ماهي السلفية

كتابة mohy Yasser - تاريخ الكتابة: 26 ديسمبر, 2018 3:29 - آخر تحديث : 27 نوفمبر, 2021 10:11
ماهي السلفية

ماهي السلفية وماهو تعريفها الشامل وماهى نشأه السلفية واهم معتقداتها كل ذلك من خلال هذه السطور التالية .

السلفية

السلفية هي منهج إسلامي يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وهم النبي محمد والصحابة والتابعون وتابعو التابعين باعتباره يمثل نهج الإسلام والتمسك بأخذ الأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة ويبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه، والتمسك بما نقل عن السلف. وهي تمثل في إحدى جوانبها إحدى التيارات الإسلامية العقائدية في مقابلة الفرق الإسلامية الأخرى.
وفي جانبها الآخر المعاصر تمثل مدرسة من المدارس الفكرية الحركية السنية التي تستهدف إصلاح أنظمة الحكم والمجتمع والحياة عمومًا إلى ما يتوافق مع النظام الشرعي الإسلامي بحسب ما يرونه. برزت بمصطلحها هذا على يد أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري وقام محمد بن عبد الوهاب بإحياء هذا المصطلح من جديد في منطقة نجد في القرن الثاني عشر الهجري والتي كانت الحركة الإصلاحية التي أسسها من أبرز ممثلي هذه المدرسة في العصر الحديث. ومن أهم أعلامهم: عبد العزيز بن باز ومحمد ناصر الدين الألباني ومحمد بن صالح بن عثيمين ويعقوب الباحسين.

تعريف السلفية

في اللغة العربية: السَّلَف – بفتح السين واللام – يكشف عنها في مادة (س ل ف) وهو ما مضى وانقضى، والقوم السُّلاَّف: المتقدمون، وسلف الرجل: آباؤه المتقدمون. جمع سالف وهوكل مَن تقدمك من آبائك وذوي قرابتك في السن أوالفضل وقالوا: إنَّه كل عمل صالح قدمته.وقال السمعاني (ت 562): السلفي – بفتح السين واللام وفي آخرها فاء – هذه النسبة إلى السلف وانتحال مذاهبهم على ما سُعمت منهم.
أما مصطلح السلف الصالح فهو تعبير يراد به المسلمون الأوائل من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين الذين عاشوا في القرون الثلاثة الأولى من الإسلام التي جاء الثناء عليها من رسول الإسلام محمد صلي الله عليه و سلم في قوله:
«خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي من بعد ذلك أناس يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويكون فيهم الكذب.»
ويستثنى من ذلك أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والقدرية والجهمية و الجبرية غيرهم من الفرق. والمذهب أو المعتقد السلفي: هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة وعرف عظم شأنه في الدين وتلقي الناس كلامهم خلفًا عن سلف. ومن هؤلاء الأئمة: الأئمة الأربعة وسفيان الثوري والليث بن سعد وابن المبارك وإبراهيم النخعي والبخاري ومسلم وسائر أصحاب السنن.والسلفيون أو السلفية: الذين يعتقدون معتقد السلف الصالح وينتهجون منهج السلف في فهم الكتاب والسنة وتطبيقهما.

نشأة السلفية

يعتقد بأن السلفية ما هي إلا امتداد لمنهاج النبوّة، ثم الصحابة، فالتابعون، فتابعوهم، ثم مدرسة أهل الحديث والأثر الذين برزوا في القرن الثالث الهجري في مواجهة المعتزلة في العصر العباسي تحت قيادة أحمد بن حنبل أحد أئمة السنة الأربعة فكان المعتزلة يتخذون مناهج عقلية في قراءة النصوص وتأويلها واستمدوا أصولهم المنطقية من الحضارة الإغريقية عن طريق الترجمة والتعامل المباشر، ورأى أهل الحديث في هذه المناهج العقلية خطراً يهدد صفاء الإسلام ونقاءه وينذر بتفكك الأمة وانهيارها. وانتهى هذا النزاع حين تولى الخليفة المتوكل أمر الخلافة وأطلق سراح ابن حنبل وانتصر لمنهجه ومعتقده. ويعتبر الكاتب حسن أبو هنية محنة ابن حنبل في فتنة خلق القرآن بأنه: «كان حاسماً في بلورة وعي سلفي عمل على بلورة موقف سلفي واضح ومتميز لأول مرة».
وقال محمد أبو زهرة أنه في القرن الرابع هجرياً ظهرت جماعة من أهل الحديث تنسب آرائها لابن حنبل في إثبات بعض صفات لله بدعوى أن الله أثبتها لنفسه في القرآن والسنة وذلك الأخذ بظواهر النصوص ثم تفويض الكيف والوصف. ثم أقر هذا المنهج كمنهج رسمي للدولة العباسية في زمن الخليفة القادر بالله بناء على منشور العقيدة القادرية الذي كتبه الخليفة وأمر أن يتلى في المساجد يوم الجمعة وأخذ عليه خطوط العلماء والفقهاء. وبحسب ما ذكره ابن الجوزي في المنتظم فقد أقر هذا المنهج كمنهج رسمي للدولة العباسية عام 433 هـ في زمن الخليفة القائم بأمر الله بناء على منشور العقيدة القادرية الذي كتبه الخليفة القادر.
بعد ذلك شهدت السلفية انحسارًا ملحوظًا شعبيًا وسياسيًا بعد انقسام الفقهاء الإسلاميين وأهل الحديث إلى حنابلة وأشعرية حتى قوي جانب الأشاعرة وتبنى بعض الأمراء مذهبهم  إلى أن ظهر ابن تيمية في القرن السابع بالتزامن مع سقوط عاصمة الدولة العباسية بغداد على أيدي التتار سنة 656 هـ فعمل على إحياء الفكر السلفي وقام بشن حملة على من اعتبرهم أهل البدع داعياً إلى إحياء عقيدة ومنهج السلف من أجل تحقيق النهضة. ولقد أثارت دعوته جدلاً في الأوساط الإسلامية حينها فاستجاب بعض العلماء وطلبة العلم لأفكاره مثل الذهبي وابن قيم الجوزية والمزي.ومن أفراد الطبقة الحاكمة مثل الأمير المملوكي سلار نائب السلطنة.

أشهر الحركات السلفية الإصلاحية الحديثة

توجَد العديد من الحركات السلفية الإصلاحية الحديثة، ومن أشهر الحركات السلفية المحسوبة منَ الحركات الإصلاحية الحديثة والتي تنسب إلى منهج السلف الحَركات الآتي ذكرها:
– حركة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، وقد دعت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والتي أُطلق عليها لاحقاً الحركة الوهابية إلى تنقية مفهوم التوحيد، وحاربت هذه الحركة الإصلاحية المعاصرة الشرك ووسائله ودعاته، وقضت على الكثير من البِدع والخرافات، وأحيت فريضة الجهاد.
–  جمعية أهل الحديث: تُعتبر جمعية أهل الحديث من أقدم الجمعيات بل من أقدم الجماعات الإسلامية في منطقة شبه القارة الهندية، ومن مَقاصد جمعية أهل الحديث: تصفية الإسلام وتنقيته من البدع والخرافات، واتباع منهج الكتاب والسنة، ومنهج السلف الصالح في العلم والعمل، ومن أبرز ما عُرفت به نبذ التعصّب المذهبي.
– جماعة أنصار السنة المُحمدية، قامت جماعة أنصار السنّة المحمدية في مصر أولاً، ثم انتشرت هذه الجماعة في غيرها من الدول، وقامت على أساس التوحيد الخالص لله -سبحانه وتعالى- وعلى منهج السنّة الصحيحة، وتطهير الاعتقاد وتنقيته، ونبذ جميع البدع والخرافات، وجَعلت ذلك كله شرطاً من شروط عودة الخلافة الإسلامية، والنّهوض بالأمة الإسلامية.

موقف السلفية من الجماعات الإسلامية

تقف الجماعة السلفية من باقي الجماعات الإسلامية العاملة على الساحة الإسلامية موقفاً مُعتدلاً لا يعدو موقف أيّ إنسانٍ مسلم من أخيه المسلم؛ فجميع الجماعات الإسلامية ذات المنهج الصحيح العاملة لخدمة الإسلام تقف في خندقٍ واحدٍ، والجماعات الإسلامية والمسلمون الأصل أن يكونوا كالبنيان الواحد المرصوص، يشد بعضه بعضاً، والسلفيون يقبلون الحق من أيِّ طرفٍ كان، ويقوم منهجهم على التجاوز عن المُسيء، والسعي إلى وحدة الصف الإسلامي، والحرص على تأليف القلوب، والعمل على جمع كلمة الأمة، ونبذ النظرة الحزبية الضيقة، والولاءات المحدودة، والانطلاق إلى فضاء الإسلام وعمومه وشموله، وسعته، والمحافظة على قاعدة: موالاة الإنسان ومحبته على قدر دينه، ومُعاداة وبُغض الإنسان على قدر عصيانه وبعده عن الله؛ فالدعوة السلفية تدعو إلى الإسلام الحقيقي الصافي النقي الذي يخلو من أدران الشرك وكل ما يتعلق بالشرك من الخرافات والخزعبلات والبدع والمنكرات، وتُعزز الدعوة السلفية في شخصية الفرد والإنسان المسلم مفاهيم الولاء، والبراء، والحرص على عدم التعلق بالأشخاص والأفراد، بل ونبذ التعصب للأشخاص، ونبذ التعصب للأسماء واللافتات .

من أبرز سمات المنهج السلفي:

الدعوة إلى توحيد الله بالعبادة، ومحاربة الشرك بأنواعه، ولهذا الغرض أرسلت الرسل إلى أقوامهم: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]، وكذلك الدعوة إلى توحيد الله في ربوبيته وفي أسمائه وصفاته: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

ومن أبرز صفات المنهج السلفي:

العمل بالكتاب والسنة امتثالاً لأمر الله: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
فهم يسلمون لنصوص الشرع وافقت أهواءهم أو خالفتها، أدركتها عقولهم القاصرة أو لم تدركها: ﴿ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7].

منهج السلفية في التلقّي والاستدلال

يَعتمد مَنهج السلفيّة على عدة قواعد وأصول، وهذه القواعد والأصول تضبط منهج التلقّي والاستدلال، ومن أهم هذه القواعد ما يأتي:
– مَصدر العَقيدة المعتمد هو كتاب الله، وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- الصحيحة، وكذلك إجماع السلف الصالح.
– كلّ ما صح من سنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- يجب قبوله، حتى إن كان من أخبار الآحاد.
– المرجع الصحيح في فهم القرآن والسنّة هو النصوص التي تبيّنها، وكذلك فهم السلف الصّالح لها، وفهم من سار على هديهم ومنهجهم من الأئمة، ثم يأتي بعد ما تقدّم في الترتيب ما صحّ من لغة العرب.
– أصول الدين الإسلامي كلها، قد بيّنها الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-، وليس لأحد أن يُحدِث شيئًا في الإسلام زاعمًا أنّ ذلك من الدّين بعد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.
– التسليم لله وللرسول -عليه الصلاة والسلام- ظاهرًا وباطنًا، فلا تتمّ مُعارضة شيء من القرآن أو السنة النبوية الصحيحة بقياس، ولا مُعارضته بذوق أو تشهي، ولا بكشف، ولا بقول شيخ، ولا بكلام إمام؛ فالقرآن والسنّة هما الأساس ويَجب التسليم لهما.
– العقلُ الصّريح يُوافق النقل الصحيح، ولا يُمكن أن يَتعارضا مُعارضةً حقيقيةً قطعيًا، وعند توهُّم وجود التعارض يُقدَّم النقل الصّحيح على العقل.
– يجب التزامُ الألفاظ الشرعيّة في العقيدة، كما يَجب تجنُّب الألفاظ البدعية، وتَجنّب الألفاظ المُجملة التي تحتَمل الخَطأ والصواب حتى يتم الاستفسار عن مَعناها، فما وُجد حقًا فهو ثابتٌ بلفظه الشرعي، وما كان باطلاً فإنّه يُرد.
– العِصمة ثابتة لرسول الله -عليه الصلاة والسلام-، والأمة الإسلامية في مجموعها وعند إجماعها على رأي مَعصومةٌ من الاجتِماع على باطلٍ أو ضلالة، وأمّا آحاد الأمّة وأفرادها فلا عصمة لأحدٍ منهم، وما اختلَف فيه الأئمة من المسائل وما اختلف فيه غيرهم فمَرجعه إلى كتابِ الله وسنّة نبيه، مع إعذار مُجتهدي الأمّة إن وقعوا في الخطأ في الاجتِهاد.
– الرؤيا الصالحة حقٌ، وتُعتبر جزءاً من النبوّة، وكَذلك الفَراسة الصادقة المُطابقة للواقع حق، وهي كَراماتٌ ومُبشرات، على شَرط مُوافقتها للشرع، وليست هذه جميعها مَصدرًا للعَقيدة الإسلامية، ولا مَصدراً للتّشريع.
– المُجادلة بالحُسنى مشروعة، وأمّا المراء في الدين فهو مذموم، وما صحّ النهي عن تناوله والخوض فيه فإنّه يجب امتثال ذلك والالتزام به، ويجب الابتعاد عن أيّ خوضٍ فيما لا علم للمسلم به، بل يَجب على المُسلم تفويض علم ذلك إلى الله سبحانه.
– يجب الالتزام بالمنهج الربّاني ومنهج الوحي في الرد، كما يجب ذلك في الاعتقاد والتقدير، فلا يتمُّ ردّ بدعةٍ ببدعة، ولا مُقابلة التّفريط بالغلو، ولا عَكس ذلك.
– كل أمرٍ مُحدثٍ في الدين فهو بدعة، وكل بِدعةٍ ضلالة، وكلُّ ضلالةٍ في النار.



706 Views