سنتعرف في هذا الموضوع على كل مايخص الغساسنة ومن هم الغساسنة وماهو تاريخ الغساسنة.
غساسنة
الغساسنة هم سلالة عربية أسست مملكة في الشام ضمن حدود الإمبراطورية البيزنطية في فترة ما قبل الإسلام. أسس المملكة العربية أحفاد قبيلة أزد من اليمن والذين هاجروا في أوائل القرن الثالث الميلادي إلى بلاد الشام، حيث اندمج بعضهم مع المجتمعات المسيحية المُتهلينة، وقد تحولوا إلى الديانة المسيحية في العقود الأولى من القرون الميلاديَّة بينما كان البعض الآخر من المسيحيين وذلك قبل الهجرة إلى الشمال للهروب من الاضطهاد الديني.بعد استقرارهم في بلاد الشام، أصبحت دوْلة الغساسنة دولة حليفة للإمبراطورية الرومانية الشرقية وقاتلوا معهم ضد الساسانيين الفارسيين وحلفائهم العرب من سلالة المناذرة. كما كانت أراضي الغساسنة بمثابة منطقة عازلة تحمي الأراضي التي ضمها الرومان ضد غارات القبائل البدوية. اعتنق عدد قليل من الغساسنة الإسلام بعد الفتح الإسلامي؛ وظلَّ معظم الغساسنة على الديانة المسيحية وانضموا إلى المجتمعات الملكانيَّة والسريانيَّة ضمن ما هو الآن الأردن وفلسطين وإسرائيل وسوريا ولبنان.
الهجرة من جنوب جزيرة العرب في القرن الثالث للميلاد
بدأت هجرات الغساسنة من جنوب الجزيرة العربية عقب انهيار سد مأرب في اليمن وبعد السيل العرم، في أواخر الألف الأول قبل الميلاد. و كان إستقرار قبائل الغساسنة في جنوبي سورية في بصرى. ثم اصبحت عاصمتهم الجابية بمرتفعات الجولان اليوم.
الاستقرار بالشام
سكن الغساسنة في مشارف الشام جنوب دمشق وتغلبوا على قبائل “الضجاغمة” التي كانت تنزل هناك، وأنشأوا دولة عاصمتها بصرى اولا واعتنقوا المسيحية الأرثوذكسية المشرقية المعروفة في سورية آنذاك باليعقوبية و هي مخالفة لمذهب الروم الأرثوذكس المعروف بالملكاني.
نسبهم ونشأتهم:
في كتاب جمهرة أنساب العرب لإبن حزم، ذُكر أن الغساسنة يعودون في نسبهم إلى قبيلة الأزد القحطانية، التي كانت تسكن اليمن. وبحسب ابن حزم فإن القبائل الأزدية بدأت هجرتها إلى الشام مع بداية القرن الاول الميلادي، ومن أسباب تلك الهجرات إنهيار سدّ مأرب في اليمن، وعرفوا بالغساسنة لأنهم أقاموا فترةً عند عين ماء إسمه “غسان” في منطقة تهامة، واستقروا في مناطق شرق نهر الاردن وجنوب سوريا، وكانت عاصمتهم بُصرى ومن ثم تحولت الجابية في الجولان عاصمةً للغساسنة، وامتد حكمهم ليشمل حوران وفلسطين ووصلت غزواتهم حتى خيبر قُرب المدينة المنورة(يثرب).
حكم الغساسنة من عام 220م حتى 638م، وملكهم الأول هو جفنة بن عمرو. وعدد من العرب المسيحيين والمسلمين اليوم ينتمون للغساسنة، ويعيشون اليوم في كل من مدينة خبب وبعض مناطق محافظة درعا السورية، وفي محافظتيّ مأدبا والكرك الاردنيتين، وفي مدينة بلعبك ورحلة اللبنانيتين.
تتمثل آثارهم الثقافية، في قصر وكاتدرائية الرصافة في جنوب بلاد الشام، وفي قلعة عمان والقسطل وقصر البرقع، وكنيسة مأدبا، والدير الذي يوجد في قصر الحير الغربي، وكنيسة الرفيد، وكنيسة القديس سرجيوس في النتل.
دخل الغساسنة في حلف مع العرب المسلمين بعد سقوط مملكتهم في معركة اليرموك عام 636م، وشاركوا في فتوحات شمال أفريقيا والأندلس، وشاركوا في ادراة الدولة الأموية بسبب خبرتهم في إدراة دواوين الحكم، وبيوت المال.
المملكة الغسانية في ظل العصر الروماني
وجد الرومان في الغساسنة حلفاء أقوياء يمكن الإعتماد عليهم في الصراع ضد الفرس الساسنيين الذين دأبوا علي تهديد الولايات الرومانية الشرقية,لذلك سمحوا للغساسنة بتكوين دولة حدودية ضمن نطاق الدولة الرومانية وكان الهدف من ذلك أن تصبح المملكة الغسانية دولة فاصلة بين الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية.
وكانوا حلفاء الروم فاشتركوا معهم في حروبهم مع الفرس وحلفائهم المناذرة العرب.
حكم الغساسنة ستمائة سنة أي من أوائل القرن الأول الميلادي إلى ظهور الإسلام وكان أول ملوكهم “جفنة بن عمرو”، وامتد سلطانهم على قسم كبير من بلاد الشام مثل تدمر و الرصافة في وسط سوريا وإلى البحر ، و كانت عاصمتهم بالجابية بالجولان .
من آثارهم صهاريج مدينة الرصافة والقصر الأبيض والأزرق وكثير من الأديرة ، ولقد التحق بالغساسنة شعراء مشهورون مثل لبيد بن ربيعة والنابغة الذبياني وحسان ابن ثابت.
حكم الغساسنة
– امتد حكم الغساسنة بين 220 و638 ميلاديًا، وقد شملت منطقة حكم الغساسنة جزءًا كبيرًا من بلاد الشام، فشملت تدمر والرصافة والبلقاء والكرك، والبعض يشير إلى أنهم قد وصلوا إلى خيبر، وقد كانت عاصمتهم الأولى هي بصرى الشام،ثم أصبحت عاصمتهم الجابية بالجولان.
– وقد اعتنق الغساسنة المسيحية الطريقة الأرثوذكسية، وهي الديانة التي انتشرت في سوريا آنذاك، وقد ترك الغساسنة العديد من المعالم الثقافية كالصهاريج والقصور ودور الضيافة وكذلك العديد من المعالم الثقافية مثل:
– قلعة عمان.
– قلعة القسطل.
– كاتدرائية الرصافة.
– قصر برقع.
– كنيسة مادبا.
– كنيسة الرفيد.
– كنيسة بريقة.
– كنيسة كفر ناسج.
– كنيسة كفر شمس.
– كنيسة القديس سرجيوس.
الغساسنة و الإسلام
– بقيت مملكة الغساسنة على ولائها للبيزنطيين، إلا أنهم بعد معركة اليرموك عام 636م دخلوا في تحالف مع المسلمين، وقد شاركوا بعدها في الكثير من الفتوحات الإسلامية، خاصة في عهد الأمويين، إذ قام الأمويين بالاعتماد عليهم في إدارة الدوواين وكذلك دور المال.
– بعضهم اعتنق الإسلام إلا أن أغلبهم ظلوا على المسيحية، وعاشوا في المجتمعات السريانية والملكانية، وهي البلاد المعروفة الآن بالأردن وسوريا وفلسطين ولبنان.
أبرز الملوك الغساسنة:
• جفنة بن عمرو، وهو أول ملك غساني.
• عمرو بن جفنة الذي حكم خلال فترة 265-270م.
• المنذر بن الحارث الذي حكم خلال 327-330م، وتميّزت فترة حكمه بالانتصارات على الفرس وحلفائهم المناذرة، وبتوتر العلاقات مع الإمبراطورية البيزنطية.
• الحارث بن جبلة، حكم خلال 529-569م، خلال فترة حكمه، انتصر مع جيشه في معركة حليمة ضد جيش المنذر بن امرئ القيس ملك الحيرة.
آخر ملوك الغساسنة
حكم ملوك الغساسنة لسنوات طوال، وكان أول ملوكهم جفنة بن عمرو، وامتد سلطانهم وتوالى ملوكهم تباعًا حتى آل الحكم للملك جبلة بن الأيهم، وقد أوكل إليه الرومان أمر سوريا ومحاربة الفرس وطردهم، فظلّ كذلك حتّى جاء المسلمون واخترقوا حدود الشام غازين، ولما سمع هرقل بقدوم المسلمين بعث جيشًا من لخم وجذام وفي مقدمته جبلة بن الأيهم الغساني لمقاتلة المسلمين غير أنّ جبلة بن الأيهم انحاز في القتال إلى الأنصار وأظهر الإسلام، وذُكر أن خالد بن الوليد لما سار إلى مرج الصفر لقي قوم غسان وعليهم الحارث بن الايهم ولم يشر إلى جبلة، وكتب جبلة إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستأذنه في الحضور إليه، سُرّ الخليفة عمر والمسلمون لذلك سرورًا عظيمًا ، وكتب إلى جبلة مُرحّبًا به، فاقبل جبلة للمدينة المنورة وعه خمسمئة فارس من قومه، ولما اقترب من المدينة ارتدى لباسًا مذهبًا، ووضع على رأسه تاجًا مرصعًا، وأبس جنوده أفخر الثياب، ولما دخل المدينة خرج أهلها ينظرون إليه، ورحّب به الخليفة عمر وخرج معه.
وفي يوم وبينما جبلة يطوف بالبيت قام رجل فقير ووطئ إزار جبلة، فغضب جبلة ولطم الفقير وأذاه، فاشتكاه الفقير إلى عمر بن الخطاب، فدعاه عمر وأراد أن يقتصَّ للرجل الفقير، فغضب جبلة بأن كيف يقتص للفقير منه وهو الملك، ولكن عمر ردّ عليه بأن هذه هو الإسلام، لا فرق فيه بين ملك وفقير في الحق، فقال جبلة حينها: “إذن اتنصّر”، فاخبره عمر بن الخطاب بن الخطاب أن هذه ردة وعقابها القتل، فطلب جبلة من عمر أن يُأخره للغدّ، فقبل عمر ولمّا جاء الليل خرج جبلة هاربًا إلى القسطنطينية وتنصّر، وبذلك فقد كان جبلة بن الأيهم هو آخر ملوط الغساسنة في الشام، وقد زال ملكه وملك الرومان في آن واحد، وذلك على أيدي الجيوش الإسلاميّة التي سيطرت على الشام والعراق وآسية الصغرى في مطلع القرن الهجري الاول وأوائل القرن السابع الميلادي.
أحداث تاريخيّة مُهمَّة
امتدّت دولة الغساسنة وازدهرت في عهد المَلِك الحارث بن جبلة؛ حيث حارب الحارثُ بن أبي شمر الغساني ملكَ الحيرة المُنذِر بن ماء السماء، واستطاع الانتصار عليه في عام 528م، كما قام في عام 529م بإعانة البيزنطيّين ضدَّ السامريّين؛ وهذا ما جعل جستنيان الإمبراطور البيزنطيّ يمنحُه لقبَ البطريق، ولقب فيلارك، وهي ألقاب بيزنطيّة رفيعة، وفي عام 554م، حدثت معركة بين الغساسنة بقيادة الحارث الغسانيّ، وملك الحيرة المُنذِر الثالث؛ والتي كان سببها ادِّعاء كلٍّ منهما السيطرة على القبائل العربيّة التي تقيم في إقليم السراط (منطقة في جنوب تدمر)، وفي هذه المعركة المُسمَّاة معركة حليمة، انتصرَ الغساسنة، وقُتِلَ المُنذِر الثالث.
إنَّ عصر قوّة وازدهار الغساسنة قد اندثرَ بعد انتهاء عهد النعمان؛ حيث إنَّ قيام كسرى أبرويز الساسانيّ بالهجوم على سوريا في عام 613م، واحتلال القدس، ودمشق، قد أنهى نفوذ الغساسنة بشكل نهائيّ، وعند قدوم الإسلام وانتشاره عَبْرَ الفتوحات الإسلاميّة، وَقفَ الغساسنة الباقون إلى جانب البيزنطيّين؛ لمحاربة المسلمين، ففي معركة مَرْجِ الصفر عام 624م، والتي شارك فيها الغساسنة إلى جانب البيزنطيّين، استطاع خالد بن الوليد الانتصار عليهم، وفي معركة اليرموك عام 636م، اشتبكَ خالد بن الوليد مع جبلة بن الأيهم الذي كان يشارك إلى جانب البيزنطيّين فيها.
ومن الأحداث المُهمّة التي لا بدَّ من ذكرها، علاقة الغساسنة مع بني تَغلِب بحُكْمِ جِوارهم؛ حيث لجأ بنو تغلب إلى الغساسنة أثناء مُطارَدة ملوك الحيرة لهم، إلّا أنَّ علاقة الغساسنة ببني تَغلِب أصبحت سيِّئة في عهد المَلِك الحارث بن أبي شمر؛ إذ نشأ قتالٌ بينهم أدَّى إلى هزيمة الحارث بن أبي شمر، وبشكلٍ عام فإنَّ بني تَغلِب لم يكونوا خاضِعين تماماً للغساسنة، أو حتى للمناذِرة الذين كانوا يلاحِقونَهم.
الحالة الثقافية
اعتنقوا المسيحية الأرثوذكسية المشرقية المعروفة في سورية آنذاك باليعقوبية وهي مخالفة لمذهب الروم الأرثوذكس (الملكاني). كان الغساسنة كما المناذرة من رعاة الأدب والشعر فقد التحق بالغساسنة لمدحهم جهابذة الشعر الجاهلي مثل لبيد بن ربيعة والنابغة الذبياني وحسان بن ثابت. تتمثل آثارهم في صهاريج الرصافة وقصر الرصافة ودار الضيافة خارج سور الرصافة وكاتدرائية الرصافة
والبناء الذي داخل قلعة عمان وقلعة القسطل وقصر برقع، ومن المباني الدينية: كنيسة مادبا، والدير ذو البرج الموجود في قصر الحير الغربي، وكنيسة الرفيد، وكنيسة بريقة، وكنيسة كفر ناسج، وكنيسة كفر شمس وكنيسة القديس سرجيوس في النتل.