من هم شعراء الهجاء في العصر الجاهلي وكذلك سنقوم بذكر الهجاء في العصر الجاهلي، كما سنوضح أنواع الهجاء، وكذلك سنتحدث عن شعر الهجاء في العصر الجاهلي، وكل هذا من خلال مقالنا هذا تابعوا معنا.
محتويات المقال
من هم شعراء الهجاء في العصر الجاهلي
1- هجاء الشاعر امرؤ القيس:
هو جندح بن حُجر بن الحارث الكندي اشتُهر بلقب امْرؤ القَيْس، وهو من أهجى شعراء العصر الجاهلي، كما أنه يلقب بأبو الشعراء، فهو صاحب المعلقة الشهيرة، وله العديد والعديد من الأشعار في العديد من الأغراض الشعرية مثل الهجاء والمدح والغزل وغيره، ولقد ولد في نجد في شبه الجزيرة العربية ولقد عاش حياة مرفهة دونًا عن غيره، ولقد عاش حياة فاسدة مليئة بالخمور واللهو والعبث حتى طرده والده بسبب فحش شعره، وهو أول من أدخل الشعر لنساء العرب آنذاك، ولقد قال عنه المؤرخ وعالم الأنساب ابن الكلبي أنه: (كان يسير في أحياء العرب ومعه أخلاط من شذاذ العرب من طيء وكلب وبكر بن وائل فإذا صادف غديرًا أو روضة أو موضع صيد أقام فذبح وشرب الخمر وسقاهم وتغنيه قيانة، لا يزال كذلك حتى يذهب ماء الغدير وينتقل عنه إلى غيره. التزم نمط حياة لم يرق لوالده فقام بطرده ورده إلى حضرموت بين أعمامه وبني قومه أملا في تغييره، لكنه استمر في ما كان عليه من مجون وأدام مرافقة صعاليك العرب وألف نمط حياتهم من تسكع بين أحياء العرب والصيد والهجوم على القبائل الأخرى وسلب متاعها.
ومن هجاء امرؤ القيس الأبيات التالية:
أَلا قَبَّحَ اللَهُ البَراجِمَ كُلَّه وَجَدَّعَ يَربوعاً وَعَفَّرَ دارِها
وَآثَرَ بِالمِلحاةِ آلَ مُجاشِعٍ رِقابَ إِماءٍ يَقتَنينَ المَفارِما
فَما قاتَلوا عَن رَبِّهِم وَرَبيبِهِم وَلا آذَنوا جاراً فَيَظفَرَ سالِما
وَما فَعَلوا فِعلَ العُوَيرِ بِجارِهِ لَدى بابِ هِندٍ إِذ تَجَرَّدَ قائِما
2- هجاء الشاعر أوس بن حجر:
هو أوس بن حجر بن مالك المازني التميمي، ولد عام 95 قبل الهجرة وهو من كبار شعراء قبيلة تميم في الجاهلية، وكان يحب شعر الغزل بالنساء كثيرًا حتى أن أغلب أشعاره غزل، لكنه كان يكتب في الهجاء أيضًا من أجل رفع مكانته بين غيره من الشعراء ومن أجل رد حق قبيلته كما كان يفعل الشعراء في الجاهلية، وهو من اهجى شعراء العرب ومن هجاء أوس بن حجر ما يأتي:
فَإِن يَأتِكُم مِنّي هِجاءٌ فَإِنَّما حَباكُم بِهِ مِنّي جَميلُ اِبنُ أَرقَما
تَجَلَّلَ غَدراً حَرمَلاءَ وَأَقلَعَت سَحائِبُهُ لَمّا رَأى أَهلَ مَلهَما
فَهَل لَكُمُ فيها إِلَيَّ فَإِنَّني طَبيبٌ بِما أَعيا النِطاسِيَّ حِذيَما
فَأُخرِجَكُم مِن ثَوبِ شَمطاءَ عارِكٍ مُشَهَّرَةٍ بَلَّت أَسافِلَهُ دَما
وَلَو كانَ جارٌ مِنكُمُ في عَشيرَتي إِذاً لَرَأَوا لِلجارِ حَقّاً وَمَحرَما
وَلَو كانَ حَولي مِن تَميمٍ عِصابَة لَما كانَ مالي فيكُمُ مُتَقَسَّما
أَلا تَتَّقونَ اللَهَ إِذ تَعلِفونَها رَضيخَ النَوى وَالعُضِّ حَولاً مُجَرَّما
وَأَعجَبَكُم فيها أَغَرُّ مُشَهَّرٌ تِلادٌ إِذا نامَ الرَبيضُ تَغَمغَما
3- هجاء الشاعر أعشى قيس:
هو ميمون بن قيس بن جندل، من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، أبو بصير، المعروف بأعشى قيس، وهو من شعراء الطبقة الاولى في العصر الجاهلي، كما أنه من أصحاب المعلقات الشهيرة، كما أنه كان يلازم الملوك ويجالسهم حتى يقوم بمدحهم، لكن من كان ينبذه منهم كان يهجوه هجاءً كثيرًا، ومن هجاء الشاعر الأعشى بن قيس ما يأتي: تبيتون في المشتى ملاءً بطونُكم وجاراتُكم غرثى يبتنَ خمائصا.
4- هجاء النابغة الذبياني:
هو زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري أبو أمامة، وهو شاعر من العصر الجاهلي من شعراء الطبقة الأولى، وهو من أهل الحجاز، وهو أشهر شعراء الجاهلية، ولقد امتاز شعره بجزالة ألفاظه وعدم تفحشه، كما أنه ابتعد عن الهجاء في شعره قدر الإمكان، لكن له بعض أبيات الهجاء القليلة في العصر الجاهلي، وهي كما يأتي:
ألِكْني ياعُييـنَ إليـك قولاً سأهديه إليك إليك عني
قوافي كالسِّلام إذا استمرت فليس يرد مذهبَها التظني
بهنَّ أدين من يبغـي أذاتي مداينـةَ المُداين فليدنـي
الهجاء في العصر الجاهلي
يُعرف الهجاء بأنه فنّ يلجأ إليه الشاعر للتعبير عن غضبه وسخطه وما في نفسه من ضغائن وأحقاد تجاه خصومه وأعدائه، ويُشار إلى أنّ هذا الفنّ عادةً ما يرتبط بالحروب والمنازعات، فكان لسان الشاعر في الهجاء في أيام القتال يؤدي دوره مثلما تؤديه السيوف والرماح، ومن الجدير بالذكر أنّ نشأة فنّ الهجاء ارتبطت بالعصبية القبليّة التي كان يمتاز بها العصر الجاهليّ، فالشاعر لسان حال قبيلته يدافع عنها ويهجو خصومها، كما يُلاحَظ في بعض الأحيان أنّ قصائد الهجاء يتخللها المديح أو الفخر لبيان مفاخر النفس أو القبيلة والتقليل من قدر الخصوم أو مَن يهجوه الشاعر، فيُقيم هجاءه على عُنصر المفاضلة، ومن أبرز ما جاء في الهجاء في العصر الجاهلي قول الحطيئة يهجو قُدامة العبسي وقومه:
قُدامَةُ أَمسى يَعرُكُ الجَهلُ أَنفَهُ بِجَدّاءَ لَم يُعرَك بِها أَنفُ فاخِرِ فَخَرتُم وَلَم نَعلَم بِحادِثِ مَجدِكُم فَهاتِ هَلُمَّ بَعدَها لِلتَنافُرِ وَمَن أَنتُمُ إِنّا نَسينا مَنَ أنتُمُ وَريحُكُمُ مِن أَيِّ ريحِ الأَعاصِرِ فَهَذي الَّتي تَأتي عَلى كُلِّ مَنهَجٍ تَبوعُ أَمِ القَعواءُ خَلفَ الدَوابِرِ مَتى جِئتُمُ إِنّا رَأَينا شُخوصَكُم ضِئالاً فَما إِن بَينَنا مِن تَفاكُرِ وَأَنتُم أُلى جِئتُم مَعَ البَقلِ وَالدَبا فَطارَ وَهَذا شَخصُكُم غَيرُ طائِرِ أَريحوا البِلادَ مِنكُمُ وَدَبيبُكُم بِأَعراضِنا فِعلُ الإِماءِ العَواهِرِ
أنواع الهجاء
1- الهجاء الفردي:
حيث يوجّه إلى فرد ما ينقم عليه الشاعر، فيحاول إظهار مثالبه، وتوبيخه، كما يدعو لاحتقاره.
2- الهجاء الجماعي:
يوجّه هذا النوع من الهجاء إلى جماعة من الناس، وقد تكون هذه الجماعة قبيلة، أو أمّة، أو مجتمعاً، فيذكر الشاعر مثالبهم، ويقلّل فضائلهم، علماً بأنّ هذا النوع قد برز في العصر الجاهلي، حيث كان قبلياً، ثمّ ظهر مرةً أخرى في العصر العباسي.
3- الهجاء الخَلقي:
يتحدث عن العيوب الجسدية، والمشاكل الظاهرة، مثل العرج، وطول الأنف، وقصر القامة.
4- الهجاء الفاحش:
يتحدث هذا النوع عن أعراض الناس، فيعتمد على الألفاظ البذيئة البعيدة عن الأخلاق، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا النوع من الهجاء يزيد من شعور الاشمئزاز لدى القارئ.
5- الهجاء الكاريكاتوري:
يقوم هذا النوع على تضخيم المساوئ بأسلوب فكاهي، كما يسخر من الشخص المهجوّ، وعادةً ما يساهم هذا النوع في زيادة رغبة القارئ بالضحك.
6- الهجاء العفيف:
يتناول هذا النوع عن العيوب بطريقة مثيرة للشفقة، إلا أنّه لا يخلو من الفُكاهة.
7- الهجاء السياسي:
يتناول هذا النوع عن القضايا السياسيّة في الدولة، وعادةً ما يمزج ما بين السخرية، والنقد في آن واحد.
شعر الهجاء في العصر الجاهلي
1- طقوسه في الجاهلية:
كان للهجاء في الجاهلية طقوس معينة كما أشارت الكتب والروايات، فكان الشاعر إذا أراد الهجاء لبس حلة خاصة وانتعل نعلاً واحدة، وحلق رأسه وجعل له ذؤابتين، ثم يدهن نصف رأسه، وكان العرب يتشاءمون منه، ويحاولون التخلص من أذاه ما استطاعوا. وقد أطلق على بعض قصائد الهجاء أسماءاً خاصة بها بسبب ما تركته من أثر في المهجوين.
2- طرقه وأساليبه في الشعر العربي:
وللهجاء في الشعر العربي طريقتين واضحتين:
– الأول: يذكر فيه الشاعر العيوب المعنوية و النفسية من خلال معاني الهجاء التي تقوم على تجريد المهجو من الخصال الحسنة والصفات الحميدة ومما يعتز به كل رجل عربي كالنسب الأصيل والشجاعة والكرم وحماية الجار وإغاثة الملهوف وما إلى ذلك من محاسن الأخلاق، ورميه بنقيضها من صفات البخل والغدر والنسب الوضيع.
– والثاني: يذكر فيه العيوب الجسدية ويقوم على السخرية من المهجو ورسم صورة مضحكة له، أي يتناول الشكل لا الصفات الشخصية بغية إضحاك الناس، وهنا ظهر فيما بعد ما يشبه الرسم «الكاريكاتوري» في الشعر.