءً وهاءً، والتمر بالتمر رباً، إلا هاءً وهاء”(35)، وكذلك قوله: “الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد”، فقوله (هاء وهاء) و(يداً بيد) فيه دلالة واضحة على التقابض والحلول.
اختلاف الجنس واتحاد العلة
تنقسم الأموال الرِبوية من حيث العلة إلى قسمين هما: أموال تكون العلّة فيها الثمنية كالذهب، والفضة، والأموال المصكوكة الحديثة الورقية، أو المعدنية، والقسم الآخر هو أموالٌ علّتها الطُعم أي كونها مطعومات يقتات الناس بها، كالقمح، والشعير، والتمر، والملح؛ فأجناس الأموال الربويّة قد تختلف ولكن علّتها قد تكون واحدة، وقد تَختلف أصناف الأموال الربويّة وتختلف العلّة بينها أيضاً، فإذا بيع جنسان ربويّان مُختلفان في الجنس ومتَّحدان في العلة كما إذا بيعت الفضة بالذهب، أو الشعير بالقمح، أو التمر بالملح، أو الشعير بالذرة، فإنّه في هذه الحالة يُشترط لصحّة هذه المُعاملة شرطان فقط هما: الحلول والتقابض؛ فيجوز بيع عشرة غرامات ذهب بخمس عشرة غراماً من الفضة، كما يجوز بيع طن من الملح بنصف طن من التمر، وعلى ذلك يَجري التعامل مع باقي الأصناف الربويّة شرط أن يكون البيع حالاً غير مؤجل وهو المقصود بالحلول، وأن يقبض المُتبايعان ما تمَّ التعاقد عليه في مجلس العقد وهو المُراد بالتقابض، أمّا التماثل في هذا النوع من البيوع فليسَ شرطاً.
اختلاف الجنس واختلاف العلة
إذا اختلفت أجناس الأموال الربويّة واختلفت العلة من كونها ربويةً، كأن يجري التعاقد على ما هو من الثمنيات بما هو من المطعومات فإنّ البيع يكون هنا جائزاً على ما اشترط المُتعاقدان، ولا يجري الربا مُطلقاً حتى لو كان أحد الأجلين غير حالٍ في مجلس العقد، أو لم يجر التقابض بينهما أو كانا غير متماثلين، فيجوز بيع مائة غرام من الذهب بنصف طن من القمح مؤجّلاً مع عدم القبض في مجلس العقد، وكذلك يجوز بيع مائتي غرام من الفضة بعشرة كيلوغرامات من الشعير، نسيئةً، مع عدم اشتراط التقابض، ودليل ذلك ما جاء في الصحيحين: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ استعملَ رجلًا على خيبرَ، فجاءهم بتمرٍ جَنِيبٍ، فقال: أَكُلُّ تمر خيبرَ هكذا؟ فقال: إنَّا لنأخذُ الصاعَ من هذا بالصاعينِ، والصاعينِ بالثلاثةِ. فقال: لا تفعل، بِعْ الجَمْعَ بالدراهمِ، ثم ابتعْ بالدراهمِ جَنِيبًا).
حكم التعامل مع البنوك الربوية:
1- يجب على المسلمين إذا احتاجوا إلى الإيداع والتحويل والاستثمار أن يكون بواسطة المصارف الإسلامية، فإن لم توجد جاز للضرورة الإيداع في غيرها، لكن بدون فائدة ربوية.
2- يحرم على المسلم العمل في أي بنك أو مؤسسة تأخذ أو تعطي الربا؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، والمال الذي يأخذه العامل من البنك أو المؤسسة الذي يعمل فيه سحت وحرام يعاقب عليه إن لم يتب منه.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ». أخرجه مسلم.