مشاكل الحرية

كتابة حنان الشهري - تاريخ الكتابة: 23 فبراير, 2022 9:16
مشاكل الحرية

مشاكل الحرية كما سنتحدث كذلك عن كل مشاكل الحرية والمعنى العام للحرية وعوائق الحرية في الإسلام ومشكلة الحرية في الفلسفة الوجودية كل تلك الموضوعات تجدونها من خلال مقالنا هذا.

مشاكل الحرية

أُثيرت مشكلة الحرية بصورة مُلِحَّة بعد التطوُّرات الحاسمة التي تمخَّض عنها التقدُّم الصناعي الحديث، وبعد ما طرأ على العلاقات الاجتماعية من تغيرات أساسية نتيجة لهذا التقدُّم. وكانت الاستجابة المباشرة، التي ظهرت في فترة التطوُّر السريع ذاتها، أو في الفترة التي تليها مباشرة، هي الدعوة إلى استرداد الإنسان حريته بعد أن فقدها في حياته الصناعية الجديدة، واتخذت هذه الدعوة عند كثير من المفكرين مظهر الفلسفة المنظمة التي تمتد في تطبيقها إلى كافة مظاهر الحياة.
نستطيع أن نقول إن المشكلة الحضارية الكبرى في الفترة التي تلت ما يُسمى ﺑ «الانقلاب الصناعي» هي مشكلة العلاقة بين الحرية والتنظيم، وهل هما في تضاد؛ أي إن إحدى الفكرتين لا تُتصوَّر دون الأخرى. وحول هذه المشكلة يدور — في وقتنا الحالي — أقوى صراع فكري بين رأيين يؤكد أحدهما أن الحرية تتنافى مع التنظيم، ويؤكد الآخر أن الحرية لا تتحقق إلا إذا وُجِدَ في المجتمع نوع من التنظيم، ولكل رأي من هذين الرأيين فروع متعددة، ومذاهب مناصرة تختلف فيما بينها في درجة تحمسها له ومدى تمسُّكها.

المعنى العام للحرية

الحرية هي التحرر من القيود التي تكبل طاقات الإنسان وإنتاجه سواء كانت قيودا مادية أو قيودا معنوية، فهي تشمل التخلص من العبودية لشخص أو جماعة أو للذات، والتخلص من الضغوط المفروضة على شخص ما لتنفيذ غرض ما.

عوائق الحرية في الإسلام

والحرية في الإسلام لا تتصور إلا مقيدة، لأنها ليست انطلاقاً من القيود، بل هي معنى لا يتحقق في الوجود الا مقيداً، ومن هنا كان معنى الحر، وهو الشخص الذي تتجلى فيه المعاني الإنسانية العالية، والذي يضبط نفسه، ويتجه بها إلى معالي الأمور، فلا تنطلق أهوائه ورغباته، ولا يكون عبداً لشهواته بل سيداً لنفسه.
وإذا كان الحر هو الذي يضبط نفسه ولا يذل ولا يأنف من أن يهضم حقه، فهو بالتالي لا يعتدي على أحد، لإمتلاك السيطرة على نفسه من أهواء ورغبات وشهوات.
فالحرية الحقيقة لا يمكن تصورها إنطلاقاً من قيود وضوابط، لأنّ الإنطلاق من جانب تقييد من جانب آخر، فمخطئ من كان يتصور أو يفسر الحرية إنطلاقاً من القيود الإنسانية والأدبية.
للحرية في كلِّ فلسفة مفهوم، ولها في الفكر الإسلامي أرقى مفهوم وأعمق مضمون، فالحرية بمعناها الشامل القائم على حماية حريات الآخرين في مفهوم الشريعة الإسلامية هي القدرة على عمل كلّ شيء دون إضرار بالغير.
ويأتي مفهوم الحرية في الفكر الإسلامي منطلقاً من أنّ الإسلام أشار للتحرر الفرد من كلِّ خوف وإعلاء عن كلِّ شرك، فجاء الإسلام ليحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، فكان تحطيم للشرك والإلحاد، وسراج منير لسبل التحرر الإنساني من ذل الرق.
وما تضمنته الشريعة الإسلامية من أحكام يعد من أعظم صور ممارسة الحرية، فهي في الإسلام مكفولة ما دامت لا تحضن على الشر أو تنشر الشرك والإلحاد، وما دامت تحقق السلام والأمان للجميع والصالح العام بين أفراد المجتمع الواحد.

مشكلة الحرية في الفلسفة الوجودية

«سارتر» يردد دائمًا إن الحرية هى قَدَر الإنسان. فالإنسان محكوم عليه بالحرية لأن الحقيقة الإنسانية لا يمكن تعريفها إلا فى حدود الإمكان والحرية. والواقع أن الحرية الإنسانية شىء «مريع» حقًا لأنها حرية مطلقة وغير مشروطة. وليس فى إمكان الإنسان أن يختار بين أن يكون حرًا أو غير حر، لأن الحرية هى التى تشكل ماهيته وجوهره.
إنه ليس كائنًا تتحكم فيه قوى النفس اللاشعورية، كما يظهر فى نظرية «فرويد».
وهو أيضًا ليس كائنًا تتحكم فيه القوى الاقتصادية الاجتماعية، كما يظهر فى نظرية «ماركس» عن التاريخ. وإنما على العكس من ذلك؛ فإن الإنسان فى فلسفة «سارتر» هو ما يفعله، أى أنه حرية خالصة.
وليس هناك حرية غير تلك التى يملكها الإنسان الفرد، فهو حر شاء أم لم يشأ. فعلى الإنسان أن يختار؛ وحتى إن رفض الاختيار، فهو قد اختار أن لا يختار. فحين يتنازل الإنسان عن حريته لهيئة ما أو لمؤسسة أو لمجتمع، كما هو الحال فى المجتمعات العربية والإسلامية، فإنه إنما يمارس فى ذلك حريته فى قبول حالة الذل والعبودية والاضطهاد.
والإنسان عند «سارتر» يثبت وجوده عن طريق الفعل، فالفعل هو محاولة لتغيير الحالة الراهنة، وليس أى سلوك يسلكه الإنسان يُعَد فعلًا، فقد نرى الكرسى يقع أو إنسانًا ينزلق فهذا سلوك وليس فعلًا؛ لأن الفعل قدرة على تغيير أوضاع تؤثر فى عالَم الموجودات، وقد يضيق نطاق الفعل وقد يتسع، قد يكون تحية عابرة وقد يكون معركة يذهب ضحيتها سكان مدينة بأسرها. و«سارتر» لا ينظر إلى قيمة الفعل بما يترتب عليه من نتائج، وإنما المهم عنده أن يصدر الفعل عن حريتنا وعن إرادتنا، فالفعل الإنسانى يفترض الحرية وهو تعبير عنها، وينتهى «سارتر» إلى القول بأن الحرية ليست مجرد صفة للوجود الإنسانى، بل إنها قوام هذا الوجود، وقد يحاول الإنسان أن يهرب من حريته ومسئوليته، يحاول أن ينكر ذاته ويرفض أنه موجود لذاته على حد تعبير «سارتر»، ويسعى لإيهام نفسه بأنه موضوع، وشىء كباقى الأشياء، ولكن مثل هذا الشعور يسميه «سارتر» بخداع النفس أو سوء الطوية. ويتسع مفهوم الحرية عنده ليشمل الشعور والعاطفة بالإضافة إلى الفكر والوعي، وليس هناك شروط لتحديد أى الأفعال أفضل من سواها إلا مقدار صدورها عن حرية فاعلها، وليس هناك أسوأ من حالة التهرب من المسئولية وتخلى الذات عن حريتها حين تقبل كل ما هو جاهز ومعطى لها.



387 Views