مجالات الاجتهاد

كتابة حنان الشهري - تاريخ الكتابة: 22 فبراير, 2022 4:20
مجالات الاجتهاد

مجالات الاجتهاد كما سنتحدث كذلك عن مجالات الاجتهاد وأنواع الاجتهاد وشروط الاجتهاد وطرق الاجتهاد كل تلك الموضوعات تجدونها من خلال مقالنا هذا.

مجالات الاجتهاد

حدد الفقهاء والأصوليون مجال الاجتهاد وهو كل حكم شرعي ليس فيه دليل قطعي الثبوت، فخرج به مالا مجال للاجتهاد فيه مما اتفقت الأمة عليه من ظواهر وجليات الشرع كوجوب الصلوات الخمس والزكاة والصيام وتحريم الخمر والربا والزنا والسرقة إلى غير ذلك مما ورد فيه دليل صريح واضح لايقبل الجدل.
قال الغزالي: “فإن الحق فيها واحد، والمصيب واحد، والمخطئ آثم. وإنما نعني بالمجتهد فيه ما لا يكون المخطئ فيه آثما”.
وقولهم: “ليس فيه دليل قاطع” لإخراج وجوب الصلوات الخمس والزكاة وما اتفقت عليه الأمة من جليات الشرع. ففيها أدلة قطعية يأثم فيها المخالف، فليست محل الاجتهاد.
وبعضهم لم يكتف بما ذكره الغزالي في تحديد المجتهد فيه، بل قال: “كل حكم شرعي عملي..الخ” فأضاف قيد “عملي” حتى يخرج المسائل الشرعية الاعتقادية من مجال الاجتهاد، لأنه لا مجال لمجتهد فيها أن يكون له عذر، فضلا عن أن يكون له أجر.
قال أبو الحسن البصري: “المسألة الاجتهادية هي التي اختلف فيها المجتهدون من الأحكام الشرعية”. وهذا ضعيف، لأن جواز اختلاف المجتهدين مشروط بكون المسألة اجتهادية، فلو عرفنا كونها اجتهادية باختلافهم فيها لزم الدور!
ولهذا حملوا على عبيد الله بن الحسن العنبري إذ قال عن المختلفين في خلق أفعال العباد ونحوها: “هؤلاء قوم عظموا الله، وأولئك قوم نزهوا الله”!

أنواع الاجتهاد

النوع الأول: تحقيق مناط خاص بالأنواع.
وهو العام لكل مكلف، وهو ما يطلِق عليه الشَّاطبي الاجتهاد العام، وهو الذي عناه الشَّاطبي حينما قال: “فالحاصل أنه لا بد منه بالنسبة إلى كل ناظر وحاكم ومُفْتٍ، بل بالنسبة إلى كل مكلف في نفسه”، وحينما قال أيضًا: “فلا يشترط فيه بلوغ درجة الاجتهاد، بل لا يشترط فيه العلم، فضلًا عن درجة الاجتهاد”.
وهذا النوع هو المرتبط بالنظر في ارتباط المكلف بالحكم الشرعي، فهذا النظر اجتهاد مرتبط بالأحكام الشرعية، وتحقيق مناطها العيني، ولا يشترط له بلوغ درجة الاجتهاد، كما أنه لا بد منه لكل مكلف، والشَّاطبي – فيما يبدو – يطلق عليه مسمى الاجتهاد تجوُّزًا، لا عُرفًا أصوليًّا؛ ولذلك قلنا: هو اجتهاد عام؛ أي: هو عام فيمن يقوم به، كما أنه عام في إطلاقه.
وقد مثَّل له الشَّاطبي بالعامي إذا سمع من العالم أن الزيادة الفعلية في الصلاة إذا وقعت سهوًا، سواء كانت من جنس الصلاة أم من غير جنسها، فلا تخلو من حالتين: أن تكون يسيرة فتغتفر، أو كثيرة فلا تغتفر، فإذا وقعت للعامي زيادة في صلاته، فلا بد له من النظر والاجتهاد في تحقيق مناط هذه الصورة التي حدثت له، وإلحاقها بالحكم الذي حقق مناطه المجتهد العالم بالشرع، فينظر هل هذه الزيادة يسيرة أو لا؟ فإذا اجتهد وعيَّن أحد الأمرين عمِل بحكمه، وكان بذلك قد حقق مناط حادثته.
ولا يبعُدُ عن هذا المثال بقية أمثلة تحقيق المناط العام؛ كتحقيق من ينطبق عليه مسمى العدالة، ومن ينطبق عليه مسمى الفقر، ونحو ذلك مما سيذكر في موضعه.
النوع الثاني: تحقيق مناط خاص بالأشخاص أو بالجزئيات.
فهو تحقيق المناط الشخصي الخاص، وهو ما ينظر فيه إلى دواخل النفس البشرية ومراميها ومداخلها، وطرق التحرز منها، وما يلائم تلك النفوس ويناسبها، وهذا نظر دقيق للغاية، ولا يفطن له إلا الكمَّل من أهل العلم، أهل الورع والتقوى والفِراسة، ولذا فهو خاص، بل هو أخص من الخاص؛ إذ حتى بعض المجتهدين لا يوفقون إليه، ولا ينتهون إليه، وهو فضل من الله يؤتيه من يشاء، ونور وحكمة يختص الله به مَن به حباه.
وبالبحث لم أرَ أحدًا صرح بهذا التقسيم، وليس القسم الخاص بجملته محل إشكال؛ إذ هو ما يطلق عليه مسمى الاجتهاد عند الأصوليين، ولا شك أن الأصوليين في الغالب يقصرون مسمى الاجتهاد على العالم المجتهد، فهو إذًا عندهم خاص.

شروط الاجتهاد

1-لا بد أن يكون ذا علم وبصيرة يستطيع أن يجتهد، يكون عنده علم بالأدلة الشرعية.
2-علم القرآن والسنة، والعلم بأقوال العلماء يكون عنده بصيرة وعنده علم حتى يستطيع يرجح الراجح ويزيف الزائف، لا بد أن يكون عنده علم وبصيرة.
3-بصير ينظر أو يطالع الكتب يقرأ عليه من ينظر ويسمع الكتب.ويسمع الأحاديث يسمع كلام العلماء. يتدبر القرآن، يكون عنده آلة.
4-عنده علم .. عنده علم بأصول الفقه ومصطلح الحديث .. عنده علم بالأحاديث .. بالمطالعة وبالحفظ وتدبر القرآن حتى يفهم الراجح من المرجوح.
5-وإذا كانت شروط الاجتهاد ثقيلةً وتتطلّب مؤونةً علميةً عاليةً ودقيقةً، ويُضاف إليها التقوى والورَع وتجنّب الهوى والتعلّق بالدنيا، فقد ظهر في العالم العربي والإسلامي مُجتهدون يسيرون على هوى أنفسهم وهوى الشيطان، ينطلقون من الهوى والتخبّط والسياسة والدولار وكلّ العملات المُمكنة لصناعة الفتيا، فضاع الاجتهاد في زحمة الجهل والهوى وحب الدنيا.

طرق الاجتهاد

المجتهد المستقل وغير المستقل، فالمجتهد المستقل أو المجتهد المطلق المستقل، هو الذي بلغ رتبة الاجتهاد في جميع أبواب الشرع وفق شروط محددة لذلك، وتعد رتبة المجتهد المستقل من أعلى مراتب الاجتهاد، فالمستقل كالأئمة الأربعة، وغير المستقل هو المنتسب إلى مذهب إمام من أئمة المذاهب الفقهية.
وقد فقد الاجتهاد المستقل في القرن الرابع الهجري، ولم يبق إلا اجتهاد المنتسبين إلى المذاهب الفقهية، الذين عملوا في استكمال بناء المذاهب الفقهية، حتى نضج علم فروع الفقه خصوصا في العصور المتأخرة، فالمسائل والأحكام الفقهية ومعاقد الإجماع أصبحت مقررة، والفقهاء بعد الفراغ من تمهيد الأحكام مقلدون لأئمة مذاهبهم في الأحكام المفروغ منها.



540 Views