أهمية القدس عند المسلمين وكذلك تاريخ القدس، كما سنقوم بذكر الفتح العمري للمسجد الأقصى، وكذلك سنتحدث عن من بنى القدس، وكل هذا من خلال مقالنا هذا تابعونا.
محتويات المقال
أهمية القدس عند المسلمين
تعدّ القدس من أقدم وأعرق المحافظات في فلسطين، ولقد ضمّت على مدار التاريخ معالم وآثارٍ تاريخيةٍ مسلِمةٍ ومسيحيّةٍ؛ من أهمّها المسجد الأقصى المبارك، ولقد قدّس المسلمون مدينة القدس؛ لأنّ الله -تعالى- قدّسها ورفع مكانتها، إذ إنّها كانت تاريخياً من أكثر الأماكن التي نزل فيها أنبياء ورسلاً، ثمّ كرّمها الله -تعالى- حين عرج منها نبيه -صلّى الله عليه وسلّم- إلى السماء، وقد خصّها صحابة رسول الله -رضي الله عنهم- وأهل العلم والتقوى بالعناية والاهتمام حتى سكنها العديد منهم ثمّ ماتوا فيها.
تاريخ القدس
1- السكان الأصليون والعصر الفرعوني:
سكنت القدس قبيلة اليبوسيين الكنعانية العربية، منذ عام 2500 ق.م تقريبًا، وأطلقوا عليها اسم يبوس، ثمّ خضعت القدس للنفوذ الفرعوني بدءًا من القرن 16 ق.م، ثمّ غزاها بدو (الخابيرو) وظلت بأيديهم حتى عام 1317 ق.م إلى أن بدأ عهد الملك سيتي الأول.
2- العصر اليهودي (977 – 586ق.م):
امتدَّ حكم اليهود للقدس لأكثر من خمسة آلاف سنة، منذ حُكم داود عليه السلام (977 أو 1000ق.م) وسماها مدينة داود وبنى فيها قصرًا وحصونًا، ثمّ خلفه سليمان عليه السلام، بعد ذلك في عهد ابنه رحبعام انقسمت الدولة وأصبحت القدس تسمّى (أورشليم) وهو مُشتق من الاسم العربي الكنعاني شاليم أو ساليم الذي تشير التوراة أنه حاكم عربي يبوسيّ.
3- العصر البابلي والفارسي (586 – 333ق.م):
احتل البابليون القدس في زمن نبوخذ نصر الثاني، بعد هزيمة الملك اليهودي صدقيا بن يوشيا عام 586 ق.م، ونُفي من بقي من اليهود إلى بابل، وفي عام 538 ق.م سمح الملك الفارسي قورش لمن أراد من أسرى اليهود بالعودة إلى القدس من بابل.
4- العصر اليوناني (333ق.م – 63ق.م):
احتلّ الإسكندر المقدوني الأكبر فلسطين بما فيها القدس عام 333 ق.م، وبعد وفاته بقي خلفاؤه المقدونيون والبطالمة يحكمون المدينة، وفي العام نفسه استولى عليها بطليموس وضم فلسطين إلى مملكته في مصر عام 323 ق.م. وفي عام 198 ق.م أصبحت القدس تابعة للسلوقيين في سوريا، تحت حكم سيلوكس نيكاتور، وتأثرت بالحضارة الإغريقية.
5- الحكم الروماني (63ق.م – 636م):
بومبيجي أول قائد جيش روماني استولى على القدس، وفي الفترة بين 66 إلى 70م كانت هناك معارضة يهودية، وأحرقت المدينة وأسر كثير من اليهود، ثمّ عادت الأمور تحت السيطرة، وفي العامين 115 و132م تمكّن اليهود من السيطرة على المدينة، ثم تدمّرت المدينة مرة ثانية على يد الإمبراطور هادريان وأخرج كل اليهود منها، وغيّر اسمها إلى (إيلياء) ومنع اليهود من دخولها.
6- عودة الفرس:
عام 395م انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين متناحرين؛ الأمر الذي شجّع الفرس على غزو القدس واحتلالها في الفترة من 614 إلى 628م، بعد ذلك استعادها الرومان مرة أخرى وظلت تحت حكمهم إلى أن جاء الفتح الإسلامي عام 636م.
7- العصر الإسلامي الأول (636 إلى 1072م):
دخل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس سنة 636م، بعد أن انتصر المسلمون بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح، وكتب معهم العهدة العمرية التي منحت سكان القدس الحرية الدينية مقابل الجزية، وأن لا يسكنها أحد من يهود، وتغيّر اسم المدينة من إيلياء إلى القدس، ثمّ اهتمّ بها الأمويون والعباسيون؛ مثلًا بُنيت قبة الصخرة بشكلها الحالي في زمن عبد الملك بن مروان.
8- الحملات الصليبية:
سقطت القدس في يد الصليبيين عام 1099م بعد خمسة قرون من الحكم الإسلامي بسبب الصراعات السلاجقة والفاطميين والسلاجقة أنفسهم، وعند دخول الصليبيين القدس قتلوا حوالي 70 ألفًا من المسلمين، واستباحوا المقدسات الإسلامية، وأصبح الحكم في القدس كاثوليكيًّا؛ ممّا أثار غضب الأرثوذكس.
9- العصر الإسلامي الثاني:
استعاد صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين القدس من الصليبيين عام 1187م، وعامل أهلها بطيبة، وأزال الصليب عن قبة الصخرة، واهتم بالعمارة الإسلامية وتحصين المدينة، لكن بعد وفاته عاد الصليبيون وسيطروا على المدينة وظلت بأيديهم 11 عامًا إلى أن استردّها الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244م.
10- الفتح العثماني:
سيطرت الدولة العثمانية على بلاد الشام بعد معركة مرج دابق 1516م، وأرسل السلطان سليم الأول عشرة آلاف جندي لفتح القدس، وكان أول حاكم عثمانيّ لإمارة القدس إسكندر بن أرنوس، ثمّ زارها السلطان قبل توجّهه لفتح مصر التي دخلها من دون قتال
من الاحتلال البريطاني إلى الآن
دخل الجيش البريطاني القدس من يافا، ثمّ فتح أبواب الهجرة اليهودية إلى المدينة، وقامت العديد من الثورات الفلسطينية لمواجهته.
انتهى الانتداب البريطاني عام 1948 وفي نفس العام أُعلِن قيام دولة إسرائيل.
في 3 ديسمبر/ كانون الأول 1948 أعلن رئيس وزراء إسرائيل ديفيد بن غوريون أن القدس الغربية عاصمة للدولة الإسرائيلية الجديدة.
في نفس العام خضعت القدس الشرقية للسيادة الأردنية وبقيت حتى يونيو/ حزيران 1967 ثمّ انضمت القدس بأكملها للاحتلال.
الفتح العمري للمسجد الأقصى
زاد فتح القدس على يد عُمر بن الخطّاب في السنة الخامسة عشر هجري من أهميّة القدس للمُسلمين، حيث دخلها سلماً دون قتال، فقام صفرنيوس بطريَرك الروم بتسليمه مفاتيح القُدس، فما كان منه إلا أن أعطى الأمان لأهلها، وكتب بينه وبينهم وثيقةً أُطلق عليها اسم العُهدة العُمريّة، وتضمّنت الوثيقة أيضاً حقّ المسلمين الشرعي في مدينة القدس وفلسطين، وبعد ذلك قام الفاروق بعمل جولة للأماكن المُقدّسة فيها، وكانت في ذلك الوقت خراباً، فأمر بتنظيف قُبّة الصخرة، وبناء مسجد في الجهة الجنوبية للحرم، كما أمر بإنشاء الدواوين، وحرص على تنظيم أمورها قبل رحيله، ثم عيّن يزيد بن أبي سفيان والياً عليها.
من بنى القدس
لم يثبت على وجه التحديد من الذي بنى المسجد الأقصى أولاً، لكن ورد في أحاديث النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّ بناءه كان بعد بناء الكعبة بأربعين عاماً، وقد اختلف المؤرّخون في تحديد بانيه، فمنهم من رجّح أنّ الملائكة هي من بنته، ومنهم من قال إنّه سيّدنا آدم، وتضاربت الأقاويل بين شيث بن آدم، وسام ابن نوح، أو خليل الله سيدنا إبراهيم، ويرجّح عبد الله بن معروف أنّ من بناه هو آدم، وأنّ بناءه اقتصر على تحديد مساحته وحدوده فقط.
ثبت أنّ اليبوسيين هم من بنوا جداره الجنوبي عام ثلاثة آلاف قبل الميلاد، وكانوا هم من استوطن القدس وبنوها، أمّا قبل ذلك فلم يكن هناك أخبارٌ عنه، وبعد مدّة قدم سيّدنا إبراهيم فبنى المسجد، وصلّى فيه، وبقي هناك وكذلك الأمر لاسحاق ويعقوب، وبعد ذلك أصبحت القدس تحت سيطرة الفراعنة، وبعد ذلك القوم العمالقة، ثمّ أتى سيدنا داود مع بني إسرائيل فأعاد بنائه ووسعه، وبعد استلام سيدنا سليمان الحكم عمّره مرّة أخرى، ويدل على ذلك حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لمَّا فرغ سُليمانُ بنُ داودَ عليهما السَّلامُ من بناءِ بيتِ المقدسِ سأل اللهَ عزَّ وجلَّ ثلاثًا أن يُؤتيَه حُكمًا يُصادِفُ حُكمَه ومُلكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدِه وأنَّه لا يأتي هذا المسجدَ أحدٌ لا يُريدُ إلَّا الصَّلاةَ فيه إلَّا خرج من ذنوبِه كيومِ ولدَتْه أمُّه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أما اثنتيْن فقد أُعْطِيهما وأرجو أن يكونَ قد أُعْطِي الثَّالثةَ) [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].
وبعد وفاة سليمان انقسم اليهود إلى مملكتين، حتّى هاجمهم البابليون وأحرقوا هيكلهم، وسبوهم إلى بابل والمعرفو تاريخيّاً بالسبي البابلي، وبعد أن قضى الفرس على البابليين سمحوا لليهود بالعودة، فبدؤوا ببناء هيكلهم الثاني، وبعدها خضعت القدس للرومان وفي ذلك الوقت ولد نبي الله عيسى، وبعد ظهور الإسلام استطاع المسلمون فتحت القدس في عهد عمر بن الخطاب، وأمر بتجديد بناء المسجد القبلي وهو المسجد الرئيس للصلاة، وفي الخلافة الأمويّة جدده معاوية بن أبي سفيان، وبناه من الحجر، وقد شهد المسجد أكبر حركة إعمار وتوسيع في عهد عبد الملك بن مروان، وابنه الوليد، حيث تمّ بناء قبة الصخرة إلى جانب المسجد الأقصى.