نقدم لكم في هذه المقالة فضل الوقف الخيري وماهي اهميته الاسلامية واهم شروطه من خلال هذه السطور.
الوقف
يعد أحد الأعمال الخيرية التي ينتفع منها المسلم في حياته وبعد مماته، وهو من الأعمال الصالحة التي لا ينقطع أجرها ولو بعد الوفاة لما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) فهو من الصدقة الجارية.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على الوقف قال جابر بن عبدالله رضي الله عنه: (لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف)، والوقف في الشرع: تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة.
ويصرف ريعه في مجال من مجالات البر تقرباً لله تعالى، فعلى من أغناهم الله من فضله أن يخصصوا شيئاً من أموالهم وقفاً على أحد المشاريع الخيرية كبناء المساجد، ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، وطباعة المصاحف، والكتب العلمية النافعة والأجهزة الطبية، وتوزيع المواد الغذائية على الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام وأسر السجناء فبإذن الله تعالى سينتفع من هذا الوقف فئات كثيرة من المسلمين، وينال صاحبه الأجر والمثوبة، مع الدعاء من أولئك المستفيدين منه.
وتزداد أهمية الوقف في قيام صاحبه بالإشراف عليه في حياته، وتقر عينه برؤية ثمار وقفه يجنيها المحتاجون، وينتفع منها المعاقون.
الفائدة من الوقف الخيري
التقرّب إلى الله : ففي الوقف يتم التقرب الى الله والامتثال لأمره وطاعته.
صدقة جارية : كبناء المساجد فهي صدقة جارية تستمر حتى بعد ممات الشخص الذي بناه وغيرها مثل حفر الآبار في البلاد الفقيرة، وإنشاء المراكز التعليمية والصحية المجانية، ومراكز إيواء المسنين.
التآلف بين الناس : تقديم الصدقة للفقراء تبعث في نفوسهم البهجة والرضا، وتولد الألفة والمحبة وتقتل الحقد والبغضاء.
تحقيق أهداف إجتماعيّة : وقف الأهل الأقارب يشيع الألفة والمحبة ويزيد التواصل الاجتماعي بين أفراد العائلة ويعم الخير للجميع.
روح الخير : عندما يقدم الأغنياء الصدقات تسود المحبة ويعم الخير وروح المساعدة لدى بقية الناس.
أهمية الوقف للمجتمع :
لقد أوقف المسلمون الوقوف الكثيرة على أماكن التدريس المختلفة كالمساجد والمدارس ودور القرآن ودور الحديث والربط وخزانات الكتب، وحبسوا الأحباس لإدامتها والإنفاق على أربابها، حفظاً للدين ورعاية للعلم وأهله من الطلبة والمدرسين والشيوخ ، ومساعدة للزهاد والمنقطعين إلى الله تعالى، والمنصرفين إلى شؤونهم، ومعونة للفقراء والمساكين.
أنواعه وأفضل أبواب الوقف:
أ- أنواعه:
1-الوقف أحيانًا يكون الوقف على الأحفاد أو الأقارب ومن بعدهم إلى الفقراء، ويسمى هذا بالوقف الأهلي أو الذري.
2-وأحيانا يكون الوقف على أبواب الخير ابتداء ويسمى بالوقف الخيري.
ب- أفضل أبواب الوقف:
أفضل أبواب الوقف ما عمَّت منفعته المسلمين في كل زمان ومكان. كالوقف على المساجد .. ودور العلم الشرعي .. وطلبة العلم .. والمجاهدين في سبيل الله عز وجل .. والأقارب .. وفقراء المسلمين وضعفائهم .. والأيتام والأرامل .. والعيون وآبار الماء .. والمزارع والبساتين ونحو ذلك.
حكم الوقف ومشروعيته:
الوقف مستحب؛ لما فيه من بر الأحباب، ومواساة الفقراء في الدنيا، وتحصيل الثواب في الآخرة. والوقف الشرعي الصحيح هو ما كان على جهة بر من قريب، أو فقير، أو جهة خيرية نافعة، فهو صدقة جارية دائمة.
1- مشروعيته من القرآن الكريم: الوقف من أفضل الصدقات التي حث الله عليها، وما الوقف إلاّ جزء من أعمال البر وفعل الخير، وقد شرع الله الوقف وندب إليه وجعله قربة، قال تعالى: “لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” (آل عمران/92) ، ويقول جل من قائل: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ” (البقرة/67) .
2- من السنة المطهرة: رغَّب فيه رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه صدقة دائمة ثابتة في وجوه البر والإحسان. فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».( ) قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: “وفيه دليل لصحة أصل الوقف وعظم ثوابه” ( شرح صحيح مسلم)، ويؤخذ من الحديث أنَّ الوقف من الصدقة الجارية، كوقف العقار الذي ينتفع به، والحيوان المنتفع بركوبه، والأواني المستعملة، وكتب العلم، والمصاحف الشريفة، والمساجد والربط، فكل هذه وأمثالها أجرها جار على العبد ما دامت باقية، وهذا أعظم فضائل الوقف النافع الذي يعين على الخير، والأعمال الصالحة من علمٍ وجهادٍ وعبادةٍ، ونحو ذلك. وأخرج ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» قال الألباني/ حسن.
3- الإجماع: أجمع العلماء على مشروعيته، واشتهر إنفاق الصحابة على الوقف قولاً وفعلاً.
وَنَظَمَهَا الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ – رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ – قَالَ:
إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ لَيْسَ يَجْرِي … عَلَيْهِ مِنْ فِعَالٍ غَيْرِ عَشْرِ
عُلُومٌ بَثَّهَا وَدُعَاءُ نَجْلٍ … وَغَرْسُ النَّخْلِ وَالصَّدَقَاتِ تَجْرِي
وِرَاثَةُ مُصْحَفٍ وَرِبَاطُ ثَغْرٍ … وَحَفْرُ الْبِئْرِ أَوْ إجْرَاءُ نَهْرِ
وَبَيْتٌ لِلْغَرِيبِ بَنَاهُ يَأْوِي … إلَيْهِ أَوْ بِنَاءُ مَحَلِّ ذِكْرِ
وقد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف أصحابه المساجد والأرض والآبار والحدائق والخيل. ولا يزال الناس يقفون من أموالهم إلى يومنا هذا.