شخصيات سياسية عربية مشهورة

كتابة fouad ibrahim - تاريخ الكتابة: 14 مارس, 2019 2:42
شخصيات سياسية عربية مشهورة

شخصيات سياسية عربية مشهورة سنتعرف فى هذا الموضوع على شخصيات سياسية عربية مشهورة كان لها مواقف عديدة فى الحركة السياسية واثرت على المجتمع بمواقفها.

ياسر عرفات


ياسر عرفات أو أبو عمار هو أحد زعماء المقاومة الفلسطينية وواحد من ألد أعداء الكيان الصهيوني. الشعب الفلسطيني ينظر له بصفته والد لكل الفلسطينيين لا بصفته زعيم سياسي، ذلك نتاج طبيعه لما بذله من جهد في سبيل الارتقاء بوطنه واسترداد حقه المسلوب، سواء بصفته مقاتل أو بصفته سياسي وقائد دولة.
ياسر عرفات هو أحد الاسماء البارزة في تاريخ النضال الفلسطيني، فهو صاحب التاريخ النضالي الطويل والمشرف، فترى كيف كانت مسيرته؟ وما الإنجازات التي حققها كزعيم لحركة المقاومة وكقائد سياسي للدولة الفلسطينية؟
مرحلة الطفولة :
في الرابع والعشرين من أغسطس لعام 1929م وُلِد ياسر عرفات ،وكان ذلك في العاصمة المصرية القاهرة حيث كانت تقيم عائلته في ذلك الوقت. هو الابن السادس من أصل سبعة ابناء للفلسطيني عبد الرءوف عرفات الحسيني والذي كان يعمل بتجارة الأقمشة بمنطقة السكاكيني، أما والدته فهي السيدة زهوة أبو السعود والتي توفيت وهو في الرابعة من عمره تقريباً، ويُشاع إن علاقة ياسر عرفات بوالده لم تكن جيدة، حتى إنه ورد ببعض المصادر إنه لم يزره منذ أن انتقل للعيش بمدينة القدس لدى أقارب والدته، كما إنه لم يحضر جنازته في عام 1952م.
دراسة العدو :
كان عرفات طوال حياته مهتم بالقضية الفلسطينية خاصة والقضايا السياسية بصفة عامة، وقد أدرك في وقت مبكر جداً إنه قد وُلِد ليخدم وطنه وقضيته القومية، ولهذا كان دائم التردد على أحياء اليهود في القاهرة، والمفارقة الغريبة إنه تعرف في صباه على موشى ديان الذي كان يقيم بمصر في ذات الوقت، والذي صار فيما بعد أحد أبرز القادة العسكريين الإسرائيليين. كذلك عكف عرفات على قراءة كتب الصهاينة وعلى رأسها كتابات تيودور هرتزل. ويبرر عرفات هذه التصرفات التي تبدو غريبة بإنه كان يحاول التقرب من عدوه ليفهم عقليته وأسلوب تفكيره.
يقول عرفات إنه قد شعر بسعادة غامرة حين تم استدعاؤه من قبل القوات المسلحة المصرية للتجنيد أثناء العدوان الثلاثي على مصر ضمن الوحدة العسكرية الفلسطينية، إذ شعر بإنه أخيراً قد جاءته الفرصة ليقف أمام عدوه، إلا إن آماله لم تتحق إذ إنه بقي ضمن قوات الاحتياط ولم يشارك في المعارك بصورة فعلية.
تأسيس حركة فتح :
نتيجة للعدوان الثلاثي على مصر قررت الأمم المتحدة بموافقة جمال عبد الناصر بوضع قوات طوارئ دولية على الحدود بين غزة وسيناء، وكان هذا سبباً لخروج جموع الفدائيين وحركات الجهاد غير النظامية من تلك المنطقة ومن بين ياسر عرفات ،الذي توجه إلى دولة الكويت وبها بدأ تكوين مجموعات من رفاقه الفلسطينيين، وكانت تلك المجموعات هي النواة الأولى لحركة فتح، وكان ذلك خلال الفترة ما بين 1958م : 1960م.
معركة الكرامة :
ذاع صيت ياسر عرفات كأحد أبرز قيادة المقاومة الفلسطينية ورموزها في أعقاب معركة الكرامة، والتي سُميت بهذا الاسم نسبة إلى موقعها، حيث كانت حركة فتح قد اتخذت من قرية الكرامة معسكراً لها بموافقة السلطات الأردنية، وفي الحادي والعشرين من مارس عام 1968م حشد جيش الاحتلال الإسرائيلي قواته وهاجم تلك القرية بالأسلحة الثقيلة والطائرات، إلا إن ياسر عرفات ورجال فتح ثبتوا في مواقعهم وقاتلوا بضراوة، واضطر الجيش الأردني للتدخل حماية لحدوده فأجبر القوات الإسرائيلية على الانسحاب تفادياً للدخول في معركة حقيقية مع جيش نظامي.
الضحايا من الجانب العربي كانوا أكثر عدداً من قتلى الجنود الصهاينة، فقد استشهد 150 من عناصر حركة فتح في معركة الكرامة بجانب 20 جندي أردني، بينما لم يلقى حتفه من الجانب الإسرائيلي سوى 28 جندياً فقط، لكن إجبار إسرائيل التي جاءت بكامل قوتها على الانسحاب جعل الفلسطينيون يعدون ذلك نصراً.
صوفي أبو طالب


صوفي أبو طالب واسمه بالكامل صوفي حسن أبو طالب وُلِد في السابع والعشرين من يناير 1925م، في مركز طامية الذي يتبع إدارياً محافظة الفيوم الواقعة -آنذاك- ضمن حدود المملكة المصرية، وهو ينتمي إلى عائلة أبو طالب العريقة ذائعة الصيت خاصة في محافظة الفيوم وما يحيطها، حيث أن أغلب أفرادها كانوا ينتمون لطبقة الأعيان كما خرج منها العديد من الشخصيات المؤثرة في مختلف المجالات، وهو شقيق الدكتور حامد أبو طالب.
التعليم :
تنَقل صوفي أبو طالب بين مراحل التعليم المختلفة داخل مدارس -مسقط رأسه- محافظة الفيوم، وقد عُرف عنه التفوق العلمي طوال سنوات دراسته، وبعدما أنهى دراسته في المرحلة الثانوية قرر الانضمام إلى مدرسة الحقانية (كلية الحقوق) بجامعة فؤاد الأول والمعروفة حالياً باسم جامعة القاهرة، مع الإشارة إلى أن كلية الحقوق في تلك الفترة كانت من كلية القمة ولا تستقبل إلا الطلبة المتفوقون دراسياً، وقد تخرج منها صوفي أبو طالب في عام 1946م.
البعثات الدراسية :
لم يكتف صوفي أبو طالب بدرجة دبلوم القانون التي حصل عليها من الجامعة المصرية، خاصة وأن تقديراته الجامعية كانت تؤهله للانضمام إلى البعثات التي تنظما الجامعة، وبالفعل سافر في عام 1948م ضمن بعثة تعليمية وبعد عام واحد تمكن من اجتياز الاختبارات والحصول على دبلومة في تاريخ القانون والقانون الروماني من جامعة باريس، وبالعام التالي -أي عام 1950م- حصل على دبلومة في القانون الخاص من نفس الجامعة.
نال صوفي أبو طالب درجة الدكتوراه في القانون من جامعة باريس في عام 1957م، وقد فاز موضوع الرسالة المقدم منه بجائزة أفضل رسالة دكتوراه من الجامعة ذاتها، ثم انتقل بعد ذلك إلى إيطاليا حيث التحق بالبرامج التعليمية في جامعة روما وحصل على درجة الدبلوم في دراسات قوانين البحر المتوسط.
حياته النيابية :
بدأ صوفي أبو طالب مسيرته السياسية في عام 1976م حين ترشح لعضوية مجلس النواب عن دائرة طامية بمحافظة الفيوم، وقد فاز بالفعل بمقعد الدائرة ضمن المجلس، وبعد عامين -أي في 1978م- تولى منصب رئيس مجلس الشعب كما كان رئيساً لإحدى لجان المجلس الفرعية وهي لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية.
صوفي أبو طالب رئيساً لمصر :
تولى صوفي أبو طالب منصب الرئاسة في مصر ابتداءً من السادس من أكتوبر 1981م، أي في أعقاب حادث اغتيال السادات، وقد جاء تعيينه في المنصب بصورة نيابية مؤقتة بموجب منصبه كرئيس لمجلس النواب؛ حيث أن الدستور المصري ينص على يتولى رئيس مجلس الشعب مهام رئيس الجمهورية ويؤدي دوره في حالة خلو المنصب بسبب وفاة الرئيس.
تمكن صوفي أبو طالب من العبور بمصر إلى بر الأمان في تلك الفترة الحرجة في أعقاب اغتيال رئيسها، وتمكن من التصدي إلى تداعيات الحادث والسيطرة على الأوضاع الداخلية في البلاد، إلى أن انتقلت السلطة إلى رئيس الجمهورية التالي محمد حسني مبارك، وبذلك عاد صوفي لمنصبه الأول كرئيس لمجلس الشعب واستمر به حتى عام 1983م.
أنور السادات


من الخطأ القول بأن تاريخ أنور السادات السياسي يقتصر على فترة توليه الرئاسة، بل إنه يعود لقبل ذلك بكثير، فتاريخه كمناضل لا يقل أهمية عن تاريخ كرئيس للجمهورية، بل ربما يكون أكثر أهمية، والتعرف على ذلك لا يتسنى إلا باستعراض سيرته الذاتية ومسيرته نحو كرسي الرئيس.
الميلاد والأسرة :
وُلِد محمد أنور السادات في الخامس والعشرين من ديسمبر لسنة 1918م، وكان ذلك في قرية ميت أبو الكوم التابعة لمحافظة المنوفية في مصر، والسادات هو صاحب أصول مصرية سودانية، فأبوه مصري من المنوفية أما والدته ست البرين فهي نصف مصرية نصف سودانية، كان والده قد التقي بها في بلدة دنقلا السودانية أثناء عمله هناك برفقة البعثة الطبية المصرية، وقد تأثر أنور السادات بشكل كبير بشخصيتين نسائيتين، هما والدته ست البرين وجدته، وكان يقول دوماً إنهما أصحاب الفضل الأول عليه، وإنهما أول من ساهم في تشكيل وعيه وتكوين شخصيته.
التعليم :
في زمن مصر الملكية لم يكن هناك اهتمام كبير من جانب الدولة بقطاع التعليم، وبالأخص في مصر العليا والمناطق الريفية، فكانت نسبة قليلة من ابناء الطبقات الدنيا يحظون بفرصة التعليم، والنسبة الأكبر من هذه النسبة القليلة -في الأصل- لا يتمون تعليمهم، ولكن أسرة أنور السادات أدركت أهمية التعليم، وأيقنت من أنه ما سيصنع الفارق في حياة ابنهم ويخلق له مكانة بالمجتمع، فأرسلوه في أول الأمر إلى كتاب قرية ميت أبو الكوم بالمنوفية، فتعلم هناك مبادئ الحساب والقراءة وحفظ جزء من القرآن، ثم فيما بعد ألتحق بمدرسة الأقباط بمركز طوخ، واستمر السادات في التنقل بين المراحل التعليمية المختلفة، إلى أن التحق في النهاية بصفوف الكلية الحربية، والتي تخرج منها في عام 1938م وعُين بمدينة منقباد في جنوب مصر كضابط برتبة ملازم ثان.
نضاله واعتقاله :
النشاط السياسي كانت مزاولته محظورة على العسكريين المصريين، ورغم علم أنور السادات بذلك إلا إنه لم يستطع كبح جماح وطنيته، فقد كان مهموماً بقضايا وطنه الذي التحق في الأساس بالسلك العسكري ليدافع عنه، فقد كان لديه شعور بالخزي ناتج عن احتلال وطنه من قبل قوات بريطانيا، وما يزيد هذا الشعور مرارة هي رؤيته لساسة بلاده يمنحون هذا الاحتلال شرعيته ويرسخون وجوده، وكان لديه شبه قناعة بإن بداية التخلص من الإنجليز هي التخلص من عائلة محمد علي باشا الحاكمة لمصر، وكان نشاط السادات السياسي وكفاحه ضد الإنجليز سبباً في طرده من الجيش، بل والأدهى من ذلك إنه تم اعتقاله عدة مرات من قبل ضباط القلم السياسي، وداخل المُعتقل تعرض لكافة أشكال التعذيب البدني والنفسي، وعلى الرغم من إن تجربة الاعتقال والسجن كانت بالغة القسوة، إلا إنها لم تزده إلا صلابة وإصراراً، وقد تمكن من الهرب من المعتقل ولجأ إلى صديقه حسن عزت، الذي ساعده على الاختباء من أعين الإنجليز ومعاونيهم، ووفر له فرصة عمل كتبّاع على سيارات نقل البضائع، وبقي على هذا الحال إلى أن ألغيت الأحكام العرفية وبالتبعية ألغي قرار اعتقاله.
العودة إلى صفوف الجيش :
عُرف عن أنور السادات إنه خطيباً بارعاً متمكناً من أدوات اللغة العربية، ولذلك فبعد ألغاء الأحكام العرفية وإسقاط التهم الملفقة إليه من قبل الإنجليز، تمكن من الحصول على وظيفة بمجلة المصور كمراجع لغوي، كما شغل العديد من الوظائف بمجال الأعمال الحرة مع صديقه حسن عزت، وكانت عودته إلى صفوف الجيش شبه ميئوس منها، ولكن علاقة الصداقة القديمة التي تربطه بالدكتور حسن رشاد طبيب الملك فاروق الخاص حققت حلمه، إذ توسط حسن رشاد له لدى قيادات الجيش وتمكن من إعادته إلى صفوفه مرة أخرى وكان ذلك في عام 1950م.
من الثورة إلى الرئاسة :
كل المتاعب والمآسي التي مر بها أنور السادات لم تثنيه عن موقفه، فغلب حب الوطن في قلبه على خوفه، وقرر المغامرة بحياته ومستقبله كضابط بالجيش للمرة الألف، وفور إعادته إلى صفوف الجيش النظامي انضم إلى التنظيم السري الذي أسسه ضباط الجيش، والذي عُرِف في وقت لاحق باسم تنظيم الضباط الأحرار، وكان من السادات من أبرز وأخلص أعضاء هذا التنظيم، وشاركهم ثورة يوليو التي أطاحت بنظام الملك فاروق الأول، وأسند له قادة التنظيم مهمة إلقاء بيان الثورة الأول وإذاعة نبأ تنازل فاروق الأول عن العرش، ثم تولى منصب وزير الدولة في عام 1954م، ضمن أول حكومة تتشكل بعد ثورة يوليو والتي عُرفت باسم حكومة الثورة، ثم انتخب عضواً بمجلس الأمة ثم تولى رئاسته، وتدرج في المناصب حتى اختاره جمال عبد الناصر ليكون نائباً له في عام 1969م، وبعد رحيل عبد الناصر تولى هو رئاسة البلاد.
سعد زغلول


سعد زغلول هو أحد أبرز الشخصيات في التاريخ المصري والعربي، هو الزعيم الذي واجه ببسالة وبأشكال عديدة جبروت الاستعمار الإنجليزي، ويشتهر بكونه قائد ثورة 1919 المنادية باستقلال مصر، وتاريخ سعد زغلول النضالي تقريباً معروف للجميع، منذ أن شارك في تكوين الوفد المصري وطالب بالسفر للخارج لعرض قضية مصر، ووصولاً لرئاسته لمجلس الوزراء بعد تأسيسه حزب الوفد.. باختصار نحن نعرف شخصية الزعيم سعد زغلول ،ولكن السؤال هو كيف صار زعيماً؟ وكيف كانت حياته الشخصية بعيداً عن المعارك النضالية ضد الاستعمار؟
سعد زغلول من بين جميع المناضلين والساسة انفرد بلقب زعيم الأمة، فكيف صار زعيماً؟.. كيف نشأ؟ وكيف تكونت أفكاره وشخصيته؟ وبمن تأثر قبل أن يُحدث هو التأثير؟
الميلاد مكاناً وزماناً :
كتب القدر على سعد زغلول أن يكون مصرياً حتى النخاع، هذا يبين من الموقع الذي شاء القدر أن يولد به وكذا توقيت ميلاده. فقد شهدت ميلاد هذا الزعيم المصري قرية صغيرة تدعى قرية إبيانة، كانت تتبع آنذاك مركز فوة وحالياً مركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، وكان الريف المصري آنذاك لا يزال متماسكاً ومتمسكاً بالعادات والتقاليد الأصيلة، ولم تتأثر مجتمعاتها بالثقفات الأجنبية الدخيلة كما هو حال الحضر، أما توقيت ميلاد سعد زغلول فقد اختلف حوله المؤرخون، فقيل إنه في يوليو 1857م وقيل إنه يوليو 1858م وبينما الثابت بالأوراق فهو يونيو 1860م، وتلك التواريخ جميعها –أيا كان الصحيح منها- تثبت شئ واحد، وهو إنه سعد قد وُلِد في ظل الصراع المشتعل بين المصريين والمستعمر الإنجليزي.
التعليم :
كان سعد زغلول محباً للعلم والمعرفة بفطرته، وهو ما ساهم في تشكيل وعيه السياسي في وقت مبكر جداً من عمره، فقد كان يخوض في الأحاديث والمناقشات السياسية كإنه من البالغين، وهو أيضاً ما كفل له التفوق خلال مراحل دراسته المختلفة، والتي بدأت في الكتاب البسيط بقريته، والتي تعلم فيه مبادئ الحساب والقراءة بجانب حفظ القرآن الكريم، وقد أدرك خاله مدى براعته في التلاوة، فأحلقه في 1870م بالجامع الدسوقي ليُتقن تجويد القرآن، ثم بعد ذلك بثلاثة أعوام أرسله إلى الجامع الأزهر لتلقي علوم الدين، ثم في النهاية التحق بكلية الحقوق، وحصل على درجة الليسانس في عام 1897م.
مجالس الإمام محمد عبده :
عند الحديث عن تعليم سعد زغلول وكيفية تشكيل وعيه وثقافته، فلا يمكن الاكتفاء بذكر مراحل التعليم الأكاديمية، بل إن الفضل في ذلك يعود أيضاً إلى الإمام محمد عبده، والذي كان يحرص سعد على التواجد بحلقات علمه باستمرار، وقد لمس الإمام فيه موهبة وفطنة وذكاءً فقربه منه، وكان يعده بمثابة صديق له على الرغم من الفارق العمري بينهما والمُقدَّر بعشر سنوات كاملة، وكان للإمام محمد عبده بالغ الآثر في شخصية سعد زغلول ،فقد شب بين يديه وتعلم منه الوطنية والانتماء والدفاع عن الوطن، وكذا علمه فن الخطابة والإلقاء، وفي مجلس الإمام محمد عبده التقى سعد بالعديد من الشباب المثقف، والذين صاروا فيما بعد رفاق رحلته النضالية، ومن أبرز هؤلاء صديقة المقرب قاسم أمين.
دور السيدة صفية زغلول :
كل إمرئ عظيم خلفه امرأة عظيمة تدعمه في مشواره وتحثه على المضي قدماً للأمام، ولكن يمكننا القول بثقة تامة إن السيدة صفية زغلول هي أعظم النساء، فهي لم تكتف بحث سعد زغلول على مواصلة مشواره أو دعم نضاله ضد المستعمر البريطاني، بل إنها ذهبت معه إلى قلبة حلقة النيران، وشاركته نضاله بما هو أكثر من الدعم والحث والتشجيع، فقد قادت تظاهرات النساء في ثورة 1919، وكانت تلقي الخطب كي تلهب حماس الجماهير وتحثهم على الثورة ضد الاحتلال، فصحيح إن سعد قد نفي مرتين خارج البلاد، لكنه في كلا المرتين لم يغادرها سوى بجسده فقط، فقد كان يترك في أرض الوطن روحه متجسدة في نسخة أنثوية منه هي السيدة صفية زغلول، حتى إن الشعب المصري قد احتفى بها فلقبها بـ”أم المصريين”.. وصفية زغلول اسمها الحقيقي صفية مصطفى فهمي باشا، والدها هو مصطفى فهمي الذي تولى رئاسة وزراء مصر مرتين، وقد تزوجت من سعد في 1895م ولم يرزقا بأي ابناء.
الوفد المصري :
إنجازات سعد زغلول عديدة ولا يمكن حصره بسهولة أو باختصار، ولكن في النهاية يبقى الإنجاز الأبرز والأشهر في حياته، هو مطالبته بتشكيل وفد مصري للمشاركة في مؤتمر الصلح للمطالبة باستقلال مصر، وقد جمع توكيلات من الشعب المصري لمنح هذا الوفد الشرعية، وإثباتاً على إنه يمثل أطياف الشعب المصري كاملة، وقد تم اعتقال سعد زغلول وهو رفاقه جراء هذا، وهو الأمر الذي أدى إلى اندلاع ثورة 1919 الشهيرة.
مكانة سعد زغلول :
لم ينل سعد ما يليق به من أوسمة وجوائز وما إلى ذلك من تكريمات، هذا ليس لإنه لا يستحقها بالتأكيد، إنما لإن هذه الأشياء كانت تقتصر -في زمنه- على المنافقين والعملاء، أما أمثاله ممن ينادون بالحرية والاستقلال وطرد الاستعمار، فقد كانوا مغضوب عليهم من السرايا والحاكم البريطاني، وربما هذا الغضب في حد ذاته هو وسام شرف على صدر الزعيم سعد زغلول ،ويكفي إن الشعب المصري قد احتفى به كما يجب خلال حياته، فأسموه زعيم الأمة كما أطلقوا على بيته بيت الأمة، في إشارة إلى احتضانه للمصريين في مخلتف المحن التي مروا بها.
أما بعد وفاته وبعد قيام ثورة يوليو 52 وحصول مصر على الاستقلال، فقد تم تخليد ذكرى سعد زغلول بالشكل اللائق، فتم إقامة أكثر من نصب تذكاري له بأكثر من محافظة مصرية، كما تم إطلاق اسمه على عدد من الشوارع والميادين الرئيسية، كما تم تناول سيرته الذاتية من خلال أكثر من كتاب، وكذا تم تجسيد شخصيته في أكثر من عمل تلفزيوني وسينمائي.
طلعت حرب


طلعت حرب هو أحد أعظم من أنجبتهم مصر، يكفي القول بأن كافة المنشآت الاستثمارية التي تحمل اسم “مصر”، مثل بنك مصر ومصر للتأمين وستوديو مصر وغيرهم هو من تولى إقامتهم أول الأمر، وغايته من ذلك لم تكن التربح أو تكوين الثروة، بل كانت بهدف مكافحة الاحتلال ومنح مصر الاستقلال الاقتصادي.. واختصاراً فإن حرب رجل يستحق أن ننظر بسيرته ومختلف جوانب حياته.
الميلاد والأسرة :
في الخامس والعشرون من نوفمبر لعام 1867م ولد طلعت حرب ،وكان ميلاده بأحد أعرق أحياء القاهرة وهو حي الجمالية، أما أصوله الحقيقية فهي تعود إلى بلدة ميت أبوعلي، وهي إحدى قرى منيا القمح “حالياً الزقازيق” التابعة لمحافظة الشرقية، وكانت أسرته بسيطة وعريقة في آن واحد، فكان والده موظفاً بسيطاً بإدارة السكك الحديدية المصرية، ولكنه يندرج من عائلة حرب وهي من عائلات منيا القمح الشهيرة، أما والدته فقد كانت تنتسب إلى عائلة صقر، والتي تتبع نفس البلدة وتحظى بذات المكانة..
وجدير بالذكر أن اسم طلعت حرب هو اسم الأب، ولكنه أُلصِق بالابن في وقت لاحق واشتهر به، فالاسم الكامل والحقيقي لعلم الاقتصاد المصري هو محمد طلعت حسن محمد حرب.
تعليمه لنفسه :
دفعة طلعت حرب بكلية الحقوق تضمنت عشرات الطلاب، لكن ليس من بينهم من تمكن من بلوغ المكانة التي بلغها، ولم يحظ أي منهم بعبقريته السياسية والاقتصادية الفذة، والحظ هنا ليس له أدنى علاقة بما حدث، فالأمر كله يتعلق بالإرادة والتحدي، فـ طلعت حرب حرص على تثقيف نفسه وتوسيع مداركه وآفاقه، فخلال فترة دراسته الجامعية لم يكتف طلعت حرب بالمناهج الدراسية، بل أراد أن ينهل من كافة مناهل العلم على اختلافها، فاهتم بدراسة علوم الاقتصاد بجانب دراسته للحقوق، كما اطلع على العديد من الكتب بمختلف مجالات وفروع العلم، ودرس اللغة الفرنسية حتى تمكن من إجادتها تحدثاً وكتابة وقراءةً إجادة تامة.
حياته الشخصية :
تزوج حرب في وقت مبكر من حياته، وكان له خمسة من الابناء، ولد واحد هو حسن حرب ، وأربع بنات هن فاطمة وخديجة وعاشة وهدى، ومعاصري طلعت حرب يشهدون بأنه كان محباً لزوجته ومخلصاً لها، وما يؤكد صحة هذا القول الشائع عنه، هو إنها قد توفيت في عمر الشباب تاركة له خمسة ابناء، تولى هو تربيتهم وصار يمثل لهما الأم والأب، ورفض رفضاً باتاً أن يتزوج من أي امرأة أخرى، على الرغم إن في تلك الفترة كان تعدد الزوجات من الأمور الشائعة المتعارف عليها.
طلعت حرب .. أبو الاقتصاد المصري :
يشتهر طلعت حرب بلقب أبو الاقتصاد المصري، وهو لقب يستحقه عن جدارة ولا يمكن أن ينازعه أحد عليه، فقد سعي خلال سنوات عمله جميعها، إلى تحرير الاقتصاد المصري من تبعيته إلى السلطة الأجنبية، فناضل من إجل إقامة أول بنك مصري الذي حمل اسم بنك مصر، كما ساهم في تأسيس مجموعة الشركات التابعة له، والتي حملت جميعها اسم “مصر” ولازالت أغلبها يقدم خدماته حتى الآن، ومنها شركات مصر للطيران ومصر للسياحة ومصر لتكرير البترول، وكذلك مصر للتأمين ومصر للمناجم، بجانب ستوديو مصر والعديد من الشركات الأخرى.
جمال عبد الناصر


اسمه بالكامل هو جمال عبد الناصر حسين خليل بن سلطان المري، ترجع أصوله إلى صعيد مصر وبالتحديد قرية بني مر في محافظة أسيوط، إلا إن محل ميلاده كان حي باكوس بمحافظة الإسكندرية وكان ذلك في الخامس عشر من يناير لعام 1918م، والده عبد الناصر حسين كان عاملاً بأحد مكاتب البريد بالإسكندرية، أما والدته السيدة فهمية فقد كانت ربة منزل، وهي الأخرى من أصول صعيدية إذ أنها من مواليد مركز ملوي بمحافظة المنيا، جمال عبد الناصر هو الابن الأكبر لوالديه وكان له ثلاث أشقاء أصغر منه سناً، هم عزب العرب والليثي وشوقي عبد الناصر.
التعليم الابتدائي :
ولم يعرف جمال عبد الناصر الاستقلال بمعناه الكامل في مرحلة طفولته، وذلك لأن أسرته كانت دائمة الانتقال بسبب التغير المستمر في موقع عمل والده، وعليه فقد انتقل خلال سنوات دراسته بين أكثر من مدرسة بأكثر من محافظة، وبداية علاقة عبد الناصر بالتعليم بدأت بحي محرم بالإسكندرية، حيث ألحقته والده بروضة الأطفال هناك، ثم انتقلت الأسرة فيما بعد إلى مركز الخططابة بمحافظة المنوفية، فالتحق بمدرسة الخطاطبة الابتدائية وقضى بها عامين دراسيين فقط، ثم انتقل بعد ذلك ليقيم مع عمه خليل حسين بالعاصمة المصرية القاهرة، واستكمل تعليمه هناك بمدرسة النحاسين، والتي درس بها لمدة ثلاث سنوات، توفيت خلالها والدته ثم تزوج والده من أخرى، فانتقل جمال عبد الناصر للعيش مع جدته لأمه بالإسكندرية، حيث استكمل تعليمه الابتدائي بمدرسة العطارين.
المرحلة الثانوية والكلية الحربية :
بعد أن أتم جمال عبد الناصر تعليمه الابتدائي بمختلف المدارس السالف ذكرها، التحق بمدرسة حلوان الثانوية الداخلية والتي درس بها لمدة عام واحد، بعدها انتقل عمل أبيه إلى محافظة الإسكندرية مرة أخرى، فانتقل هو الآخر إليها وواصل دراسته الثانوية بمدرسة رأس التين بالإسكندرية، ثم بعد ذلك عاد للقاهرة مجدداً وأختتم المرحلة الثانوية بمدرسة النهضة بحي الظاهر بالقاهرة.
بعد أن أتم عبد الناصر تعليمه الثانوي كان قد حدد هدفه، وهو أن يصبح ضابطاً بالجيش المصري، وعليه تقدم بأوراقه إلى الكلية الحربية طالباً الالتحاق بها، إلا إن التحريات التي أجريت عنه اتضح منها إن له نشاط سياسي، وإنه قد سبق له المشاركة في عدة تظاهرات مناهضة للحكومة والاستعمار، وعليه تم رفض الطلب المقدم منه، فالتحق آنذاك بكلية الحقوق بجامعة القاهرة والمعروفة في ذلك الوقت بجامعة الملك فؤاد، ولكنه لم يهوى الدراسة بتلك الكلية، وبعد فصل دراسي واحد قرر أن يعيد المحاولة وتقدم مرة أخرى للكلية العسكرية، وفي هذه المرة تم قبول طلبته والتحق بالكلية الحربية التي تخرج منها في 1937م.
الضباط الأحرار :
نشاط جمال عبد الناصر السياسي الذي مارسه خلال فترة دراسته الثانوية، لم ينته بالتحاقه بالكلية الحربية وانخراطه بالحياة العسكرية، هو فقط توقف فترة قليلة هي مدة دراسته بالكلية، لكن بعد تخرجه والتحاقه بفرق المشاة بالجيش، سرعان ما عاود نشاطه السياسي مجدداً ولكن بصورة سرية، وكان ذلك –على وجه التحديد- بعد حرب فلسطين أو ما يعرف باسم نكبة 48، فقد كان يرى إن مسؤولية الهزيمة يتحملها الاستعمار والملك المتخاذل، فتبادرت إلى ذهنه وهو رفاقه فكرة إقامة تنظيم الضباط الأحرار، والذي قام بالانقلاب على الملك فاروق فيما يعرف باسم “ثورة يوليو 1952م”، وحول مصر من عهد الملكية إلى عهد الجمهورية.
انحيازه للفقراء :
هناك مآخذ عديدة على فترة ولاية جمال عبد الناصر ، خاصة فيما يتعلق بمجال الحريات وحقوق الإنسان، ولكن في النهاية يبقى هو الرئيس المصري الأكثر انحيازاً إلى الطبقة الفقيرة، فنظريات الفكر الاشتراكي التي طبقها خلال فترة ولايته، أعادت قدر كبير من الحقوق المسلوبة إلى أصحابها.. فقد اتخذ من إرساء قواعد العدالة الاجتماعية أساساً لسياساته وتشريعاته، والتي من أبرازها إقراره لمجانية التعليم كحق لكل مصري، وكذلك قانون الإصلاح الزراعي الذي خلص الفلاح من سطوة الإقطاع، كما حرر العمال من قبضة رأس المال السالبة لحقوقهم.



907 Views