الاصناف التي يجري فيها الربا وماهو مفهوم الربا وماهو حكم الربا في الاسلام كل ذلك سنتعرف عليه في هذه المقالة.
الربا هو الزيادة في شيء مخصوص ، وهو مشتق من الزيادة ، ومنه قوله تعالى : (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ) أي لا يزيد ولا يرتفع عند الله ، وقوله (لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ) أي يكثر.
وأصله أن أهل الجاهلية كان إذا حلّ الدين على أحدهم طلبوا منه فقالوا : أعطنا المئة أو زدناها إلى مئة وخمسين . وإذا حلّت المئة وخمسين قالوا له : أعطنا المئة وخمسين أو جعلناها مئتين .. وهكذا .
وجاءت الشريعة بتحريم ربا آخر هو ربا الفضل وهو زيادة في أحد الجنسين إذا بيع أحدهما بالآخر . بحيث إذا بيع ذهب بذهب فإنه لا يجوز إلا مِثلا بمثل ويدا بيد ، فاشترط فيه التقابض والتماثل فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، فإذا باع صاع بُر بصاعين ولو كان يدا بيد وقع في الربا .
الراجح في علة الربا في الأصناف الستة
علّة الربا في الأصناف الستة
الربا في اللغة الفضل والزيادة والنماء، والربا في اصطلاح الفقهاء هو فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال .
أو عقد على عوض غير معلوم التماثل في معيار الشرع حال العقد، أو مع التأخير في البدلين أو أحدهما .
ويلاحظ على هذا التعريف أنه أشار إلى نوعي الربا وهما: النسيئة والفضل بكل وضوح .
– أما علة الربا وهي الوصف الظاهر المعرف للحكم كالإسكار في الخمر، فإن الأصل فيها حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد (رواه مسلم في كتاب المساقاة) .
– هذا الحديث تناول الأصناف الستة التي هي محل للربا بنوعيه، وللعلماء في علة الربا مذاهب مختلفة .
– فالسادة الأحناف يرون أن علة الربا في الأصناف الستة القدر مع الجنس، أي الكيل أو الوزن مع اتحاد الجنس بين العوضين، فمتى وجدت العلتان، علة الكيل في المكيلين أو علة الوزن في الموزونين مع اتحاد الجنس، حرم الفضل عندئذ والنساء .
– واستدل الأحناف بمثل قوله تعالى: ويلٌ للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (من سورة المطففين) .
– وفي الحديث: أن عامل خيبر أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تمراً جنيباً، فقال أوَكُلُّ تمر خيبر هكذا؟ قال: لا، ولكني أعطيت صاعين وأخذت صاعاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربيت؟ هلا بعت تمرك بسلعة، ثم ابتعت بسلعتك تمراً وكذلك الميزان (رواه البخاري في باب الوكالة في الصرف والميزان) .
– والسادة المالكية يرون أن علة الربا في الذهب والفضة أنهما رؤوس للأثمان وقيم للمتلفات .
والعلة في الأصناف الأربعة الأخرى، في ربا الفضل الاقتيات والادخار، وفي ربا النسيئة مجرد الطعم أي كونه مطعوماً لآدمي .
واستدلوا في علّية الثمنية في الذهب والفضة، بحديث: لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين (رواه مسلم) .
واستدلوا في علّية الطعم في الأصناف الأربعة بالحديث الوارد: الطعام بالطعام مثلاً بمثل .
– ويرى السادة الشفاعية أن علة الربا في الذهب والفضة أنهما جنس الأثمان غالباً، وعلة الربا في الأصناف الأربعة الأخرى الطعم، سواء كان مكيلاً أو موزوناً، وما سوى المطعوم والنقدين لا يحرم فيه الربا، فيجوز بيع ثوب بثوبين وهكذا .
– واستدلوا في علّية الثمنية في الذهب والفضة بحديث: لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين (رواه مسلم) .
واحتجوا لعلّية الطعم في الأصناف الأربعة بحديث: الطعام بالطعام مثلاً بمثل (رواه مسلم) .
– والسادة الحنابلة لهم ثلاث روايات عن الإمام أحمد في علة الربا:
فالرواية الأولى: إن علة الربا في الذهب والفضة كونه موزون جنس، والعلة في الأصناف الأربعة كونها مكيل جنس .
والرواية الثانية: إن العلة في الأثمان الثمينة، وفي غيرها كونها مطعوم جنس .
والرواية الثالثة: إن العلة في غير الذهب والفضة كونها مطعوم جنس مكيلاً أو موزوناً، فلا يجري الربا في مطعوم لا يكال كالتفاح مثلاً .
واستدلوا في الرواية الأولى بحديث: لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين، ولا الصاع بالصاعين، فإني أخاف عليكم الرماء، فقام رجل فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل يبيع الفرص بالأفراس والنجيبة بالإبل؟ فقال: لا بأس إذا كان يداً بيد (رواح أحمد) .
واستدلوا في الرواية الثانية بحديث: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلاً بمثل (رواه مسلم) .
واستدلوا في الرواية الثالثة بحديث: لا ربا في ما كيل أو وزن مما يؤكل أو يشرب (رواه الدارقطني) .
الأصناف التي يجري فيها الربا
السؤال الأول:
هل ربا الفضل وربا النسيئة محصوران في الأجناس الستة المذكورة في الحديث أم أنه يجري في كل مكيل وموزون سواء كان مطعومًا أو غير مطعوم كالحديد والنحاس وغير ذلك؟
الجواب:
الستة قد أجمع عليها العلماء الذهب والفضة والتمر والبر والشعير والملح، هذه الستة أجمع العلماء على أنه يجري فيها الربا بنص النبي عليه الصلاة والسلام وتنازعوا في غيرها.
وقال الجمهور وأكثر العلماء: أنه يجري الربا في غيرها…. ويصلح به المأكول .. من الحبوب التي يصنع بها الطعام … فهذا قول، وقول الجمهور أصح، وأنه ليس خاصًا بالستة بل يقاس عليها ما أشبهها.