ماهي كفارة الكبائر وماهو مفهوم الكبائر وكيفية التوبة منها وماهي انواع الكبائر في الاسلام .
الكبائر
الكبائر جمع كبيرة، وهي كل ما كبر من المعاصي وعظم من الذنوب وقد اختلف العلماء في وضع ضابط للكبيرة، لكن ما هو مُتفق عليه أن الكبيرة هي كل ذنب أو معصية حدد لها الشرع عقوبة في الدنيا كحد السرقة وحد الزنا وحد شرب الخمر، أو توعد عليها بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب كأكل الربا وعقوق الوالدين والتنمص والوشم والنميمية، والكبائر تتفاوت درجاتها من حيث القبح وعظم الجرم فمنها أكبر الكبائر كما في صحيح البخاري وغيره قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقول الزور أو قال وشهادة الزور)، ومنها السبع الموبقات أي المُهلكات كما في الصححين البخاري ومسلم وغيرهما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات).
وأهل الكبائر من أهل السنة والجماعة لا يخلدون في نار جهنم، وأن من استحق منهم النار ودخلها سيخرج منها بعد أن ينال نصيبه من العذاب، أو يشفع فيه أحد الشافعين، أو يعفو الله عنه بمحض منه ومغفرته، فقد روى البخاري في صحيحه حديث الشفاعة الطويل عن أنس رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم (قال:فأقول: يا رب، أمتي، أمتي، فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة من إيمان فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل). هذا هو الأصل عند أهل السنة والجماعة .
الكبائر هي أجرم الأثام أو الذنوب التي يرتكبها الشخص طبقاً للدين الإسلامي قال الله: “إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا” ويقول الرسول : { الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر } مسلم والترمذي. واختلف العلماء في عدد الكبائر وفي حدها، قال بعضهم: هي سبع، قال بعضهم: هي سبعون، وقال بعضهم: هي سبعمائة، قال بعضهم: هي ما اتفقت الشرائع على تحريمه.
معلومات عن كبائر الذنوب
الذنب إصطلاحاً
الذنب هو مخالفةُ الأوامر الإلهيَّة الواردة في الشَّريعة الإسلاميَّة من خلال ترك الواجبات أو إرتكاب المحرَّمات التي يعاقب الله تعالى عليها. فكلُّ مخالفة لتلك الأوامر والنواهي تعدُّ ذنباً، حتَّى لو كان هذا الذنب في نفسه هيّناً وبسيطاً، فهو عظيم لمخالفته الأوامر والنواهي الربّانية، والخروج عن رَسْمِ الطَّاعة والعبوديَّة.
كبائر الذنوب
و المعاصي سواء أكانت معاص قلبية كالبغضاء والحسد، أم ظاهرية كالزنا والسرقة وعقوق الوالدين، قسمها العلماء إلى قسمين، وهم:
القسم الأول: هو الكبائر
القسم الثاني:هو الصغائر.
للكبائر ضوابط بغية تمييزها عن الصغائر، فقالوا في تعريف الكبيرة هي كل ذنب ترتب عليه حد أو أتبع بلعنة أو غضب أو نار، كقوله صلى الله عليه وسلم ( لعن الله الواصلة والمستوصلة ) متفق عليه . وهي الذنوب الجسمية الخطرة التي توجب لفاعلها غضب الله و لعنته و قد توجب على صاحبها حدًا في الدنيا. ويقال إنها ما كبر من الذنوب والمعاصي وقد إختلف العلماء في عددها وهي تختلف عن الصغائر لإن الصغائر هي كل ما كان ليس عليه حد في الدنيا والآخرة.
تعريف آخر، ما سمّاهُ اللهُ في القرآن كبيراً فهوَ كبيرة ﴿وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً﴾ [سورة النساء الآية: 2]
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح, الذي رواه الإمام البخاري أكبر الكبائر (الإِشْراكُ بِاللهِ، وَعُقوقُ الْوالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَشَهادَةُ الزّورِ).
قال تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ﴾ [سورة النساء الآية:48] فإذاً أكبر الكبائر على الإطلاق هي الأشراك بالله!
السبع الموبقات
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم « اجتنبوا السَّبعَ الْمُوبِقات. قالوا : يا رسول الله وما هُنَّ ؟ قال : الشِّركُ باللهِ ، والسِّحرُ ، وقتْلُ النَّفسِ الَّتي حرَّم اللهُ إلاَّ بالحقِّ ؛ وأكْلُ الرِّبَا وأكْلُ مالِ اليتيم ، والتَّوَلِّي يومَ الزَّحْفِ وقذْفُ الْمُحصنات الغافلات الْمُؤمنات »[ رواه البخاري([1]) ومسلم([2]) وأبو داود([3]) والنسائي([4]) ].
التبرج من كبائر الذنوب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صِنْفَانِ من أَهْلِ النَّارِ لم أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بها الناس وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رؤوسهن كأسنة الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ ولا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ من مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا.
النمص و الوشم
قال صلى الله عليه و سلم: ( لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ : إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ : وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ) رواه البخاري (4886) ومسلم (2125) .
الغيبة و النميمة
صح عنه صلى الله عليه و سلم : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ , فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ ).
كفارة الكبائر
من أحكام الكبيرة أنها لا تكفرها الأعمال الصالحة بل لا بد لتكفيرها من التوبة النصوح، وعلى هذا أكثر العلماء، مستدلين على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ) رواه مسلم. فالكبائر لا بد لها من توبة، وإذا لقي العبد ربه بها، كان تحت المشيئة، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه فترة، ثم أدخله الجنة، قال تعالى : “إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا”(النساء:48).
إن كفارة الكبائر التي لها عقوبة في الدنيا كالزنا والسرقة وشرب الخمر، هو إقامة الحدود المقدّرة فيها كما رأى جمهور العلماء ذلك، لقوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين (عن عبادة بن الصامت قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس، فقال: ” تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلَا تَزْنُوا ، وَلَا تَسْرِقُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ ، فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ “.
فالحد المقدّر في ذنب كفّارة لذلك الذنب، أما من ستره الله عز وجل ولم تقم عليه هذه الحدود ولم يتب فأمره مفوض لخالقه، أما إذا تاب فإن توبته تُكفر ذنبه بمشيئة الله ورحمته.
بينما الكبائر التي عقوبتها في الآخرة فإن التوبة النصوح تكفرها، وكذلك كثرة الإستغفار والإنابة إلى الله، وكثرة الطاعات، لقوله تعالى (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) (الفرقان: 71).
كيفية تكفير الكبائر
إنّ تكفير الكبائر يكون بالتوبة النصوح التي تكفّر جميع الذنوب التي يرتكبها الإنسان حتى الشرك بالله، ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)، فالآية الكريمة تُشير بشكلٍ واضح إلى أنّ المشرك بالله والقاتل بغير حقّ والزاني يلقون آثام أفعالهم، واستثنى الله -تعالى- منهم من آمن وعمل الصالحات وتاب إلى الله توبة نصوحاً، وشروط التوبة النصوح هي: الإقلاع عن الذنب مع الندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه، وإن كان الذنب متعلّقاً بحقوق العباد فيشترط إرجاع الحقوق إلى اصحابها، واختلاف العلماء في الذنوب التي تكفّرها الأعمال الصالحة وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوال؛ فذهب فريق إلى أنّ كبائر الذنوب لا تكفّر بمجرد الأعمال الصالحة وإنّما بالإتيان بشروط التوبة من تلك الأعمال كما هو مذهب أكثر أهل العلم، وذهب آخرون إلى أنّ الأعمال الصالحة تكفّر جميع الذنوب سواءً أكانت صغيرة أم كبيرة، وقال بذلك ابن المنذر وابن حزم وجماعة من المتقدمين، وقيل: إنّ الذنوب الكبيرة لا تكفّر إلّا بالحسنات الكبيرة، وذلك ليس بالأمر اللازم المطردّ، حيث ذهب إليه ابن تيمية وابن حجر العسقلاني.
مصير مرتكب الكبيرة
اتفق الفقهاء على أنّ مرتكب الكبيرة إذا أدركه الموت كان أمره إلى الله، فإن شاء الله عاقبه وإن شاء عفا عنه، وأمّا إن تاب قبل موته وندم واستغفر كان كمَن لا ذنب له، وذلك ما ذهب إليه جماعة المسلمين وما جاءت به الآثار الصحيحة عن السلف