مفهوم الحرية في القانون وكذلك مفهوم الحرية وحدودها، كما سنقوم بذكر أنواع الحرية، وكذلك سنوضح مفهوم الحرية في الإسلام، كما سنقوم بالتحدث عن الحُريّة في زمن الصّحابة، وكل هذا من خلال مقالنا هذا تابعونا.
محتويات المقال
مفهوم الحرية في القانون
الحرية ليست تعريف اجتماعي وسياسي فقط بل قانوني أيضًا، فالحرية بالقانون هي القوة الاختيارية التي يتمتع بها الأفراد في المجتمع، ضمن حدود معينة لا يتخطاها الفرد لأنّ القانون سيعاقبه عند تماديه في بعض الأمور الممنوعة، فهدف القانون هُنا ليس التقييد أو الإلغاء بل الحفاظ على الحرية وتوسيعها ضمن حدود معينة أي حريّة التصرف للفرد، يفعل ما يريد في شخصه، وأفعاله، وممتلكاته كلها، له الحق بفعل ما يريد في إطار تلك القوانين التي سيعاقب عليها في حال مخالفتها.
مفهوم الحرية وحدودها
1- مفهوم الحرية
الحرية مصطلحٌ موجودٌ مع وجود الإنسان وترتبط به، فهي جزءٌ من كيانه منذ القِدَم، وبالمعنى العام الحرية تعني امتلاك الشخص لإرادته وقدرته على اتخاذ القرارات دون تأثيرٍ جبريٍّ أو طوعيٍّ من طرفٍ آخر.
على مرّ العصور التاريخية ارتبطت الحرية بكرامة الشخص أو الجماعة، فكلّ جماعةٍ أو عرقٍ بشريّ تعرّض للعبودية ناضل وحارب من أجل الخلاص من الاستعباد والحصول على الحرية، فكانت الجماعات البشرية قديماً تمارس الرقّ والعبودية بسبب الفقر والجهل، وقد تعرّضت طبقة العبيد إلى الكثير من الظلم في شتى بقاع الأرض.وقد نهى الإسلام عن ممارسة الرقّ ودعا إلى حصول الإنسان على حريته، ولا فرق بين الأجناس البشرية، وخير دليلٍ على ذلك المقولة المشهورة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).
2- حدود الحرية
لا يوجد حريةٌ مطلقةٌ للإنسان فحريته مقيدةً بضوابط دينيةٍ وأخلاقيةٍ تتلاءم وطبيعة المجتمع الذي يعيش به، فبالقدر الذي يحترم به الشخص حريات الآخرين سيمارس حريته بمسؤوليةٍ ومعرفةٍ، فكلّ شخص تربطه مصالح مع مجتمعه ولأجل المحافظة على مصالحه يجب المحافظة على مصالح الآخرين وكما قال الفلاسفة القدماء: (تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين).
يعيش الإنسان في هذا العصر ضمن نطاقٍ واسعٍ من الحريات التي لم تكن موجودةً في السابق، وذلك بسبب سعة الاطّلاع والمعرفة بحياة الشعوب الأخرى، كلّ ذلك حصل بسبب انتشار وسائل الاتصال التي ألغت المسافات بين الشعوب وأزالت الحواجز، حتّى أنّها استطاعت إلغاء الخصوصية للجماعة والفرد، فقد أصبح العالم عبارةً عن قريةٍ صغيرةٍ، وهذا أدّى إلى حدوث صراعاتٍ بين الكيانات الاجتماعيّة بسبب الفوارق الطبقيّة والمعرفيّة.
أنواع الحرية
1- الحرية السالبة:
يقصد بهذا النوع من الحرية الحقّ الطبيعيّ للإنسان باتخاذ قراراتٍ معينةٍ في مسيرة حياته، كما تعرف هذه الحرية أيضاً بالحرية الشخصية في العصر الحديث.
2- الحرية الموجبة:
هي الحرية المعطاة للإنسان حتّى يستطيع ممارسة الحرية الشخصيّة أو السالبة، فعلى سبيل المثال لوكانت الحرية السالبة هي حرية إبداء الرأي، فالحرية الموجبة تعني استخدام الإعلام لممارسة الحرية السالبة.
3- الحرية الخارجيّة:
هي الحرية الاجتماعية العامة والتي لها علاقةٌ بكلٍّ من الظروف الاجتماعية والسياسية المحيطة بالفرد.
4- الحرية الداخليّة:
هي الحرية المرتبطة بالشخص، فهي حريةٌ تنبع من نفسه الداخلية.
5- الحرية الفرديّة:
هي حرية قول وإبداء الآراء الشخصيّة ووجهات النظر المختلفة، بالإضافة إلى حرية الإنسان في اختيار مكان العيش، أو التخصّص المراد دراسته.
6- الحرية الاجتماعيّة:
هي تعني الحرية التي يجب أن يتمتّع بها أفراد المجتمع كاملاً.
مفهوم الحرية في الإسلام
تُعرّف الحُرية بقُدرة الإنسان على اختيار أفعاله، بحيث يملك أفعالهُ وإرادته، وهو قادرٌ على فعل أمرٍ ما أو عدم فعله، والحرية في الإسلام أيضاً: هي التّصرُّف في الأُمور المشروعة، من غير اعتداءٍ على الآخرين وعلى حُقوقهم، فيكون ذلك مُقيّداً بالشَرع وأوامره ونواهيه التي تهدف إلى جلب الخير، والابتعاد عن الشرّ، والإرادة عند الإنسان من الحريّة، وقد كرّم الله -تعالى- بها الإنسان على باقي المخلوقات، ولكنَّها مُنضبطةٌ ولا تُخرِج المسلم عن عُبوديّته لربِّه، وهذا ما يُميِّز الحُريّة في الإسلام، وهو السرُّ الأعظم فيها.
الحُريّة في زمن الصّحابة
ظَهر مفهومُ الحُريّة وتطبيقه بشكلٍ لافتٍ في زمن النّبوة ومن بعده زمن الصّحابة والخلفاء الراشدين، وقد حصلتِ الكثيرُ من المواقف الدّالة على أهميّة تطبيق الحريّة وقيمتها، ومنها ذلك الموقف الذي جرى بين الصحابيّ عمرو بن العاص -رضي الله عنه- في زمنِ ولايته على مصرَ أيّام خلافة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-، فقد شاركَ ابن الوالي عمرو بن العاص في سباقٍ للخيول، وشاركه في ذلك غلامٌ قبطيّ من غلمان مصر، وحينَ فاز القبطيُّ على ابن عمرو بن العاص، قام الثاني بضربه لعلمه أنّه لا قُدرة للقبطي في الانتقام من ابن الوالي مستنداً على سلطانِ أبيه.
إلّا أنّ والدَ الغُلام القبطيّ سافر للمدينة المنورة برفقة ابنه، شاكياً لأمير المؤمنين عمر بن الخطّاب ما حصل، فكتَب عمر بن الخطّاب لعمرو بن العاصِ بأنْ يأتِ هو وابنه للمدينة، ولمّا حضرا أعطى أميرُ المؤمنين الغلام القبطيّ سوطاً ليأخذ حقّه ممن ضربه، فضربه حتّى شفا ما في نفسه واقتصّ منه، وحينها قال عمر بن الخطّاب عبارته الخالدة لعمرو بن العاص: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟).