هل الاعتراف بالحب حرام في الإسلام وماهو مفهوم الحب في الاسلام وكل مايخص الحب في الإسلام في هذه السطور التالية.
محتويات المقال
هل الاعتراف بالحب حرام في الإسلام
إن الإسلام لا يخالف الحُب و لا يُحرِّمَه بصورة مطلقة، بل يُقدِّسَه و يحترمه و يُثيب عليه إن كان حباً صادقاً متصفاً بالصفات الشرعية التي دعت الشريعة الإسلامية إليه، و ذلك لأن الحُب في واقعه أمر غريزي و فطري و آية من آيات الله المهمة، جعله الله عزَّ و جلَّ بين الجنسين سبباً لإستمرار النسل البشري و استقراره و راحته و سدِّ حاجته، و رفع النقص و الحرمان عن الجنسين بواسطة إنشداد كل منهما إلى الآخر لكن بالطرق المشروعة و ضمن الأطر الشرعية ، قال الله عزَّ و جلَّ :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ .
فإذا كان الحب صادقاً منبثقاً من القلب و بأهداف سليمة و شرعية، بُغية الوصول إلى زواج شرعي، فهذا النوع من الحب جائز لا إشكال فيه إن توقف عند هذا الحد، ما لم يتعدى إلى النظر أو اللمس المُحرَّم، أو المحادثات المحرَّمة.
و لعل الصحيح أن هذا النوع من الحُب ـ البريء من الحرام ـ ليس له مصداق في الواقع الخارجي ـ قبل عقد الزواج ـ إلا نادراً، ذلك لأن أغلب ما يجري بين الجنسين في العصر الحاضر ليس من هذا القبيل، بل هو علاقة جنسية شبه متكاملة ملؤها الإفتتان و الإثارة و الشهوة المحرمة التي تكون عاقبتها الإنزلاق إلى مهاوي الرذيلة و الفساد ، و من الواضح أن هذا النوع من الحب حرام يجب الإبتعاد عنه.
حكم التفكير بالزواج والحب والمراسلة بين الجنسين
التفكير في الأزواج، وتفكير الشباب بالزوجات حتى يلتمس الزوجة الصالحة، وحتى يلتمس البيت الصالح والبيئة الصالحة هذا مطلوب، حق، وإذا ظهر له أن فلانة صالحة وتناسبه وأحبها قلبه فلا حرج عليه في هذا، لأن الحب أمر قهري، كذلك إذا عرفت بالمراسلة أو بالهاتف أن رجلاً يصلح لها لدينه واستقامته وأحبت أن تتزوجه على الوجه الشرعي فلا حرج في ذلك، لكن يجب الابتعاد عن أسباب الفساد، يجب الابتعاد عن أسباب اللقاء المشبوه، واللقاء المحرم، إنما يكون تعاطي أسباباً شرعية، مثل المكاتبة لوليها، والتحدث معه من طريق الهاتف أنه يريد فلانة، وكذلك هي في نفسها كونها تكتب لمن ترى من أقاربها كأبيها أو وليها الآخر يعني يتسببون في النكاح هذا بالطريقة الشرعية، فلا بأس، فالحاصل أن بذل الأسباب الشرعية في النكاح لا بأس به، سواء كان من طريق الهاتف أو من طريق الكتابة مع الشاب ومع أبيه ومع من لهم صلة به حتى يشفعوا وهو كذلك يكتب إلى أبيها وإلى أخيها حتى يحصل الزواج، ولكن لا يكون لقاء محرم، بل من بعيد إلى بعيد، فلا تخلو به، ولا يخلو بها ولا يتكلما بالفحش في الهاتف ولا بالرسائل، وإنما بالكلام الطيب، وبيان رغبتها فيه ورغبته فيها بالوجه الشرعي، تقول له: اخطبني من أبي، من أخي، من كذا، وهو يقول أنا أريد الزواج بك فإذا كنت راغبةً أن أكتب لأبيك أو أخيك ونحو ذلك، فالمقصود أن هذا الشيء سواء من طريق الهاتف أو الرسائل إذا كان على وجهٍ شرعي وبالطرق الشرعية وليس يقصد أحدهما إلا هذا فلا حرج فيه، أما إذا كان بطرقٍ أخرى بأن يتواعدا في الأماكن الخطيرة، أو يتكلمان بالرسائل أو بالهاتف بما لا ينبغي من الفحش أو ما أشبه ذلك فهذا لا يجوز.
اهم علامات الحب
إدمان النّظر إلى المحبوب وإقبال العين عليه: فإنّ العين باب القلب، وهي الكاشفة عن بواطنه وأسراره، لذلك فإنّ عين المُحبّ تكشف ما يدور في قلبه، إذ يتنقل بنظره تلقاء من يُحبّ أنّى انتقل وإلى أيّ مكان توجّه.
اضطراب يبدو على المُحبّ عند رؤية من يُشبه محبوبه أو عند سماع اسمه فجأة.
الإقبال على حديث المحبوب وإلقاء سمعه كلّه إليه يُفرّغُ لحديثه سمعه وقلبه، وإن ظهر منه إقبال على غيره فهو إقبال مُستعار يستبين فيه التكلّف لمن يرمقه، ومنها البهت والرّوعة التي تحصل عند مواجهة الحبيب أو عند سماع ذكره، ولا سيّما إذا رآه فجأة أو طلع عليه بغتةً.
بذل المُحِبّ في رضا محبوبه ما يَقدر عليه.
حبّ الوحدة والأُنس بالخلوة والتفرّد عن النّاس، وقد استنكر الإمام ابن قيم الجوزيّة هذا النّوع من الحب الذي يحمل هذه العلامات، واعتبره حُبّاً حيوانيّاً.
الحب العفيف قبل الزواج
والزواج من أفضل ما ينبغي أن يصير إليه المتحابان، كما أرشدت لذلك السنة النبوية، روى ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
فنصيحتنا لك أن تسعى في هذا السبيل، ولعل الله تعالى ييسر لك الأمر، وترتضي هذه الفتاة ووليها تزويجك باليسير، ويسر مؤنة الزواج من أسباب بركته
كما أن الزواج سبب للغنى، كما جاء في نصوص القرآن والسنة
ولا تنس أن تكثر من دعاء الله عز وجل أن ييسر لك الأمر، فهو سبحانه قريب مجيب، أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وهي عن آداب الدعاء وشروطه، وأسباب إجابته.
وفي نهاية الأمر: إن تيسر لك الزواج منها، فبها ونعمت، وإلا فيجب عليك قطع العلاقة معها فورًا، والاجتهاد في تناسيها، وصرف قلبك عنها، وسييسر الله لك ذلك إن صدقت مع ربك، وعقدت العزم عليه.
ولا يجوز لك الاستمرار في التواصل معها، ولا تغتر بما ذكرت من تذكيرك لها بالأذكار، والاحتشام، ونحو ذلك، فقد يتخذه الشيطان ذريعة ليوقعك فيما لا يرضاه الله تعالى، فتطفئ نور الإيمان الذي في قلبك، وقد حذر الله تعالى من الشيطان ومكره، فقال: يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ … {الأعراف:27}، وقال أيضا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}، .
نسأل الله عز وجل لنا ولك العافية، والسلامة، ونسأله سبحانه أن ييسر لك أمر الزواج، ويمتعك، فيهب لك السعادة، والهناء، وأن يرزقك منه ذرية صالحة، تقر بها عينك.
حكم ما يسمى بالحب المحترم
إن الحب هو الميل إلى الشيء وهو أنواع شتى، فمنه ما هو مشروع ومنه ما هو مذموم، ومنه الجِبِلِّي الفطري، والاختياري المكتسب.
فأما المشروع : فكمن سمع بامرأة أو رآها فجأة فتعلَّق بها قلبه ولم يكن له في ذلك كسب ولم يسع إليه، فهذا لا يُلام عليه لأن الله سبحانه إنما يحاسب الإنسان على كسبه وإرادته وعمله الداخل تحت إرادته، فإن اتقى المحبُّ ربه وغض بصره، ولم يتعد دائرة الإعجاب ولم يسع إلى محرَّم، كخلوة ومجالسة ومحادثة، أو إلى انشغال عن الواجبات فإنه معذور حتى يجد سبيلاً إلى الزواج بها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لم يُر للمتاحبَّين مثل النكاح” (رواه ابن ماجه)، فإن تعذَّر عليه نكاحُها صرف قلبه عنها حتى لا يقع فيما يغضب الله تعالى.
وأما الآخر: فهو أن يقع في الحب باختياره وسعيه، كحال من يتساهل في النظر إلى النساء، والحديث معهن ومراسلتهن، وغير ذلك من أسباب الفتنة، أو وقع بغير اختياره ولكنه لم يتق الله ولم يراع حدوده، بل استرسل في النظر، وصار يخلو بها، أو يحادثها، ونحو ذلك، أو أحب امرأة متزوجة، أو أحب من يستحيل أن يتزوجها للفوارق الاجتماعية بينهما؛ فلا ريب أن ذلك الحب في تلك الحال لا يبيحه الإسلام ولو كان في النية إتمامه بالزواج.
فالنظر المحرم، والخلوة المحرمة، والمواعدة الآثمة لا تبيحها نية الزواج، فليس في الإسلام ما يعرف بالحب والتعارف والصداقة بين الجنسين.
أما من تمكَّن الحب من قلبه حتى انقلب إلى عشق فعندها يجب العلاج، قال ابن القيم: “وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه، دفع ذلك عنه مرض عشق الصور، ولهذا قال تعالى في حق يوسف: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}، فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته، فصرف المسبب صرف لسببه، ثم وصف طرقاً لعلاج العشق نلخصها في النقاط التالية:
– الزواج -إذا كان ممكناً- وهو أصل العلاج وأنفعه.
– إشعار نفسه اليأس منه– إن لم يوجد سبيل للزواج- فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه.
– النظر إلى ما تجلب إليه هذه الشهوة من مفاسد وما تمنعه من مصالح. فإنها أجلب شيء لمفاسد الدنيا، وأعظم شيء تعطيلاً لمصالحها، فإنها تحول بين العبد وبين رشده الذي هو ملاك أمره، وقوام مصالحه.