مفهوم الشعر العباسي

كتابة جواهر الخالدي - تاريخ الكتابة: 19 مايو, 2022 2:18
مفهوم الشعر العباسي

مفهوم الشعر العباسي كذلك سنتحدث عن شعراء العصر العباسي وما هي أهم أغراض الشعر العباسي كذلك سنتحدث عن عوامل اذدهار الشعر في العصر العباسي كل تلك الموضوعات تجدونها من خلال مقالنا هذا.

مفهوم الشعر العباسي

-هو فنٌّ أدبيّ نشأ في العصر العباسي لينقل الحياة ويصورّها بناءً على إحساس الشاعر العباسي، ويستند هذا الفنّ على كلٍّ من الإيقاع والعاطفة والخيال، وحُصِرَ ظهور هذا النوع من الشعر خلال الفترة الزمنيّة بين أواخر القرن الثالث وحتى مطلع القرن الرابع الهجري، ويركز الضوء على محاولات الشعراء في نظم الأبيات الشعرية النقدية؛ وتوضيح الشعر وطبيعته وظائفه.
-يُمكن تعريف الشعر العباسي بأنّه الحلقة الثالثة بين حلقات الشعر العربي القديم بعد الشعرين الجَاهلي والأموي في العصر الإسلامي، ويُشار إلى أنّ الشّعر العباسي قد حَظِي بمكانةٍ عاليةٍ في تلك الفترة بفضل الدّعم الكبير الذي جاء من الخلفاء والأمراء، وبلوغ الأحوال المعيشية تَحسّناً ملحوظاً عن الفترات التي سبقتها.
-من الجدير ذكره أنّ الشعر العباسي لم يقتصر أثره وتطوّره على كونه مادةً شعريّةً بل تجاوز ذلك ليصل إلى علومه أيضاً، فبرز التطور بظهور الأوزان الشعريّة البالغ عددها ستة عشر بحراً على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي والأخفش، وبذلك أُعيد الفضل إلى العباسيين في ظهور علم العروض.
-انفرد الشعر العباسي بما تناوله من مواضيع مهمّة، فضمّت كافة مواضيع وأطياف المجتمع العباسي في تلك الفترة، حتى أصبحت هذه القصائد الشعرية بمثابة مرجعاً موثوقاً به للاطلاع على الأحوال الاجتماعية والسياسية التي مرت بها الولة العباسية خلال تلك الفترة.

شعراء العصر العباسي

1-المتنبي
اسمه أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي واشتهر بالمتنبي وذلك لادعائه النبوة. ولد في عام ٣٠٣ هجرية في الكوفة، وكان شديد الفخر والاعتزاز بنفسه، ويتميز شعره بالمدح. حيث كان كثير المديح لسيف الدولة الحمداني. ومن أشهر أبيات شعره: الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم. توفي المتنبي في عام ٣٥٤ هجرية، حيث قتل هو وغلامه على يد أبو جهل الأسدي في بغداد.
2-أبو تمام
اسمه الحقيقي حبيب بن أوس بن الحارث الطائي وكنيته (أبو تمام). كما يعد من أشهر الشعراء في العصر العباسي، ولد بقرية جاسم في سوريا في عام ١٨٨ هجرية ثم انتقل إلى مصر للعيش بها. ثم طلب منه المعتصم الرحيل إلى بغداد وعاش بالعراق، ثم بعد ذلك ولي بريد الموصل لمدة عامين ثم توفي في عام ٨٠٤ هجرية. قيل عنه أنه كان يحفظ ١٤٠٠٠ أرجوزة بجانب حفظ العديد من المقطوعات والقصائد المختلفة. بجانب القصائد الشعرية فهو يمتلك العديد من المصنفات الأدبية مثل ديوان الحماسة، مختا أشعار القبائل، وفحول الشعراء، ونقائض جرير والأخطل. ويتميز أبو تمام بالفصاحة وحلو الكلام، أما أشعاره فتتميز بالجزالة والحماسة مع بعض الغموض حيث كان كثير الاستخدام للمحسنات البديعية.
3-أبو العلاء المعري
اسمه أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري، ولد في عام ٣٦٣ هجرية في معرة النعمان. فقد بصره في سن صغير، وذلك نتيجة إصابته بمرض الجدري في الثالثة من عمره. وبالرغم من ذلك إلا أنه تحدى الظروف الصعبة، وذهب إلى حلب لتلقي العلم على يد العلماء هناك. حيث كان يتميز بالذكاء الشديد والقدرة على الحفظ. كما كان يستطيع حفظ ما يروى عليه خلال مرة واحدة فقط. اتجه أبو العلاء المعري للقرآن الكريم والحديث الشريف، وتعلم فنون اللغة وعلوم النحو. حتى أصبح من أبرز العلماء والشعراء في عصره. كما يتميز شعره بالحكمة والتكلف، وكانت نبرته مليئة بالحزن والتشاؤم للحياة، وذلك بسبب حالته النفسية. ومن دواوين الشعر التي كتبها ضوء السقط، والأيك والغصون وسقط الزند ورسالة الغفران وتاج الحرة. كما قد ترجم الكثير من شعره للغات الأخرى، وتوفي في عام ٤٤٩ هجرية.
4- أبو العتاهية
اسمه إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني. ولد في عام ١٣٠ هجرية في الكوفة، ولقب بأبو العتاهية لكثرة حبه للمتعة والشهرة والمجون. وقد قيل عنه أنه أشعر الأنس والجن. وتميز بالزهد والمديح والغزل والرثاء والعتاب والهجاء وكثرة الإبداع في شعره. كذلك توفي في عام ٢٢١ هجرية.
5-البحتري
اسمه الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي وقد لقب بالبحتري لأنه قصير القامة. كما ولد في عام ٢٠٦ هجرية، ويعتبر البحتري من أشعر شعراء عصره، حيث وصف شعره بسلاسل الذهب. وقد أنم حفظ القرآن الكريم في سن صغير، وكان يتميز البحتري بالفصاحة والبلاغة. كما تتميز أشعاره بالعفوية وصدق العاطفة، ووضوح الكلام. كذلك كان يبتعد عن الكلفة والمبالغة في التعبير، ومن أشهر كتبه (ديوان الحماسة). وأيضا توفي في عام ٢٨٤ هجرية.
6-أبو نواس
اسمه الحسن بن هانئ بن عبد الأول، ولد في عام ١٤٦ هجرية في العراق ثم انتقل إلى العراق للعيش بها. ويتميز أبو نواس بفصاحة اللسان والذكاء وسرعة البديهة. كما تميز بكتابة جميع أنواع الشعر ولكنه اشتهر بالخمريات والزهد. حيث يعتبر أول من ابتكر فن الخمريات. كذلك يعتبر من أوائل مؤسسين الطريقة الحضرية للشعر، وتوفي في ١٩٨ هجرية. أبو فراس الحمداني اسمه الحارث بن سعيد بن حمدلن الحمداني ولد في عام ٣٢٠ هجرية، نشأ في رعاية أمه وابن عمه سيف الدولة الحمداني. كما كان يصحبه معه في كل غزواته، ولكنه تم أسره لعدة سنوات في حرب القسطنطينية. وقد فداه ابن عمه مقابل مبلغ مالي كبير، ويتميز بنبرة حزينة في شعره الذي عرف بالروميات. وأيضا توفي في عام ٣٥٧ هجرية.
7-ابن الرومي
اسمه علي بن العباس بن جريح الرومي، ولد في عام ٢٢١ هجرية في بغداد، أمه فارسية. كما يعود أصله إلى الروم، كان يهتم بالشعر منذ الصغر، ويتميز شعره بالتنوع بين الهجاء، المدح. ولكنه تميز أكثر بالرثاء ووصف الطبيعة. كان ابن الرومي كثير الشكوى من مصائب الدنيا وكثير الحديث عن الموت. وذلك بسبب الحياة المأساوية التي عاشها. بسبب احتراق قريته وموت والده ووالدته وزوجته وأبنائه وأخيه وخالته، ونفاد المحاصيل الزراعية. توفي ابن الرومي مسموما على يد وزير المعتد القاسم بن عبيد الله، وذلك لخوفه من ان يهجوه في عام ٢٨٣ هجرية.

أغراض الشعر العباسي

1-الهجاء
أمّا عن الهجاء، هو الغرض الذ يقابل عادة غرض المديح، فقد انعطف في مساره عمّا كان عليه في العصر الأموي، فخفتت فيه نزعة تحقير الخصم بسبب وضاعة أصله ونسبه، أو خمول مكانة أبيه وجده، أو ضالة شأن عشيرته وقبيلته. وكثير ما كانت المهاجاة تستعر بين الشعراء أنفسهم، فيكثر في قصائدهم ذكر المثالب والمعايبن وقد يتجاوزون الحدود إلى التحقير والتسفيه. وقد عُرف بذلك بشار بن برد، أبو النواس، أبو عيينة المهلبي، ابن الرومي، دعبل الخزاعي وعبد الصمد بن المعذل، حتى أنَّ الأمر بلغ ببعضهم حد التعرض للخلفاء أنفسهم، شأن الشاعر الهجاء دعبل، الذي لم يتورّع عن هجاء الرشيد والمأمون والمعتصم والواثق وقد قرن الخليفتين الأخيرين معاً.
2-غرض الرثاء
يعد من أهم الأغراض الشعرية الممتدة من قديم الزمن، لاستمرار الشعور بالحزن في كل وقت وعصر، ويمتاز شعر الرثاء عن غيره من ألوان الشعر، بصدقه ودقة مشاعره، وإن لم يخل في أحيانا قليلة من النفاق والمجاملة، كرثاء لأقرباء الحكام وأصحاب السلطة، فهنا لم يختلف كثيرا عن شعر المديح.
كما الحال في شعر الهجاء، عمد الشعراء في العصر العباسي لاستخدام الأبيات القصيرة في إيصال المعنى في شعر الرثاء، وتقصير طول الأبيات، وتطويرا لشعر الرثاء، اضافوا إليه رثاء المدن التي تتعرض للتخريب أو النكبات، والبكاء على اطلالها ووصف مفاتنها الزائلة، ومن أشهر شعراء هذا اللون الأدبي أبى تمام وابن الرومي.
3-الغزل
كان لتطور الحياة وتغيرها في العصر العباسي، وتحولها من حياة البداوة الوعرة، إلى حياة الحضر والقصور، أثره البالغ في تطور الغزل في الشعر في العصر العباسي، فبالرغم من أن الغزل من الألوان الشعرية التي حافظت على تواجدها منذ القدم، إلا أن حياة اللهو والترف قد طالتها وغيرت كثيرا من صفاتها.
فإن كان الغزل العفيف هو صاحب النصيب الأبرز من شعر الغزل فيما مضى في العصور السابقة، فإنه بدأ في الاضمحلال حتى قارب على الاختفاء، ليبرز مكانه بقوة الغزل الصريح، والذي يصل لحد المجون، ويحل الغزل الفاحش محل الغزل العذري، وإن حاول قلة مثل أبو فراس الحمداني وأبو تمام المحافظة على الغزل العفيف.
لعل شيوع مجالس اللهو والمجون وانتشار التحلل الخلقي، وسيطرة الغرائز واشباعها على ما سواها، حتى كان للخلفاء وكبار أصحاب السلطة والمال، الكثير من الجواري والغلمان لغرض اللهو والفاحشة، كان أبرز الأثر في هذا التحول الحاسم لصالح الغزل الصريح على العفيف.
كان أبرز شعراء اللون الصريح من الغزل في العصر العباسي، العباس بن الأحنف وأبو نواس وبشار بن برد، بالإضافة على مطيع ابن إياس والذي شهد العصرين الأموي والعباسي، ويعد أول الشعراء المشهورين من بين الشعراء المحدثين بالعصر العباسي، وأبو الوليد مسلم بن الوليد النصارى المشهور بمسلم بن الوليد والمشهور بصريع الغواني.
4-المديح
اقترن شعر المديح بالموقف السياسي في العصر الأموي، حين كان للخليفة شعراؤه الذين يمدحونه وينالون عطاياه. وبقى الحال على هذا الغرار في ظل الحكم العباسي، فاصطنع خلفاؤه شعراء موالين لهم لزموهم في حلهم وترحالهم، كما خصوهم بمدائحهم وذادوا عن حقهم في حكم المسلمين. وقد ظهر في عهد الخلفاء الأوائل عدد وفير من هؤلاء الشعراء، مثل بشار وأبي العتاهيّة والسيد الحميري وأبي نواس والفضل الرقاشي وسلم الخاسر وأبي دلامة وغيرهم. وقد فاق الخليفة المهدي سليفة. وفي تقريب الشعراء وإكرامهم، فأكثروا فيه القول وغالوا في الثناء، كما مضى الخليفة هارون الرشيد بعد ذلك إلى مدى أبعد في رعاية الشعر وتقريب الشعراء، طوال حكم قوي زاهر دام اثنتين وعشرين سنة، كما ويقول الرواة إنَّه لم يجتمع بباب أحد ما اجتمع ببابه من الشعراء. ومن مداحه ابن مناذر وأبو الشيص ومروان بن أبي حفصة والعماني ومسلم ابن الوليد وربيعة الرقي، فضلاً عن أبي العتاهية وأبي النواس وسلم الخاسر، أصبح لإطراء الممدوح حيّز أكبر لدى شعراء هذا العصر.

عوامل اذدهار الشعر في العصر العباسي

1-التجديد في الموضوعات ظلت الموضوعات الشعرية المألوفة من مدح وهجاء وغيره تُسيطر على الشعر والشعراء، وكأنّما كان هناك إصرار قوي أن تظل للشعر شخصيته وموضوعاته، وأن يظل حيًا على الألسنة مع حياة الأمة فلا يضعف ولا يذوي، بل يقوى ويزدهر غير متحول عن أصوله، ومهما انعكست على الشعر تلك الآثار الحضارية والثقافية الجديدة إلا أنها لا تحدث تعديلًا في جوهرها، وإنما هي إضافات تكثر وتقل تبعًا للملكات الشعرية للشعراء وطبيعة ثقافة كل منهم.
2- نمو الموضوعات الجديدة بالإضافة إلى الموضوعات الشعرية القديمة التي تمسك بها الشعراء، ظهرت موضوعات شعرية جديدة مبتكرة ومنقولة عن موضوعات قديمة، ومن أبرز الموضوعات المنقولة: شعر التهاني الذي تحول عن شعر المديح ووصف الأطلال إلى وصف الحضارة، أما من الموضوعات المبتكرة فشعر الخمريات الذي خصصه شعراء العصر لوصف الخمر ومجالسه.
3- ظهور الشعر التعليمي وهي ظاهرة ابتكرت في العصر العباسي الأول وأخذت تنمو وتزدهر في العصر العباسي الثاني على يدي نخبة من الشعراء كعلي بن أبي الجهم الذي نظم مزدوجة في التاريخ، وابن المعتز كان قد عني بنظم سيرة الخليفة العباسي المعتضد، أما ابن دريد فقد كتب قصيدة ضمنها ثلث المقصور في اللغة.
4-ثقافة الشعراء واطلاعهم أشارت الدراسة سابقًا إلى الدور الذي أدّاه اللغويون في خدمة العربية والشعر والشعراء، من خلال ما قدموه من جمع وشرح وتقعيد لأصول اللغة تبعًا للشواهد من الشعر والأدب، ولا شك أن شعراء العصر العباسي كانوا قد اطلعوا على تلك الإنجازات وأفادوا منها حتى نبغ عدد كبير منهم كابن المعتز الذي انصرف إلى إبراز دور البديع زخرف الكلام وألف فيه كتابًا.



391 Views