نقدم لكم بحث عن الحضارة الاسلامية في الاندلس وماهي اهم معالم الحضارة الإسلامية في الأندلس.
الأندلس
الأندلس هو إسمٌ عربيّ أطلقهُ المُسلمون على القسم الأكبر من شبه الجزيرة الأيبيريَّة وسپتمانيا في جنوب فرنسا التي شكَّلت جُزءًا من الخِلافة الإسلاميَّة طيلة الفترة المُمتدَّة بين سنتيّ 92هـ و897هـ المُوافقة لما بين سنتيّ 711 و1492م. شكَّلت الأندلُس، كياناً سياسيّا، أو كيانات، ولاية تابعة لِلخِلافة الأُمويَّة في دمشق، ومن ثُمَّ مركز الإمارة الأُمويَّة في قُرطُبة (138هـ – 316هـ \ح. 750-929)، فالخِلافة الأُمويَّة في قُرطُبة (316هـ-422هـ \ 929-1031م)؛ وبعدها دُول مُلوك الطوائف. وفي القُرون اللاحقة، أصبحت الأندلُس تتبع دولتيّ المُرابطين والمُوحدين في المغرب،, قبل أن تتساقط أقاليمها الواحدة تلو الأُخرى في يد الممالك المسيحيَّة الشماليَّة، حتَّى لم يبقَ منها سوى مملكة غرناطة.
التأسيس
كانت بداية الدولة العربية الإسلامية على يد رسول الله محمد [ صلى الله عليه وسلم ] ببدأها من المدينة المنورة ثم السيطرة على مكة فالحجاز كله ثم تبعه السيطرة على الجزيرة العربية بأكملها، وبعد وفاة رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] خلفه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فثارت ثلاثة أرباع القبائل العربية وهو ما عرف بالمرتدين فقام أبو بكر الصديق بمحاربتهم بأكملهم حتى استقرت الجزيرة العربية على الحكم الإسلامي بشكل تام وبعدها خلفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قام بفتح بلاد الشام والعراق وبلاد فارس وفتح مصر حتى برقة ثم استئنفت الفتوحات خلال نشأة الدولة الأموية بعد الصلح الذي قام به سبط رسول الله الإمام الحسن بن علي أبي طالب وبعد إستشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب واجهت الدولة الأموية الكثير من الثورات أهمها ثورة التوابين وثورة المختار الثقفي وثورة عبد الله بن الزبير ولكن سرعان ماتم القضاء عليهم فبدأت الفتوحات بضم بلاد المغرب الأوسط ثم المغرب الأقصى ثم فتح الأندلس حتى وصل الجيش الأموي أقصى تواجده قبل مدينة باريس الفرنسية بـ 30 كم فقط لكنها حالت بإيقاف النفوذ الإسلامي فحصرت في بلاد الأندلس وكذلك تم فتح عدة أماكن في آسيا الوسطى كـ سمرقند وبخارى وبلاد السند أي باكستان اليوم تقريباً حتى أصبحت أكبر دولة في التاريخ الإسلامي حيث امتدت من حدود الصين وحتى جنوب فرنسا و إسبانيا أو الأندلس غرباً وبعد معركة الزاب الذي قام به العباسيين ضد الأمويين توقفت الفتوحات الإسلامية ولم يفتحوا إلا قونية في تركيا اليوم وكشمير وبعض الأماكن الأخرى لكن سرعان ما أفلت الدولة وتمزقت الوحدة الإسلامية وأصبحت هناك العديد من الممالك مما أدى لنشوء الحملات الصليبية واستمرت الدول الإسلامية في ضعف حتى قام العثمانيين بعد فتح القسطنطينية التي بشر بها رسول الله محمد [ صلى الله عليه وسلم ] توسعت الأراضي إلى أوروبا الجنوبية وقاموا بتوحيد الكثير من الأماكن العربية والإسلامية المهمة واستمرت 4 إلى 5 قرون تحكم العالم الإسلامي ولكنها كانت تتعرض لضغوط خارجية من الدول الأوروبية التي لها مصلحة لاحقاً كـ فرنسا وبريطانيا وبعد سقوط الدولة العثمانية عام 1923 م بدأ التوسع الأوربي في البلاد الإسلامية.
الحضارة الإسلامية في الأندلس
حملت الأندلس رسالة خالدة في صدر العصر الإسلامي لما لها من تأثير كبير على مختلف أرجاء أوروبا والممالك القريبة منها، فخضعت الأندلس لحكم المسلمين لمدة تقارب 800 سنة تقريبًا، وما زالت بعض مناطق جنوب إسبانيا تحمل تسمية الأندلس بالرغم من قيام دولة إسبانيا الحديثة، هذا وحافظت مباني الأندلس على الطراز الإسلامي الذي حظيت به منذ قيام الحضارة الإسلامية في الأندلس، ويعد قدوم الفتوحات الإسلامية إلى الأندلس بمثابة حركة إنقاذ لها من الظلام الذي كانت تعيشه قبل ذلك، فأحدث المسلمين فيها تغييرًا ملحوظًا لتصبح جنة الله على الأرض بعد أن كانت أراضٍ قاحلة مهجورة، وليس ذلك فحسب بل أنها أصبحت أيضًا موطنًا للعلم والعلماء ليتوافد طلبة العلم إلى قرطبة في فترة حكم الدولة الأموية لطلب العلم، وبالتالي فإنه من الملاحظ أن قيام الحضارة الإسلامية في الأندلس اعتبر مزجًا حقيقيًا لمختلف الثقافات لتصبح متعايشة فيما بينها.
أهم معالم الحضارة الإسلامية في الأندلس
ظهر أثر النعيم الذي عاشته الأندلس في حضرة الإسلام بشكل جلّي بالمعالم التي انفردت فيها لتبرهن أن المسلمين مروا من هنا ومنحوها وزنًا وازدهارًا وتقدمًا غير مسبوق، وتاليًا أهم المعالم الإسلامية في الأندلس التي أصبحت مع الزمن مزارات سياحية يتوافد إليها السياح من كل أنحاء العالم:
كاتدرائية جامع قرطبة، تعتبر نموذجًا لانسجام وامتزاج الفن الإسلامي والمسيحي فيها.
قصر الحمراء في غرناطة، تظهر اللمسة الإسلامية بشكل جلي بالزخارف والكتابات القرآنية والأدعية على الجدران.
مسجد الأندلس في مالقا، ويدرج ضمن قائمة أكبر المساجد على مستوى أوروبا.
القصبات الأندلسية، وهي عبارة عن ثكنات للعسكر من الأصول الأمازيغية.
جنة العريف في غرناطة، وكانت مرتعًا للاستجمام والتنزه من قِبل الملوك.
تاريخ الحضارة الإسلامية في الأندلس
بدأ دخول الإسلام إلى الأندلس بالتزامن مع الفتوحات التي وصلتها سنة 92هـ على يد القائد العظيم طارق بن زياد -رحمه الله-، ثم تلاه القائد الفَذّ موسى بن نصير -رحمه الله- في العام التالي على التوالي، وعاشت المنطقة خلال الفترة الأولى ما بين 92-138هـ حالة من عدم الاستقرار نظرًا لعدم التفات الولاة إلى المنطقة وانشغالهم بحل الخلافات بينهم، فوصلها صقر قريش القائد المسلم عبد الرحمن الداخل -رحمه الله- ليقيم أساسات الدولة الأموية هناك منذ عام 138-422هـ، ومن هنا بدأت رحلة الازدهار والتقدم في الأندلس.
مظاهر الحضارة الإسلامية في الأندلس
المجتمع المتسامح
ضم المجتمع الأندلسي العديد من الفئات المجتمعية المختلفة، والديانات المتعددة، والتي استطاعت أن تتآلف فيما بينها، وتتجمع لتحقيق مصلحتها العليا، فكانت بذلك مضرباً للمثل في التسامح، والتعايش المشترك المبني على المودة، والاحترام، والتراحم.
ازدهار العلوم والثقافة والفنون
من أبرز ما يميز حضارة العرب والمسلمين في الأندلس ذلك الولع الشديد بالعلوم، والنواحي الثقافية، حيث استطاع العرب هناك إنشاء العديد من المدارس، والأماكن الثقافية المختلفة وعلى رأسها المكتبات، إلى جانب ذلك فقد اهتم العرب والمسلمون بإثراء حركة الترجمة، وذلك من خلال إقبالهم الشديد على ترجمة الكتب من شتى أنواع الحقول والمعارف، ومن ناحية أخرى، فقد اهتم أسلافنا في الأندلس بدراسة العلوم المختلفة، كالرياضيات، والعلوم الطبيعية، والطب، والكيمياء، والفلسفة، والدين، وما إلى ذلك من حقول العلم والمعرفة، حتّى برز من الأندلس العديد من العلماء والمفكرين الذين لا تزال أسماؤهم ساطعة حتّى يومنا هذا كلٌّ في حقله، ومجال شهرته.
الازدهار الاقتصادي
ازدهرت القطاعات الاقتصادية بشكلٍ كبير خلال فترة الوجود العربي الإسلامي في أرض الأندلس، وعلى رأس هذه القطاعات: قطاعي التجارة، والصناعة، حيث كان الأندلسيون في ذلك الوقت يصدرون أنواع المنتجات المختلفة، كمنتجات مصانع الأسلحة، والمناجم، والمنسوجات، إلى جانب ذلك فقد ازدهر أيضاً قطاع الزراعة في أرض الأندلس، خاصة زراعة بعض أنواع المحاصيل، كالأرز، والموز، والقطن، وقصب السكر. وقد ضمَّت أرض الأندلس الموانئ البحرية المختلفة التي استطاعت ربط هذه الأرض العظيمة، بالعديد من مناطق العالم في ذلك الوقت.
الازدهار العمراني
من أبرز مقومات المدن الأندلسية خلال فترة الوجود الإسلامي فيها، ازدهار حركة العمران، ممّا جعل المدن الأندلسية مقصداً هاماً لكافة الناس الذين كانوا يتوافدون إليها بشكل مستمر؛ لاحتوائها على العديد من المرافق الحيوية، والخدمات الهامة، ومن هنا فقد ضمت المدن الأندلسية الفنادق، والمساجد، والمشاتي، والمستشفيات، والطرق المعبدة، والجسور، والبيوت الرائعة، والقصور الفخمة، والحدائق الغنَّاء، ولا تزال أطلال العرب والمسلمين الأندلسيين ماثلة حتّى يومنا هذا، تستقطب أعداداً كبيرة من السياح من شتى بقاع العالم.