قيمة العمل في الاسلام وماهو مفهوم العمل الحقيقي مع توضيح اهداف العمل وانواعه وتأثيره على الفرد والمجتمع.
محتويات المقال
تعريف العمل
العمل هو الطاقة أو الجهد الحركي أو الفكري الذي يبذله الإنسان من أجل تحصيل أو إنتاج ما يؤدي إلى إشباع حاجة معينة من حاجاته الطبيعية من السلع والخدمات التي يساهم الجهد البشري أيضا في إيجادها.
وهذا الإنتاج قد يكون سلعة، كما قد يكون خدمة. فتكييف الطاقة يتجسّد في إنتاج السلع والخدمات، فالطبيب والنّجار والعامل والحمّال، كل منهم يكيّف طاقته الإنسانية من أجل إشباع حاجة معينة من حاجاته، لأن العمل هو الجهد، أو القوة البشرية التي تتفاعل مع مختلف العناصر الأولية من أجل توفير سلعة مادية، أو إشباع حاجة فكرية أو نفسية، كبعض الحاجيات مثل شراء القميص والكتاب، واستعمال العلاج الطبّي، وقراءة القصيدة الشعرية ومتابعة البرنامج الإذاعي والتلفازي.
العمل في الإسلام
يعظم الإسلام من شأن العمل فعلى قدر عمل الإنسان يكون جزاؤه، فقال الله تعالى في القران الكريم (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)، فالأنبياء الذين هم أفضل خلق الله قد عملوا٬ فقد عمل ادم بالزراعة، وداود بالحدادة، وعيسى بالصباغة، ومحمد برعي الغنم والتجارة، فلا يجوز للمسلم تَرْكُ العمل بأسم التفرغ للعبادة أو التوكل على الله، ولو عمل في أقل الأعمال فهو خير من ان يسأل الناس فقال النبى صلى الله عليه وسلم (لأن يأخذ أحدكم حبله، ثم يغدوا إلى الجبل فيتحطب، فيبيع فيأكل ويتصدق، خير له من أن يسأل الناس)
حقوق العمال في الإسلام
مناسبة الأجر للعامل
فمن حق العامل الاجر المناسب لقدراته ومواهبه. فيقول الله تعالى (ولا تبخسوا الناس أشيائهم)،أي لا تنقصوا أموالهم، كما يحذر الله من سوء العاقبة إذا لم يتناسب الاجر مع العمل كما في قوله تعالى (ويل للمطففين، الذين إذا أكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) ومعنى المطفف هو المقلل حق صاحب الحق وأصل الكلمة من الطفيف أي القليل
سرعة دفع الأجر
فالإسلام يقرر سرعة دفع الأجر للعامل بعد الانتهاء من عمله مباشرة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أعطوا الأجير حقه، قبل أن يجف عرقه)، ويروي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره)
مكانة العمل في الإسلام
لقد جاء الإسلام داعيا أتباعه إلى العمل والسعي في هذه الأرض، وأوجب عليهم أن يكونوا الأجدر في الحياتين؛ فحثهم على الإيمان الصحيح والعمل الصالح، كما حثهم على العمل في عمارة الأرض واتخاذ الأسباب المشروعة الكافلة للعيش عليها؛ من حرث وتجارة وصناعة وغيرها، وكان من منته على عباده أن جعل الأرض لهم مستقرا وذلولا للسعي فيها وابتغاء الرزق وتحصيل المعايش منها، وأودع فيها الكثير من النعم، وسخر ما فيها من مخلوقات لخدمة هذا الإنسان، فقال في كتابه العزيز: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ)[يس: 71ـ73]، وقال تعالى: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)[الحجر: 19ـ21].
والمطلوب أن يسعى العبد في ميادين الحياة مكافحًا، وإلى أبواب الرزق ساعيًا، (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك: 15]، وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)[الأعراف: 10]، وقال -جل في علاه-: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)[الجمعة: 10]، أي: لطلب المكاسب والتجارات.
وفي المقابل جعل سبحانه القعود عن العمل والاتكال على الآخرين مذموما مقبوحا؛ لأن في ذلك ظلم للنفس وإهانة لها، ويتجلى هذا النهي وهذا التحذير في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “اليد العُلْيَا خير من اليد السُّفْلَى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعِفَّه الله، ومن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله”(رواه البخاري ومسلم)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: “لأن يأخـذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه” (رواه الإمام البخاري).
وأُثِرَ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: “لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق”، ويقول: “اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة”، وقال -رضي الله عنه-: “إني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة؟ فإن قالوا: لا، سقط من عيني”؛ فعلى المسلم أن يسعى ويجتهد في الطرق الكسب المشروعة حتى يتحصل له ما يريد وكذلك تتحقق قيمته في هذه الحياة؛ لأنه بقدر ما يبذل يسعى ينال ويكسب، وصدق الشاعر، حيث قال:
بِقَدْرِ الْكَـدِّ تُكْتَسَـبُ المعَـالِـي *** ومَنْ طلب العُلا سَهرَ اللَّـيالِــي
ومن طلب العُـلا من غير كَــدٍّ *** أَضَاع العُمْـرَ في طلب الْمُحَــالِ
مكانة العمل في الإسلام
تعريف العمل في الاصطِلاح: هو كلُّ نشاطٍ جسمي أو عقلي يقوم به الإنسان بهدف الإنتاج في مؤسَّسة؛ حكوميَّة كانت أو خاصَّة، أو في حرفة أو مهنة.
إنّ الله تعالى قد عظّم من شأن العمل، ورَفعَ قدر العاملين في هذه الحياة، وجعل عمل المؤمن علامة الإيمان الحقيقي؛ فأرفَقَ جُلّ آياتِ الإيمان بالعمل الصالح. قال تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1- 3].
وإنّ رفعة الأمم وتقدمها مربوط بحجم عطاء أبناء الشعوب والأوطان في تلك الأرض، ولا ننسى ما فعله ذو القرنين من تغيير ثقافة شعب كسول خامل عن العمل، كما ورد في سورة الكهف، وماذا كانت نتيجة حركتهم وبذلهم وعطائهم.
كما أنّ الناظر بتمعّن فيما ورد في آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي المصطفى ليكتشف أنّ للعمل عظمةً وجلالًا ومكانةً عالية المقام والقيمة في رحاب الإسلام وشريعته.
الإسلام ونظرته إلى العمل
بعض الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التي حثت على قيمة إعمار الأرض من خلال العمل مثل قول الله تعالى في سورة الجمعة: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
وهي أمر مباشر من الله تعالى بضرورة العمل حتى بعد أداء الصلوات والعبادات المختلفة، وأن لكل وقته.
من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء هو حفظ المال، وهنا نفهم منها ضرورة كسب المال وطلب الرزق الحلال بشتى السبل من خلال العمل والبحث في مناكب الأرض.
اعتبر الإسلام العمل قيمة للإنسان، وأنها من أعلى القيم لأنها من ضمن إعمار الأرض، ودفع المفاسد وغيرها.
لقد حث الإسلام على عدم الاتكالية و التواكل والاعتماد على الغير، بل من أفضل الأمور هي الاعتماد على النفس وضرورة كسب الرزق من خلال يد الإنسان، حيث مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم العمال وقال ذات مرة لصحابي جليل ذلك يد يحبها الله ورسوله.
تطوير المجتمع من خلال المجالات المختلفة من ضمن الأمور التي يسعى لها الإسلام الحنيف، وذلك عن طريق تشجيع العمل والعمال وعدم الاعتماد على الدول الأخرى، فيجب كل دولة تسيطر على مواردها الخاصة ويعمل مواطنيها على رفعة بلادهم وعدم الاعتماد على الأمم الأخرى في الغذاء والكساء.