ما هو العدل كذلك سنتحدث عن أنواع العدل وما هي قيمة العدل كما سوف نذكر كذلك ما هو الفرق بين القسط والانصاف كل تلك الموضوعات تجدونها من خلال مقالنا هذا.
محتويات المقال
ما هو العدل
1-العدل هو خلاف الجور، وهو القصد في الأمور، وما قام في النفوس أنه مستقيم، وهو مِن: (عَدَلَ يَعْدِلُ فهو عادل). والعدالة في الإسلام هي إعطاء الحق لأهله وافيًا غير منقوص في قليل أو كثير، وعدم نقصانه أو زيادته على حساب الغير. وهي أيضًا تحقيق التوازن بين طرفين أو أكثر.
2-كما عرّف ابن منظور -صاحب لسان العرب- العدل بأنه: «ما قام في النفوس أنه مستقيم وهو ضد الجور.. وهو الحكم بالحق». ومن كمال العدالة في الإسلام أنه أمر بالعدل ونهى عن الظلم وذكر ذلك في كثير من الآيات كما في قوله تعالى: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا﴾.
3-وحقيقة لم أجد أهم من العدالة بين قضايا الفكر الإنساني من حيث قيمته والحث عليه، ذلك لأن العدل هو الأقوى تأثيرًا في تطور الحضارات وارتقائها، والأعمق جذورًا في طبيعة النفس البشرية، وهو القيمة المركزية في جميع العلوم المعيارية، مثل الحقوق والفلسفة والدين والأخلاق، التي تنظم علاقة الفرد بالآخرين وبالمجتمع بأسره من حوله، فالعدالة هي القيمة العليا في الدين الإسلامي، وحولها تدور جميع تعاليمه وأحكامه الشرعية، وهي لديه فريضة واجبة وضرورة وليس مجرد حق من الحقوق، وفرضها معيارا للعلاقة السليمة بين الناس.
4-وقد لخص الإمام ابن القيم رحمه الله هذا في عبارة واحدة، حين أكد أن الشريعة عدل كلها، وقسط كلها، ورحمة كلها، ولذا فإن أي شيء خرج من العدل إلى الظلم، ومن القسط إلى الجور، ومن الرحمة إلى ضدها، فهو ليس من الشرع وإن أدخل فيه بالتأويل.
5-ولا تستطيع المجتمعات العيش بلا أنظمة وقوانين تحكمها، فالقوانين هي وسيلة الحفاظ على الحقوق والملكيات وهي التي تصان فيها كرامة الفرد وتستغل فيها الثروات وتحدد بها المسؤوليات والواجبات، ولذلك لا وجود للدولة بلا قوانين تنظمها وتديرها ولا وجود لها بلا العدالة التي تضمن تطبيق القوانين على جميع الناس بلا استثناء أو تمييز.
أنواع العدل
1- العدل مع الزوجة أو بين الزوجات: بأن يعامل الزوج زوجته بالعدل سواء في النفقة والسكنى والمبيت، وإن كن أكثر من واحدة، فيعطي كلًّا منهنَّ بالسوية. قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء من الآية:3]. أما إذا كان له ميل قلبيٌّ فقط إلى إحداهن، فهذا لا يدخل في عدم العدل، قال تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء:129]. قال ابن بطال: “قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ}؛ أي: لن تطيقوا أيها الرجال أن تسووا بين نسائكم في حبهنَّ بقلوبكم حتى تعدلوا بينهنَّ في ذلك؛ لأنَّ ذلك مما لا تملكونه وَلَوْ حَرَصْتُمْ يعنى ولو حرصتم في تسويتكم بينهن في ذلك. قال ابن عباس: لا تستطيع أن تعدل بالشهوة فيما بينهنَّ ولو حرصت. قال ابن المنذر: ودلت هذه الآية أن التسوية بينهنَّ في المحبة غير واجبة” (شرح صحيح البخاري: [7/336]).
2- العدل في الحكم بين الناس: سواء كان قاضيًا، أو صاحب منصب، أو كان مصلحًا بين الناس، وذلك بإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه، قال تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء من الآية:58].
3- العدل بين الأبناء: قال صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (رواه البخاري: [2587] من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه)، ويكون العدل بين الأولاد في العطية. تنبيه: في حالة النفقة الواجبة يعطي الوالد كل واحد من الأولاد ما يحتاجه، فلو احتاج أحد أبنائه إلى الزواج، زوجه ودفع له المهر؛ لأن الابن لا يستطيع دفع المهر، ولا يلزم أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى لهذا الذي احتاج إلى الزواج؛ لأن التزويج من النفقة، كذلك النفقة على الدراسة، إلى غير ذلك. انظر: الشرح الممتع؛ لابن عثيمين [11/80]). والهبة، والوقف، والتسوية بينهم حتى في القُبَل، فعن إبراهيم النخعي قال: “كانوا يستحبون أن يعدل الرجل بين ولده حتى في القُبَل” (رواه ابن أبي شيبة في المصنف: [6/234]).
4- العدل في القول: فلا يقول إلا حقًّا، ولا يشهد بالباطل، قال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام:152]. وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء:135].
عدل الوالي: والوالي سواء كانت ولايته ولاية خاصة أو عامة يجب عليه أن يعدل بين الرعية. وأن يستعين بأهل العدل. قال ابن تيمية، بعد أن ذكر عموم الولايات وخصوصها، كولاية القضاء، وولاية الحرب، والحسبة، وولاية المال قال: “وجميع هذه الولايات هي في الأصل ولاية شرعية ومناصب دينية، فأيُّ مَن عدل في ولاية من هذه الولايات فساسها بعلم وعدل، وأطاع الله ورسوله بحسب الإمكان- فهو من الأبرار الصالحين، وأيُّ مَن ظلم وعمل فيها بجهل، فهو من الفجار الظالمين” (مجموع الفتاوى: [28/68]). وقال أيضًا: “يجب على كلِّ ولي أمر أن يستعين بأهل الصدق والعدل، وإذا تعذَّر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل (مجموع الفتاوى: [28/68]).
5- العدل في الكيل والميزان: قال تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} [الأنعام من الآية:152] “يأمر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء، كما توعَّد على تركه في قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ . الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ . أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ . لِيَوْمٍ عَظِيمٍ . يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:1-6]، وقد أهلك الله أمة من الأمم كانوا يبخسون المكيال والميزان” (تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير: [3/364]). 7- العدل مع غير المسلمين: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:8].
قيمة العدل
1-تطبيق العدل يأتي على الفرد بالأمان في الدنيا وعدم الخوف من الأخرة ومن يوم الحساب عند الله عز وجل (يوم القيامة).
2-عند تطبيق العدل الذي أرمنا به الله يكون الله راضي بشكل عام عن عباده لأن الله لا يحب الظلم، فالعدل أساس الملك.
3- العدل في المجتمع يضمن بقاء المجتمع ويضمن رقي وازدهار المجتمع.
4-الذين يطبقون العدل هم أهم أفراد المجتمع وهم الذين يتحملون المسؤولية كلمة. وهم أصحاب الولاية والحق مثل الملوك والامراء والحكام والرؤساء والقاضيين.
5-تطبيق العدل في المجتمع يأتي بثماره في انتشار كافة العادات والتقاليد والأخلاق الحسنة والطيبة في المجتمع بشكل عام.
6- من حق كل فرد الاستمتاع بالعدل في مجتمعه وحماية من التعرض للظلم أو الجور.
7- يساعد تطبيق العدل على انتشار السلام والأمان في جميع أنحاء العالم وليس فقط في المجتمع.
8-ويساعد على نبذ العادات والتقاليد والأخلاق السيئة والكراهية والتعصب وغيرها من الأفعال السيئة.
9- ويعمل على تقليل الحروب بين المجتمعات المختلفة من أجل نيل الموارد أو أخذ حق غير مشروع.
الفرق بين القسط والانصاف
1- القسط
هو العدل البيِّن الظاهر، ومنه سمي المكيال قسطًا، والميزان قسطًا؛ لأنه يصور لك العدل في الوزن حتى تراه ظاهرًا، وقد يكون من العدل ما يخفى، ولهذا قلنا: إن القسط هو النصيب الذي بينت وجوهه، وتقسط القوم الشيء تقاسموا بالقسط” ((الفروق اللغوية) لأبي هلال العسكري، ص [428]).
الفرق بين العدل والإنصاف:
2-الإنصاف
إعطاء النصف، والعدل يكون في ذلك وفي غيره، ألا ترى أنَّ السارق إذا قُطع قيل: إنه عدل عليه. ولا يقال: إنه أنصف، وأصل الإنصاف أن تعطيه نصف الشيء، وتأخذ نصفه من غير زيادة ولا نقصان، وربما قيل: أطلب منك النصف. كما يقال: أطلب منك الإنصاف. ثم استعمل في غير ذلك مما ذكرناه، ويقال: أنصف الشيء. إذا بلغ نصف نفسه، ونصف غيره إذا بلغ نصفه” ((الفروق اللغوية) لأبي هلال العسكري، ص [80]).