قصة عن الغضب

كتابة فريدة مهدي - تاريخ الكتابة: 27 مارس, 2023 9:06
قصة عن الغضب

قصة عن الغضب سوف نتحدث كذلك عن قصة البطة الغاضبة وقصص عن غضب الله والعبرة من قصة الغضب كل تلك الموضوعات تجدونها من خلال مقالنا هذا.

قصة عن الغضب

كان هناك رجل في القرية يعاني من المزاج السيئ والغضب السريع، هذا الرجل اسمه حازم وكان أهل القرية يشتكون منه حتى أن بعضهم يتجنب الحديث معه لأنه سريع الغضب ومزاجه سيئ دائما.
لم يحب حازم نفسه على ما هو عليه وكلما حاول التحكم في غضبه لم ينجح في ذلك لأن مزاجه سيئ دائما وسرعان ما يغضب.
ذات مرة قرر حازم أن يجد علاجا لمزاجه السيئ، ذهب حازم إلى عجوز حكيم وقال له: أريد أن أطلب منك معروفا.
قال له العجوز الحكيم: تفضل يا بني.
قال له حازم: أنا أعاني كثيرا من الغضب ومن المزاج السيئ وأريد علاجا لهذه المشكلة، فقد أصبح أهل القرية يتجنبون الحديث معي حتى لا آثر عليهم غضبا في أبسط الأشياء التي لا تستحق الغضب، هل يمكنك أن ترشدني لعلاج مشكلتي؟
قال له العجوز الحكيم: سأطلب منك شيئا أولا ومن ثم سأعطيك العلاج.
فرح حازم من كلام العجوز الحكيم وقال له: هيا يا سيدي الحكيم أطلب مني ما شئت.
قال له العجوز الحكيم: انتظر لحظه سآتيك حالا.
ذهب العجوز الحكيم ودخل غرفة أخرى وعندما خرج منها أحضر معه كيسا ممتلئا بالمسامير ولوح خشبي.
أعطى العجوز الكريم ذلك الكيس لحازم وقال له: كلما شعرت بالغضب أمسك مسمارا وقم بدقه على هذا اللوح الخشبي وبعد أسبوع تعال إلي مجددا.
أمسك حازم الكيس واللوح وشكر العجوز الحكيم وحدد معه موعد العودة إليه حتى يعطيه العلاج.
خرج حازم من منزل العجوز وذهب إلى بيته وهو سعيد لأنه سيحصل على العلاج لغضبه، وصل حازم إلى بيته وعندما أراد فتح بابه لم يجد المفتاح في جيبه وتذكر أنه نسيه في البيت فشعر بالغضب وأراد أن يصرخ ويقول “افتحوا البااااب” كما في العادة
لكنه تذكر قول العجوز الحكيم، فكتم غضبه وأخرج مسمارا من ذلك الكيس ودقه على الخشب دقا شديدا حتى هدأ غضبه، ومن ثم طرق الباب بهدوء.
جاءت زوجته وفتحت الباب وهي تتعجب، حازم لم يصرخ هذا اليوم! وقد طرق الباب بهدوء على غير عادته، ما الذي حدث له؟
رحبت به زوجته وهي تسأله: هل أنت بخير يا حازم؟ ما الذي حدث حتى طرقت الباب بهدوء دون صراخ؟
ضحك حازم وقال لزوجته: أنا آسف لأنني أصرخ دائما، سأحاول أن أتخلص من هذا العادة وأكون هادئا دائما
فرحت الزوجة وقالت: الحمد لله، زوجي حازم لن يغضب بعد الآن ولن يكسر الأواني ولن يصرخ على الأولاد وعلى أهل القرية
ذهبت زوجته وأحضرت الطعام على المائدة فنادتهم للعشاء، وعندما أراد حازم تناول الطعام وجده ساخنا فأحرق الحساء لسانه، شعر حازم بالغضب وأراد أن يصرخ لكنه تمالك نفسه وقال: لن أصرخ، ولن أظهر غضبي.
نهض من مكانه وذهب إلى الغرفة المجاورة وأمسك مسمارا من ذلك الكيس ودقه على الخشب وعندما شعر بنفسه هدأ من غضبه عاد إلى عائلته الصغيرة وتناول معهم العشاء دون غضب
ففرح أطفاله وزوجته لأنه أصبح رجلا هادئا ولم يعد يغضب، وفرح حازم لأنه تمكن من أن يتمالك غضبه
مرت الأيام والحال كما هي، كلما شعر رامي بالغضب أسرع إلى لوحه الخشبي حتى يدق عليه المسمار حتى أصبح حازم يستطيع تمالك غضبه ويوم بعد يوم أصبح حازم لا يشعر بالغضب كثيرا كما في السابق.
تعجب الرجل حازم على طلبه الغريب لكنه وافق وقال: حسنا أيها العجوز الحكيم، سأعود إليك عندما أنزعها
وهكذا بدأ حازم بنزع المسامير من الخشب في كل يوم لم يغضب فيه واحدا تلو آخر إلى أن نزعها كاملا من الخشب.
عاد حازم مرة أخرى إلى العجوز وأخبره بأنه أخرج كافة المسامير من اللوح الخشبي فقال له العجوز الحكيم: لقد أبليت حسنا.
ولكن انظر إلى كل هذه الثقوب والآثار التي أحدثتها المسامير على اللوح.
هذا اللوح لن يبدو أبدا كما كان من قبل، وهكذا حال البشر، حين تقول شيئا أثناء غضبك فإنه يترك ندبة في الشخص ويصعب علاجه، حتى وإن اعتذرت، لأن الجرح سيبقى مفتوحا
هنا شعر حازم بالندم وقطع وعدا على نفسه أنه لن يصرخ على أحد ولن يجرح أحدا بكلامه مهما حدث
عاد الرجل حازم إلى بيته ومعه اللوح الخشبي المليء بالثقوب، وأي شخص يمر عليه حازم يلقي عليه السلام ويتحدث معه بهدوء.
وفي لحظة ما اصطدم حازم بأحد أهل القرية دون قصد لكن حازم لم يغضب.
اعتذر حازم إلى الرجل الذي صدمه وقال له: أنا آسف لأنني اصطدمت بك.
تعجب الرجل من اعتذار حازم وقال له: ظننت أنك ستغضب علي لأنني انصدمت بك كما في العادة!
قال له الرجل حازم: لقد تخلصت من الغضب، من الآن فصاعدا لن أصرخ على أحد ولن أثور غضبا على أي شخص مهما حدث
فرح الرجل بما سمعه من حازم ومن ثم قال له حازم: أنا أدعوك وأنت وأهل القرية على وليمة العشاء حتى أطلب منكم الاعتذار وتسامحونني على ما بدر مني من غضب ومن تصرف سيئ
وافق الرجل على دعوة حازم وذهب ليخبر جميع أهل القرية بدعوة حازم على العشاء في منزله وأنه قد تغير
وأصبح شخصا مختلفا ورجلا هادئا وصالحا يتفاهم بهدوء، ففرح أهل القرية من أجل حازم وقبلوا جميعهم دعوته
وعند لقائهم مساء اعتذر إليهم حازم واعتذر من زوجته ومن أصدقائه ومن الجميع وكلهم قبلوا اعتذاره وسمحوه
ومنذ ذلك اليوم وحازم لم يعد يغضب لأنه تعلم درسا مهما وهو أن الغضب والعصبية تجرح الآخرين وتسبب لهم ضررا في علاقاته معهم
وأن الاعتذار ليس مجديا دائما، فبعض الكلمات القاتلة تكون كالسكين تجرح الأفراد.

قصة البطة الغاضبة

كان هنالك بطة اسمها ميمي، كانت ميمي دائمة الغضب، عابسة الوجه، عصبية المزاج بشكل دائم.
وعصبيتها هذه أثّرن بشكل كبير على علاقتها مع جميع أصدقاءها في المزرعة التي تعيش فيها، إذ أن الجميع كان يتحاشى التعامل معها، خشية التعرض لأيّ أذى منها.. فكلامها جارح ومؤذي للنفس!
كانت البطة تمشي جيئة وذهاباً في المزرعة وتصدر أصواتاً غريبة وتهزُّ ذيلها أمام باقي الحيوانات كي تزعجهم وتفتعل مشكلة كالعادة مع أحدهم.
لكن حركاتها هذه كانت مكشوفة أمام الحيوانات جميعهم، فتجاهلوها مما زاد من غضبها وجعل صوتها يرتفع بشكل أعلى وأعلى وأعلى.
نادى الديك للبطة من بعيد لكنها لم تُجبه، واستمرت في إزعاجها، مما دفعه للاقتراب نحوها قائلاً:
مرحباً أيتها البطة، لماذا تفعلين هذه التصرفات المزعجة!
ردّت البطة عليه: أغرب عن وجهي قبل أن أسكب كلّ غضبي عليك أيها الديك الأحمق!
فقال لها: نصيحتي لكِ أيتها البطة أن تخففي من غضبك، وإلاّ ستبقين وحيدة بسبب تجنب الجميع الاقتراب منك.
صرخت بأعلى صوتها قائلة: لا حاجة لي لأحد هنا، من الأفضل أن تحتفظ بنصائحك لنفسك!
بعد صراخ البطة هذا شعر الديك باليأس، لأنه مهما حاول التحدث معها فلا جدوى من كلامه أبداً،ومضى في طريقه ليلعب مع الأصدقاء تاركاً البطة وحيدة مع غضبها.
لم تستمع البطة لنصيحة الديك، وكانت في كل يوم تُعيد نفس الكَرّة،
فتستيقظ صباحاً وتمشي في أرجاء المزرعة بحثاً عن مشكلة تصبُّ غضبها فيها، فتارةً تقوم بإلقاء كلمات جارحة هنا،
وتارةً أخرى تقوم بأعمال تخريبية هناك! وكانت هذه الأفعال كفيلة بأن تجعل الجميع يتحاشاها بشكل كامل.
وفي ذات يوم مرضت هذه البطة الغاضبة مرضاً شديداً، مما أبقاها طريحة الفراش لعدة أيام.
وخلال هذه الفترة لم يقم أحدٌّ من حيوانات المزرعة بزيارتها أو الاطمئنان عليها.
هنا أدركت البطة عواقب أفعالها معهم، وجلست وحيدة تبكي وتفكر
قائلة لنفسها: لو استمعت لنصيحة الديك، لكنت الآن محاطة بالأصدقاء والأحباب في مرضي..إهئ إهئ إهئ.

قصص عن غضب الله

فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر من البشر يرضى ويغضب, ولكنه صلى الله عليه وسلم كان أكمل الناس وأحسنهم خلقا، فكان غضبه لا يحمله على مجاوزة الحق، قال عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه: كنت أكتب كل شيء أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: اكْتُبْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنِّي إِلَّا حَقٌّ. رواه أحمد في المسند وأبو داود في السنن.
وكان صلى الله عليه وسلم لا ينتقم لنفسه قط، بل كان يحلم ويعفو ويصفح إلا أن يكون حق لله تعالى فينتقم لله عز وجل، قالت عائشة ـ رضي الله عنها: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ خَادِمًا لَهُ قَطُّ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ، إِلَّا كَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ أَيْسَرُهُمَا، حَتَّى يَكُونَ إِثْمًا، فَإِذَا كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ الْإِثْمِ، وَلَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ، حَتَّى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وأمثلة غضبه لله تعالى ولو على أقرب الأقربين كثيرة جدا، فمن ذلك غضبه من أسامة حين أراد أن يشفع في المخزومية التي سرقت، وغضبه من علي ـ رضي الله عنه ـ حين رآه لابسا حلة سيراء، وغضبه من معاذ حين كان يطيل الصلاة بقومه.
وفي طائفة كثيرة من الأخبار حاصلها أنه صلى الله عليه وسلم كان يغضب لكنه ما كان يغضب إلا بحق ولا يتصرف في غضبه إلا بمقتضى الحق ولا ينتقم لنفسه، وإنما ينتقم لله عز وجل، فصلى الله وسلم وبارك عليه ووفقنا للاقتداء به واتباع هديه الذي هو أحسن الهدي.

العبرة من قصة الغضب

-الغضب يعتبر خروج عن الفطرة الأساسية للإنسان، لذلك يجب على الإنسان، تعلم فنون التحكم بمشاعر الغضب.
-أن الغضب يفسد علاقاتنا مع جميع الأشخاص من حولنا، فالبشر بطبعهم وفطرتهم النقية هادئين ومُحبين، لأن مشاعر الهدوء والمحبة والألفة كفيلة بأن تجعل حياتنا أفضل في الحاضر والمستقبل مع أنفسنا والآخرين.



143 Views