ما معنى النثر نقدم لكم متابعينا الكرام في هذا الطرح الفني المميز كل مايخص النثر وما معنى النثر ومفهومه الصحيح .
نثر
النثر هو الكلام الفني الجميل، المنثور بأسلوب جيد لا يحكمه النظم الإيقاعي – كما هو حال الشعر – تميزه اللغة المنتقاة والفكرة الجلية، والمنطق السليم المقنع، المؤثر في المتلقي.
من فنون النثر: القصة والمقالة والخطبة والمسرحية النثرية وفنون النثر الوصفي كالنقد الأدبي وتاريخ الأدب والأدب المقارن. والنثر أدب إنشائي.
أنواع النثر
النثر العادي
الذي يدور في كلام الناس أثناء المعاملة أو هو الذي يعرف بلغة التخاطب والتفاهم بين الناس أو هو الكلام اليومي الذي يتحدثه الناس وهو غير فاقد نهائيا لبعض عناصر النثر الفني.
النثر الفني
الذي يخضع لنظرية الفن أو هو الذي يغلب عليه الأسلوب الفني والذي يحتوي على عناصر فنية نذكر منها الأفكار وحسن الصياغة وجودة السبك ومراعاة جودة اللغة ومع ذلك لا يفقد العاطفة والخيال.
النثر الفني
النثر الفني هو ما نجم عن تجربة فكرية وشعورية، تصاحبها غايه يهفو إليها الكاتب، وتنسج بأسلوب لغوي فني، متعدد الأِشكال، والألوان، لكن بعناية، ويميل إلى السهولة ووضوح الفكرة مع الالتزام بالأساليب الفنية البليغة واللغة الفصيحة.
وهو ينقسم قسمين:
1- الخطابة.
2- الكتابة.
أولاً: الخطابة:
والخطابة الدينية أوجد الله لها البقاء بوجودها في الجمعة والأعياد، والخطابة الوعظية التي توجد على مر الزمان، وأما الخطابة السياسية فقد ماتت في عهد الأتراك والمماليك، لأن السياسة كانت في أيديهم وهم لا يحسنون اللغة، ولما جاء العصر الحاضر وتلاقت الأفكار فإن الأمر مختلف ولا سيما بعد ظهور المعارضة الداخلية للدولة العثمانية حيث طالب المعارضون بإنشاء دستور لهذه الدولة، وأتيح لهم الكلام، وهنا أخذت الكتابة في الإنشاء، وظهرت بذرة الخطابة السياسية، وحين قامت الدول في البلاد العربية، لا سميا في مصر، وظهور الحركات الإصلاحية في الجزيرة والسودان والمغرب ظهرت هناك الخطابة الملحة لاسيما بالتنديد بالدول المستعمرة، وباستبداد الدولة العثمانية، وأخذت الولايات تستقل بذاتها وكثرت أساليب المعارضة وبدأت الدعوة للدستور، والمجالس النيابية، لأجل ذلك كله أخذت الخطابة السياسية في الازدهار إذا صار أصحاب الشأن ينافحون عن سياستهم، وكذلك المعارضون.
هذا وقد صحب ثورة عرابي كثير من الخطب السياسية التي أثارت حماس الناس، وأخذ تكوين الجمعيات الخيرية في النمو، وأخذ الخطباء في الخطابة بشكل اجتماعي ومن الخطباء: مصطفى كامل صاحب الخطابة المشهورة في مصر خطب في بلاده وخارجها، وخلفه: سعد زغلول ولاسيما في مواجهة الاحتلال البريطاني وبعض القوانين الطارئة التي تحد من حرية الصحافة وهناك دعوات مصاحبة لنشر التعريب في مصر، وظهر أسلوب المحاماة وقد ظهرت في مصر مبكراً وهي تعتمد على اللغة العربية، بل يناظرون بقدرة قوية في محاكمة وغيرها، ويمكن أن نعد المحاماة خطابة اجتماعية وتواصل الخطابة السياسية في جميع البلاد التي فيها مجالس نيابية، وهذا غير مجالها السابق.
أما الخطابة الاجتماعية فتمثلت في الجمعيات الخيرية، وكذلك خطب المحاماة والقضاة في المحاكم، أما الدينية فقد تطورت تطوراً كبيراً في الأزهر، حيث أنشأت معاهد لتدريب الخطباء وتكونت طبقة في الأزهر من العلماء يحفظون القران الكريم ويعرفون مضامينه.
ثانياً: الكتابة:
طرأ عليها التغير في جوانب كثيرة بدأ في هذا العصر بوجه عام. ولا بد في الكتابة من الثقافة والاطلاع وممارسة الكتابة، فهي ليست سهلة، بل تتطلب فكراً واسعاً، وثقافة جيدة، ولغة ثرية، وقد كانت للكتابة المعاصرة مجالات واسعة التحم فيها الفكر بالعلم، تولد الفكر الجديد الذي يخوض في مجالات الحياة كلها، ثم إن العالم الإسلامي أراد أن يتحرك بعد ذلك الذل والهوان الذي أصاب بلاد الإسلام فأراد هذا الفكر أن يتحرك ليثير الثورات الفكرية والاجتماعية ويكشف عن مسارات المستقبلية.
والكتابة المعاصرة بوجه عام مختلطة، وقد بدأت لها معالم جديدة وهي الخروج عن النمط القديم الذي يعتمد على الرسائل الديوانية، والإخوانية، والمقامات التي تكثر من السجع وتدور حول موضوعات اجتماعية ليس ذات عمق.
وأشهر الذين أثاروا بعض الغبار عن الكتابة: حسن العطار – شيخ الأزهر – ورفاعة الطهطاوي، وان كان في كتابتهما نوع من النمط القديم، إلا أنها تختلف في المضمون (كالالتفات للوطنية والقضايا الإسلامية)، وفي الفكر الذي تنبع منه، ولكنها تشبه القديم في السجع. ورفاعة الطهطاوي هو رائد التجديد في الأدب المصري عن طريق كتاباته.
تطوير النثر
النثر لغة
يقول صاحب اللسان: «النثر نَثرُكَ الشيءَ بيدك ترمي به متفرقا مثل نثر الجوز واللوز والسکر وکذلك نثر الحبّ إذا بُذر». فالمعنی اللغوي يعني الشيء المبعثر (المتفرق) الذي لايقوم علی أساس في تفرقه وبعثرته، أي: لا يقوم علی أساس من حيث الکيف والکم والاتساع.
النثر اصطلاحاً
هو الکلام الذي ليس فيه الوزن ويعتمد علی الحقائق. بتعبير آخر: النثر هو کلام المقفي بالأسجاع.
النثر أدب إنساني، «وهو علی ضربين: أما الضرب الأول فهو النثر العادي الذي يقال في لغة التخاطب، وليست لهذا الضرب قيمة أدبية إلا ما يجري فيه أحيانا من أمثال وحکم، وأما الضرب الثاني فهو النثر الذي يرتفع فيه أصحابه إلی لغة فيها فن ومهارة وبلاغة، وهذا الضرب هو الذي يعنی النقاد في اللغات المختلفة ببحثه ودرسه وبيان ما مر به من أحداث وأطوار، ومايمتاز به في کل طور من صفات وخصائص، وهو يتفرع إلی جدولين کبيرين، هما الخطابة والکتابة الفنية ـ ويسميها بعض الباحثين باسم النثر الفني ـ وهي تشمل القصص المکتوب کما تشمل الرسائل الأدبية المحبرة، وقد تتسع فتشمل الکتابة التاريخية المنمقة».
نشأة النثر الفني
يجد الباحث عنتا کبيرا حينما يحاول تحديد الوقت الذي نشأ فيه النثر الفني في اللغة العربية. إذ أن الباحثين الذين تصدوا لدراسة الأدب الجاهلي قد اضطربوا في تقدير الوجود الأدبي لعرب الجاهلية وبخاصة فيها يتعلق بالنثر، ولم يستطيعوا علی الرغم من جهودهم ودراساتهم أن يصلوا في ذلك الموضوع إلی نتيجة ثابتة أو رأي موحد يمکن الاطمئنان إليه.أما هذه الآثار النثرية المختلفة التي تنسب إلی الجاهليين، فيکاد مؤرخو الأدب يتفقون علی عدم صحة شيء منها، والسبب في عدم الثقة بهذه النصوص هو أن وسائل التدوين لم تکن ميسرة في العصر الجاهلي.
النثر في العصر الإسلامي
النثر الفني في عهد النبوة، لم يکد يختلف اختلافا جوهريا عن النثر الجاهلي. «دخل النثر العربي في طور جديد بظهور الإسلام، بعد أن تعرضت الحياة الأدبية لانقلاب شامل وتطور بعيد المدی. ولم يکن ثمة بد من أن يتأثر الأدب بالحياة الجديدة وأن يکون صدی لأحداثها واتجاهاتها. وکانت مظاهر التطور في النثر أوضح منها في الشعر، لأن الشعر فن تقليدي يترسم فيه الشاعر خطا سابقيه، ويلتزم أصولا محددة، ولذلك يکون أبطأ من النثر استجابة لدواعي التطور». أما أغراض النثر ومعانيه، فإنها بلا شك قد تغيرت تغيرا محسوسا بظهور الإسلام، و «تلوّن النثر في هذا العهد بجميع ألوان الحياة الجديدة فکان خطابة، وکتابة، ورسائل وعهودا، وقصصا، ومناظرات، وتوقيعات، وکان على کل حال أدبا مطبوعا. وامتاز النثر في هذا العهد بالإيجاز علی سنة الطبيعة العربية الأصيلة».
النثر في العصر الأموي
کانت الکتابة ضرورة إدارية ملحة لا غنی عنها في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، في المکاتبات والدواوين المختلفة. کما کانت ضرورة اجتماعية لا غنی عنها في المعاملات. وکانت کذلك ضرورة علمية لا غنی عنها في الحرکة العلمية التي ازدهرت في العصر الأموي وتعاظمت في أواخره. ونتيجة لذلك کله توسع انتشار الخط واستعمال الکتابة، إبان ذلك العصر، توسعا عظيما، نظراً لإقبال الناس علی طلبه.
يقول الدکتور شوقي ضيف: «أن الکتابة نمت في العصر الأموي نموا واسعا، فقد عرف العرب فکرة الکتاب وأنه صحف يجمع بعضها إلی بعض في موضوع من الموضوعات، وقد ألفوا فعلا کتبا کثيرة». وقد کانت لمن يعرف الکتابة مکانة رفيعة عند الناس، إذ کانوا يعرفون له قدرة، وکان سعيد بن العاص يردد دائماً قوله: «من لم يکتب فيمينه يسری».
لعل من أهم الأسباب التي هيأت لرقي الکتابة الفنية في هذا العصر تعريب الدواوين في البلاد المختلفة. وتعقد الحياة السياسية، وکثرة الأحزاب والمذاهب.
«وقد تجلت بواکير الکتابة في أواخر العصر الأموي بفضل موهبة عبدالحميد بن يحيی الکاتب». ولقد أجمع النقاد والمؤرخون في القديم والحديث علی أن عبدالحميد إمام طور جديد في الکتابة العربية، وأنه هو الذي وضع الأساس لهذا المنهج الکتابي الذي اقتفاه الکتاب من بعده، وهو «أبلغ کتاب الدواوين في العصر الأموي وأشهرهم، وقد ضربت ببلاغته الأمثال». و«کان عبدالحميد أول من فتق أکمام البلاغة وسهل طرقها وفك رقاب الشعر». وقال ابن النديم: «عنه أخذ المترسلون ولطريقته لزموا، وهو الذي سهل سبيل البلاغة في الترسل». إذن لقد تواترت آراء المؤرخين والأدباء منذ القرن الثالث الهجري علی أن الرجل ذو مکانة ملحوظة في تاريخ النثر العربي، وأنه ذو أثر عميق في تطور الکتابة الفنية، وأنه قد سن طريقة جديدة سار علی نهجها من جاء بعده من الکتاب.
النثر في العصر العباسي
زخر العصر العباسي بالأحداث التاريخية، والتقلبات السياسية، کما زخر بالتطورات الاجتماعية التي نقلت العرب من حال إلی حال، وقد کان لکل هذا، فضلا عن نضج العقول بالثقافة، أثر واضح في تطوير الأدب بعامة، والکتابة بصفة خاصة. لقد تقدمت الکتابة الفنية في هذا العصر تقدما محسوسا؛ وسارت شوطا بعيدا في سبيل القوة والعمق والاتساع
و«أصبح النثر العربي في العصر العباسي متعدد الفروع، فهناك النثر العلمي والنثر الفلسفي والنثر التاريخي، والنثر الأدبي الخالص، وکان في بعض صوره امتدادا للقديم؛ وکان في بعضها الآخر مبتکرا لا عهد للعرب به». وکان تشجيع الخلفاء والوزراء والرؤساء للأدب وللکتاب باعثا علی النهوض بالکتابة، داعيا إلی ارتفاع شأنها، وسمو منزلتها، ثم کان التنافس القوي بين الأدباء وتسابقهم إلی خدمة الخلفاء والرؤساء حافزا علی تجويدها والتأنق في أساليبها. «إن الکتابة کانت جواز عبور إلی الوزارة وبعض الوظائف المرموقة في مرافق الدولة لذلك کان علی الراغبين في الوصول إلی هذه المناصب العليا إتقان صناعة الکتابة حتی يحققوا أهدافهم التي کانوا يطمحون إليها».
والأغراض التی عبر عنها النثر الفني في هذا العصر قد اختلفت و«بعد أن کان النثر الأموي خطابته وکتابته منصرفا بوجه عام إلی أغراض سياسية وحزبية، ولم يتجه إلی الأغراض الأخری إلا في صورة ضئيلة، فانه في العصر العباسي قد اتجه إلی کثير من الأغراض والموضوعات الشخصية والاجتماعية والانسانية؛ کالمدح والهجاء والرثاء والاعتذار والتهنئة والتعزية والاستعطاف، والوصف والنسيب والفکاهة والنصح». ونستطيع القول بأن النثر خطا خطوة واسعة؛ فهو لم يتطور من حيث موضوعاته وأغراضه فقط؛ بل إن معانيه قد اتسعت وأفکاره قد عمقت، وأخيلته قد شحذت؛ لأن مشاهد الحياة ومقوماتها العامة قد تغيرت.