من اهم اسس المجتمع المدني وماهي اهم خصائص المجتمع المدني سنتعرف على كل ذلك في هذه السطور التالية.
محتويات المقال
مجتمع مدني
ثمة اجتهادات متنوعة في تعريف مفهوم المجتمع المدني تعبر عن تطور المفهوم والجدل حول طبيعته وأشكاله وأدواره. فالمعنى المشاع للمفهوم هو «المجتمع السياسي» الذي يحكمه القانون تحت سلطة الدولة. لكن المعنى الأكثر شيوعاً هو تمييز المجتمع المدني عن الدولة، بوصفه مجالاً لعمل الجمعيات التطوعية والاتحادات مثل النوادي الرياضية وجمعيات رجال الأعمال وجماعات الرفق بالحيوان، وجمعيات حقوق الإنسان، واتحادات العمال وغيرها. أي أن المجتمع المدني يتكون مما أطلق عليه إدموند بيرك الأسرة الكبيرة.
في المقام الأول يهتم المرء بسبل عمله ومعيشته، ليكفي حاجته وحاجة أفراد أسرته بالغذاء والسكن وغير ذلك من لوازم الحياة. ولكن يوجد بجانب ذلك أشخاص كثيرون يهتمون بالمجتمع الذي يعيشون فيه، ويكونون على استعداد للتطوع وإفادة الآخرين. أي أن المجتمع المدني ينمو بمقدار استعداد أفراده على العطاء بدون مقابل لإفادة الجماعة. هذا يعتبر من «الإيثار العام». وفي المجتمعات الديموقراطية تشجع على ذلك النشاط الحكومات.
من اهم اسس المجتمع المدني
1) الأساس الاقتصادي :
ويتضمن معنى تحقيق درجة من التطور الاقتصادي والاجتماعي وذلك استناداً الى نظام اقتصادي يرتكز على دور اكبر للقطاع الخاص والمبادرات الفردية ويسمح للافراد باشباع حاجاتهم الاساسية بعيداً عن الدولة التي يجب ان يقتصر تدخلها في المجال الاقتصادي علي وضع بعض هذه القواعد للانشطة الخاصة والقيام ببعض المشروعات والصناعات التي يعجز القطاع الخاص عن القيام بها ،وذلك لان تدخل الدولة في مختلف اوجه النشاط الاقتصادي والاجتماعي يقلص من امكانية تبلور المجتمع المدني المستقل عن الدولة.
2) الاساس السياسي:
ويقصد به الصيغة السياسية التي تسمح لمختلف قوى المجتمع بالتعبير عن مصالحها وارائها بطريقة سلمية ومنظمة ، تعتبر الديمقراطية انسب صيغة سياسية لتنامي المجتمع المدني ،فعلى الرغم من تعدد آلياتها واساليب تطبيقها الا انها تقوم في جوهرها على اساس التعدد السياسي والفكري وحرية اقامة التنظيمات والمؤسسات السياسية وغير السياسية واحترام مبدأ تداول السلطة والرقابة السياسية، وتوفير الضمانات لاحترام حقوق وحريات المواطنين ومتى قويت وتدعمت قوى ومؤسسات المجتمع المدني فانها تساهم في تثبيت الديمقراطية كنظام للحكم فالمجتمع المدني هو بمثابة الارضية التي ترتكز عليها الصيغة الديمقراطية بقيمها ومؤسساتها وعلاقتها.
3) الاساس الإيديولوجي:
ويتضمن مختلف القيم والافكار والايديولوجيات السائدة لدى القوى والفئات في المجتمع والتي قد يتعارض بعضها مع الايديولوجية الكلية التي تتبناها الدولة فالتباينات في المصالح بين القوى الاجتماعية المختلفة ترتبط تباينات في القيم والافكار التي تتبناها هذه القوى وعادة ما يلعب المثقفون دوراً هاماً في انتاج الخطاب الايديولوجي في المجتمع المدني.
4) الاساس القانوني :
وتجسده الدولة ويمثل الوحدة الحقوقية التي جوهرها المساواة في الحقوق والحريات بين مختلف المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية او المذهبية فالمجتمع المدني مجتمع يمتثل فيه الفرد كما الجماعة الى تنظيم معين وقواعد معينة وهو إطار للمواطنة والحريات والقانون وهكذا يتضح من خلال هذه الاسس ان المجتمع المدني ينمو ويتطور بتوافر هذه الاسس وان الحديث عن استقلالية هذه المؤسسات عن الدولة لايعني باي حال من الاحوال الانفصال الكامل بينهما ، ولكن يعني ان مؤسسات المجتمع المدني تتمتع بهامش واسع من حرية الحركة ، تلبية الحاجة الاجتماعية في صياغة الخطط الوطنية وتنفيذها وصنع القرارات من خلال مختلف اشكال المشاركة النيابية او التنفيذية.
المجتمع المدني والاقتصاد
لا يقتصر المجتمع المدني على التطوع الفردي فقط بغرض تحقيق فائدة اجتماعية للناس أو تكوين اتحادات مع أناس يشتركون في ممارسة رياضة أو هواية مشتركة في أوقات الفراغ، بل تشمل أيضا حرية تأسيس شركات ومؤسسات أهلية للتجارة أو الإنتاج الصناعي. فبتزايد الشركات المساهمة التي تنشؤها الأهالي تزداد فرص العمل، ويقل العبء على الدولة لتوفير عمل لكل مواطن، ويتيح للحكومة أن تهتم بالتعليم من المدرسة الابتدائية إلى الدراسة الجامعية والتأهيل الجيد للشباب ليقوم بعد ذلك بالمشاركة الفعالة في الإنتاج. ومن واجبات الدولة بناء البنية التحتية ومثلا الاهتمام بالمواصلات وتسيير السكك الحديدية، والبريد. فالمجتمع المدني هو تضامن اجتماعي يشمل الجميع، يشمل الترابط بين صاحب العمل والعمال، ويكون للدولة والجهاز التشريعي فيها باصدار القوانين التي تحدد علاقة صاحب العمل بالعامل والعمال، كما تصدر القوانين الخاصة بالتأمين الصحي للعمال والموظفين.
شروط تكوين مُؤسَّسات المُجتمَع المدنيّ
لا بُدّ من توفُّر عدد من الشروط؛ حتى يتمكّن الإنسان من تكوِين مُؤسَّسة في المُجتمَع المحلِّي، ومن تلك الشروط ما يأتي:
أن تكون المُؤسَّسة ذات نظام مُستقِلّ بعيداً عن المُؤسَّسات الحكوميّة.
أن تكون المُنظَّمة غير قابلة للتوريث، ويعني ذلك عدم قُدرة الأفراد على توريث العُضويّة الخاصّة بهم لأحد أفراد العائلة، أو الطائفة، أو العشيرة.
أن تكون المُؤسَّسة ذات نظام طوعيّ، ويعني ذلك أن يكون الانضمام إلى تلك المُؤسَّسة نابعاً من الحريّة الشخصيّة، والوَعْي الإنسانيّ.
أن يكون الانتماء لذلك المجتمع من خلال اتِّباع نظام المساواة.
أن تكون المُؤسَّسة ذات نظام ديمقراطيّ، سواء كان ذلك في علاقاتها، أو أعمالها، أو تعامُلِها مع مَن حولها.
أن تكون المُؤسَّسة قابلةً للتعدُّد، والاختلاف، والتنوُّع.
أن يتّسِم المُجتمَع بالحداثة، والتقدُّم، والتمدُّن، والرُّقِي، ويبتعد عن الرجعيّة، والتقليديّة، والتخلُّف
وظائف المجتمع المدني
إحياء الفروض الكفائية، من خلال تكوين الجمعيات والمراكز وهيئات وقفية التمويل، وقبول التبرعات والمنح من الأفراد والمؤسسات، التي تخصص لمؤسسات المجتمع المدني أموالا ثابتة من أوقاف خاصة بها، مستقلة فيها عن إدارة الجهات الحكومية، مما يمنح مؤسسات المجتمع المدني ديناميكية وحركة وفاعلية، للنهوض بالشباب.
القيام بالعديد من عمليات العصف ذهني التي من شأنها إطلاق الطاقات والرؤى المبدعة لتخيّل مستقبل الوطن، واستشراف آفاقه.
المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للدولة، بما يصب في مصلحة القانون والدولة والأفراد
توفير الخدمات للمجتمع من خلال المؤسسات غير الحكومية والخاصة والهيئات الخيرية.
تنفيذ البرامج التنموية بوصفها ممولا للعمل الحكومي، من خلال ما تمتلكه من قدرات فنية وتقنية عالية، خاصة في الأرياف والمناطق النائية والمناطق التي يضعف التواجد الحكومي فيها، بفعل ديناميتها في التحرك، في حالات مثل: ما بعد انتهاء الصراعات وفي والإغاثات في الكوارث وما بعدها.
العمل على تقوية المجتمعات المحلية وتمكينها من خلال التدريب، وبناء القدرات، وتنمية المهارات، المتعلقة بكافة المجالات التي تحتاجها تلك المجتمعات، وضمن المجالات التنوية مثل التخطيط الاستراتيجي وصياغة البرامج التنموية وتنفيذها وتوسيع المشاركة الشعبية فيها.
المساهمة في رسم السياسات الخطط العامة والتخطيط لها على المستويين الوطني والمحلي، واقتراح البدائل والتفاوض عليها، كما تساهم في استقطاب الرأي العام وكسب التأييد من أجل التأثير في السياسات العامة، من خلال التشبييك مع الجمعيات المختلفة وتنسيق المجهودات في سبيل تحقيق الهدف.
دور المجتمع المدني
نظريا يتمحور دور المجتمع المدني في مهمتين كبيرتين هما:
الأولى هي تحقيق التنمية الشاملة عن طريق تكامل عمله مع الدولة والقطاع الخاص، بحيث تعمل القطاعات الثلاث من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وهو ما ينعكس بالإيجاب على مواطني الدولة، ونشأ هذا الدور نتيجة صعوبة تحقيق التنمية من قبل الدولة وحدها، خاصة في الدول النامية التي يكون اقتصادها غير معافى بشكل كبير. وأيضا يقع على عاتق المجتمع المدني مسئولية إعداد الكوادر المختلفة لتحقيق ذلك.
أما المهمة الأخرى هي رقابية، فوجود مجتمع مدني فعال يكون ضمانا للمساءلة والشفافية، وهذا يعزز النظام الديمقراطي النزيه للدولة، وهذه المهمة نابعة من تعريف المجتمع المدني بكونه الوسيط بين الشعب والنظام، ولابد أن يعي الكثيرين هذه المهمة لأنها إيجابية ووطنية وتساعد على إصلاح مواطن الضعف بالدولة.
ولكي يقوم المجتمع المدني بدوره بالوجه الصحيح، لابد أن يكون له موارد لكي يستطيع الإنفاق ومن هنا نشأت فكرة “التمويل” سواء من الداخل أو الخارج، والتي تم تقنينها في القانون الدولي وفي أغلب الدول، وهنا في مصر يخضع لرقابة السلطة التنفيذية بموجب قانون خاص يسمى قانون الجمعيات، وهو القانون الذي ينظم عمل مؤسسات المجتمع المدني بكافة أشكالها التي تناولتها في المقال السابق.
ومن المهم أن يصبح المجتمع المدني فعالا ومؤثرا، ولتحقيق ذلك لابد من أن يعي الشعب والنظام أهمية وجود القطاع الثالث كوسيط رقابي يتكامل مع الدولة في تحقيق دولة الرفاهة، وأن كل هذا يصب في المصلحة العامة وليس العكس.