نبذة عن الشاعر كعب بن زهير كما سنتعرف على قصة كعب بن زهير مع الرسول وصفات كعب بن زهير ومتى ولد الشاعر كعب بن زهير كل ذلك في هذا المقال.
محتويات المقال
نبذة عن الشاعر كعب بن زهير
كعب بن زهير بن أبي سلمى هو شاعر عربي مخضرم من العصر الجاهلي والإسلامي، اشتهر ببلاغته وقصائده التي تناولت الفخر والمدح والغزل. كان والده زهير بن أبي سلمى من أشهر شعراء العصر الجاهلي، مما أثر على مسيرة كعب الشعرية.
عُرف كعب خصوصاً بقصيدته الشهيرة “البردة” التي ألقاها أمام النبي محمد ﷺ بعدما أسلم، حيث جاء يعتذر عن هجائه للإسلام والمسلمين في بداية دعوته. القصيدة تُعد من روائع الشعر العربي، وافتتحت ببيتين غزليين يتحدث فيهما عن حبيبته سعاد:
“بانَت سُعادُ فَقَلبي اليومَ مَتبولُ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لم يُفَدْ مَكبولُ”
هذه القصيدة كانت سبباً في قبول النبي ﷺ لإسلامه، وأعطاه الرسول بردته الشريفة (العباءة)، ومن هنا جاءت تسمية القصيدة بـ”البردة”.
تميز شعر كعب بالفصاحة والقوة في التصوير والوصف، وهو من أهم الشعراء الذين ساهموا في الربط بين الشعر الجاهلي والإسلامي، حيث استخدم موهبته في مدح الإسلام بعد أن كان هجاءً له في بداياته.
قصة كعب بن زهير مع الرسول
قصة كعب بن زهير مع الرسول ﷺ من أبرز القصص التي تُروى عن تحول الشعراء من معاداة الإسلام إلى اعتناقه. في بداية دعوة النبي محمد ﷺ، كان كعب بن زهير من بين الشعراء الذين هاجموا الإسلام والمسلمين، وذلك على غرار أخيه “بجير بن زهير” الذي أسلم مبكراً. كعب رفض الإسلام واستمر في هجائه للمسلمين، مما جعل النبي ﷺ يأمر بقتله عندما شعر بأن هجماته باتت تمثل تهديدًا.
بعد فتح مكة وإعلان النبي ﷺ عفوه عن أهلها، بدأ كعب يشعر بالخطر على حياته، خصوصاً بعد أن علم أن النبي ﷺ أمر بإهدار دمه بسبب شعره العدائي. لجأ كعب إلى أخيه بجير الذي كان مسلماً، وطلب منه المشورة. نصحه بجير بالذهاب إلى الرسول ﷺ والاعتذار، وأن يعلن إسلامه لعل النبي يعفو عنه.
بالفعل، قرر كعب بن زهير الذهاب إلى المدينة والاعتذار، لكنه كان قلقاً من أن يقتله المسلمون قبل أن يصل إلى النبي. لذلك، أتى إلى الرسول في المسجد، وتخفى بين الصحابة، ثم ألقى قصيدته الشهيرة “البردة”، وبدأها بالغزل، كما كان عادة الشعراء في ذلك الوقت، قائلاً:
“بانَت سُعادُ فَقَلبي اليومَ مَتبولُ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لم يُفَدْ مَكبولُ”
وبعد أن أنشد القصيدة وبلغ الأبيات التي مدح فيها النبي ﷺ، قال:
“إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ
مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ”
أظهر النبي محمد ﷺ تسامحه العظيم وعفوه، فقبل إسلام كعب وعفا عنه. وبعد ذلك، أهداه بردته (عباءته) كتكريم له، ومن هنا جاءت تسمية القصيدة بـ”قصيدة البردة”.
هذه القصة تُظهر سماحة الإسلام وتسامح النبي محمد ﷺ حتى مع من أساءوا إليه، ما داموا قد عادوا إلى الحق وأعلنوا توبتهم.
صفات كعب بن زهير
كعب بن زهير كان يتمتع بعدد من الصفات الشخصية والشعرية التي جعلته مميزًا بين شعراء عصره. من أهم هذه الصفات:
- البلاغة والفصاحة: ورث كعب عن والده زهير بن أبي سلمى موهبة شعرية كبيرة، وكان معروفاً بقوة تعبيره وبلاغة قصائده، خاصة في الغزل والمدح والهجاء.
- الشجاعة الأدبية: رغم أنه كان معادياً للإسلام في البداية، إلا أن كعب أظهر شجاعة كبيرة عندما قرر مواجهة النبي ﷺ والاعتراف بخطئه وطلب العفو. هذه الشجاعة لم تقتصر على ميادين المعارك وإنما تجلت أيضًا في قدرته على التراجع عن موقفه السابق.
- التوبة والندم: كعب أظهر صدقاً في توبته ورغبته في إصلاح علاقته مع الإسلام والنبي محمد ﷺ. إعلانه الإسلام بعد أن كان من الشعراء المعادين يُظهر قدرته على التأمل والندم على ما فعله.
- الذكاء والحكمة: كان كعب ذكياً في التعامل مع المواقف الصعبة، فبدلاً من الهروب أو الاستمرار في العداء، اختار الاعتذار والنزول عند الحق. كما كان يعرف جيداً تأثير الشعر على الناس، واستطاع استخدامه كوسيلة للتقرب من النبي.
- التمسك بالعادات الشعرية: رغم إسلامه، حافظ كعب على الأسلوب الشعري الجاهلي في بناء قصائده، مثل افتتاحها بالغزل ووصف الطبيعة، وهو ما جعل شعره مميزاً، حيث مزج بين قيم الجاهلية وفصاحة الإسلام.
- التواضع: بعد إسلامه وطلب العفو، أظهر كعب تواضعًا واضحًا، رغم أنه كان شاعراً شهيراً وقادراً على إظهار كبريائه. لكنه أدرك عظمة النبي ﷺ وتواضع أمامه.
- تلك الصفات جعلت من كعب بن زهير نموذجًا لشاعر عربي متميز في حقبة انتقالية بين الجاهلية والإسلام، واستطاع أن يستخدم موهبته الشعرية في خدمة دينه الجديد.
خاتمة بحث عن كعب بن زهير
في ختام هذا البحث عن الشاعر كعب بن زهير، يمكن القول إن حياته وشعره يمثلان مرحلة انتقالية مهمة في التاريخ الأدبي والثقافي للعرب، إذ جمع بين قيم الجاهلية وفصاحة الشعر الإسلامي. من خلال قصيدته الشهيرة “البردة” وتجربته الشخصية في التحول من العداء إلى الإسلام، قدم كعب مثالًا حيًا على التسامح والقوة الداخلية في التوبة والتغيير. لقد أظهر كعب بن زهير شجاعة أدبية وإنسانية في مراجعة مواقفه، واستطاع بشعره أن يجسد قيم الإسلام، مستفيدًا من موهبته الفذة في بلورة فكر جديد يعكس الروح الإسلامية.
ويبقى كعب بن زهير رمزًا للشاعر الذي أدرك قوة الكلمة وتأثيرها، واستخدمها في الدعوة للخير والسلام بعد أن كانت سلاحًا للعداء والهجاء. قصته مع النبي محمد ﷺ تظل درسًا خالدًا في التسامح والإصلاح، وقصائده تبقى شاهدة على عظمة الشعر العربي وقدرته على التأثير في تغيير حياة الأفراد والمجتمعات.