الأدب في العصر المملوكي والعثماني ركز الأدباء في هذه الفترات على المديح والذم والقصص التاريخية، مع ظهور مدارس أدبية وفكرية تتراوح بين التقليدية والتجديد.
محتويات المقال
الأدب في العصر المملوكي والعثماني

الأدب في العصر المملوكي والعثماني شهد تحولات كبيرة تأثرت بالظروف السياسية والدينية والاجتماعية في تلك الفترات. بدأ العصر المملوكي في القرن الثالث عشر واستمر حتى القرن السادس عشر، بينما استمر العصر العثماني من القرن السادس عشر حتى أوائل القرن العشرين.
الأدب في العصر المملوكي:
- السمات العامة:
تأثرت الأدب المملوكي بالمؤثرات الدينية والعسكرية، حيث كانت السلطة المملوكية تعتمد على الجيوش والسلطان العسكري، مما انعكس على الأدب في الاتجاه نحو المديح والثناء على القادة والجيش.
اهتم الأدباء في هذا العصر بالجانب الديني، حيث تأثروا بالعلوم الدينية والفقهية، فظهر الأدب الديني بشكل واضح.
كما شهد العصر المملوكي ظهور العديد من العلماء والمؤرخين الذين سجلوا الأحداث التاريخية المهمة في تلك الفترة. - الشعر:
سيطر الشعر التقليدي في هذا العصر، وكان موضوعه غالبًا المديح، والزهد، والطبيعة، بالإضافة إلى بعض القصائد ذات الطابع الديني والتاريخي.
من أبرز شعراء هذا العصر: ابن دانيال و ابن الفارض الذين تأثروا بالأدب الصوفي وتركوا إرثًا شعريًا مميزًا. - النثر:
تطور النثر في هذا العصر ليشمل الكتابات التاريخية والأدب الفقهي، وكان من أبرز كتاب النثر في العصر المملوكي ابن تغري بردي و ابن إياس.
الأدب في العصر العثماني: - السمات العامة:
العصر العثماني شهد امتزاجًا بين الثقافة الشرقية والغربية، مما أثر بشكل كبير على الأدب في ذلك الوقت. تأثرت الكتابات الأدبية العثمانية بالثقافة الفارسية والتركية، بالإضافة إلى بعض التأثيرات الأوروبية.
على الرغم من أن الأدب العثماني لم يشهد تطورًا كبيرًا في مجالات الإبداع الأدبي مثل الشعر والنثر، إلا أنه كان معنيًا بتعزيز الهوية الثقافية و الدينية. - الشعر:
سيطر الشعر التقليدي العثماني على الأدب في هذا العصر، واهتم الشعار بتطوير أشكال شعرية جديدة تأثرت بالأدب الفارسي والتركي.
اهتم الشعراء العثمانيون بمُدَحٍ للسلطان والسلطة، وكذلك بالأشعار الدينية التي تعبر عن الفخر بالحضارة الإسلامية.
من أبرز شعراء هذا العصر: الشاعر يحيى بن عيسى و الحافظ الشيرازي. - النثر:
تطور النثر العثماني ليشمل مجالات متنوعة مثل المؤلفات الدينية، و التاريخية، و الأدب الفلسفي.
من أشهر كتاب هذا العصر: الكاتب والمفكر ابن عربي و أحمد بن حنبل. - العلوم والمعرفة:
شهد العصر العثماني إحياء للعديد من العلوم مثل الطب و الفلك و الفلسفة، حيث كان الكتاب يدمجون هذه العلوم مع الأدب.
أسباب ضعف الأدب في العصر العثماني

ضعف الأدب في العصر العثماني يعود إلى عدة عوامل تاريخية واجتماعية وثقافية كان لها تأثير كبير على الإبداع الأدبي في تلك الفترة. على الرغم من أن العصر العثماني شهد ازدهارًا في مجالات أخرى مثل العمارة و العلوم، إلا أن الأدب العربي في هذا العصر عانى من بعض الركود بسبب بعض الأسباب الرئيسية:
1. الهيمنة السياسية والاجتماعية:
الاستبداد السلطوي: كان النظام العثماني يعتمد على السلطة المطلقة للسلطان، مما أدى إلى الرقابة على الأفكار والأدب. العديد من الأدباء لم يستطيعوا التعبير بحرية بسبب الخوف من العقوبات السياسية أو الدينية.
التقليدية: كان الأدب العثماني موجهًا في الغالب نحو المديح للسلطان والحكام، وهو ما جعل الكثير من الكتاب لا يجرؤون على الابتكار أو تقديم موضوعات جديدة.
2. الانغلاق الفكري:
تأثر الأدب العثماني بالأدب الفارسي والتركي، مما أضعف الهوية الثقافية العربية الأصيلة. إذ أن الأدباء العثمانيين كانوا يفضلون التقليد بدلًا من التجديد، وهذا أدى إلى انعدام التجديد الأدبي أو الإبداع في الأساليب.
الجمود الفكري: كانت الفترات العثمانية تفتقر إلى الحركة الفكرية المبدعة التي تميز بها العصور السابقة مثل العصر العباسي أو عصر النهضة، ما جعل الأدب يظل في إطار الموضوعات التقليدية مثل المديح و الزهد.
3. تأثير اللامبالاة بالثقافة العربية:
في ظل الاحتلال العثماني، تضاءلت الاهتمامات بالثقافة العربية الأصيلة لصالح الثقافة التركية والفارسية. لذلك، كانت الأعمال الأدبية التي يتم إنتاجها في تلك الفترة في الغالب تفتقر إلى الأصالة العربية، مما أدى إلى ضعف الإنتاج الأدبي العربي مقارنة بالعصور السابقة.
4. التأثير الديني والسياسي:
التركيز على الدينية: في العصر العثماني، كان الخطاب الديني هو المسيطر، إذ اهتم الأدباء بالمواضيع الدينية والتفسيرية بشكل أكبر من الاهتمام بالتجديد الأدبي أو الاجتماعي. أدى ذلك إلى غياب الأدب الذي يتناول قضايا اجتماعية أو ثقافية جديدة.
الانشغال بالصراعات السياسية: كانت الدولة العثمانية منشغلة بالحروب والصراعات الداخلية والخارجية، ما جعل الأدب في أوقات كثيرة لا يواكب التحولات الاجتماعية والفكرية.
5. الركود الفكري والتعليمي:
ضعف المؤسسات التعليمية وتوجهاتها أدى إلى قلة الإقبال على التفاعل مع الأفكار الجديدة. لم يكن هناك دعم قوي للالابتكار الأدبي أو الفكر النقدي، وكان الأدباء يتجهون نحو تقليد الأساليب السابقة بدلاً من التجديد.
6. ضعف التفاعل مع الحركات الأدبية الأخرى:
على الرغم من وجود الحركات الأدبية في أوروبا، إلا أن الأدب العثماني ظل معزولًا إلى حد كبير عن تلك الحركات، مما جعل الأدب العثماني يظل في إطار الأسلوب التقليدي دون التأثر الكبير بالفكر الأدبي الغربي أو التجديد الذي حدث في عصر النهضة الأوروبية.
خصائص العصر المملوكي

العصر المملوكي يمتد من منتصف القرن الثالث عشر حتى أوائل القرن السادس عشر، ويتميز بعدد من الخصائص السياسية والاجتماعية والثقافية التي أثرت على الأدب والفكر في هذا العصر. فيما يلي أبرز خصائص العصر المملوكي:
1. الخصائص السياسية:
السلطة العسكرية: تميزت الدولة المملوكية بحكم السلطة العسكرية، حيث كان المماليك (وهم عبيد تم تدريبهم على الحرب) هم الطبقة الحاكمة، وأصبحوا يشكلون السلسلة القيادية للمجتمع. هذا النظام العسكري كان له تأثير كبير على الحياة الاجتماعية والثقافية.
الاستقرار النسبي: على الرغم من العديد من الحروب والصراعات الداخلية، إلا أن المماليك استطاعوا الحفاظ على استقرار نسبي في مناطق واسعة من العالم الإسلامي، خاصة في مصر والشام.
النفوذ السياسي والديني: تزامن حكم المماليك مع قوة دور السلطان في الأمور السياسية والدينية، كما أن هناك تأثيرًا كبيرًا من الفقهاء والعلماء الذين كان لهم دور في توجيه السياسات.
2. الخصائص الاجتماعية:
الطبقات الاجتماعية: المجتمع المملوكي كان يضم طبقات اجتماعية متباينة، حيث كانت الطبقات العليا تشمل المماليك وحاشيتهم من القادة العسكريين، بينما كان الفلاحون والعمال يشكلون الطبقات الدنيا.
الاقتصاد: اعتمد الاقتصاد المملوكي على الزراعة و التجارة، حيث كانت مصر تعد مركزًا تجاريًا هامًا على مستوى العالم الإسلامي، وتميزت بوجود أسواق مزدهرة.
الاستقرار الاجتماعي: على الرغم من الفقر الذي عانى منه الطبقات الدنيا، كانت هناك بنية اجتماعية شبه مستقرة في المدن الكبرى مثل القاهرة و دمشق.
3. الخصائص الثقافية والفكرية:
التوجه الديني: شهد العصر المملوكي اهتمامًا بالغًا بالعلوم الدينية، مثل الفقه و الحديث و التفسير. كان هذا التأثير الديني حاضرًا في حياة الناس بشكل واسع، وكان للعلماء دور كبير في توجيه السياسة.
الاهتمام بالعمارة: شهد العصر المملوكي ازدهارًا في فن العمارة، حيث تم بناء العديد من المساجد، والمدارس، والقلاع مثل قلعة صلاح الدين في القاهرة. كما تم تطوير العديد من المؤسسات الدينية والتعليمية.
التنظيمات الثقافية: تأسست في هذا العصر العديد من المدارس و المكتبات التي ساهمت في الحفاظ على التراث الثقافي والعلمي.
4. الخصائص الأدبية:
المديح السياسي: كان المديح السياسي للسلطان والحكام يمثل جزءًا كبيرًا من الأدب المملوكي، حيث كان الشعراء يثنون على القادة العسكريين ويصورونهم كأبطال وقادة حكيمين.
القصص التاريخية والدينية: شاعت في هذا العصر الكتابات التاريخية والدينية التي سعت لتوثيق الأحداث الهامة وتفسيرها في سياق ديني أو سياسي.
الشعر الصوفي: كان الشعر الصوفي من أبرز أنواع الأدب في هذا العصر، حيث اهتم الأدباء بتناول موضوعات مثل الزهد و الروحانية والتفكير في الحياة والموت.
الكتابات الفقهية والتاريخية: كان هناك أيضًا اهتمام كبير بكتابة المؤلفات الفقهية، فضلاً عن تدوين التاريخ والمذكرات الخاصة بالحكام والسياسيين.
5. الخصائص الفكرية والعلمية:
العلوم والتعلم: العصر المملوكي شهد تطورًا في مجالات العلوم الدينية مثل الحديث و التفسير، وكذلك في الطب و الفلك و الرياضيات، حيث كانت هناك حركة فكرية نشطة في بعض المجالات.
الاهتمام بالتراث: كان هناك حرص على إحياء التراث القديم وحفظه، من خلال نسخ الكتب والمخطوطات القديمة.
تأثر الفكر بالفكر العباسي والفارسي: تأثر الفكر المملوكي بالعديد من الفلسفات والتقاليد الفكرية التي نشأت في العصور العباسية والفارسية، مما أثر في الأدب والعلم في هذا العصر.
6. الخصائص العسكرية:
الجيش المملوكي: كان الجيش المملوكي من أقوى الجيوش في العالم الإسلامي في ذلك الوقت، حيث كان يتسم بالتنظيم والانضباط، وحقق العديد من الانتصارات العسكرية الهامة، مثل معركة عين جالوت ضد المغول.
الطبقة العسكرية: كان للمماليك دور كبير في قيادة الدولة، وكانوا يشغلون المناصب العليا في الجيش والحكومة.
الشعر في العصر المملوكي

الشعر في العصر المملوكي شهد تطورًا في الأساليب والمواضيع نتيجة للتغيرات الاجتماعية والسياسية التي طرأت في تلك الفترة. تميز هذا العصر بانتقال الشعر من مرحلة الجزالة التقليدية في العصور السابقة إلى مرحلة أكثر تأثرًا بالظروف السياسية والعسكرية، فانعكست الأحداث والصراعات على الإنتاج الأدبي، بالإضافة إلى تأثيرات الثقافة الدينية والفكرية في الحياة اليومية.
أهم خصائص الشعر في العصر المملوكي:
- المديح السياسي:
كان الشعر المملوكي موجهًا بشكل كبير إلى السلطان والطبقات الحاكمة. كثير من الشعراء كانوا يمجدون القادة العسكريين ويمدحون إنجازاتهم، لاسيما في الحروب والمعارك. كان المدح السياسي للسلطان بمثابة وسيلة للشعراء للحصول على الدعم والمال من الحكام.
من أبرز المواضيع في هذا النوع من الشعر الثناء على القوة العسكرية للسلطان، وكذلك الإشادة بالعدالة والحكمة التي يتمتع بها. - الزهد والتصوف:
تزايدت في العصر المملوكي ظاهرة الشعر الصوفي الذي يهتم بالتأمل الروحي والزهد في الدنيا. شاع هذا النوع من الشعر في أوساط العلماء والفقهاء، وارتبط بالحركة الصوفية التي كان لها دور كبير في الثقافة المملوكية.
اعتمد الشعراء الصوفيون على الرمزية و الصور الروحية للتعبير عن تجربتهم الروحية، وشمل العديد من القصائد التي تروي الصراع الداخلي والتفكير في الحياة والموت. - الاهتمام بالمثل العليا:
كان الشعر في العصر المملوكي يعكس جوانب من المثل العليا مثل الشجاعة و العدالة و الحكمة، وهي القيم التي كان يسعى الشعراء إلى ترسيخها في مجتمعهم.
الطابع الديني:
كان الشعراء المملوكيون يهتمون أيضًا بإبراز الطابع الديني، من خلال مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة، وكتابة قصائد دينية تتحدث عن فضائل الدين والأخلاق. كما كان هناك اهتمام كبير بالمواضيع الفقهية والدينية في بعض القصائد. - التنوع في الموضوعات:
على الرغم من هيمنة المدح السياسي والزهد على الشعر المملوكي، إلا أن هناك بعض الشعراء الذين تناولوا مواضيع الطبيعة و الحنين إلى الماضي و الشكوى من الزمان. كما كان لبعض الشعراء دور في توثيق الأحداث التاريخية من خلال الأبيات الشعرية. - التأثر بالثقافات الأخرى:
تأثر الشعر المملوكي بالأدب الفارسي والتركي. إذ تم مزج الأساليب الفارسية والتركية في القصائد المملوكية، كما أدخلت التعبيرات الأدبية و الصور الشعرية التي كانت شائعة في تلك الثقافات. - الأسلوب الأدبي:
كان الشعراء في العصر المملوكي يتميزون بأسلوب التكلف والتعقيد في التعبير، وكان من المعتاد أن يستخدموا المجازات و التشبيهات بكثرة. شعرهم كان يميل إلى البلاغة و الزخرفة اللغوية، وكان بعض الشعراء يتبعون الأسلوب القصصي أو الحكائي.