الغربة والحنين في شعر أحمد شوقي

كتابة سالي - تاريخ الكتابة: 29 يناير, 2025 7:53
الغربة والحنين في شعر أحمد شوقي

الغربة والحنين في شعر أحمد شوقي حيث لقب بأمير الشعراء ، يُعد أحد أبرز رواد الشعر العربي الحديث. تميز شعره بجمال الأسلوب، عمق المعاني، وارتباطه بالتاريخ والوطنية، مما جعله رمزًا للإبداع الأدبي في العالم العربي.

الغربة والحنين في شعر أحمد شوقي

الغربة والحنين في شعر أحمد شوقي
الغربة والحنين في شعر أحمد شوقي

يُعد أحمد شوقي (1868-1932) من أبرز شعراء العصر الحديث الذين عبروا عن مشاعر الغربة والحنين في قصائدهم، خاصة خلال فترة نفيه إلى إسبانيا من قبل الاحتلال الإنجليزي (1914-1920). عكست تجربته في الغربة إحساسًا عميقًا بالاشتياق إلى الوطن، وأظهرت مشاعره الصادقة تجاه مصر، مبرزًا الحنين إلى نيلها، وأهلها، وطبيعتها الخلابة.

ملامح الغربة والحنين في شعر أحمد شوقي:

الوطن في القلب والوجدان
في غربته، لم يكن شوقي جسديًا بعيدًا عن وطنه فحسب، بل كان يعيش اغترابًا نفسيًا وشعوريًا عميقًا، مما انعكس في قصائده التي صورت مصر كالأم الحنون التي يشتاق إليها.
يقول في إحدى قصائده:
وطني لو شُغِلْتُ بالخلدِ عنهُ
نازعتني إليه في الخلد نفسي
التعبير عن الشوق واللوعة
كان شوقي يستخدم صورًا بلاغية قوية لتجسيد مشاعر الحنين، فيصور مصر وكأنها كائن حي يشعر بفقده، ويستخدم الطبيعة والطيور كرموز للاتصال بالوطن.
ومن أشهر أبياته التي تعكس هذا الحنين:
إلى مصرَ سلِّ الرِّيحَ عنها وعن نَسيمِها
فليسَ لِغَيري بَعدَها نَسيمُ
النيل رمز للوطن
النيل كان رمزًا أساسيًا في أشعاره، إذ يمثل لمصر الحياة والاستقرار، وكان أحمد شوقي يراه مصدرًا للأمل والانتماء.
يقول مخاطبًا النيل:
يا نيلُ قُل لِلشَّاطِئِ الوَجْدانِ
هَلْ تَذْكُرُ العَهْدَ الذِي كَانَ؟
الغربة كمصدر للإبداع
رغم مرارة الغربة، إلا أنها كانت دافعًا قويًا لشوقي لينتج أروع قصائده الوطنية، حيث حفَّزته مشاعر الحنين على التعبير بصدق وإحساس مرهف عن الوطن.

ما هو شعر الحنين والغربة؟

ما هو شعر الحنين والغربة؟
ما هو شعر الحنين والغربة؟

يقول أحمد شوقي في قصيدته التي عارضَ بها سينيّة البحتري:

اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي

اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي
وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ

صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ
عَصَفَت كَالصِبا اللَعوبِ وَمَرَّت

سِنَةً حُلوَةً وَلَذَّةُ خَلسِ
وَسَلا مِصرَ هَل سَلا القَلبُ عَنها

أَو أَسا جُرحَهُ الزَمانَ المُؤَسّي
كُلَّما مَرَّتِ اللَيالي عَلَيهِ

رَقَّ وَالعَهدُ في اللَيالي تُقَسّي
مُستَطارٌ إِذا البَواخِرُ رَنَّت

أَوَّلَ اللَيلِ أَو عَوَت بَعدَ جَرسِ
راهِبٌ في الضُلوعِ لِلسُفنِ فَطنُ

كُلَّما ثُرنَ شاعَهُنَّ بِنَقسِ
يا اِبنَةَ اليَمِّ ما أَبوكِ بَخيلٌ

ما لَهُ مولَعاً بِمَنعٍ وَحَبسِ
أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَو

حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ
كُلُّ دارٍ أَحَقُّ بِالأَهلِ إِلّا

في خَبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجسِ
نَفسي مِرجَلٌ وَقَلبي شِراعٌ

بِهِما في الدُموعِ سيري وَأَرسي
وَاِجعَلي وَجهَكِ الفَنارَ وَمَجرا

كِ يَدَ الثَغرِ بَينَ رَملٍ وَمَكسِ
وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ

نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي
وَهَفا بِالفُؤادِ في سَلسَبيلٍ

ظَمَأٌ لِلسَوادِ مِن عَينِ شَمسِ
شَهِدَ اللَهُ لَم يَغِب عَن جُفوني

شَخصُهُ ساعَةً وَلَم يَخلُ حِسّي
يُصبِحُ الفِكرُ وَالمَسَلَّةُ ناديـ

ـهِ وَبِالسَرحَةِ الزَكِيَّةِ يُمسي
وَكَأَنّي أَرى الجَزيرَةَ أَيكاً

نَغَمَت طَيرُهُ بِأَرخَمَ جَرسِ
هِيَ بَلقيسُ في الخَمائِلِ صَرحٌ

مِن عُبابٍ وَصاحَت غَيرُ نِكسِ
حَسبُها أَن تَكونَ لِلنيلِ عِرساً

قَبلَها لَم يُجَنَّ يَوماً بِعِرسِ
لَبِسَت بِالأَصيلِ حُلَّةَ وَشيٍ

بَينَ صَنعاءَ في الثِيابِ وَقَسِّ
قَدَّها النيلُ فَاِستَحَت فَتَوارَت

مِنهُ بِالجِسرِ بَينَ عُريٍ وَلُبسِ
وَأَرى النيلَ كَالعَقيقِ بَواديـ

ـهِ وَإِن كانَ كَوثَرَ المُتَحَسّي
اِبنُ ماءِ السَماءِ ذو المَوكِبِ الفَخمِ

الَّذي يَحسُرُ العُيونَ وَيُخسي
لا تَرى في رِكابِهِ غَيرَ مُثنٍ

بِخَميلٍ وَشاكِرٍ فَضلَ عُرسِ
وَأَرى الجيزَةَ الحَزينَةَ ثَكلى

لَم تُفِق بَعدُ مِن مَناحَةِ رَمسي
أَكثَرَت ضَجَّةَ السَواقي عَلَيهِ

وَسُؤالَ اليَراعِ عَنهُ بِهَمسِ
وَقِيامَ النَخيلِ ضَفَّرنَ شِعراً

وَتَجَرَّدنَ غَيرَ طَوقٍ وَسَلسِ
وَكَأَنَّ الأَهرامَ ميزانُ فِرعَو

نَ بِيَومٍ عَلى الجَبابِرِ نَحسِ
أَو قَناطيرُهُ تَأَنَّقَ فيها

أَلفُ جابٍ وَأَلفُ صاحِبِ مَكسِ
رَوعَةٌ في الضُحى مَلاعِبُ جِنٍّ

حينَ يَغشى الدُجى حِماها وَيُغسي
وَرَهينُ الرِمالِ أَفطَسُ إِلّا

أَنَّهُ صُنعُ جِنَّةٍ غَيرُ فُطسِ
تَتَجَلّى حَقيقَةُ الناسِ فيهِ

سَبُعُ الخَلقِ في أَساريرِ إِنسي
لَعِبَ الدَهرُ في ثَراهُ صَبِيّاً

وَاللَيالي كَواعِباً غَيرَ عُنسِ
رَكِبَت صُيَّدُ المَقاديرِ عَينَيهِ

لِنَقدٍ وَمَخلَبَيهِ لِفَرسِ
فَأَصابَت بِهِ المَمالِكَ كِسرى

وَهِرَقلاً وَالعَبقَرِيَّ الفَرَنسي
يا فُؤادي لِكُلِّ أَمرٍ قَرارٌ

فيهِ يَبدو وَيَنجَلي بَعدَ لَبسِ
عَقَلَت لُجَّةُ الأُمورِ عُقولاً

طالَت الحوتَ طولَ سَبحٍ وَغَسِّ
غَرِقَت حَيثُ لا يُصاحُ بِطافٍ

أَو غَريقٍ وَلا يُصاخُ لِحِسِّ
فَلَكٌ يَكسِفُ الشُموسَ نَهاراً

وَيَسومُ البُدورَ لَيلَةَ وَكسِ
وَمَواقيتُ لِلأُمورِ إِذا ما

بَلَغَتها الأُمورُ صارَت لِعَكسِ
دُوَلٌ كَالرِجالِ مُرتَهَناتٌ

بِقِيامٍ مِنَ الجُدودِ وَتَعسِ
وَلَيالٍ مِن كُلِّ ذاتِ سِوارٍ

لَطَمَت كُلَّ رَبِّ رومٍ وَفُرسِ
سَدَّدَت بِالهِلالِ قَوساً وَسَلَّت

خِنجَراً يَنفُذانِ مِن كُلِّ تُرسِ
حَكَمَت في القُرونِ خوفو وَدارا

وَعَفَت وائِلاً وَأَلوَت بِعَبسِ
أَينَ مَروانُ في المَشارِقِ عَرشٌ

أَمَوِيٌّ وَفي المَغارِبِ كُرسي
سَقِمَت شَمسُهُم فَرَدَّ عَلَيها

نورَها كُلُّ ثاقِبِ الرَأيِ نَطسِ

ما مناسبة قصيدة غربة وحنين؟

ما مناسبة قصيدة غربة وحنين؟
ما مناسبة قصيدة غربة وحنين؟

كتب أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة “غربة وحنين” أثناء نفيه إلى إسبانيا عام 1914م من قِبَل سلطات الاحتلال البريطاني بسبب تأييده للخلافة العثمانية ومعارضته للوجود الاستعماري في مصر.

ظروف النفي وتأثيرها على شوقي
تم نفي شوقي إلى الأندلس (إسبانيا) تحديدًا إلى مدينة برشلونة، حيث أمضى هناك نحو 5 سنوات (1914-1920) بعيدًا عن وطنه وأحبائه.
خلال هذه الفترة، شعر بشوقٍ وحنينٍ عظيمين إلى مصر، خاصةً إلى نيلها، شوارعها، وذكرياته الجميلة فيها.
عَبَّر في قصيدته عن ألمه النفسي العميق بسبب الغربة، وكيف أن مرور الوقت لم يُخفف من معاناته، بل زاد من شوقه لوطنه.
موضوع القصيدة
يسترجع فيها ذكرياته الجميلة في مصر، ويقارنها بوحدته في الغربة.
يعكس مشاعر الاشتياق الشديد لوطنه، ويؤكد أن القلب لا يستطيع أن ينسى الأرض التي نشأ فيها.
يستخدم الصور البلاغية لوصف نهر النيل ونسيم مصر، ما يجعل القصيدة مليئة بالمشاعر الحزينة والمؤثرة.
اقتباس من القصيدة
يقول شوقي فيها:

اختلافُ النهارِ والليلِ يُنْسِي
اذْكُرا لي الصِّبَا وأيَّامَ أُنْسِي

وسلا مصرَ هلْ سلا القَلْبُ عنها
أوْ أَسَا جُرْحَهُ الزَّمَانُ المُؤسِّي؟

كلَّما مَرَّتِ الليالي عليهِ
رقَّ والعهدُ في الليالي تقسي

عودة شوقي إلى مصر

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1919م، سُمِح له بالعودة إلى مصر، حيث استُقبِل بحفاوة، وعُرف منذ ذلك الحين بـ “أمير الشعراء”، وواصل كتابة الشعر الوطني والاجتماعي حتى وفاته عام 1932م.

ما هي خصائص شعر أحمد شوقي؟

ما هي خصائص شعر أحمد شوقي؟
ما هي خصائص شعر أحمد شوقي؟

يُعد أحمد شوقي (1868-1932) من أعظم شعراء العصر الحديث، ولقّب بـ “أمير الشعراء” بفضل إبداعه الشعري الذي جمع بين الأصالة والتجديد. تميز شعره بعدة خصائص جعلته علامة بارزة في الشعر العربي.

1. النزعة الوطنية وحب الوطن
تغنّى شوقي بمصر، وعبر عن حبه العميق لها، خاصة خلال نفيه إلى الأندلس.
مجَّد تاريخها، وأشاد بأبطالها، وعارض الاستعمار بشدة.
يقول في حب مصر:
وطني لو شُغِلْتُ بالخُلْدِ عنه
نازعتني إليه في الخُلْدِ نفسي
2. التأثر بالتراث العربي الكلاسيكي
سار على نهج الشعراء الكبار مثل المتنبي والبحتري.
التزم بالوزن والقافية وفق الشعر العمودي.
استخدم الألفاظ الفصيحة والأساليب البلاغية.
3. التجديد في الشعر
رغم التزامه بالشعر العمودي، إلا أنه أدخل مضامين جديدة مثل المسرحيات الشعرية، وهو أول من كتبها في الأدب العربي.
كتب الشعر التعليمي لنقل القيم والمعرفة بأسلوب شعري سلس.
4. الشعر الوجداني (الغربة والحنين)
تأثَّر شوقي بفترة نفيه إلى إسبانيا، مما جعله يعبر عن آلام الغربة والاشتياق للوطن.
يقول في قصيدة غربة وحنين:
وسلا مصر، هل سلا القلبُ عنها؟
أو أسَا جُرحَهُ الزمانُ المؤسِّي؟
5. المدح ولكن بأسلوب جديد
لم يكن مدحه تقليديًا كما في الشعر الجاهلي، بل كان مدحًا وطنيًا وقوميًا.
مدح النبي محمد ﷺ في رائعته نهج البردة:
وُلِدَ الهُدَى فَالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
6. الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والإصلاح
دعا إلى التعليم، العدالة، ومحاربة الظلم.
كتب عن القضايا الاجتماعية مثل حقوق الفقراء ومعاناة الشعب.
7. التصوير الفني والبديع
امتازت قصائده باستخدام الصور الشعرية المبهرة والتشبيهات الرائعة.
برع في استخدام التشخيص والاستعارة، مثل وصفه لمصر كأنها أم تبكي أبناءها في الغربة.



29 Views