التسامح والتعايش السلمي مامفهوم التسامح والتعايش السلمى وكيفية تحقيقه بشكل صحيج على كل فرد فى المجتمع وهل له تأثير ايجابى .
التنوع في نسيج أطياف المجتمعات أصبحت ظاهرة عامة في جميع المجتمعات في العالم ومن النادر وجود مجتمع يخلو من هذا التنوع ولكن يختلف كل مجتمع عن الآخر بنسبة هذا التنوع, وقد حدث هذا التنوع نتيجة الانفتاح والاختلاط بين المجتمعات فكان نتيجته حدوث تعايش واختلاط بين مختلف الأديان والقوميات والأعراق والثقافات ومن الطبيعي عندما يكون هناك اختلاف في مثل هذه الأمور الأساسية تحدث عدة أنواع من المشاكل وتتفاوت حجمها حسب قوة الحكومات التي تحكم هذه المجتمعات وحسب رقي ثقافة المجتمع فكلما كانت الحكومة قوية وثقافة المجتمع عالية كلما قلت هذه الخلافات وانعدمت والعكس صحيح ان جميع الأديان السماوية تهدف إلى إصلاح النفوس وإفراغها من الكراهية والعنصرية والتعصب، وتهدف إلى زرع بذور التسامح والإيثار والتعايش السلمي المبني على الإحترام والإحترام المتبادل
مفهوم التسامح والتعايش السلمي
هناك العديدة من المفاهيم المتداولة اليوم التي تحتاج الى تحديد دقيق لمعانيها ومدلولاته وذلك لان استخدام هذه المفاهيم بلا ضبط المعنى الحقيقي لها يساهم في تشويه هذا المفهوم على مستوى المضمون، كما انه يجعله عرضة للتوظيف الايديولوجي المتعسف، لذلك فان تحديد معنى المفاهيم المتداولة يساهم في خلق الوعي الاجتماعي السليم بها. ومن هذه المفاهيم التي تحتاج الى تحديد معناها الدقيق وضبط مضمونها الفلسفي والاخلاقي والاجتماعي، مفهوم التسامح حيث ان هذا المفهوم متداول اليوم في كل البيئات الايديولوجية، ويتم التعامل مع هذا المفهوم ولوازمه الثقافية والسياسية باعتباره ثابتة من ثوابت المجتمعات المتقدمة لذلك، وبعيداً عن المضاربات الفكرية والتوظيفات الايديولوجية المتعسفة، نحن بحاجة الى ضبط المعنى الجوهري لهذا المفهوم وتحديد مضمونه وجذوره الفلسفية والمعرفية وبيان موقعه في سلم القيم والمبادئ الاجتماعية
تجمع قواميس اللغة ومعاجم الفلسفة والسياسة والتي تقدم مفهوم التسامح بمعناه الأخلاقي على انه- موقف فكري وعملي قوامه تقبل المواقف الفكرية والعملية التي تصدر من الغير، سواء كانت مواقفه مخالفة للأخر اي الاعتراف بالتعدد والاختلاف وتجنب اصدار احكام تقصي الاخر. بمعنى أخر التسامح هو احترام الموقف المخالف
وظل المفهوم من حيث نشأته بوصفه مفهوما مقترنا بمحاولة تقريب المسافة بين المذاهب الدينية المتصارعة التي ترتب على تصارعها، والتعصب لكل منها، حروب دينية مدمرة، وأشكال اضطهاد غير انسانية، ظلت تعانيها اوروبا لوقت طويل. ولذلك بقي مفهوم التسامح دائراً في الدائرة الدينية بالدرجة الاولى، مقترنا بالنزعة العقلانية التي سعت الى وضع الافكار والمعتقدات والمسلمات القديمة موضع المساءلة، وذلك في نوع من اعادة الاعتبار الى العقل ومنحه المكانة الاولى في المعرفة وصياغة القيم الفكرية على السواء
وعندما انتقل المفهوم الى الثقافة العربية مع اواخر النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ظل دائراً في الافق نفسه، وظلت الصراعات الطائفية التي ادت الى حروب اهلية، هي الاصل في نقل المفهوم والدافع التكويني الى صياغة او اعادة انتاجه عربياً
ولم تستخدم الثقافة العربية كلمة التسامح التي نستخدمها في هذه السنوات مقابل كلمة التعصب وانما استخدمت كلمة التساهل مقابلا لمفردتي Toleration و Tolerance، اللتين لا فارق كبيراً بينهما، وتدلان في سياقهما الثقافي الذي ينقل عنه على الكيفية التي تعامل بها المرء مع كل ما لا يوافق عليه، فلا يعاديه لمجرد اختلافه وانما يتقبله بوصفه لازمة من لوازم الحرية التي يقوم بها معنى المواطنة في الدولة المدنية الحديثة، ولكن الترجمة السابقة المستخدمة الآن لم تستمر طويلاً، فقد اثر عليها اللاحقون ترجمة الاصل الاجنبي المتحد في الانكليزية والفرنسية وغيرهما من اللغات الاوروبية الحديثة بكلمة التسامح التي شاعت ترجمتها اليوم، واغلب الظن ان السبب في ذلك يرجع الى ان الجذر اللغوي للترجمة العربية (سمح) يقترب من الدلالة الاجنبية، ويرتبط بمعاني العطاء والرحابة والصفح ولين الجانب والتساهل على السواء
التسامح ، والعيش المشترك
من خلال قضية إمكانية العيش المشترك في ظل الاختلافات الأيديولوجية الحتمية، وفق تصور المعنى الحقيقي لروح التسامح وقبول الآخر، وُلد السؤال المعضل: كيف نستطيع العيش مع بعضنا ونحن مختلفون؟!… فنتجاوز عن كل تصورات واستنتاجات حينما نؤكد أن الإجابة عن هذا السؤال هي “المعضلة” ، وهي التي ستحدد طبيعة المستقبل السياسي والاجتماعي لكثير من البلدان العربية والإسلامية…
فانتشار مظاهر العنف والفوضى في العديد من المجتمعات العربية والإسلامية لا يرجع أبدا للاختلافات والتنوعات العقدية والمذهبية والعرقية الموجودة في تلك البلدان، وإنما يرجع إلى فشل التعامل مع تلك الخلافات وفق صيغة حضارية تجمع بين حقيقة الاختلاف التي لا يمكن نكرانها، والتي هي مرتبطة ارتباطا وثيقا بجدلية الصراع ، وبين ضرورات العيش المشترك، كي لا تتحول تلك الاختلافات إلى معاول هدم تفني كل أسس تعايش الفئات المختلفة تحت سقف مجتمع واحد.
فحينما نؤكد أن محاولة نشر الأفكار بالتعصب والتسلط يؤثر سلبا على الفكرة ذاتها، ويجعل تقبل الناس لها واقتناعهم بها أمرًا بعيد المنال إن لم يكن من المستحيلات بمكان. مضيفًا أن ظاهرة التعصب الأعمى لهي أكبر خطر على استقرار المجتمعات، فالتعصب الأعمى يؤسس لثقافة معاداة المخالف وممارسة الإقصاء بحقه.
التسامح ، امتلاك القوة والحقيقة
ثمة تصور آخر يسوقه لنا الكاتب يمثل زاوية مهمة في الأمر، وهو العلاقة بين القوة المطلقة والحقيقة المطلقة؛ حيث ينادي الكاتب بالفصل الفوري بين احتكار القوة واحتكار الحقيقة، فمن وجهة نظره ليس كل من يمتلك القوة بالضرورة يمتلك الحق، كما أنه ليس بالضرورة أن من يمتلك الحق يمتلك القوة التي تدافع عن هذا الحق، “وإن كنا نختلف معه في تصوره الأخير، فصاحب الفكرة يحتاج بالضرورة إلى قوة تحميها في حال إقدام الآخر بلا وعي أو فهم للعدوان عليه، ومحاولة سلبه حقه المشروع في التعبير عن رأيه بالوسائل السلمية والإقناعية”.
وإذا تحدثنا عن كيفية العيش المشترك في عالم ينوء بالاختلافات والتمايزات ، فإنن نري أنه يجب من الأهمية بمكان الإشارة إلى ضرورة التعامل مع الأفكار والقناعات طبقا للتطورات الواقعية ، وإعادة صياغة تلك القناعات العامة والشخصية بما يحقق الانفتاح والتواصل مع الآخر، وذلك من أجل نسيج مجتمعي قوي قائم على التكامل والتلاقي لا العزلة والانغلاق، وطبقا لهذا التصور فإن أول أسس العيش المشترك يقتضي إعادة بناء العلاقة مع الأفكار والقناعات؛ لتكون علاقة تفاعلية واقعية لا جامدة أو متخشبة