السفسطائية نشأتها ومواقفها الفلسفية

كتابة جواهر الخالدي - تاريخ الكتابة: 23 يوليو, 2022 3:07
السفسطائية نشأتها ومواقفها الفلسفية

السفسطائية نشأتها ومواقفها الفلسفية كذلك سنذكر أهم أفكار السفسطائيين وما هي أهمية الفكر السوفسطائي ومكانته كما سنتحدث عن الأخلاق عند السوفسطائيين كل تلك الموضوعات تجدونها من خلال مقالنا هذا.

السفسطائية نشأتها ومواقفها الفلسفية

نشأة المدرسة السفسطائية
المدرسة السفسطائية من المدراس الفلسفية القديمة، فقد نشأت بعد مذهب ديمقراطيس وأنبادوفليس، وقاموا بإنكار حقائق الأشياء وزعموا أن كل شيء مبني على الوهم ولا توجد حقيقة ثابتة، وهم بذلك قاموا بنقل الفلسفة من المحسوس إلى الفكر والعقل.
مواقفها الفلسفية
ينقسم الفكر السفسطي إلى ثلاث فرق هي:
1-الفرقة الأولى
بروتاغوراس، وتقوم على أساس أن الإنسان هو مقياس الحقيقة، فما يراه الإنسان صحيحاً فهو صحيح في مقياسه وخاطئ لدى غيره، وتسمى هذه الفرقة بالعندية.
2-الفرقة الثانية
غورجياس، وترى هذه الفرقة أن كل شيء في تغير دائم، ولو افترضنا وجود الحق فإن الإنسان لا يمكن أن يدركه لأنه في تغير دائم. الفرقة الثالثة: مذهب بيرون، وتسمى باللاأدرية، وهي فرقة تقدس الشك وشعارها (نحن شاكون وشاكون في أننا شاكون).

أفكار السفسطائيين

1-فلسفة الجمال والفن لدى السفسطائيون
ينطبق على مفهوم الجمال ما ينطبق على مفاهيم الأخلاق والمعرفة، فهو مفهوم ذو طابع نسبي وذاتي، فمصدره الذات البشرية ويختلف بنسبيته باختلاف المكان والزمان، بينما الفن فيعد ظاهرة من صنع الإنسان، ومرجعية القيمة الجمالية والفنية هي إجماع الناس في الزمان والمكان. وبخلاف الديانات الشرقية التي تؤمن بوجود إله للجمال، فإن الفلاسفة السفسطائيون يرون أنّ الجمال والفن لا يمكن أن يكونو من عمل مقدّس أو إله، فالفن ليس هدية من إله مقدسة أو موهبة ربانية، بل هو عبارة عن سلوك بشري أي إنساني يأتي عن طريق مهارات يتعلمها ويكتسبها الفرد من خلال التجربة والتعلم والخبرة.
2-فلسفة نظرية الأخلاق لدى السفسطائيون
يعتقد السفسطائيون أن القيم الأخلاقية ليست مستمدة من الطبيعة، بل تعتمد على الإجماع، لذا فإن فعاليتها تختلف باختلاف الزمان والمكان، لذلك فهي تعتبر تقدير ذاتي، فما يمكن أن يكون خيراً بالنسبة لنا يمكن أن يكون شراً لغيرنا، وما قد يكون ممنوعًا في ثقافة ما أو دين ما، ففي ثقافة أخرى قد يكون قانونيًا، وبحسب وجهة نظرهم فإنه ليس العقل هو مصدر الأخلاق، بل الحواس كطريقة لإشباع الرغبات والحاجات الحسية من مثل الطعام والشراب، وليس طريقة لإشباع الروح والرغبات العقلية. 3-فلسفة نظرية المعرفة لدى السفسطائيون:
وهنا نرى استمراراً لمفهوم النسبية التي تتغير للمكان والزمان والأشخاص، وهذا يوصلنا في النهاية دلالة على عدم وجود حالة موضوعية، فهذا ما جعل بروتاغورس يضع الإنسان كمقياس فهو من يقدّم قيمة للمعرفة والحقيقة، وليس المعرفة والحقيقة هي من تقّدم القيمة للإنسان، وهذا هو ما تمحورت عليه أسس الفكر السفسطائي، وتعد الحواس هي الطريقة التي يتم فيها الوصول للمعرفة بالعالم الخارجي، ولا ننسى أنها حقيقة ذاتية، أي ما تره أنت حقيقة يراه آخر عكس ذلك. القانون وفلسفة السفسطائيون: “إنّ القانون يسحق البشر ويلزمهم على القبول بأمور كثيرة تخالف طبيعتهم.”
نتيجة القوانين التي سادت في اليونان في ذلك الوقت، أجبر السفسطائيون على التفكير بقوانين ذات طابع طبيعي أي لا تخالف القانون الإلهي، فالقانون يوضع ليكون متوافقاً ومصالح المشرّع فيلقى قبولاً لدى أغلب الأفراد، وليس بقوانين تجبر الأفراد على تقبّل ما هو خارج وبعيد عن طبيعتهم الإنسانية. واختلفت آراء الفلاسفة السفسطائين اتجاه نظرتهم للقانون فمنهم من رآه كأداة ووسيلة يستخدمها الأقوياء للسيطرة على الضعفاء، وهذا ما رآه الفيلسوف تراسيماخوس، بينما رأى الفيلسوف والمفكر والشاعر السفسطائي كاليكلاس، بأن القانون ما هو إلا وسيلة يقام بها العدل بين الأفراد لا فرق بين قوي وضعيف فهو سد منيع وملجأ لجميع الأفراد باختلاف طبقاتهم الاجتماعية.
4-الدين وفلسفة السفسطائيون
كما القانون فإنّ الدين يتشابهون من حيث أنه من صنع الإنسان، كما وضّح الفيلسوف كريتياس، فهو يرى أنّ الآلهة هو اختراع بشري للتخلص من العنف البشري والخوف والجهل، لذلك من الضروري اختراع ما هو إلهي، لتوحيد آراء الناس حول القانون، بمعنى أنّ الدين في وجهة نظر السفسطائيين تقوم على أساس الإمساك بزمام المشاعر للأفراد سراً وعلانية بالإضافة للإستعانة بالقانون، وهذا ما عبّر عنه الفيلسوف كريتياس بقوله: “كما أن القوانين تمنع الناس من العنف بشكل مكشوف، من هنا قد يكون اقتراف الإثم سريا، ولذا يخيل لي أن ثمة إنسانا ماكرا قد أوجد خوف الإنسان من الآلهة بحيث إذا أقترف أحدهم إثما أو ارتكب خطأ بالقول أو بالفعل يخاف حتى وإن كان فعله سريا.”

أهمية الفكر السوفسطائي ومكانته

1-تشكل السوفسطائية جزءا لا يتجزأ من تاريخ الفلسفة اليونانية ، إذ يشكل فكرهم قطيعة مع الفكر التقليدي الطبيعي لدى اليونان ولدى الشرق القديم بصفة عامة ، وكان لهم تأثير كبير في تاريخ الفلسفة سواء فيما يخص المعرفة أو القانون أو الأخلاق أو الدين والجمال ، يضاف إلى كل هذا الربط الكبير بين مسألة اللغة والخطابة والفلسفة، أضف إلى ذلك قدرتهم النقدية الكبيرة وهذا ما يتجلى في انتقادهم للقيم الأخلاقية السائدة، سواء على مستوى الدين أو القانون ، الأمر الذي مهد الطريق للفلاسفة لاستعمال العقل بدلا من الأسطورة والخرافة.
2-لا يمكننا أن نفهم المرحلة اللاحقة من الفكر إلا بالرجوع إلى الفكر السوفسطائي وفهمه بشكل جيد ، ذلك لأن الفلسفة اللاحقة ستأتي كرد وكنقد على التقاليد الفكرية السوفسطائية، وبالأخص الفلسفة الأفلاطونية والأرسطية.
3-إن الحركة السفسطائية إذا لها فلسفة قائمة الذات ، رغم النعوت المغالطة التي ألصقت بهم وبفكرهم الفلسفي، و رغم التحريف الذي طال فكرهم و اصالتهم الفلسفية، ولعل مجمل الانتقادات التي وجهت إلى الحركة السوفسطائية هي تلك الانتقادات التي قدمها سقراط بأسلوبه التوليدي في الحوار، وتبعه أفلاطون تلميذ سقراط في تلفيق الانتقادات التي طالت الفكر السوفسطائي.

الأخلاق عند السوفسطائيين

1-ذهب السوفسطائيون إلى النظر للأخلاق على نفس منوال المعرفة، فهي ذاتية وقيمتها مختلفة متغيرة في الزمن والمكان ، فما يمكن أن يكون شرا بالنسبة لي يمكن أن يكون خيرا بالنسبة للأخرين ، وما يمكن أن يكون محرما في ثقافة ما أو في دين ما، قد يكون مشروعا في ثقافة أخرى.
2- ومصدر الأخلاق في تصورهم هو الحواس وليس العقل فهي وسيلة لإشباع الرغبات الحسية كالمأكل والمشرب ، وليست وسيلة لإشباع الرغبات الروحية والعقلية.



566 Views