مفهوم النقد الأدبي ووظيفته وكذلك أهمية النقد الأدبي، كما سنوضح مفهوم النقد في العصر الجاهلي، وكذلك سنتحدث عن أنواع النقد الأدبي، وكل هذا من خلال مقالنا هذا تابعوا معنا.
محتويات المقال
مفهوم النقد الأدبي ووظيفته
1- مفهوم النقد الأدبي:
يُعَرّف النقد أنّه دراسة الأعمال الأدبية وتفسيرها وتحليلها ومقارنتها بغيرها بغرضِ الحكم عليها، وبيان قيمتها الفنية ومكانتها بين الأعمال الأدبية الأخرى، وللنقد جوانب مختلفة في تناول الأعمال الأدبية، منها الجانب التاريخي الذي يدرس العلاقة بين الأدب والتاريخ، والجانب النفسي الذي يدرس الحياة الشخصية للكاتب وأثرها في أعمالها الأدبية، والجانب الاجتماعيّ الذي يدرس علاقة التغيرات المجتمعية والطبقية في الأعمال الأدبية، والجانب الأدبي الذي يتناول الأعمال الأدبية من الداخل بالدراسة والتحليل، بعيدًا عن كلّ ما هو خارج العمل الأدبي، ومنه تبرز الاختلافات في وظيفة النقد الأدبي باختلاف جانب الدراسة.
2- وظيفة النقد الأدبي:
تعرّف وظيفة النقد الأدبي بأنّها الكشف عما في النص الأدبي من أفكار ومعان وصور جمالية موحية، وتفسيرها وتحليلها، ومحاورتها بغيّة الكشف عن دلالاتها داخل النص الأدبي، مما يفتح مجالا للمتلقي أو القارئ أن يتواصل مع النص، ويتذوقه، ويكتشف جوانب الإبداع فيه، والإضافة إليه من خلال قراءاته المتعددة. وقد يكون التقاط هذه الجماليات التقاطا انطباعيا، مبنيًا على ذائقة الناقد فقط، وقد يكون التقاطا منهجيًّا، من خلال توظيف أحد المناهج النقدية وأدواتها، والبحث عن مقاييس محدّدة داخل النص. ومن هنا تُسهم وظيفة النقد الأدبي من خلال تفسير ما في النص من جماليات، في خلق ذوق أدبي لدى الكتاب أولًا، ولدى المتلقين ثانيًا، وتشكيل أذواقهم الفنية وتربيتها، وفتح المجال للمتلقي لالتقاط الأسباب الواقفة وراء جماليات النص الأدبي، وبالتالي الحكم على النص الأدبي بالجودة أو الرداءة، والقبول والاستحسان أو النبذ والهجران، والنص الأدبي عندما يخرج من يد كاتبه إلى العلن، يصبح ملكا للناقد الذي يقتحمه بكفاءته النقدية التي تجعله مؤهلا للحكم على النص الأدبي، وهذا ما يدفع بالكاتب إلى الإصغاء للنقد، ليتعرّف إلى جوانب الإبداع في عمله الأدبي، والأثر الذي تركه في المتلقين، وهل لعمله الأدبي علاقة بالأعمال الأدبية الأخرى المكتوبة في الوقت ذاته أو السابقة له أم أنه كان متفردا فيما جاء به، لذلك تعد أبرز وظيفة من وظائف النقد الأدبي الكشف عن ملامح اللإبداع والتفرد في العمل الأدبي.
وقد ظهرت وظيفة النقد الأدبي في اقتصارها على التفسير من خلال دراسات تين وبرونتير، ولكنها انتقلت إلى الأثر والبحث عن دلالاته ومعانيه مع تطور العلوم الإنسانية واللغوية بالأخص.
وتتوقف فاعلية وظيفة النقد الأدبي على الناقد، فالناقد يقيما نصا نقديا جديدا فوق نص المبدع الأصلي، ولكن قدرات النقّاد متفاوته، والأدوات النقدية تختلف من ناقد لآخر، والخبرة في اقتحام النصوص متفاوتة من ناقد لآخر، إلا أن التأثير النقدي يحتاج إلى ناقد خبير، قادر على تقديم نماذج نقدية بكفاءة معرفية، تسهم في تكوين عادات وتقاليد وأعراف نقدية، تساعد النقاد على ممارسة وظيفة النقد الأدبي خير ممارسة، وخلق حركة ثقافية وأنشطة فكرية خلاقة في الأدب.
وعند الحديث عن وظيفة النقد الأدبي تظهر قضية من سبق بالظهور أولًا، النقد أم الأدب، وقد ذهب العديد من الدراسات أن النقد يبدأ بعد الانتهاء من الأدب الموجود فعلا، فيأتي النقد تاليًا له لفهمه وتفسيره وتحليله وتقديره والحكم عليه، ولكنه لا يتدخّل في إنشاء الأدب والقدرة عليه وتذوقه، ولكنّه مسؤول عن تهذيب الذائقة الأدبية، وقد تكون القدرة الأدبية، والذائقة الأدبية، والنقدي الأدبي، ملكات ثلاثة موجودة في الأديب نفسه، وبالتالي يكون الأدب مصاحبًا للنقد.
أهمية النقد الأدبي
– لقد وجد النقد الأدبي لكي يكون في خدمة الأدب، لأنه لو وجد الأدب فقد وجد النقد. النقد يساعد الطلاب على فهم الأدب وتذوق مواطن الجمال فيه، ويمكنهم من الحكم على النص الأدبي بشكل صحيح.
– يساعد النقد الأدبي النقاد على التعرف على العناصر الأدبية، والتي لو توفرت في الأديب بلغ أقصى غايته.
– يعمل النقد على توجيه الأدباء على الرقي بفنهم الأدبي، والاتجاه نحو الجودة والفائدة والكمال.
– يساعد النقد الأدبي الطلاب على المحاكاة للنماذج الإبداعية، وتربية الذوق الأدبي الناضج لدى الطلاب.
– بالإضافة إلى أن يمكنهم من التمييز والحكم، على مستوى النصوص الأدبية من حيث الأفكار.
– والألفاظ والصور الجمالية والموضوع.
– كذلك النقد يعتبر أحد الأسباب الأساسية لبقاء الأدب وحفظه إلى وقتنا الحالي، وكذلك يساهم النقد في تجديد الأدب ويحسن منه.
– ييسر النقد الأدبي على الطلاب طريقة القراءة النافعة، واختيار الكتب الجيدة.
– لقد وضع النقاد بعض الأصول والمقاييس والشروط، التي تعين الطلاب ومن يدرس الأدب، حتى تثقل المواهب الأدبية في داخلهم، وترتقي بالذوق العام لدى الطلاب.
مفهوم النقد في العصر الجاهلي
كان النقد بسيطاً، حيثُ إنّه كان نقداً انطباعيّاً، فلم يتجاوز الأخذ بمعايير المجتمع وتفسيرها، وهو يمثل الحجر الأساس لنشأة النقد العربيّ كما قال بعض العلماء اللغويين، إلاّ أنَّه لا يعتبر نقداً منهجيّاً إنما نقداً بسيطاً لا يقوم على أُسس ومعايير معينة، وقد ساعدت البيئات الشعريّة في العصر الجاهليّ ومنها الأسواق الأدبيّة كسوق عكاظ، وسوق ذي المجاز على وضع اللبنة الأولى للنقد فقد كان الشعراء يجتمعون في هذه الأسواق ويقولون الشعر وينتقدهم كبار الشعراء في ذلك الوقت، ونذكر مثال ما جرى بين الخنساء وحسان بن ثابت عندما قالا شعراً واحتكما إلى النابغة الذبيانيّ فيمن هو أشعر من الآخر، فكان الحكم لصالح الخنساء، حيثُ قال النابغة إنّها أشعر من حسان.
أنواع النقد الأدبي
1- النقد الأدبي الإسلامي:
يُعرَّف النقد الأدبي الإسلامي بأنَّه النقد الذي يمتثل للقواعد والمبادئ الإسلامية لتقييم الأعمال الفنية الإبداعية، كما يتبع التوجيه الصحيح والمثل الأخلاقية العليا أثناء النقد وتقييم جودة المنتج الفني.
وما يُميز النقد الإسلامي أنَّه يتبع ضوابط لا تتوافر في غيره من أنواع النقد، ويُركز أيضًا على مبدأ الإنصاف، ويُحققه من خلال العلم والدقة التأمل والاستقراء.
2- النقد الأدبي المحترف:
النقد الأدبي المحترف أو النقد الإبداعي هو أسلوب النقد الذي يتفرَّد به الناقد، إذ يُقدِّم الناقد منهجًا نقديًا خاصًّا به يوضح فيه رؤيته ومنهجه الخاص مستعينًا بتجاربه ودراساته السابقة، إذ يخدم منهجه نقد النص الفني بعمق ودقة ورؤية بنَّاءة، وبذلك يُقدِّم الناقد بصمة نقدية فريدة وجديدة خارجة عن الدراسات النقدية التقليدية.
وقال الناقد أحمد أمين في ذلك: “يصير النقد خدعة حينما نظل قانعين بما قاله غيرنا عن مؤلف عظيم بدل أن نذهب مباشرة إلى ذلك الأديب، ونحاول أن نتملك أدبه لأنفسنا، وقد كثرت الآن هذه الخلاصات الموجزة من المعرفة في الأدب وفي غيره من أنواع الدراسة”.
3- النقد المحكي:
النقد المحكي هو النقد الذي يستخدم المحادثات، والمراسلات، والمذكرات، والجرائد لتحليل النص الأدبي وإصدار الحكم عليه.
4- النقد الصحفي:
النقد الصحفي هو النقد الذي يستخدم فيه الناقد صفحات الجرائد والمجلات العامة أو الخاصة لتحليل ودراسة الأعمال الفنية، وتحليل جميع جوانبها وإصدار الحكم عليها بالكشف عن مواطن القوة والضعف داخلها.
ومن الأمثلة عليها والتي كانت تصدر منذ عصر النهضة العربية: مجلة الرسالة، ومجلة العرفان، ومجلة المقتطف، ومجلة لغة العرب، ولا يستند هذا النوع إلى نظرية أو منهج معين، كما أنَّه لا يهدف إلى قضايا مُحددة، وهو من أنواع النقد المتحيزة والانفعالية ويفتقر إلى الدقة أيضًا.
5- النقد الجمالي والتأثري:
يرتبط النقد الجمالي والتأثري بالدوافع والرؤية الشخصية للناقد وهذه الرؤية مرتبطة بالخلفية الاجتماعية والثقافية والعوامل المؤثرة في تكوين شخصية الناقد، بحيث يُقيِّم الناقد العمل الأدبي وفقًا لتأثره تجاه هذا العمل وما يبعثه في نفسه من عواطف ومشاعر وذكريات كامنة داخله.
6- النقد الموضوعي:
النقد الموضوعي (بالإنجليزية: Objective Criticism) هو استجابة بنَّاءة تتبع أفكار وحقائق مُحددة للنقد دون تحيز أو تفضيل شخصي، وهو أسلوب إيجابي لتقديم توصيات وتحسينات بطريقة احترافية وأخلاقية بعيدًا عن الاستجابة العاطفية والمزاجية.
وليكون النقد موضوعيًا وناجحًا يجب تحديد المشكلة والتركيز عليها بدلًا من التركيز على الشخص نفسه ومهاجمته، مع التشجيع المستمر ومدح الناس عندما يحدث شيء إيجابي لتحفيزهم وجعلهم يشعرون بالرضا تجاه التحسينات.
7- النقد المذهبي أو الاعتقادي:
النقد المذهبي أو الاعتقادي وهو النقد الذي يتعصب فيه الناقد لرأي أو معتقد استقر عنده مسبقًا لهوىً ديني أو وطني أو عنصري، ويُعد أشد أنواع النقد تجريحًا لأنَّ من شروط النقد التجرد من الأهواء، والتجرد من الأهواء ليس بالأمر السهل.
وعلى الناقد أن يوظف عقله ليُبين مواضع الإسراف والانطباعات العاطفية، ويُمكنه تحقيق ذلك بتوسيع أفقه وثقافته، واكتساب مهارات التفكير الناقد وحل المشكلات.
8- النقد العلمي:
يُعرَّف النقد العلمي (بالإنجليزية: scientific criticism) بأنَّه تحليل ودراسة وتفسير الأعمال والأبحاث العلمية وموازنتها مع الأعمال المُشابهة لها، ثم إصدار الحكم عليها وتقييم درجة جودتها من خلال الكشف عن مواطن القوة والضعف فيها، وتحديد درجة جمالها وقبحها.
وبسبب النقد العلمي يلتزم صاحب العمل بالخطة والقواعد العلمية والمنهج البحثي لأنَّه يعلم مسبقًا أنَّه سيخضع لمعايير نقدية علمية.
9- النقد الفقهي اللغوي:
يُعد النقد الفقهي مصطلحًا جديدًا ومعاصرًا وضع الباحثون له عدة تعاريف، فقد عرَّفه د.عبد الحميد عشاق بأنَّه البحث في مسائل المذاهب الفقهية وتحريرها من حيث الأقوال والروايات وتخريج الأحكام والمسائل وتوجيهها، وتحديد إذا كانت الروايات ضعيفة أو صحيحة أو مرجوحة، وذلك باستخدام مصطلحات وطرق مخصصة.
كما عرَّفه د.محمد المصلح بأنَّه تحديد صحة وضعف المسائل الفقهية في فروع المذهب، وذلك وفقًا لأصول المذهب وقواعده وضوابطه.
ومن هنا يُمكن تعريف النقد الفقهي بأنَّه دراسة وتقويم وتحليل جوانب الإنتاج الفقهي الذي يُقدمه مذهب من المذاهب الفقهية، وقد يُركز النقد الفقهي على المنظومة العامة للمذهب، أو على جزء من المذهب كانتقاد أصل من أصول المذهب أو قول من الأقوال.
10- النقد الأسطوري:
يُعرَّف النقد الأسطوري بأنَّه دراسة وتحليل النصوص الفنية الإبداعية واستقراء الظواهر الأسطورية الموظفة داخلها، ثم البحث في أصول الظواهر الأسطورية وتصنيفها تصنيفًا نوعيًا والنظر لمدى تحولاتها داخل الأعمال الفنية، من حيث كيفية توظيفها داخل العمل ومدى احتفاظها بخصائصها الجوهرية، سواءً أكانت ظاهرة أسطورية شخصية أو حادثة.
النقد هو أسلوب تحليلي لدراسة الأعمال الأدبية والفنية وبيان نقاط القوة والضعف فيها من أجل تقييمها وقياس درجة جودتها ومقارنتها بالأعمال الأخرى الشبيهة لها.
وهناك العديد من أنواع النقد التي تهتم بالأعمال الأدبية مثل النقد الأدبي الإسلامي، والنقد الصحفي، والنقد الموضوعي، والنقد المذهبي أو الاعتقادي وغيرها، إضافةً إلى أنواع أخرى تهتم بالأعمال الفنية مثل: النقد السياقي، والنقد بالقواعد، والنقد الانطباعي، والنقد القصدي، والنقد الباطن.