خصائص الخطابة في العصر الإسلامي

كتابة حسن الشهري - تاريخ الكتابة: 10 يونيو, 2022 5:31
خصائص الخطابة في العصر الإسلامي

خصائص الخطابة في العصر الإسلامي وكذلك أهمية الخطابة في الإسلام، كما سنقدم تاريخ الخطابة، وكذلك سنوضح نماذج من الخطابة في العصر الجاهلي، وكل هذا من خلال مقالنا هذا تابعوا معنا.

خصائص الخطابة في العصر الإسلامي

– بروز الطّابع الدّينيّ، حيث استخدم الخطباء المسلمون ألفاظ القرآن الكريم واستدلّوا بآياته، وقلّلوا من جودة الخطبة الخالية من القرآن الكريم وقيمتها، كما أطلقوا على الخطبة الخالية من القرآن اسم الشّوهاء، والدّليل على ذلك قول عمر بن الخطاب عن خطبة زياد: (ظننتُ أنّه لم أقصر فيها عن غاية ولم أدع لطاعن علّة، فمررتُ بعض المجالس فسمعت شيخاً يقول: هذا الفتى أخطب العرب لو كان في خطبته شيء من القرآن).
– التقليل من استخدام السّجع الذي كان يبرز بشكل كبير في خطب الجاهليّة، وخاصّةً سجع الكهّان الذي كان يدّعي صاحبه التنبّؤ بالمستقبل ومعرفة الغيب، باستخدام ألفاظ غامضة وغريبة وذات جرس إيحائيّ، والجدير ذكره أنّ الرسول عليه السّلام نهى عن استخدام هذا النوع من السّجع، ولكنّ هذا لا يعني أنّ خطب العصر الإسلاميّ خلت من السجع، فقد استُخدم السجع بشكلٍ واضح في الخطب المُلقاة أمام الأمراء والرّؤساء، وأُطلق على هذا النوع من السجعِ السّجعُ الممقوت.
– وحدة الموضوع والفكر، وكانت الخطب تفتقر إلى هذه الخاصّيّة قبل الدعوة الإسلامية.
– وضوح الأفكار وجزالتها وسلاستها، كما أنّ الألفاظ كانت فصيحة، واتّسمت الفقرات بقصرها وتناسق فواصلها.
– اندثار المنافرات والمفاخرات القديمة؛ وذلك لأنّ الإسلام حاول إمالة هذه الأفكار بالدّعوة إلى الوحدة.
– الإيجاز مع البلاغة؛ فقد حثّ الرسول عليه الصّلاة والسّلام على تقصير خطبة الجمعة، وحثّ أبو بكر الصّديق أحد قادته على تقصير خطبه لجنوده حتى لا ينسوا كلامه ومواعظه لهم، ولكنّ هذا لا يعني خلوّ العصر الإسلاميّ من الخطب الطويلة وخاصّةً في الأمور السياسية، واعتمد طول الخطبة أو قصرها على زمان الخطبة وموضوعها.
– إيراد بعض الأمثال والحكم وأبيات الشّعر، وذلك جرياً على فطرتهم وطَبعهم في تَنسيق الكلام وترويقه.
– البدء بالبسملة وحمد الله والصّلاة على رسول الله، ثمّ كلمة أمّا بعد، ثمّ انتقال الخطيب إلى الموضوع الرئيسي من الخطبة، وإنهاء خطبته بالسلام، ونادراً ما نجد خطبةً تخلو من هذه البداية، حيث إنّ الخطبة التي تخلو من هذه البداية تُسمّى البتراء.

أهمية الخطابة في الإسلام

1- شعيرة من شعائر الإسلام:
فقد سنَّها النَّبي محمَّد -صلَّى الله عليه وسلَّم-، واستمرَّ بها الخلفاء الرَّاشدون من بعده، وحملها المسلمون من بعدهم لما فيها من ذكر الله وتعظيمٍ لشعائر الإسلام.
2- تلبية الحاجات الدِّينية والسِّياسيَّة:
كانت الخطب طقسًا دينيًّا اقترن في الجمع والأعياد وتناول معاني الوعظ والإرشاد، كما كان للخطب دور في فضّ النِّزاعات وتهدئة الفتن وشنّ الحروب.
3- وسيلة لنشر الإسلام:
حيث اتخذها الخلفاء الرَّاشدون وأولو الأمر من بعدهم لتبيلغ رسالة الإسلام وتثبيت دولته، فقد كانت بالنِّسبة إليهم مظهرًا من مظاهر الحياة المتحرِّكة في الإسلام مما يجعله ينتقل من قلبٍ إلى قلب ومن فكرٍ إلى آخر.

تاريخ الخطابة

يأتي تاريخ الخطابة كأقدم فن أدبي موجود، حيث إنه جاء منذ عصور الجاهلية حتى وقتنا هذا، وكان هذا الفن يسبق فن الشعر، ويعتبر خطباء اليونانيون أوائل من استخدم فن الخطابة قام المؤرخ والأديب أرسطو بدراسة فن الخطابة وكتب عنه العديد من الكتابات في هذا العصر، وتم تطور الخطابة لتدخل في بعض المجالات القضائية والاستشارية وغيرها من المجالات التي تحتاج إلى إقناع جموع الجمهور. وقام الخطباء في العصر الجاهلي باستخدام السجع بصورة كبيرة، حيث أن كان من الخطباء عرافين وكهنة، ثم جاء بعد ذلك العصر الإسلامي وقام بإضافة صيغة جديدة للخطاب، حيث تطور الخطاب في العصر الإسلامي بتواجد آيات القرآن الكريم بصورة كبيرة إضافة لزيادة خطب الوعي والحث على الجهاد ومناصرة الإسلام، واختفى الخطاب الذي يحتوي على السجع وتطور فن الخطابة إلى وصل إلى عصرنا هذا بإدخال بعض المصطلحات الجديدة على اللغة، وتميز باللغة العامية وقصر الجمل وعدم وجود السجع إضافة لتوع أهدافه العامة نحو العديد من المجالات والمواضيع المطروحة على أرض الواقع.

نماذج من الخطابة في العصر الجاهلي

1- خطبة قس بن ساعدة في سوق عكاظ:
تعد تلك الخطبة أفصح خطب العرب، وفيها يقول قس:”أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَات، وَمَنْ مَاتَ فَات، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت.. مطر ونبات وأرزاق وأقوات وآباء وأمهات وأحياء وأموات جمع وأشتات، لَيْلٌ دَاج، وَنَهَارٌ سَاْج، وَسَماءٌ ذَاتُ أبْرَاجٍ، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ومهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تَمور، وبحار لا تغور، وَنُجُومٌ تَزْهَر، وَبِحَارٌ تَزْخَر..”
2- خطبة هانئ بن قبيصة الشَّيبانيّ يحرِّضُ قومه يوم ذي قار:
“يا معشرَ بكرٍ, هالكٌ معذورٌ خيرٌ من ناجٍ فرورٍ, إنّ الحذرَ لا يُنجِي من القَدَرِ, وإنّ الصّبرَ من أسبابِ الظّفَرِ, المنيّةُ ولا الدّنيّةُ, استقبالُ الموتِ خيرٌ من استدبارِه, الطّعنُ في ثُغَرِ النّحورِ أكرمُ منه في الأعجازِ والظّهورِ, يا آلَ بكرٍ قاتلوا فما للمنايا من بدٍّ”.
3- خطبة كعب بن لؤيّ لقومه يوم الجمعة:
كان كعب بن لؤيّ يجمع قومه يوم الجمعة، وكانت قريش تُسميه العَرُوبَة فيخطبهم، فيقول: “أمّا بعد: فاسمعوا وتعلموا، وافهموا واعلموا، ليل ساج، ونهار ضاح، والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام، والأولون كالآخرين، والأنثى والذكر، والروح وما يهيج إلي بِلي، فصلوا أرحامكم، واحفظوا أصهاركم، وثمّروا أموالكم، فهل رأيتم من هالك رجع؟ أو ميت نُشر؟ الدار أمامكم، والظن غير ما تقولون، حَرَمُكم زيِّنوه وعظِّموه”.



408 Views